كيوان لـ “اللواء “: لبنان مجتمع متهالك خسر شبابه .. وهجرة الفتيات ظاهرة خطيرة !

بعدما أصبح مستقبل لبنان قاتما انطلاقاً من ما نعيش فيه من ارتدادات لأزمات مختلفة واستثنائية وآفاق مقفلة تنذر بمزيد من التأزم في المرحلة المقبلة نتيجة سرقة آمال ومستقبل الأجيال، فلم يجد الاهل سبيلا لهم سوى وضع عواطفهم جانباً وتشجيع أبنائهم على الهجرة من أجل البحث عن مكان آمن يحتضن أحلام وطموحات فلذات أكبادهم، مما يعني تشرذم العائلات اللبنانية في بقاع الأرض نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية الضاغطة التي يتعرض لها الشعب اللبناني لا سيما منذ سنوات وتحديدا ما بعد ثورة 2019، وهكذا يكون لبنان يواجه يومياً خسارة لخيرة شبابه وشاباته.
واللافت ان لبنان الذي كان يُعتبر مستشفى الشرق وجامعته، أصبح اليوم يفتقر الى أدنى مستويات العيش الكريم بسبب عوامل متعددة ومنها خسارته لرأسماله البشري نتيجة المغريات المقدمة له من دول العالم .
وبحسب آخر الإحصاءات فإنه من المتوقع أن تكون خسارة لبنان لشبابه في هذه المرحلة غير مسبوقة، نتيجة ارتفاع أقساط الجامعات المرموقة «بالدولار الفريش» وبحيث لم يعد بمقدور معظم الأهالي تحملها خصوصا بعد أن تقلصت الطبقة المتوسطة في ظل الوضع المزري للجامعة اللبنانية ، فكان التوجه لتصدير الأجيال الى الجامعات المجانية في دول العالم، او الاستغناء عن استكمال التعليم حيث تعمد بعض العائلات الى تعليم أولادها الذكور دون الإناث .
وحول هذه الظاهرة تقول المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان ل«اللواء»: ” يعيش لبنان من عقود وتحديدا منذ بدء الحرب اللبنانية مأساة تتمثل بهجرة الشباب، ولكن من حين لآخر يستعيد الشعب اللبناني الامل بإمكانية البقاء في وطنه ، ولكن لا يلبث الا أن يتلاشى هذا الأمل بسبب استمرار العواصف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يدفع هؤلاء مجدداً للبحث عن بلد يلجؤون اليه أو تحفيز اولادهم للهجرة،
وتضيف ” بسبب هذه المعاناة فقد تشتت بعض العائلات في دول الاغتراب، ودفعت صعوبة الظروف الراهنة الأجيال الشابة الى ترك الوطن والأهل والبحث عن المستقبل في الخارج، وهذا الامر سيؤدي الى فقدان الروابط ببلدهم وستقتصر عودتهم الى وطنهم على زيارة مجاملة سنوية بهدف الاطمئنان على الاهل وربما زيارة أخرى للمشاركة بدفن آبائهم وأمهاتهم ومن ثم يقومون ببيع ميراثهم للمغادرة نهائيا “.
هجرة الشابات
وتلفت كيوان الى ظاهرة جديدة وهي “هجرة الشابات بهدف العلم أو العمل حتى لو اضطررن للعمل بأجور متدنية ، وبات هدفهم الأساسي تأمين حياة آمنة وكريمة ولو كانت بعيدة عن منزل العائلة ”
وتشير كيوان الى خطورة هذا الأمر على الصعيد الاجتماعي ،علما بأن بعض الشابات يحصلن على مراكز مهمة في عدد من الدول لا سيما دول الخليج العربي
واللافت بحسب كيوان أن الاهل اصبحوا يحفزون الفتيات للهجرة لأنهن كما باقي الشعب اللبناني اصبحن يفتقدن لأساسيات مقومات الحياة.
من هنا تعتبر الدكتورة كيوان بأن لبنان أصبح ومنذ عقود مجتمعاً متهالكاً ومفككاً على المستوى الاجتماعي والسياسي ، وهذا أمر خطير يسبب خسارة لبنان لشبابه وبالمقابل استفادة الدول التي يهاجرون اليها من هذه القوة العاملة لتصبح داعمة لاقتصاديات الدول التي يعيشون فيها، لذلك فهي تشدد على وجوب إعادة النظر بالكيان الوطني اللبناني وقدرته على الاستمرار، داعية الى الاستفادة من الطاقات الشابة من أجل القيام بنهضة اقتصادية شاملة في البلد والإسهام في نموه وازدهاره .
موتمر وطني
وإذ تشيد المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية بمستوى النظام التربوي في لبنان الذي جعل طلابه يتألقون ويبرزون في المراكز الهامة في الخارج، فإنها تدق ناقوس الخطر بالنسبة الى هجرة الشباب ومن الجنسيين وترى ضرورة بحثه على المستوى الوطني من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية من خلال عقد مؤتمر وطني يعقد بمشاركة أهالي الطلاب ومدراء المؤسسات التربوية وبعض اركان الاقتصاد لبحث السياسات الشبابية وخطر هجرتهم على الاقتصاد واتخاذ خطوات لثنيهم عن ذلك والسعي لإيجاد فرص لبقائهم خصوصا ان لدى لبنان قدرة تربوية تنافسية وتشير الى ضرورة العمل لتحفيز وتحسين شروط الحياة لدى جيل الشباب من خلال تأمين الأمور الضرورية والخدمات كالكهرباء مثلاً والتي يجب ان تكون من أولويات الرئيس المقبل وفق خطة جدية، بإعتبار أن من شأن ذلك تنشيط الدورة الاقتصادية، كذلك العمل على توفير المياه ووسائل النقل العام وتثبيت سعر صرف الدولار واعادة النظر بالرواتب ومداخيل موظفي القطاع العام ووقف الهدر والتهريب.
وتختم الدكتورة كيوان بالتأكيد على ضرورة إعادة الثقة بين المواطن والدولة واستعادة قدرتها من أجل القيام بخدماتها الضرورية.

لينا الحصري زيلع – اللواء

لمشاركة الرابط: