خاص – nextlb – عاطف البعلبكي
يفتح هذا التحقيق المصور نافذة على تاريخ ونشأة الرياضة في بلدة المنارة البقاعية منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم خلال مسيرة كانت حافلة بالنجاحات وبعض الإخفاقات ، فقد بدأ التفكير فعلياً بإنشاء ناد في البلدة لأول مرة من كوكبة من شبابها المتعلم في عام 1966 الذين قاموا بإنشاء لجنة تأسيسية للنادي نالت علماً وخبراً من وزارة الداخلية في عام 1968 بإسم “نادي المنارة الثقافي الرياضي” واتخذ النادي مقراً له في الطابق السفلي من بيت المختار حسين أبو ياسين رحمه الله (بيت المربي أبو محمد عبد الرحيم أبو ياسين حالياً ) وتم شراء بعض الأدوات الرياضية وبشكل أساسي تأمين طاولة بينغ بونغ (كرة طاولة) على أن يستعمل ملعب مدرسة المنارة المتوسطة (ساحة القبة) لنشاط النادي الرياضي الخارجي
وتألفت اللجنة التأسيسية حينها من المربي علي رحال رئيساً ، ومن كل من الأعضاء : المربي محمد علي الورداني ، المربي المرحوم أحمد سعيد أبو ياسين ، المربي سعيد أيوب والمرحوم الحاج علي صالح البعلبكي والمرحوم حسين رحال والمربي حمادي جانم ، وللأسف لم تتوفر للتحقيق المستندات الرسمية عن تسجيل النادي في وزارة الداخلية من الأعضاء المؤسسين ، لا نموذج العلم والخبر ولا حتى بطاقات الإنتساب التي كانت تسلم الى الأعضاء حينها بشكل رسمي ، وبدأ النادي نشاطه أو كاد ، ولكن لم يتسن له ولا لأعضائه الذين كانوا يعملون بشكل جدي على الموضوع أن ينطلق بشكل قوي لأن نشأته تزامنت مع انطلاق العمل الفدائي إنطلاقاً من جبهة العرقوب الملاصقة للأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتشكل بلدات البقاع الغربي من المنارة حتى راشيا المدخل الطبيعي الى تلك المنطقة كما قال المربي سعيد أيوب ل nextlb الذي أضاف بأن نشاط النادي توقف حينها للأسف بشكل كامل .
إستئناف النشاط الرياضي مجدداً
وفي السبعينيات ومع وصول أحد مدرسي متوسطة المنارة الأولى الرسمية (كانت فرنسية) من بلدة القلمون الشمالية الساحلية محمد الطوط ، وكان لاعباً في لعبة الكرة الطائرة ، كما هي الحال مع معظم شباب بلدة القلمون ، وهي من القرى التي كان وما زال يحسب لها حساب حتى يومنا هذا في لعبة الكرة الطائرة ، فكان أن أعاد إحياء رياضة كرة الطائرة تحديداً في ملعب المدرسة مع بعض المدرسين خلال الدوام وبعده مع إشراك تلامذة المرحلة المتوسطة الكبار بحصص الرياضة المدرسية في سد الفراغات مع الفريقين ، ومن المدرسين المشاركين حينها خالد أبو ياسين وحسين محمد عبد الرحيم الورداني، صالح همدر وغيرهم ، وبعد توسعة حرم المدرسة وبناء الطابق الثاني تم بناء سور لها على حساب الملعب الذي صار نصفين ، ولجاً شباب البلدة بعدها الى ملعب ترابي خلف المتوسطة الإنكليزية حيث نظمت بعض التمارين الصيفية والمباريات المحلية ومع فرق عسكرية عربية كانت تنضوي تحت راية “قوات الردع العربية ” التي دخلت لبنان خلال الحرب الأهلية التي نشبت في لبنان في نيسان من عام 1975 ، ومنها فريق من الكتيبة الإماراتية آنذاك قبيل انسحاب الإمارات والسودان من قوات الردع العربية ومغادرة جنودها لمركزهم الرئيسي في نقطة بيادر العدس حيث كان ملعب الكرة الطائرة الذي تجرى عليه التمارين والنشاطات الرياضية.
وتابع بعض شباب المنارة (ونحن منهم) النشاط الرياضي في ثانوية جب جنين الرسمية حيث كانوا يتابعون تحصيلهم الثانوي قبل إنشاء ثانوية المنارة وملعبها ، بإشراف المربي محمد خير حمد رحمه الله تعالى الذي أسس بدوره نواة فريق في ثانوية جب جنين الرسمية .
ملعب ثانوية المنارة !
الا أن التغيير الجذري والفعال في مجال الرياضة والكرة الطائرة تحديداً في البلدة بدأ فعلياً مع بناء ثانوية المنارة في مطلع الثمانينيات ، وبعد حوالي سنة من بنائها و “فلش” ملعبها بالإسفلت لتقوم مجموعة من شباب البلدة بإنشاء ملعب كرة طائرة حسب المقاييس الرسمية وبمعلومات من إتحاد اللعبة على أرضية إسفلتية كانت قاسية وخشنة نوعا ما ، ولكنها كانت أحسن المتوفر مع إضاءة للملعب بشكل جيد لإستخدامه ليلاً في فصل الصيف بعد غروب الشمس المحرقة ، وتشكل فريق للكرة الطائرة تحت تسمية “فريق التضامن الرياضي”- المنارة ، وتم جمع التبرعات من الأهالي لشراء المعدات والزي الرياضي والكرات ، وبسبب كثرة الفرق والأندية اللبنانية التي كانت تحمل نفس الإسم ، تم الإتفاق بين شباب الفريق على تغيير الإسم ليصبح “فريق الشعلة الرياضي” بالفانلة الزرقاء والشعلة المتقدة على الصدر .
