وزيرة العدل لمجلس نقابة محرري الصحافة: عملت مع كل الجهات المعنية لحماية الحريات العامة والحقوق الأساسية

زار مجلس محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي  وزيرة العدل ماري كلود نجم، ظهر اليوم، في مكتبها في وزارة العدل وكانت جولة أفق حول مواضيع الساعة.وقد استهل النقيب القصيفي اللقاء بكلمة جاء فيها:
السيدة الوزيرة العدل أساس الملك. وعندما يختل ميزان العدالة، فان ركن الزاوية في اكثر البلدان منعة وقوة يتصدع. ويتصدع معه الأمن، وتتهافت المساواة، وتنفلت الاخلاق من عقالها. وتنقلب الادوار، فتمسي الخطيئة فضيلة، والفضيلة سلعة تباع وتشرى في أسواق النخاسة، تلبس رداء لا يشبهها، ويصبح المظلوم ظالماً، والمقهور قاهراً، ويستحيل القديس إبليساً، والفاجر حليماً، والهتوك الخليع مصلحاً في الناس، مفرغاً من القيم ، عديم الرحمة، يشهر سيف البطل، زاعماً التعفف، لا يحمل من صفة الانسان إلاّ الاسم.
السيدة الوزيرة : بيروت أمّ الشرائع، مدينة المدائن، تحولّت فيها القوانين إلى وجهة نظر، وحوصر قضاؤها بالتسييّس، فبات قدراً يُرسم بريشة التدخلات التي تحرفه عن رسالته، وهو الذي يضم في رحابه خيرة الرجال علماً وأدباً وخلقاً.
السؤال الكبير: هل يستقيم الأمر من دون قضاء مستقل؟ إستقلال القضاء لا يكون بقرار سياسي، بل بقانون، وإنتفاضة غضوب يقودها من القى الله في قلوبهم شجاعة الإلتزام بصون المجتمع من الآفات المفضيّة إلى هلاكه. وعندما يرتفع ميزان العدالة  تستكين النفوس ، وتستقر الأوطان. فمتى يقبل هذا اليوم الموعود الذي نفرح به ونهلل ؟ ومن أولى منك بالإجابة على هذه الهواجس التي تقلق الناس، وأنت سليلة عائلة ترعرعت في حمى القانون وخبرت سلبيات الخروج عليه على الوطن والمواطن.
السيدة الوزيرة :الحكومة إستهلكت فترة السماح. والناس بدأت تسأل: أما حان الأوان للإنتقال من عجقة اللجان، ودراسات المستشارين، إلى الفعل المنتظر، فيما الليرة تتقهقر، والمرتبات تضمر وتتبخر، والغلاء يعمّ آكلاّ اليابس والأخضر، والفساد يتجذر أكثر فأكثر. والتدقيق المالي الجنائي ينتظر شركة مقتدرة تكشف المستور، وتدلّ إلى مصادر الهدر، والسطوّ على المال الخاص والعام، وهو ملك الشعب الذي كفر، وألفى نفسه معلقاً بين وعد ووعيد، يسمع دويه ولا يرى طحينه؟
وطن النجوم يستنير بنورها، بعدما إمتنعت عليه الكهرباء، وطن الأدمغة خلا منها، وبات قفراً بلقعاً، بعدما هجرته الى بلدان تستحقها، وتنهض بإبداعاتها.
السيدة الوزيرة : عذراً لهذه الخواطر الحزينة، بل المفجعة أوردها في هذه الزيارة التي يقوم بها مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية الذي يأسف ألاّ تلاقي مطالبته، بإصدار قرار يمنع على الصحافييّن مثولهم أمام الضابطة العدلية لدى ملاحقتهم بمخالفة نشر، أسوة بالمنضوين الى  سائر نقابات المهن الحرة.
نرجو لك التوفيق في مهمتك المحاطة بالأشواك والحصى، وأنت التي تتحصنين بالجرأة والصدق، وملكة المصارحة، على أمل أن يأتي يوم لا يعلو فيه علم، بعد راية الأرز، إلاّ علم العدالة المؤزر وشكراً
الوزيرة نجم
وردت الوزيرة نجم بكلمة جاء فيها: مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية، رئيساً وأعضاء. ‏أهلا بكم في وزارة العدل؛ بيتِ كل لبناني يتطلع إلى سيادة القانون ودولة الحق.
