ألقى رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الدكتور الشيخ محمد عساف خطبة عيد الفطر في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، بتكليف من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وأم الشيخ عساف المصلين، في حضور الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية ممثلا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض، النائب عدنان طرابلسي، سفراء وقائد شرطة بيروت العميد أحمد عبلا، أعضاء من المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وقضاة شرع وعلماء وشخصيات سياسية واجتماعية ونقابية وعسكرية.
وقال عساف في خطبة العيد: “الحمدُ للهِ الذي شَرَعَ لنا الصِّيامَ لِرَاحَةِ النُّفُوسِ والأَبدَان، وَخَصَّنَا بِشَهرٍ فيه الرَّحمَةُ والمَغفِرَةُ والعِتقُ مِنَ النِّيرَان، شَهرٍ أُنزِلَ فيه القرآن، وفيه ليلةٌ هي خَيرٌ مِن ألفِ شهر.
نَجتَمِعُ اليومَ في هذه الصَّبِيحَةِ المُبارَكة، في عِيدِ الفِطر، أَعادَهُ اللهُ تَعَالى علينا وعليكُمْ بِالخَيرِ وَاليُمْنِ وَالبَرَكَات، فَبَعدَ الخُرُوجِ مِنْ عِبَادَةٍ مِلْؤُهَا الطَّاعَةُ وَالتَّقَرُّبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، والابتِعَادُ عَنْ شُرُورِ النَّفْسِ بِالصِّيَام، الذي هُوَ رَاحَةٌ وَتَزكِيَةٌ لِلنُّفُوسِ والأَبْدَان، علينا أن نُلزِم أنفسَنا بتقوى اللهِ سبحانه تعالى، قال الله تعالى: يا أيُّها الذينَ آمنوا كُتِبَ عليكم الصيامُ كما كُتِبَ على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
أيُّها الإخوَةُ المُؤمِنون: ها نَحن قَد خَرَجْنَا مِنْ شَهرٍ فَضِيل، مِلْؤُهُ الرَّحْمَةُ وَالمَغفِرًة، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّم: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحتِسَابًا، غُفِرَ لهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه”، فَهَنِيئًا لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحتِسَابًا، وَهنِيئًا لِمَنْ غَفَرَ اللهُ سُبحَانَه وَتَعَالَى لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه.
مِنَ المَعانِي الإيمانِيَّةِ التي تَعَلَّمْنَاهَا مِنْ شَهرِ رَمَضَان، أَنْ يَشْعُرَ الصَّائمُ الذي أَصَابَهُ الجُوعُ وَالعَطَشُ خِلالَ النَّهَارِ بِأَخِيهِ الجَائع، وأَنْ تَأْخُذَ بِهِ هذه المَشَاعِرُ الإيمانِيَّةُ إلى حَيَاةٍ جَدِيدَةٍ مِلؤُهَا الرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ على المُحتَاج، وَالتَّوَاضُعُ لِلْخَلْقِ، والانْصِهَارُ في خِدْمَةِ المُجتَمَع، وَنَبذُ الأَخلاقِ الذَّمِيمَة، والأَفعَالِ المَشِينَةِ، مِنَ البُغْضِ وَالحِقدِ، والكُرهِ، والاسْتِبْدَاد، وَحُبِّ النَّفسِ، وَالأَنَانِيَّة، والرِّيَاءِ والعُجْبِ، وَالكِبرِيَاءِ، وَالطَّمَعِ وَحُبِّ التَّمَلُّكِ، والإضرارِ بِالآخَرِين، وَغَيرِها مِنَ الصِّفَاتِ وَالأفْعَالِ التي يَنبَغِي على كُلِّ مُؤمنٍ الابتِعَادُ عنها وَنَبْذُهَا.
كُنَّا وَمَا زِلْنَا وَسَنَظَلُّ دُعَاةَ وَحْدَةٍ لا دُعَاةَ فُرْقَة، دُعاةَ تَسَامُحٍ وَمَحبَّة، لا دُعَاةَ حِقدٍ وَتَبَاغُض، دُعَاة وَسَطِيَّةٍ وَاعْتِدَال، لا دُعَاة تَطَرُّفٍ وَتَعَصُّبٍ وَغُلُوّ، دُعَاةَ حَضَارَةٍ وَتَقدُّم، لا دُعَاةَ تَخَلُّف، سَنَظَلُّ دُعَاةَ عَمَلٍ لا دُعَاةَ كَسَل، قَالَ تعَالى “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ ورسُولُهُ وَالمُؤمِنُون”.
