كتبهن الأولى كانت شرارة أشعلت نفوس النساء في العالم وتأثر بها عالمنا العربي، بعضهن كن كاتبات عربيات، عرفن الشهرة العالمية أيضاً، أسماء لمعت في التاريخ الحديث، بدأت ترسم منذ بدايات القرن الماضي طريقاً جديداً للمرأة بدءاً من “المرأة الجديدة” للروسية ألكسندرا كولنتاي، مروراً بـ”الجنس الآخر” للفرنسية سيمون دوبوفوار، و”المرأة المخصية” للإنجليزية جيرمين غرير، و”نساء على أجنحة الحلم” للمغربية فاطمة المرنيسي، و”المرأة والجنس” للمصرية نوال السعداوي، و”مذكرات امرأة غير واقعية” للفلسطينية سحر خليفة، وصولاً إلى تقرير الأميركية شير هايت عن “حياة النساء الجنسية”.
كتب أسقطت نظريات، وأسست لفكر نسوي تحرري، ما يزال يشتعل رغم ردّة من هنا أو أخرى من هناك، كتب ما تزال عرضة للنقاش وللأخذ والرد، أثارت الرأي العام، وأسست لنظريات فكرية حول واقع النساء. نساء طرحن فلسفة جديدة وكن قدوة في كل الامور التي تتعلق بالحياة الاجتماعية للمرأة، كالعمل والحرية الجنسية والمشاركة.
هنا نرسم صورة مصغرة لهؤلاء النساء المميزات اللواتي ساهمن في تغيير العالم.
ألكسندرا كولنتاي
المرأة الثورية المتحدرة من أصل أرستقراطي روسي، غنية، مثقفة، اديبة، متحررة، شغفت بالعمل السياسي وأفكار التغيير والعدالة، وتميزت بحساسيتها الخاصة تجاه قضية المرأة. أسست منذ بداية الثورة البلشفية لولادة تغيير في النظام الأخلاقي الذكوري، الذي يعمم نظرياته الأخلاقية التي تحكم النساء فتجعلهن أسيرات العمل المنزلي والواجبات العائلية، وإن وجدت بينهن امرأة عاملة في الحقل السياسي فلن تكون سوى تمثالا، لا فاعلية لدورها ولا اعتراف بمكانتها. أملت كولنتاي لدى قيام الثورة بمجتمع جديد يلغي التمييز ضد المرأة، ولا يعتبر أن حياة المرأة الجنسية ملك للرجل وكذلك عواطفها، بينما يعتبر أن حياة الرجل شأن خاص.
كتبت الكثير من المقالات والخطب، وخاضت في الكثير من المناقشات حول هذا الموضوع داخل الحزب البلشفي وفي المؤتمرات الدولية، حللت الذكورية في كتاباتها السيكولوجية، وحاولت إرجاع الفضل في تحرير المرأة وإخراجها إلى العمل السياسي العام وإشراكها في الحياة والنشاطات الحزبية في الدولة إلى الثورة الاشتراكية. أشهر ما كتبته هو كتاب “المرأة الجديدة” الذي رصدت فيه التغيير الطارئ على النساء في النظام السوفياتي، واعتبرت تحليلاتها هذه ريادة استوحتها سيمون دي بوفوار فيما بعد. أما مجموعتها القصصية “حب عاملة النحل”، عبرت فيها عن الخيارات الجديدة للمرأة، خيارات لا ترضخ للسائد ولا تقبل الواقع المهين وتسعى إلى الحرية الشخصية، ناقشت كولنتاي أفكار الحب الحر ودعت إلى ثورة تغير مفهوم العلاقة بين المرأة والرجل. حتى أن نقاشاتها مع لينين في هذا الموضوع كانت عرضة للانتقاد من لينين نفسه، الذي غمز من الذين تشغلهم قضايا الجنس في الثورة.
كانت كولنتاي تعتبر أن قضيتي الحب والجنس ليستا مسألتين ثانويتين، أو هما من اختصاص البرجوازية الصغيرة، ولذلك ربطتهما بإحساس عميق بالواقع الاجتماعي والسياسي.