لم يستوعب الفريق معظم الراغبين بمزاولة لعبة الكرة الطائرة فقامت مجموعة من الشباب بتأسيس فريق آخر حمل اسم “فريق المنارة الرياضي” تعزيزاً للمنافسة الرياضية وشعاره منارة توزع نورها في كل الإتجاهات مع الفانلة الصفراء ، وكان المنتخب الذي يمثل البلدة يطعم بعناصر من الفريقين عند إجراء المباريات مع أندية وفرق البلدات المجاورة ، وكان يشكل كذلك نواة لفريق ثانوية المنارة الرسمية الوليدة ويلعب بإسمها مُطعماً باللاعبين المميزين المسجلين في الثانوية لمواجهة الثانويات الأخرى في بطولة الثانويات السنوية .
وكذلك شهدت المنطقة نشاطات رياضية بعد تأسيس الفرق الكشفية ومنها كشاف التنمية الذي أسس فريقا للكرة الطائرة أيضاً.
وازدهرت الحركة الرياضية ، ولمع اسم البلدة في لعبة الكرة الطائرة بعد عدة مباريات وبطولات مع أندية البقاع وثانوياتها مثل ثانوية برالياس وفريق السلطان يعقوب ، وعيتا الفخار ، وجب جنين ، وكفردينس ، وعقبة راشيا ، وتعلبايا ، وسعدنايل ، وبكيفا ، وكامد اللوز والمرج . وقام المدرب الحاج سليم عبد الرزاق بتدريب فريق ثانوية المنارة وفريق كشاف التنمية – فوج الوحدة ، وساعد في تأسيس جيل من الشباب أتقن اللعبة بشكل جيد ، علماً بأن كرة القدم لم تكن بتلك الشهرة في منطقتنا الجبلية لإفتقارها الى ملعب مؤهل في أرض البلدة غير المستوية ، وقبل صعود نجم لعبة كرة السلة التي أعاد إحياءها رجل الأعمال الراحل أنطوان الشويري لتنتشر اللعبة في كل لبنان في مطلع التسعينيات .
ضاحية المنارة : نشاط مميز !
ولم يقتصر النشاط الرياضي على منافسات الكرة الطائرة التي كانت جوهرة الألعاب حينها . بل كذلك نظم الفريق عدة بطولات كان أهمها سباق ضاحية المنارة في الركض للمسافات المتوسطة في أعوام 1985 و 86 ، ونال تغطية إعلامية جيدة يومها في وسائل الإعلام ومنها جريدة “السفير” وإذاعة لبنان .
وكبرت الفكرة حينها وتوسعت لتأسيس ناد أكبر من فريق ليتغير الإسم مجدداً الى “نادي الشروق ” وتبدأ بعض محاولات الإنطلاق بلعبة كرة القدم خارج نطاق البلدة في الوادي وفي خراج البلدة في منطقة عين الصوان الا أنها لم يكتب لها الإستمرار للأسف ربما لبعدها عن البلدة ولقلة الدعم المطلوب لتجهيز الملعب والتدريب والأدوات .
ويعود العمل الرياضي الى السكون مجدداً لسنوات ، ثم يبعث في البلدة في جيله الثالث مع ازدهار الحركة الكشفية مجدداً ، ولكن هذه المرة تنشط لعبة كرة السلة على حساب لعبتي كرة القدم والكرة الطائرة التي تراجعت لبنانياً ومناطقياً .
الجيل الثالث : الى كرة السلة در !
ويقيم الجيل الثالث من شباب المنارة ملعباً جديداً للعبة كرة السلة وبإمكانات محدودة كما كانت الحال دوماً ، وبمساعدة البلدية ، ولكنه يفي بالغرض ويتم تنظيم العديد من البطولات عليه بمشاركة أندية وفرق من البلدات المجاورة ، كانت ناجحة ومميزة واستقطبت جمهوراً كبيراً متعطشاً لممارسة الرياضة ومتابعتها ولعبة كرة السلة تحديداً ، وجرى استقدام حكام من الإتحاد اللبناني للعبة لتحكيم المباريات ، كما افتتحت مدرسة لتعليم كرة السلة للمبتدئين بإشراف شباب من البلدة ، ما مكن البلدة من حجز اسم وسمعة طيبة في تنظيم البطولات السنوية والفوز بمعظمها .
ناد رياضي خاص
وعلى الصعيد الرياضي بشكل عام تم تأسيس ناد خاص صحي لممارسة الرياضة والتربية البدنية هو “ماتريكس جيم” بمواصفات عالمية يهتم ببناء العضلات وباللياقة البدنية لدى الجنسين ، ويضم مسبحاً مقفلاً يتم استخدامه على مدار العام ، وشارك نادي ماتريكس جيم في أحياء النشاط الرياضي في البلدة ودعم النشاطات الخارجية ومباريات كرة السلة بالجوائز والكؤوس والميداليات
وفي العامين الماضيين تراجع النشاط الرياضي كما في معظم القرى والبلدات البقاعية بسبب جائحة كورونا التي ضربت الرياضة في لبنان والعالم ،على أمل أن يعود الى الإنطلاق في البلدة مجدداً بعد زوال هذه الجائحة التي ألحقت بالمجتمع البقاعي خسائر كبيرة في الأرواح نالت بلدة المنارة منها عدداً غير قليل للأسف .