قال البروفيسور فيليب دوست بلازي، وزير الصحة الفرنسي الأسبق، في حوار خص به الجزيرة نت، إن بلاده تعيش كارثة صحية غير مسبوقة، مؤكدا أن الحل الأمثل في الوقت الحالي بالنسبة لكل الدول التي تفشى فيها فيروس كورونا المستجد “سارس كوف 2” المسبب لمرض كوفيد-19، يتمثل في الالتزام التام بإجراءات الحجر الصحي.
ودعا الوزير السابق حكومة بلاده وكافة الأطباء حول العالم إلى الإسراع في تعميم استخدام دواء الكلوروكين، بعدما أظهرت معطيات طبية ونتائج مخبرية دولية أنه فعال جدا، بعدما تماثل العديد من مرضى كوفيد-19 للشفاء من خلال تناوله في عدد من دول العالم.
وأكد دوست بلازي، وزير الصحة الذي شغل أيضا منصب وزير الخارجية أيضا، أن الاتحاد الأوروبي سيخرج أكثر قوة من هذه الأزمة، وسيستخلص العبر من كل الأخطاء التي وقع فيها خصوصا غياب “السيادة الصحية” بسبب التبعية للصين في التزود بالمعدات الطبية والأدوية.
والتالي نص الحوار:
كيف تقيمون الوضع الصحي الحالي في فرنسا بعد وفاة أكثر من خمسة آلاف شخص بفيروس كورونا؟
فرنسا تعيش كارثة صحية غير مسبوقة، والمستشفيات باتت غير قادرة على استيعاب عدد أكبر من مرضى فيروس كورونا. كل البلاد بمؤسساتها الحكومية وغير الحكومية مجندة وتسابق الزمن من أجل مكافحة هذه الآفة وهذا الوباء. بلادنا تعيش شكلا من الوحدة الوطنية النادرة وغير المسبوقة لمساندة الحكومة في القضاء على كورونا.
هل لديكم تصور للوقت الذي تحتاجه فرنسا والدول الأكثر تضررا بفيروس كورونا لاحتوائه؟
لا أحد حاليا يمكنه التكهن بالفترة الزمنية التي تحتاجها كل دولة للقضاء على الفيروس. الحل يبقى في مدى التزام مواطني كل دولة، بما فيها فرنسا، بإجراءات الحجر الصحي من خلال التباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط في الأماكن، ومكوث الناس في منازلهم.
كيف ترون شكل وحالة الحجر الصحي الحالية التي فرضتها الحكومة الفرنسية، هل هي كافية في نظركم؟
من المؤكد أنه يمكننا احتواء فيروس كورونا بسرعة أكبر إذا التزم كل الفرنسيين بالإجراءات التي فرضتها الحكومة خاصة ما يتعلق بإجراءات الحجر الصحي وعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة القصوى، كما أنه سيجنب بلدنا مزيدا من الوفيات ولن يكون هناك عدد أكبر من المرضى في أقسام الإنعاش.
أشيد بالإجراءات الصارمة التي أعلنتها الحكومة لكل المخالفين لإجراءات الحجر الصحي، لأنها أحيانا هي السبيل الوحيد لردع الأشخاص الذين يستهينون بالكارثة الصحية التي نعيشها.
هناك من يرى أن هذه الإجراءات غير كافية، وكان على الحكومة فرضها بشكل كامل لتشمل كل القطاعات بما فيها الاقتصادية غير الضرورية، لاحتواء انتشار فيروس كورونا؟
هناك قطاعات حيوية يجب أن تستمر في العمل مهما كانت الظروف الاستثنائية التي نعيشها. لا يمكن إغلاق المحلات التجارية الكبرى، والمخابز وبعض القطاعات الحيوية الأخرى. البلاد تحتاج إلى فئة معينة من الحرفيين الذين يجب أن يواصلوا عملهم مثل سائقي الشاحنات الذين يعملون ليل نهار من أجل تزويد المحلات التجارية بكل ما يلزم ملايين المواطنين الفرنسيين من حاجيات أساسية. كما أنه لا يمكن الاستغناء عن الممرضين وعمال النظافة وسائقي سيارات الأجرة.