تعرضت افكارها للتشويه بعد أن تحول الجنس إلى تابو في الاتحاد السوفياتي أثناء حكم ستالين، ونال من كولنتاي التي كانت أول سفيرة لبلدها وأول وزيرة في العالم، أرادت التغيير وبادرت إلى سن قوانين تساعد النساء، من بينها قانون يسمح بالإجهاض، مما أثار الكنيسة ضدها. وقانون لمكافحة البغاء ورعاية الأطفال غير الشرعيين من قبل مؤسسات الدولة الشيوعية، لكن إنجازاتها زالت مع مجيء ستالين، فمنع الإجهاض، وسن قانونا جديدا للعائلة، بعيدا عن أفكار كولنتاي التحررية. وأعيدت النساء إلى المنازل لخدمة العائلة، من دون أن يلغي دورهن في دورة الإنتاج، نظرا لحاجة البلاد إلى أيديهن العاملة.
سيمون دو بوفوار
عاشت، حياة مليئة بالأصدقاء والعشاق والرفاق الملتزمين قضيتها نفسها، الفيلسوفة الفرنسية الوجودية سيمون دو بوفوار، حققت رغبتها في أن تكون كاتبة محترفة وتحولت إلى أشهر امرأة في عصرنا، شاهدة على تاريخ طويل من حياة البشرية، متحمسة لأفكارها، تجرأت على خوض النقاش حول قضية المرأة، وتصدت لنظريات فلاسفة آخرين، وجاهرت بمواقف سياسية وفكرية أنارت الرأي العام وحرضته ضد كل ما هو لا إنساني في قضايا محلية وعالمية. عشيقة جان بول سارتر، أقامت معه علاقة حرة وغير سرية مما جذب إليها الأنظار.
كانت شجاعة في مواجهة نزوات الفيلسوف الوجودي الذي أحبته، والذي كان يقول عنها “لها ذكاء رجل وإحساس امرأة”، مما أثار غيظها، إذ أعطى صفة الذكاء للرجل والعاطفة للمرأة، فدفعها للبحث آخذة من تجربتها الشخصية عبرا ومعلومات.
وضعت كتابها “الجنس الآخر” الذي عرف شهرة كبيرة وترجم إلى لغات عالمية عدة، في العام 1949، وضمنته أفكارها حول وضع النساء وعلاقة المرأة بنفسها وعلاقتها بالرجل والمحيط الذي تعيش فيه، وفيه سكبت عصارة تجربتها ووضعت حجر الأساس للحركة النسوية المعاصرة.
بدأت بعبارة “ترددت كثيرا قبل أن أكتب عن المرأة، الموضوع مثير ومزعج للنساء خصوصا”، لم تنطلق دوبوفوار في كتابها من كونها نسوية أو حاملة قضية المرأة، بل من حاجتها كفرد لفهم ذاتها وفهم العالم، لم تكن خجولة في التعبير ولم تعتمد أسلوب السخرية كما فعلت الكاتبة البريطانية فرجينيا وولف، بينت دوبوفوار نظرية “المرأة الشيء”، وقمع النساء الناتج عن وقائع اجتماعية وثقافية، ومن هنا قالت “نحن لا نولد نساء بل نصبح كذلك”.
أثار هذا الكتاب عاصفة في فرنسا والعالم. وصفه البعض بأنه كتاب جنسي شيطاني، وأطلق البعض بذاءته وعنف مواقفه باتهام دوبوفوار بالسحاق، وأخذ البعض عليها موقفها من الأمومة، إذ اعتبرت أن الأمومة وظيفة لا يمكن القيام بها بكل حرية.
وقد لاقت الحركة النسوية في كتاب دوبوفوار فرصة لتجديد نفسها، لاسيما في الولايات المتحدة الأميركية، بعدما أصبح الكتاب الكلاسيكي المؤرخ للحركة النسوية، إذ ترك هذا الكتاب تأثيره على أجيال عدة من القارئات، وجعل من كاتبته المؤلفة النسوية الأكثر شهرة في العالم.
جيرمن غرير
لم يعرف العالم امرأة إثارت كتاباتها الجدل والنقاش أكثر من جيرمن غرير، الكاتبة الأسترالية المولد والانكليزية النشأة، عرفت شهرة واسعة حتى أن النساء كن يتلقفن كتبها ويخبئنها عن شركاء العمر ليقرأنها في السر.
