ثمة عنوانان بارزان استحوذا على دردشة لمجموعة ضيّقة من الصحافيين مع الرئيس فؤاد السنيورة: استحقاق السابع من آب ومبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
أيام معدودة باتت تفصل لبنان عن موعد إعلان المحكمة الدولية الحكم في جريمة العصر. لن يكون يوم نطق الحكم في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري يوماً عادياً. ما يؤكده السنيورة أن مسألة اغتيال رفيق الحريري لم تعد مسألة تخص آل الحريري، بل هي مسألة وطنية تشمل جميع اللبنانيين وتتعلق بحرية العمل السياسي في لبنان والحريات بشكل عام. وكانت نتيجة هذا الأمر أن وقع شهداء آخرون باغتيالات أخرى. وما زلنا منذ 2005 إلى الآن نعيش تداعيات هذا الاغتيال.
ما ينتظره السنيورة هو أن يشكل 7 آب موعداً لتعزيز الدولة وسلطتها كاملة وإعادة الاعتبار للقواعد التي قام عليها لبنان. يقول: صحيح أننا لا نريد الفتنة، وحريصون على العيش المشترك، لكن لا يمكن أن نتعامل مع هذا الحدث وكأنه حدث صغير. سندفع في اتجاه تركيز المطالبات على التأكيد على ضرورة استعادة سلطة الدولة، والدعوة مرة ثانية إلى العودة إلى الأصول والقوانين والعدالة والقضاء واحترام الدستور و«اتفاق الطائف»، وأن لا حلول غير الدولة. ولا شك تالياً أن هذه المطالبات تتناقض مع أي أعمال تكسير وتخريب ضد الدولة قد تجري على الأرض في ضوء صدور حكم المحكمة. وإذ يؤكد على ضرورة الإجراءات المتعلقة بالإغلاق لمجابهة تفشي جائحة كورونا، لا يستبعد أن تكون حسابات 7 آب متداخلة مع إجراءات الأسبوع المقبل.
مستعيناً بمثل صيداوي للرد على سؤال عن دياب: «مش كل مين صفّ صواني قال أنا حلاواني
يحيله أحد الزملاء إلى «حزب الله»، حيث بيت القصيد، وحيث يشعر اللبنانيون أنه يعيش في كوكب آخر. يرد السنيورة: نعم يعيش «حزب الله» في كوكب آخر، ولكن لا تفتكروا أن العهد والحكومة ليسوا مربكين، إنما يكابرون. لكن لا يستطيعون الاستمرار في مكابرتهم وانتهاج هذا الأسلوب وكأن لا رادع. هم يعيشون على ضعف الآخرين وليس على قوتهم. والأمر يحتاج إلى مواقف تضامنية من الفريق المعارض لهذا الانقلاب على الدستور والطائف والهيمنة على الدولة ومصادرة سلطتها.
من هنا، يذهب السنيورة إلى تأكيد أهمية مبادرة الراعي التي هي مبادرة مثلثة الأضلع وكل متكامل. يلفت إلى أن هناك مَن يتعمّد أن يضعها في ضلع واحد وسيتجاهل ضلعيّها الآخرين، فك الحصار عن الشرعية وتطبيق القرارات أولية، لافتاً الى ضرورة استرجاع الأضلع الثلاثة للمبادرة.
فالذين يتناولون ضلع الحياد لوحده هدفهم ضرب مبادرة البطريرك لاستعادة الدولة اللبنانية المخطوفة والمسيطر عليها من دويلة «حزب الله» والتي تعمل بالقرارات الدولية بشكل انتقائي. هؤلاء يستندون إلى أن هناك موقفاً قديماً متحفظاً من فريق من اللبنانيين على فكرة الحياد خوفاً على عزل لبنان عن محيطه العربي، وعما هو متعلق بالقضية الفلسطينية. ولكن الحياد ليس ضد التزام لبنان بمحيطه العربي بعدما أضحى ذلك جزءاً من الدستور ولا يتعلق الأمر بما كان يخاف منه جزء من اللبنانيين.
ما أن اطلق الراعي مبادرته حتى لاقته لجنة متابعة «مؤتمر الأزهر للمواطنة والعيش معاً» التي تعمل منذ سنوات ثماني على إعلانات الأزهر للمواطنة، وعقدت مؤتمراً في لبنان برعاية البطريرك (2016)، وكان لها جهد في «وثيقة الأخوّة الإنسانية» في أبوظبي (2018). فاللجنة ترى أن المبادرة جاءت من ضمن هذا الإطار، وتندرج في إطار صون لبنان وحمايته والتأكيد على الدور الذي يمكن أن تلعبه المرجعيات الدينية في الحفاظ على لبنان وعلى مفهوم العيش المشترك.
ويرد على طروحات القائلين بأن المسألة تحتاج إلى توافق بسؤالهم: إذا كان الحياد يحتاج إلى توافق، ألا يتطلب الانحياز توافقاً؟ ويتوقف عند ما حصل في شبعا قائلاً: إسرائيل عدو، ولكن «شو» خص اللبنانيين كي يرد «حزب الله» من لبنان إذا قامت بهجوم في الشام وقتلت لحزب الله أحد عناصره؟ ولماذا يتم تحميل لبنان ما لا يستطيع تحمله؟
في رأيه أن هناك عملية تخريب لعقول الناس. ليس من وهم بأن الخلاص هو شربة مياه وعملية سهلة، بل على العكس هو عملية صعبة تتطلب تغييراً في المفاهيم والعقليات والمقاربات لخلق تفاهم مشترك، وهذا يتطلب وقتاً. لذا لا بد من رؤية ما يجري اليوم من منظور تراكمي. وهو يراهن على أن عملية تراكم القناعات لدى اللبنانيين ستحوّل القطرات إلى سيل.
وأهمية المبادرة أنها أحدثت تحولاً في المشهد السياسي في لبنان في وقت كان فيه المسيحيون غائبين. وقد جاء من يُعبّئ هذا الغياب المدوي والفادح. نسأله أين السنّة من المبادرة؟ فيقول: البيئة السنية مؤيدة. فما كان يلهج في ضمائرهم وفي ضمائر اللبنانيين جاء من يتكلم به بصراحة. ورؤساء الحكومات السابقون أدلوا بمواقف مؤيدة، وزار الرئيس سعد الحريري بكركي، وكذلك هناك تأييد في قلب المراجع الدينية، ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان داعم للفكرة. ويعلق: «روقوا شوي»، فالتجارب الماضية تؤكد على أهمية التراكم.
يسأله أحد الزملاء عن أسباب عدم المطالبة برحيل رئيس الحكومة حسان دياب؟ فيرد السنيورة بكثير من الوضوح: الحكومة هي أداة صغيرة. المشكلة هي عند رئيس الجمهورية و«حزب الله» وما لم يُغيّرا مقاربتهما وتفكيرهما فلا فائدة. ولكن دولة الرئيس: أخذوا موقع رئاسة مجلس الوزراء؟ يرد مبتسماً بما كان يعلق به أحد البساتنة عندما أتى الواوي وبلع المنجل: «انتظروا حتى آخر الليل لتسمعوا عويله».
ولكن في بالي سؤالي: إذا أصبح دياب رئيس حكومة سابق، هل سنراه ضمن نادي رؤساء الحكومات السابقين؟ ببداهته المعتادة، يستعين ابن صيدا بمثل شائع في المدينة المشهورة بالحلويات: «مش كل مين صفّ صواني قال أنا حلاواني».
رلى موفّق_اللواء