هناك انتقادات واسعة للحكومة الفرنسية في طريقة تدبيرها لمعالجة الأزمة الصحية الحالية، بينها النقص الحاد في المعدات الطبية. كوزير صحة سابق، هل لديكم مآخذ على الحكومة في طريقة تدبيرها للأزمة؟
يبقى النظام الصحي في فرنسا من بين الأفضل في العالم، ونحن أمام أزمة وكارثة صحية عالمية غير مسبوقة، لأن الطلب العالمي على هذه المعدات ازداد بأكثر من ألفي مرة، كما أن أغلب دول العالم تعاني من النقص الحاد في المعدات الطبية مثل الكمامات وأجهزة التنفس، وبعض الأدوية مثل المورفين. أعتقد أن الحكومة الفرنسية تبذل مجهودا كبيرا، لتعويض هذا النقص في المعدات الطبية، وأعتقد أن أولويتنا كلنا أن تتضافر كل الجهود لنعمل سويا، ويدا واحدة، لمكافحة الفيروس، وليس لكيل الاتهامات لبعضنا البعض.
أنتم عضو مجلس إدارة المعهد الطبي في مارسيليا الذي يديره ديدييه راؤول، عالم الفيروسات المعروف صاحب العلاج بدواء الكلوروكين، ما تقييمكم لهذا الدواء لعلاج مرضى كوفيد-19؟
أنا متأكد من أن العلاج بالكلوروكين فعال جدا بالنسبة لمرضى كوفيد-19 لأن النتائج على الأرض كل يوم تثبت ذلك. الدراسات الطبية أثبتت أن العلاج بالكلوروكين، يحد بشكل كبير من قوة الفيروس داخل الجسم وبالتالي يصبح الشخص المريض غير ناقل للوباء وهذا أمر مهم جدا.
قبل أيام نشرت الصين معطيات طبية أثبتت فعالية دواء الكلوروكين على عدد كبير من مرضاها، كما أن وكالة الأدوية الإيطالية سمحت لكل الأطباء بعلاج المرضى بالكلوروكين. بدورها سمحت “وكالة الأدوية الأميركية” لكل الصيدليات في مختلف الولايات الأميركية ببيع دواء الكلوروكين لكل المرضى. وفي فرنسا، فإن مستشفيات مدينة مارسيليا سجلت أدنى عدد من وفيات كوفيد-19، لأن البروفيسور راؤول كان سباقا منذ البداية لاستخدام هذا الدواء.
أطلقتم يوم الجمعة عريضة إلكترونية ووجهتم نداء لرئيس الحكومة من أجل السماح للأطباء باستخدام دواء الكلوروكين ورغم ذلك لا تزال وزارة الصحة الفرنسية ترفض تعميم استخدامه لكل المرضى؟
أطلقت هذه العريضة الإلكترونية بمعية زمرة من كبار الأطباء المختصين تحت اسم “لا لتضييع الوقت” وقد وقع عليها من طرف نحو 200 ألف شخص في أقل من 48 ساعة. نسعى من خلال هذه العريضة إلى الضغط على الحكومة للسماح لكل الأطباء الفرنسيين باستخدام دواء الكلوروكين لمرضى كوفيد-19، على نطاق واسع لأنه حاليا لا يستخدم إلا في حالات خاصة واستثنائية.
فرنسا تسجل يوميا مئات الوفيات ولا يوجد علاج أو لقاح حاليا، ولكن هناك دواء الكلوروكين الذي أعطى نتائج إيجابية جدا في عدد من دول العالم، التي أظهرت معطيات طبية ونتائج مخبرية شفاء كاملا لعدد كبير لمرضى كوفيد 19.
أرجو أن يتم التوقيع على العريضة من طرف أكبر عدد من الناس حول العالم وفي الوطن العربي، لأن هذا الدواء متوفر أيضا في الدول العربية، مثل المغرب الذي كان سباقا ورخص باستخدامه وقرر توفيره في كل مستشفيات المملكة لمرضى كوفيد-19.
بعض المدافعين عن استخدام دواء الكلوروكين، يتهمون أعضاء في المجلس العلمي الفرنسي -الذي يقدم أسبوعيا استشاراته للرئيس الفرنسي حول فيروس كورونا- بمعاداة البروفيسور راؤول ورفضهم تعميم الكلوروكين، لأنهم مرتبطون ماديا بلوبيات وشركات الدواء العالمية، وبالتالي لا يريدون التسويق لدواء الكلوروكين المنخفض السعر والمتوفر في الأسواق، ما تعليقكم؟
اسمحوا لي ألا أدخل في هذا السجال. لا أحد مهما كان شأنه، يمكن أن يشككك في البروفيسور راؤول الذي يعد أحد كبار العلماء في العالم المختصين منذ عقود في علم الفيروسات والبكتيريا. شخصيا أضع كامل ثقتي في البروفيسور راؤول لأنني عملت معه منذ سنوات وأعرف جيدا القيمة العلمية العالية لأبحاثه الطبية التي عودنا بها، والمعروفة على الصعيد العالمي.