نحن أيُّها الإِخوَةُ دُعاةُ عِلمٍ لا دُعَاةَ جَهل، قال تعالى:” قُلْ هَلْ يَستَوِي الذينَ يَعلَمُونَ وَالذِينَ لا يَعلَمُون “، نحن دُعَاةُ الكَلِمَةِ الطَّيِّبَة، قال رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم” “الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَة”، نحنُ دُعَاةُ حِوَارٍ وَتَلاقٍ، لا دُعَاةَ تَنَابُذٍ وَتَبَاعُد، قَال تَعالى: ” اُدْعُ إلى سَبِيلِ رَبَّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَة، وجَادِلْهُمْ بِالتِي هيَ أَحْسَن “، نحن دُعَاةُ لِينٍ لا دُعَاَة غِلظَة، قالَ تَعَالَى: ولو كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَولِك ، نحن دُعَاةُ العَيشِ المُشْتَرَكِ وَالمُوَاطَنَة، فالتَّعَامُلُ مَعَ جَمِيعِ أَبنَاءِ الوَطَنِ الوَاحِدِ عِندَنَا سَوَاء، دِينُنَا دِينُ رَحْمَةٍ ومَحَبَّةٍ وَتَعَاوُنٍ وَتَكَاتُف، فهذا عندَنَا مَنْهَجٌ نُطَبِّقُه، لا شِعَارًا نَتَغَنَّى بِه.
الدولة ورئاسة الجمهورية
يمر الوَطَنُ بِمَرحَلَةٍ صَعبةٍ وَحَرِجَةٍ جدًا، فعلينا في هذه المَرحَلةِ الدَّقِيقةِ أنْ نَكُونَ مُوَحَّدِينَ وَمُتَضَامِنِينَ وَمُتَعَاوِنِين، لِلوُصُولِ إلى حُلولٍ تُرْضِي كُلَّ اللبنانيينَ الذين يُعَانُونَ أَزَمَاتٍ وَضَعَتِ الوَطَنَ على شَفِيرِ الهَاوِيَة، فَعَلَى مَنْ يَتَعَاطَى الشَّأْنَ السِّيَاسِيّ، أَنْ يَنْظُرَ إلى مَصلَحَةِ المُوَاطنِ، قَبلَ النَّظَرِ إلى مَصَالِحِهِ الشَّخصِيَّةِ الضَّيِّقَة، وَيَنزِلَ إلى مُستَوَى المُوَاطِنِ الفَقِير، لِيَرَى مَا يَعِيشُهُ مِنْ حَياةٍ مِلْؤُها البَأْسُ وَالتَّعَاسَة، وَيَبتَعِدَ عَنْ سِيَاسَةِ التَّفْرِقَةِ وَالتَّمَزُّق، وَنَبذِ الآخَرِين، وَنَشْرِ بُذُورِ الفِتنَة، وَهَدْرِ المَالِ العَامّ، وَسَرِقَةِ مُدَّخَرَاتِ النَّاس، والإضرارِ بِالوَطَنِ وَالمُوَاطِن، فَكَفَانَا مُزايداتٌ وَشِعَارَاتٌ رَنَّانَةٌ لا تُسْمِنُ ولا تُغنِي مِنْ جُوع، حُبُّ لبنانَ يَكُونُ بِالأفعالِ لا بِالأقوال، وَبِتَضحِيَةِ كُلِّ الفُرَقَاءِ لِمَصلَحَةِ لبنانَ الوَطَنِ، والسِّيَادَةِ، وَالحُرِّيَّةِ، والاسْتِقْلال، فَيَنْبَغِي على المسؤولين العملُ على إيجادِ الحُلُولِ الفَورِيَّةِ وَالعَمَلِيَّةِ في شَتَّى المَجَالات، وفي طَلِيعَتِها انتخابُ رَئيسٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَتشكيلُ حُكومةٍ لبنانيةٍ، تُجَسِّدُ آمالَ اللبنانيينَ وَتَطَلُّعَاتِهِم، وَطُمُوحَاتِهِمْ في بِنَاءِ الوَطَن، لا نُرِيدُ بَعدَ اليومِ أنْ يُذَلَّ المُوَاطِنُ اللبنانِيّ، وَهُوَ خَائفٌ على لُقمَةِ عَيشِهِ وَاستِقْرَارِهِ وَأمْنِه، فَمُجْتَمَعُنا اليومَ بِحَاجَةٍ إلى العَيشِ الكَرِيم، وَمَسؤُولين على قَدْرِ المَسؤُولِيَّة .
