خاص- nextlb
لعل من أبشع الآثار التي تخلفها الحروب غير الدمار والتهجير والموت ، هو الأثر النفسي والإجتماعي المدمر على المجتمع ونقطتها الأضعف ، الطفولة التي تصيبها الحروب في مقتل ، وتدفع الثمن دائماً “.
أحمد طفل سوري من محافظة درعا السورية يجلس تحت أشعة الشمس المحرقة عارضاً ما يتيسر له للبيع على الرصيف ، يبيع الكمامات للوقاية من وباء كورونا في أحد شوارع بيروت … يبادرك بالقول : “خذ كمامة يا أستاذ والعلبة ب 20 الف إذا بدك ” .
والد أحمد الذي يبيع بعض الأدوات المستعملة والقطنيات على رصيف آخر ، كان يعمل سابقاً في الجميزة بالقرب من مرفأ بيروت ويسكن في الجوار وقد تسبب تفجير المرفأ بتهجيره مرة جديدة الى الطريق الجديدة حيث يحاول جاهداً الحصول على قوت عياله ، ويساعده إبنه أحمد صاحب السنوات العشر على تأمين مصروف العائلة .
nextlbحاورت أحمد وسألته عن أحلامه فقال ” تركت المدرسة في العام الماضي لأنها طلبت مني متابعة الدراسة بالتلفون وأنا ما عندي تلفون”
ويلمع الأمل في بريق عينيه العسليتين ويقول ” إن شاء الله سأرجع الى المدرسة هذا العام وأدرس وأتعلم وبدي صير طبيب إن شاء الله وأعالج أهلي وأقاربي وكل الفقراء” .
هذا الفتى الأشقر صاحب العيون العسلية ولد في لبنان ، ولا يعرف بلده في محافظة درعا ، وقد هجرته الحرب في سوريا رغماً عنه وعن عائلته الصغيرة التي يسكن معها في منزل متواضع مؤلف غرفة واحدة وحمام ، وفي الأزمة الإقتصادية الحالية يحاول بيع الكمامات الطبية لمساعدة العائلة على تامين قوت يومها .
لماذا اخترت بيع الكمامات ؟ يجيب أحمد ” لأنها الآن مطلوبة من الناس ، وممكن بيعها بسرعة وسهولة ” ويضيف أن والده يحصل على الكمامات من أحد المتاجر لبيع الجملة .
لا يعيش أحمد كما معظم من هم في سنه في أية دولة في العالم تحترم طفولته فلا وقت لديه للعب وعيش طفولته كما غالبية أطفال العالم ، ففي آخر النهار يجمع ” غلة” البيع ويعطيها الى والده الذي يضيفها الى ما جمعه من بيع بعض المقتنيات المستعملة والقطنيات ليعود بالطعام الى أسرته وتغطية المُلح من المصاريف الضرورية فقط ، ليعود الى بيته فيرتاح من عناء يوم شديد الحرارة والتعب .
هل ستعود الى درعا يوماً ؟ يجيب الطفل أحمد ” نعم إذا استطعنا ذلك ففيها بيتي وبيت جدي ، ولكن قال لنا والدي أن الحرب بعدها ما خلصت بدرعا ”
الطفولة المعذبة في عالمنا العربي غالباً ما تدفع ثمن أخطاء الكبار .
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More