أعادت إلى الحركة النسوية زخمها في السبعينات، وكانت صادقة في عرض معاناة النساء ومعاناتها الشخصية، فكشفت الكثير من خباياها وأسرارها. لم تهتم بالكتابة وحدها، بل كانت ملمة بالموسيقى والفن التشكيلي والتمثيل. جسدت في السبعينات نموذجا لجيل نسوي غاضب ورافض، يبحث عن ذاته بشتى الطرق ويسعى إلى الإشباع الجنسي، ويتمرد على دوره المحصور في تلبية رغبات الرجال وانجاب الاطفال وتنظيف المنازل وإحضار الأغراض من السوبر ماركت، ويحاول اكتشاف روحه في مجتمع ذكوري لا يعترف بالجنس الآخر.
كتابها “المرأة المخصية” الذي أحدث ما يشبه الصدمة في العالم صدر في السبعينات وهاجمه نقاد كثر كما امتدحه آخرون.
وضع الكتاب بذكاء غريب ومتزن، وينم عن ميل إلى التشاؤم والحزن، لكنه يستكشف الحقائق عن النساء والرجال، وفيه يستكشف القارئ الكاتبة نفسها التي لم تكن على الحياد. بينت الفارق بين الجنس والحب، وصورت حال النساء اللواتي لم يكتشفن هذا الفارق ولم يكتشفن أنفسهن كذلك، لم تكن في كتاباتها معادية للرجل، بل تعاطفت معه بوضوح، واعتبرت أن الرجال هم أيضا ضحايا المجتمع الذكوري.
تناولت غرير في كتابها خصوصا كيفية سرقة النساء من العمل المنتج وحصرهن في دور جنسي سلبي، وكيفية تشويه المرأة جسديا وجنسيا، منذ ولادتها بسبب العائلة والتربية والقيود الاجتماعية المفروضة عليها، والزواج والأمومة التي تجعلها تابعة للرجل نهائيا.
وصورت المرأة طفلة سلبية، تصرفاتها الجنسية عصبية، لكنها مطواعة وخانعة وخبيثة وغير متماسكة.
أما العلاج برأيها فرفض المرأة للزواج، ومن أقوالها “لا يمكن أن يطلب من عامل توقيع عقد عمل يومي يدوم مدى الحياة”، آراؤها كانت أمضى من السلاح، وهذا الكتاب جعلها من أهم زعيمات الحركة النسوية التحررية لإشعاله ثورة متجددة، بعد كتابي بيتي فريدان “الغموض النسائي”، و”الجنس الاخر” لسيمون دو بوفوار.
شير هايت
لا تزال تقاريرها ودراساتها الأكثر إثارة في عالمنا المعاصر، شير هايت الأميركية الاصل، باحثة وكاتبة نسوية كبيرة، لا تشبه إلا نفسها، ولا تتنازل عن معتقداتها المكتسبة من العلم والتجربة، ومشاعرها الخاصة التي تتحسس من خلالها مشكلات المرأة الاجتماعية، والتي تدفعها إلى البحث المعمق سنوات وسنوات قبل نشر النتائج، وتحمل تبعاتها من نقد وهجوم أحيانا، ودفاع وإعجاب وتأييد في أحيان اخرى.
عرفت شهرة عالمية في السبعينات، عندما نشرت تقريرها الشهير عن حياة النساء الجنسية، وكانت وزعت طوال أربع سنوات لائحة طويلة لنساء من مناطق الولايات المتحدة الاميركية المختلفة، بهدف ترك النساء وليس الأطباء والاختصاصيون الرجال، يحددون رغباتهن الخاصة، وجاء اكتشاف عالمة النفس هايت ليحدث صدمة في الأوساط المعنية إذ اكتشفت أن 70 في المئة من النساء لا يتوصلن إلى النشوة أثناء الجماع بل بواسطة الإثارة البظرية.