لقدْ ضَاقَ المُواطِنون ذَرعًا مِنَ الظُّلْمِ الذي يَعِيشُونَ فيه، مِنْ تَدَنٍ في سِعْرِ العُمْلَةِ الوَطَنِيَّة، وتَلاعُبٍ بِسِعْرِ صَرْفِ الدُّولار، وَغَلاءٍ في الأَسْعَار، وازْدِيَادٍ في التَّضَخُّم، وَجَشَعِ المُحْتَكِرِينَ وَالتُّجَّار، وارْتِفَاعِ مُعَدَّلِ البِطَالةِ لدى الشباب، الذي دَفَعَ بِالكَثيرِ مِنهُمْ إلى الهِجرَةِ خَارِجَ البِلاد.
إنَّ انتخابَ رئيسٍ للجمهوريةِ ضَرُورَةٌ وَطَنِيَّةٌ، وَيُؤَسِّسُ لِمَرحَلَةٍ جَدِيدةٍ مِنَ الأَمَلِ وَالثِّقَةِ بِمَسْتَقْبَلِ لُبنانَ العَرَبِيِّ الهُوِيَّةِ وَالانْتِمَاء، لا يَنْبَغِي أَنْ نُرَاهِنَ على الخَارِجِ في انتخابِ رَئيسٍ لِجُمهُورِيَّتِنا، بَلْ علينا الاعْتِمَادُ على أنفسِنا، وتَعزِيزُ ثِقَتِنَا بَعضِنَا بعضًا، فالانتظارُ طالَ أمدُه، والوقتُ يَمُرُّ بِسُرعَة، وَالشَّعْبُ يَدفَعُ الثَّمَنَ، فَالمُسَارَعَةُ إلى الانتخابِ والاتفاقِ والتوافقِ، هوَ المَمَرُّ الوَحِيدُ لِلوُصولِ إلى مَا يَطمَحُ إليه اللبنانيون جميعًا، آنَ الأَوَانُ لِلقُوَى السِّيَاسِيَّةِ أَنْ تَخرُجَ مِنَ مَصَالِحِها الخَاصَّة، وَتَدخُلَ جَمِيعُها إلى رِحَابِ الوَطَن.
رئاسة الحكومة
إنَّ دارَ الفَتوَى تُؤكِّدُ على ثَوَابِتِها الإِسلامِيَّةَ والوَطَنِيَّة، وتدعو إلى دولةٍ تُسَاوِي بَينَ جَمِيعِ مُوَاطِنِيها في الحُقُوقِ وَالوَاجِبَات، واحترامِ مُؤَسَّسَاتِها والِتزَامِ دُستُورِها وَقَوَانِينِهَا وَأنْظَمَتِها، إنَّ وَحْدَةَ لبنانَ وَنَمُوذَجَ عَيشِهِ المُشْتَرَك، الإسلامِيَّ وَالمَسِيحِيّ، هما ضَمَانَةُ وَحْدَةِ العَاصِمَةِ بيروت. وَمَا يُثَارُ بَينَ الحِينِ والآخَر، لِتَقْسِيمِ بَلدِيَّةِ بَيروتَ مُستَهْجَنٌ وَمَرفوض، ولا يَخدُمُ المَصلَحَةَ الوَطَنِيَّةَ اللبنانِيَّة، ولا بَيرُوتَ وَأَهْلَهَا.
لن نَنْسَى انْفِجَارَ مَرفَأِ بيروت، مَهمَا مَرَّ عليه مِنَ الزَّمَن، وَسَيبْقَى الأملُ بِالقَضَاءِ اللبنانِيّ، لِلكَشْفِ عَنْ حَقِيقَةِ هذِهِ الجَرِيمَةِ التي هَزَّتْ لبنانَ وَالعَالَم، وإنَّ عَائلاتِ الضَّحَايَا وَالمَنْكُوبين وَالمُتَضَرِّرِين، تَنْظُرُ بِفارِغِ الصَّبْرِ إلى الحَقِيقَة، وَتَطْبِيقِ العَدَالَةِ على المَسؤُولِينَ عَنْ هذِه الجَرِيمَةِ النَّكْرَاء، وَلِلقضَاءِ دَورٌ مهِمٌ مُؤَثِّر، لِيُؤَكِّدَ مِصدَاقِيَّتَه، وَيَحظَى بِثِقَةِ اللبنانِيينَ وَالمُجْتَمَعِ الدَّولِيّ، فالقضاءُ هُوَ جُزْءٌ أساسِيٌّ في حِمَايَةِ حُقُوقِ النَّاس، وَدَارُ الفَتوَى حَرِيصَةٌ على تَحقِيقِ العَدَالَةِ مِنْ دُونِ أيِّ تَسْيِيس، وَيَنبَغِي أَنْ تَبقَى قضيةُ انْفِجارِ المِرفِأ، مِنْ أَولَوِيَّاتِنَا وَاهْتِمَامَاتِنا.