اتضح أن أغلب دول العالم، بما فيها الأكثر تطورا، لم تكن مستعدة لمواجهة هذا النوع من الأزمات الصحية. تحدثتم عن غياب “السيادة الصحية” في الاتحاد الأوروبي، هل يمكن أن تشرحوا لنا قصدكم؟
بعد الخروج من هذه الأزمة غير المسبوقة، يتوجب على بلدنا فرنسا، وعلى دول الاتحاد الأوروبي استخلاص العبر، كي لا تتكرر مجموعة من الأخطاء مرة أخرى. أشير إلى أن نحو 70% من مستحضرات الأدوية الأوروبية مصدرها الصين والهند وهذا أمر غير مقبول. علينا أن نكون مستقلين، ونمتلك السيادة الصحية، التي تتمثل في قدرتنا على توفير وصناعة وإنتاج مختلف الأدوية والكمامات داخل دول الاتحاد الأوروبي وألا نبقى تابعين لأية جهة أو دولة أخرى.
الأزمة الصحية بسبب فيروس كورونا كشفت غياب مبدأ التكافل بين دول الاتحاد الأوروبي لمكافحة الفيروس. هناك من يرى أن وباء فيروس كورونا قد يفجر أزمات سياسية بين دول الاتحاد، قد ينتج عنه انهيار الكتلة الأوروبية، ما رأيكم في هذا السيناريو؟
صحيح ما تفضلتم به، لأن الميدان الصحي لا يزال مغيبا في أجندات ملفات الاتحاد الأوروبي، وهذا يجب أن يتغير في القريب العاجل، ليصبح أولوية جماعية بين كل دول الاتحاد مثله مثل الأمن والاقتصاد.
من يراهن على انهيار الاتحاد الأوروبي فهو واهم. لدي اعتقاد راسخ بأن الكتلة الأوروبية ستخرج أكثر قوة من هذه الأزمة الصحية وستستخلص كل العبر منها.
كما أقترح أن تتخذ جملة من الإجراءات مباشرة بعد الخروج من الأزمة الصحية على المستوى الأوروبي، بينها إنشاء “صناديق سيادية” في مجال الصحة والغذاء والبحث العلمي تكون قادرة على الاستجابة بسرعة لهذا النوع من الآفات في المستقبل.
اعلان
انتقدتم منظمة الصحة العالمية لأنها تأخرت في إعلان كورونا وباء عالميا، هل تعتقدون أن المنظمة تتحمل جزءا من المسؤولية في تفشي الوباء؟
تربطني علاقة قوية بمنظمة الصحة العالمية، كما أن الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس (المدير العام للمنظمة) صديق شخصي. لا يمكنني اتهام المنظمة الأممية بالتقصير، لأنها تقوم بمجهود جبار لاحتواء الفيروس على المستوى العالمي. في بداية الأزمة كنت انتقدت منظمة الصحة لأنني كنت نصحتها بالإسراع في إعلان فيروس كورونا وباء عالميا، هذا كل ما في الأمر.
تابعتم بلا شك الجدل الذي أثير بشأن تصريحات طبيبين فرنسيين اقترحا القيام بتجربة أدوية جديدة في أفريقيا للقضاء على فيروس كورونا. التصريحات لاقت استهجانا كبيرا واعتبرت عنصرية، لأنها تعتبر الأفارقة فئران تجارب لمختلف اللقاحات الجديدة، ما رأيكم في هذه الحادثة؟
لو صحت تصريحات الطبيبين، فهذه فضيحة بكل المقاييس، وعار عليهما، وطبعا أستهجنها وأستنكرها بقوة.
هل لديكم رسالة للأطباء في العالم العربي الذين يواجهون هذا الفيروس في ظروف صعبة؟
أولا أدعو زملائي الأطباء في الوطن العربي باستخدام كثيف لدواء الكلوروكين، لأننا نحتاج لمعرفة فعالية الدواء في أكبر عدد من دول العالم وعلى أكبر عدد من المرضى. كما أحيي جهودهم وأشد على أيديهم وأقول لهم نحن في سفينة واحدة، وسنتجاوز سويا هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة.
المصدر : الجزيرة
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More