أكد الرئيس فؤاد السنيورة على ضرورة “طلب تعيين لجنة تحقيق دولية في ملف انفجار المرفأ “، وقال ” تبين لنا صحة هواجسنا وصوابية ما طالبنا به كرؤساء حكومات سابقين في اليوم الثاني للإنفجار”، وشدد على أهمية “الإهتمام بمعرفة كيفية وصول المواد المفجرة (نيترات الأمونيوم) الى لبنان، وطريقة إخراج أكثر من ثمانين بالمائة من هذه المواد قبل الإنفجار”.
كلام السنيورة جاء خلال حوار اجراه معه تلفزيون الشرق، عبر سكايب من بيروت، حيث أكد ” أن هذا التفجير هو من أكبر التفجيرات غير النووية التي حصلت في تاريخ العالم، وإننا وكرؤساء حكومات سابقين، وفي صباح اليوم التالي لوقوع جريمة التفجير في مرفأ بيروت، أي في الخامس من آب، أصدرنا بياناً طالبنا الحكومة اللبنانية بوجوب تعيين لجنة تحقيق دولية نظراً لما يكتنف هذا التفجير الكبير والخطير من أشياء مريبة وشكوك. ولقد تبين لنا بعد ذلك صحة هواجسنا وصوابية موقفنا، كيف أتت هذه الباخرة إلى لبنان؟ ولماذا وكيف أفرغت حمولتها في المرفأ؟ وكم كانت كميتها عندما أفرغت؟ وكيف كان يجري سحب وإخراج كميات كبيرة من تلك الكميات إلى خارج المرفأ، بحيث يقدر حجم التفجير الحاصل بما يعادل وعلى الأكثر 20% من كميات المواد المتفجرة التي نزلت في مرفأ بيروت؟ وإلى أين خرجت تلك الكميات ولماذا؟
أضاف: “على ما يبدو، أنه قد جرى إخراج تلك الكميات لخدمة أغراض ينبغي التحقق منها وكأنها ربما استعملت من قبل البعض في البراميل المتفجرة التي كانت تستعمل من قبل النظام السوري أو غيره وكل هذه أسئلة ينبغي الإجابة عليها. ولكن الأمر الأساس الذي ظهر من التحقيقات، أنه كانت هناك، وعلى ما يبدو، يد خفية ترعى كل أمر يتعلّق بهذا الملف داخل المرفأ وعلى مدى السنوات السبع الماضية، بحيث ظهر وكأن جميع المسؤولين في المرفأ من موظفين ومن أجهزة كانوا قد كتبوا وأرسلوا وتبادلوا الإحالات والمراسلات بين بعضهم بعضا ولكن بقيت الشحنة والمواد المتفجرة موجودة في مرفأ بيروت، وكان يجري إخراج أجزاء منها من المرفأ كما ذكرت”.
كف يد صوان
وعن كف يد القاضي فادي صوان قال: “بشأن التعقيدات القضائية، فإني أعتقد أن القاضي، وهو قاضٍ نزيهٍ بلا أدنى شك. ولكن المسألة أنه قد جرى تقديم دعوى إرتياب بحقه من قبل وزيرين سابقين، وهما نائبين أيضاً، ووزير سابق آخر، وهم أيضاً محامين، وبالتالي كان ينبغي على القاضي أن ينظر في معالجة هذا الموضوع من الزوايا الصحيحة التي تمكنه من أن يكون ملتزما بأحكام الدستور. هناك مواد في الدستور تحتم على القاضي أن يلتزم بها عندما يكون الإستدعاء متعلقاً بالوزراء والنواب، والذي ينبغي على القاضي عندها أن يحيل الملف المتعلق بالتحقيق مع الوزراء والنواب إلى المحكمة الخاصة التي يحددها الدستور في هذا الشأن في المادتين 70 و71 منه”.
وعن وجود ثغرة دستورية وقانونية في قرار القاضي صوان، اجاب: “لقد توقف القاضي عن التحقيق بدل من أن يتابع تحقيقاته. كذلك، فقد كان ينبغي على القاضي أن يركّز تحقيقاته على الجوانب المتعلقة بالقضايا الأساسية، ووجوب العودة إلى هذه الشحنة. من اتى بها؟ ما هذا الفيلم الهوليودي الذي جرى بشأن الباخرة حتى تأتي الى بيروت بعد أن كانت في الأصل متوجهة إلى الموزمبيق ، وكيف جرى ترتيب إدخالها إلى المرفأ وإنزال الحمولة من السفينة في العنبر رقم 12 في المرفأ وبعدها في إغراق الباخرة. وبعد ذلك في إخراج أكثر من ثمانين بالمائة من تلك الشحنة إلى خارج المرفأ ولماذا لم يجرِ إعادة شحن تلك المواد إلى خارج لبنان”.
مسؤولية التفجير
وعن معارضة بعض المسؤولين للإتهام رد قائلاً : “في المبدأ فإنّ قضايا من هذا النوع ليس من الضروري أن يعرف فيها الوزير المعني في الحكومة أي بما يتعلق بإنزال الشحنة في المرفأ إلاّ إذا جرى لفت انتباهه أو علم بها، ونحن نعرف في هذا الأمر أن رئيس الجمهورية اعترف وقال أنا قد علمت قبل 15 يوما من التفجير بأن هذه الشحنة من المواد المتفجرة موجودة في مرفأ بيروت، وهو قائد جيش سابق وهو يعلم تمام العلم ماذا يعني هذا النوع من الكميات المتفجرة. وهي التي ممنوع استيرادها إلى لبنان”.
أضاف: “وفي هذا الصدد، من أجل تحديد طبيعة الجرم في ما خصّ علاقة الوزير أو رئيس الوزراء في هذا الخصوص، فإنه ينبغي على القاضي أن يحدّد من البداية هل هي جريمة في معرض تنفيذ أولئك المسؤولين لمهامهم الدستورية، فإنه بالتالي ينبغي على القاضي أن يحيل هذا الملف فيما خص هؤلاء المتهمين الى مجلس النواب لتتم محاكمتهم من قبل المحكمة الخاصة، أما إذا كانت هذه جريمة عادية، فمن حق القاضي عندها أن يحقق معهم. وعلى القاضي عندها أيضاً ان يحقق مع رئيس الجمهورية وأن يحيل الملف، في هذا الخصوص إلى المحكمة الخاصة”.
وعن التدخلات السياسية في هذا التحقيق ، قال السنيورة: “أنا كنت أتمنى، ومنذ البداية، لو جرى التحقيق تحت مسؤولية التحقيق الدولي. لذلك وفي حال عدم التمكن من إجراء تحقيق دولي، فإننا أميل إلى الظنّ أننا سنشهد المزيد من المصاعب ، لذلك الأساس هو في إجراء التحقيقات مع الجهات الأساسية بما يتعلق بمسؤولية من كان وراء الإتيان بتلك المواد إلى لبنان أو مسؤولية أي دولة من الدول أو حزب من الأحزاب كانوا متورطين في هذا الأمر”.
وخلص الرئيس السنيورة الى القول: “خوفي وهواجسي أن يصير هناك تدخلات سياسية ، ولذلك كان المطلب في الأساس أن تكون هناك لجنة تحقيق دولية لان هذه المسألة تنطوي على وجود علاقات متشعبة تتعلق بعدة دول وأن هناك اليد الخفية التي كانت تعمل في المرفأ، والتي يجب أن يصار الى كشفها، إذ أنه من غير الممكن أن يتم استيراد هذه الكميات وتسحب هذه الكميات بدون علم أحد. كيف؟ هذه هي المشكلة”.
المصدر : اللواء