نأمُلُ مِنَ القَضَاءِ المُسارَعَةَ إلى إنهاءِ مَلَفِّ مَا يُطلَقُ عليه السُّجَنَاءُ الإسلامِيون، الذين يُعانون مُنذُ سَنواتٍ ومِنْ دُونَ أيِّ مُحَاكَمَة، ولا نَرضَى بَعدَ اليومِ أَنْ يَبقَى هذا المَلَفُّ مَوضُوعًا في الأدراج.
إنَّ مَقامَ رِئاسَةِ الحُكُومَةِ لا يَقِلُّ شَأْنًا عَنْ مَقامِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ والمَجْلِسِ النِّيَابِيّ، فَعَلينَا المُحافَظَةُ على صَلاحِيَّاتِ كُلِّ مَقامٍ، اِلتزَامًا بِاتِّفاقِ الطائف، الذي كَرَّسَ الاتفاقَ بَينَ اللبنانيين، وَلنْ نَرضَى بِالالتِفَافِ على الأُسُسِ وَالقَوَاعِدِ الدُّستُورِيَّةِ التي تُنَظِّمُ عَمَلَ السُّلُطَاتِ السياسية، وتُحَدِّدُ صَلاحِيَّاتِ كُلٍّ منها، وأيُّ مَساسٍ بِالمَقَامَاتِ الثَّلاثة، يَطَالُ كُلَّ اللبنانيينَ لا طَائفَةً فَحَسْب، ولا حُقُوقَ لأيِّ طَائفَةٍ في لبنانَ خَارِجَ الدُّستور، وخَارِجَ مَصلَحَةِ اللبنانيين، وعلى المَسؤولين جَمِيعًا أنْ يُفَكِّرُوا وَيَعمَلُوا لِمَصلَحَةِ حُقوقِ اللبنانيين.
فلسطين والأقصى
في هذه الصَّبِيحَةِ المُبارَكة، لا يَسَعُنا – ونَحنُ نَستَقْبِلُ عيدَ الفِطرِ السَّعِيد – إلا أنْ تَكونَ قلوبُنا وعُقُولُنا مَشدُودَةً إلى فِلسطِينَ وَقُدْسِها وَمَسجِدِها الأقْصَى وَمَا حَولَه، وَمَا يُعانِيه مِنْ ظُلمٍ وَعُدوَانٍ وَاعْتِدَاءٍ على المُصَلِّينَ في مِحرَابِه، مِنْ قوَّاتِ العَدُوِّ الصُّهيونِيّ، الذي يُدَنِّسُ بِإجرَامِهِ وَعُنصُرِيَّتِهِ الأَمَاكِنَ الإسلامِيَّةَ وَالمَسِيحِيَّة مَعًا، وهذا يَدعُونا إلى مُناشَدَةِ كُلِّ الأَشِقَّاءِ العَرَب، وَمَجلِسِ الأَمن، وَالمُجتَمَعِ الدَّولِيّ، بِأَنْ يَضَعَ حَدًّا لِهذا العُدوَانِ الغَاشِم، وَيَبقَى رِهَانُنَا الأَوَّلُ والأَخِير، على المُرَابِطِينَ في المَسجِدِ الأَقْصَى وَالقُدْس، وكُلِّ فِلسطِين.
وبعد إلقاء خطبة عيد الفطر، توجه عساف ومكية والأبيض وعلماء إلى ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريرين حيث قرأوا الفاتحة عن روحه الطاهرة ورفاقه الأبرار.
وكان ممثل رئيس الحكومة القاضي مكية اصطحب عساف من دار الفتوى إلى مسجد محمد الأمين في موكب رسمي وقدمت ثلة من قوى الأمن الداخلي التشريفات في باحة المسجد لهما .
المصدر : وطنية