هذه الشهادة فجرت مشكلة ذروة النشوة الجنسية المؤنثة، التي حللها كثيرون من الذين اهتموا بعلم الجنسية “سكسويالتي”، أي مجموعة الظواهر البيولوجية والتشريحية والفيسيولوجية السيكولوجية الاجتماعية، المتعلقة بعملية التناسل والعمليات الممهدة لها، وما ينتج عن ذلك من نتائج تتجاوز حدود الفرد إلى النوع، مع مراعاة ما يصاحب هذه المظاهر من حالات تترك آثارا في نفسية الفرد وشخصيته
سحر خليفة
سحر خليفة، فلسطينية لمع اسمها في عالم الرواية والكتابة النسوية. صرخت في روايتها “لم نعد جواري لكم”، وفرضت حضورها في الساحة الثقافية. أعطت طعما خاصا للرواية الفلسطينية، تمردت ضد المجتمع الذكوري وصورت سلبياته. لم تكن معجبة بمفهوم البطولة كما صوره الشعراء الفلسطينيون، بل كانت ترى الهزيمة، وترفض وضع الفلسطيني في موقع التفوق.
عاشت حياة شخصية صعبة، عائلة تقليدية كانت تردد أمامها عبارة “الموت يسبق”، عندما طالبت بحقها في الدراسة الجامعية وعبرت عن رغبتها في التحول نحو دراسة الرسم أو الكتابة. كتبت روايتها الأولى سرا، وعندما طلقت زوجها أعالت طفلتيها وعملت على إكمال دراستها. امرأة قادرة على رؤية الواقع والاعتراض على التمييز الحاصل ضد المرأة منذ لحظة ولادتها. وعلى حد تعبيرها فإن ولادة أنثى لا تزال تعتبر كابوسا للعائلة العربية.
كتابها “مذكرات امرأة غير واقعية” الذي كتبه عام 1980 إلا أنه لم ينشر إلا بعد ست سنوات، فقد اتهمت بحمل أفكار نسوية أميركية تحررية وبتجاهل النضال على الطريقة الماركسية بحل مشكلة النساء، لكن الرواية كانت تصور واقع المرأة العربية الأليم المرأة التي تولد لتعيش في سجن يقضي على طاقاتها الكامنة والتي لا تنطلق إلا في ظل حرية اجتماعية.
تعترف سحر أنها منذ قرأت سيمون دوبوفوار كان من الصعب عليها العودة لممارسة الروتين اليومي، “لكن الازدواجية التي عشتها منحتني الإحساس والقدرة على التعمق في تقويم حياتي وحياة النساء الأخريات وتحليل واقعهن، لذلك معظم النساء اللواتي قرأن رواياتي وخصوصا مذكرات “امرأة غير واقعية” وجدن أنفسهن بين السطور”..
فاطمة المرنيسي
خرقت الباحثة المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي المحرمات، وأعادت تفسير التاريخ الإسلامي في المنطقة من وجهة نظر نسوية، لم تهادن الغرب لكنها لم تكسب ود الأصوليين الإسلاميين. غاصت عميقا في عالم الحريم وصورت حياتهن، عرف كتابها “نساء على أجنحة الحلم” الذي روت فيه جزءا من سيرتها الذاتية شهرة واسعة وتضمن الكثير من الخيال المدهش، وكانت بطلته طفلة تحلم بخرق هذا العالم والطيران إلى خارجه.
ثلاث موضوعات رئيسية تناولتها المرنيسي في كتاباتها وأبحاثها، أولا: مقالات عن حقوق المرأة في الإسلام، إذ حاولت إبراز الوجه النسائي للإسلام وإعطاء المرأة حقوقا سلبتها إياها فيما بعد الديكتاتورية الذكورية، عبر استخدام العنف ضد النساء. وثانيا: مقالات اجتماعية تصف ظهور النساء كقوة اقتصادية في العالم الحديث، ومقالات عن ديناميكية المجتمع المدني الحديث، ودور النساء في حماية الديموقراطية.
ويبدو أن نسوية فاطمة المرنيسي جعلتها تعيش وحيدة من دون زواج. كانت أبحاثها ودراساتها الجدية تأخذ الكثير من وقتها، حتى أها اعتبرت إحدى أهم المفكرين العرب الذين أعادوا رسم صورة حديثة للإسلام.
