قدم وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي استقالته من الحكومة الى رئيس مجلس الوزراء حسان دياب صباحاً بعد زيارة للسرايا وغادر دون الإدلاء بتصريح .
ولاحقاً أصدر حتي بياناً أعلن فيه استقالته من الحكومة، جاء فيه:
“بداية أود أن أعبر عن امتناني لكل من أبدى ثقة بشخصي لتولي وزارة الخارجية والمغتربين، لم يكن قراري بتحمل هذه المسؤولية الكبيرة شأناً عاديا في خضم انتفاضة شعبية قامت ضد الفساد والإستغلال، ومن أجل بناء دولة العدالة الإجتماعية، فيما يشهد لبنان أزمات متعددة الأشكال والأسباب سواء في الداخل أو في الإقليم.
ما أصعب الإختيار بين الإقدام والعزوف عن خدمة الوطن حتى ولو تلاشت إحتمالية تحقيق اليسير في نظام غني بالتحديات المصيرية وفقير بالإرادات السديدة. حملت آمالاً كبيرة بالتغيير والإصلاح ولكن الواقع أجهض جنين الأمل في صنع بدايات واعدة من رحم النهايات الصادمة. لا لم أساوم ولن أساوم على مبادئي وقناعاتي وضميري من أجل أي مركز أو سلطة.
تربيت ونشأت وعشقت واعتنقت لبنان موئلاً للحرية والفكر والعلم والثقافة، لبنان المنارة والنموذج، لبنان موطن الرسالة وملتقى الشرق بالغرب “.
وتابع “لبنان اليوم ليس لبنان الذي أحببناه وأردناه منارة ونموذجاً، لبنان اليوم ينزلق للتحول إلى دولة فاشلة لا سمح الله، وإنني أسائل نفسي كما الكثيرين كم تلكأنا في حماية هذا الوطن العزيز وفي حماية وصيانة أمنه المجتمعي، إنني وبعد التفكير ومصارحة الذات، ولتعذر أداء مهامي في هذه الظروف التاريخية المصيرية ونظرا لغياب رؤية للبنان الذي اؤمن به وطناً حراً مستقلاً فاعلاً ومشعاً في بيئته العربية وفي العالم، وفي غياب إرادة فاعلة في تحقيق الإصلاح الهيكلي الشامل المطلوب الذي يطالب به مجتمعنا الوطني ويدعونا المجتمع الدولي للقيام به، قررت الإستقالة من مهامي كوزير للخارجية والمغتربين متمنياً للحكومة وللقيمين على إدارة الدولة التوفيق وإعادة النظر في العديد من السياسات والممارسات من أجل إيلاء المواطن والوطن الأولوية على كل الإعتبارات والتباينات والإنقسامات والخصوصيات “.
وأضاف :” إن المطلوب في عملية بناء الدولة عقول خلاقة ورؤية واضحة ونوايا صادقة وثقافة مؤسسات وسيادة دولة القانون والمساءلة والشفافية. إن الأسباب التي دعتني إلى الاستقالة هي ما تقدمت بشرحها، على أنه تم تناقل بعض التأويلات والتحليلات وكذلك بعض التفسيرات التبسيطية السطحية عبر بعض وسائل الإعلام التي لا تلزم سوى أصحابها، وكلها أمور لم أتوقف عندها طيلة حياتي المهنية، إذ يبقى الأساس كوزير للخارجية الحفاظ على مصالح البلد وتعزيز وتحصين علاقاته الخارجية وتحسيس المجتمع الدولي كذلك العربي، بأهمية تدعيم الإستقرارفي لبنان”.
وختم بالقول ك” لقد شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد إسمه لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة، إن لم يجتمعوا حول مصلحة الشعب اللبناني وإنقاذه، فإن المركب لا سمح الله سيغرق بالجميع، حمى الله لبنان وشعبه”.
وتسارعت ردود الأفعال على استقالة الوزير حتي ومنها :
حمادة : “إنتفض على الجثة الحكومية”
تعليقاً على على استقالة الوزير حتي ، قال النائب مروان حماده: “ها نحن نعود ونلتقي ناصيف حتي ، الصديق والرفيق وزميل الندوات الدولية، صديق الكبار في جامعة الدول العربية والامم المتحدة، السفير المميز للجامعة في باريس وروما، وقد انتفض على الجثة الحكومية القائمة، وعاد الى صفوف الشعب والثورة، مؤمناً بلبنان الحر المستقل الديمقراطي العربي. فتحية له ولزوجته المنتفضة هي أيضا من أجل الديمقراطية وحقوق المرأة في تونس. ما تفتشوا على بديل، فلوا كلكن عالبيت”.
محفوظ : عليه تقديم الإستقالة الى رئيس الجمهورية
من جهته أوضح رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض أنه “كان على الوزير ناصيف حتي الحضور أمام رئيس الجمهورية لتقديم كتاب استقالته وليس أمام رئيس الحكومة، فالنص واضح يقدم الوزير استقالته الى رئيس الجمهورية الذي يصدر وفق البند 4 من المادة 53 من الدستور، بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء”. وقال في تصريح اليوم: “إن المادة واضحة ولا تحتمل أي تأويل أو اجتهاد دستوري”.
المشنوق : رفض المساومة على قناعاته
كما غرد الوزير السابق محمد المشنوق : “تقدير كبير لوزير الخارجية المستقيل ناصيف حتي لأنه رفض أن يساوم على مبادئه وقناعاته وضميره من أجل أي مركز أو سلطة. بيان استقالته هو واقع يشاركه فيه معظم الوزراء ولكنهم يفتقدون الجرأة لإرتباطهم بتحالف السلطة وهو أصل البلاء. الحل هو بالتراجع عن هذه الحكومة إلى جادة الصواب.من يجرؤ..؟”.
السيد : الإستقالة تكون عن شجاعة أو عن جبن
وكذلك غرد النائب اللواء جميل السيد عبر حسابه على “تويتر”: “وزير الخارجية استقال. الاستقالة تكون عن شجاعة أو عن جبن. الاستقالة شجاعة إذا كان سببها عجزا عن إنجاز أو قرفا من فساد. في دولة العجز والقرف هذه، أعجب لرؤساء وزعماء وقضاة وضباط يتمسكون بالسلطة وينعمون بالفساد، وأعجب لنواب لم تسمع لهم صوتا عن الفساد ووجع الناس ويستمرون”.
جريدة الأخبار : هل هي محاولة لإسقاط الحكومة ؟
وفي تعليق لها على الإستقالة جاء في جريدة الأخبار :” لمّحت المصادر الى أن وزير الخارجية ربما تلقّى إشارة غربية تشجعه على الإستقالة والقفز من المركب قبل أن يغرق، مع وعد بجائزة ترضية مستقبلاً !
وفيما ازدادت التوقعات بأن تكون هذه الإستقالة بداية سلسلة من الإستقالات الوزارية، فقد أكدت مصادر مطلعة أنه ليس مطروحاً أي تعديل وزاري، لا عند دياب ولا عند باسيل، وبالتالي فإن استقالة حتّي ليست جزءاً من تعديل وزاري، وإن قد تكون فاتحة استقالات أخرى. وعلمت «الأخبار» أن كلاً من دياب وباسيل باشرا العمل على امتصاص تأثير هذه الخطوة سريعاً. وتردّد في هذا السياق أن اسم البديل صار جاهزاً، مع البدء بتداول اسم مستشار رئيس الجمهورية السفير السابق شربل وهبي، الذي كان أميناً عاماً للوزارة.
خطوة حتّي كان مهّد لها في اللقاء التلفزيوني مع مرسال غانم، الذي راح بدوره يعدّد «مآثر» ضيفه، فيما الأخير بدا في مواقفه أقرب إلى 14 آذار التي تعمل السفارة الأميركية على تجميع مفاصلها مجدداً، إعلامياً وسياسياً. فهل تكرّ سبحة هذه القوى بالسعي مجدداً إلى استعمال الشارع في معركتها مع الحكومة وحزب الله، بعد أن تجمعت خلف البطريرك بشارة الراعي في دعوته إلى حياد لبنان؟”.
المصدر: وطنية