نشاط المرنيسي النسوي برز في الثمانينات عندما قامت مع الكاتبة المصرية نوال السعداوي وعدد من الكاتبات النسويات العربيات بخوض تجربة الحزب النسائي. اجتمعن في منظمة وأصدرن مجلة خاصة، لكن دب الخلاف بين السعداوي والمرنيسي، فانقطعت علاقتهما على الرغم من التقاء الأهداف، فالسعداوي وجدت في الدين أساسا لقهر المرأة وقمعها، في حين دافعت المرنيسي عن الإسلام، معتبرة أنه أعطى المرأة حقوقا لم يلتزم بها الحاكمون بأمرهم.
المرنيسي المتمسكة بالتراث والعادات ورثت من بيئتها حب اللباس الشعبي ووضع الاساور الحديدية الخاصة وصبغ يديها وشعرها بالحناء وظلت تمارس هذه العادات خلال إقامتها بالغرب، عبر التعرض للبخار في غرفتها ووضع الكحل الأسود. ولم تكن تخاف من الأوراك العريضة.
نوال السعداوي
كاتبة وأديبة مصرية. لقبت بـ “سيمون دي بوفوار العرب”، ناضلت كثيراً من أجل المرأة، ونصرة قضاياها، فكتبت عن المجتمع والفكر والتراث والسياسة والحرية. إنها الدكتورة نوال السعداوي. التي تعد من أكثر الكتاب المصريين قراءة على المستوى العالمي، إذ ترجمت كتاباتها إلى أكثر من اثنتي عشرة لغة. كتبت السعداوي كثيراً عن المرأة العربية، وتحدثت في كتاباتها عن وضعها المتردي، كما دعت إلى تحريرها من قيودها الاجتماعية، وإلى مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية، وناضلت من أجل هذه الأهداف، ولم تقتصر على الكتابة، بل مارست النشاط النقابي وفي الجمعيات، وأجرت أبحاثاً ميدانية عن المرأة، في أماكن مختلفة من مصر، وشاركت في ندوات ومحاضرات محلية وعربية وعالمية. كلامها عن الجنس والتقاليد والسياسة كان جريئاً، وأوجد لها الكثير من الخصوم، الذين رأوا فيما تقوله خروجاً عن التقاليد، وعن مبادئ الدين الحنيف، حتى أنه شكّل، في بعض الأحيان، خطراً على عملها وحياتها. فعندما كتبت كتابها الأول الذي هز العالم العربي “المرأة والجنس”، مُنِعت من نشره في مصر، واضطرت إلى إصداره في بيروت، العام 1972. وكما يوحي العنوان فإن الكتاب تناول مواضيع كانت ولا تزال محرّمة، يحظر الحديث عنها في مجتمعاتنا. هذا بالإضافة إلى أبعاد الأخرى، التي يحملها الكتاب، في الجوانب السياسية والدينية، الأمر الذي أثار غضب السلطات التي أرغمت نوال على الاستقالة من منصبها في وزارة الصحة، وجعلها تفقد كذلك وظيفتها كرئيسة تحرير لمجلة الصحة، وككاتبة عامة مساعدة لجمعية الأطباء في مصر. بعد صراع طويل من أجل حرية المرأة، والنهوض بها، أوصدت كل الأبواب تقريباً في وجه نوال السعداوي، حيث حرمت من العمل في أي وظيفة عامة، وهُددت حياتها من قبل بعض المتشددين، ودخلت السجن بتهمة شتم النظام في مصر، ومعارضته. ولم يزد السجن “نوال” إلا تمسكاً بمبادئها، وإيماناً بآرائها، فخرجت منه لتؤسس أول جمعية مستقلة للنساء في مصر، سنة 1981، بلغ عدد أعضائها قرابة خمسمائة عضو في مصر، ونحو ألفي امرأة على مستوى العالم. وجود نوال السعداوي داخل السجن لم يمنعها من الكتابة رغم منع القلم والورق عنها. ونتيجة لكتاباتها الكثيرة المتعلقة بمواقفها الدينية والسياسية أصبحت بالجيزة (سجن النساء)، إلى أن غادرت البلاد للعمل كأستاذة محاضرة بجامعات أميركا الشمالية لكنها عادت لاحقا الى مصر.
فاطمة حوحو*
صحافية لبنانية مقيمة في المغرب