‏مرحلة صعبة يمر بها لبنان الذي تحاصره الأزمات، لكنها في الوقت نفسه فرصة كبيرة لنعيد تركيز البناء على أسس صلبة ولا أساس أصلب من العدل في بناء الاوطان.
‏يسعدني أن أخاطب اللبنانيين من خلال أهل القلم لأذكرهم بأنني التزمت منذ اليوم الأول لولايتي كما في البيان الوزاري، بتحقيق إصلاحات تعزز استقلالية القضاء، ‏و فعاليته وشفافيته ونزاهته، وسيكون للبنان قانون جديد يجسد هذا الالتزام.
‏التزمت بتفعيل التفتيش القضائي بمقدارته البشرية والتقنية ليكون هو مصفاة التنقية الذاتية للجسم القضائي وقد قطعنا شوطاً في هذا الإتجاه بإكتمال الهيئة لأول مرة برئيسها وأعضائها  العشرة بعد تعيين ثلاث مفتشين قضائيين وفقاً للكفاءة وبعيداً عن أية اعتبارات اخرى.
كما عملت مع كل الجهات المعنية لحماية الحريات العامة والحقوق الأساسية ولا سيما، حق التعبير والتظاهر الذي أدعمه لأقصى الحدود، وأعرف تماماً حرصكم على أن ينتهي زمن مثول الإعلاميين أمام الضابطة العدلية لدى ملاحقتهم بمخالفة تتصل بنشر الأخبار وفي المقابل أصرّ على مسؤولية الإعلام في الإستقصاء الجدي والموضوعي عن الحقائق.
‏السيدات والسادة أستغل وجودكم بيننا لأجدد التزامي والحكومة بالعمل لإنفاذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وبتشكيل الهيئة الوطنية القادرة على تولي هذه المسوؤلية في أسرع وقت.
سأظل أرفع الصوت في مجلس الوزراء كما في مجلس النواب حتى تصدر أو تعدّل جميع القوانين المتصلة بمكافحة الفساد في القطاعين  العام والخاص، كما سنتابع تنفيذ التدابير الإدارية لمكافحة الفساد والوقاية منه التي أقرّها مجلس الوزراء في أيار الماضي.
ولن يتوقف البحث بموضوع الأموال التي تم تحويلها إلى الخارج قبل 17 تشرين الأول 2019 وبعده، حتى معرفة مدى انسجام ذلك مع القوانين.
حضرة النقيب أنا لا أؤمن بفترة سماح في تحمّل المسؤولية العامة،  وأوافق الناس على أن حكومتنا مدعوة لإتخاذ المزيد من القرارات المطلوبة وبأسرع وقت ممكن، لوقف الإنهيار وكشف أسبابه، وتحديد المسؤولين عنه.
وبالأمس أنجزت الحكومة مجتمعة، وبدفع من فخامة رئيس الجمهورية، خطوة مهمة تمثلت بإقرار التعاقد مع شركة عالمية تتولى التدقيق المالي ‏التشريحي في حسابات مصرف لبنان. إن مسار هذا التدقيق سيكشف للبنانيين الكثير من الحقائق ويحدّد المسؤوليات عن إنفاق الأموال العامة.
أجدد شكري لكم وأتمنى أن تساهموا من موقعكم في بناء دولة مدنية  ديمقراطية، تصون الحق بقوة القانون، وتوفر للبنانيين الأمان، وتحمي حرياتهم، وتؤمّن لهم مناخ الإزدهار الإقتصادي.
حوار
ثمّ دار حوار بين الوزيرة نجم وأعضاء مجلس النقابة ردّت فيه على أسئلتهم وإستفهاماتهم على الشكل التالي:
سئلت: هناك حديث عن أن هناك نقصاً في آلية التحقيق الجنائي الذي اقره مجلس الوزراء بالأمس والذي يقول البعض أنه يصطدم بقانون النقد والتسليف؟
أجابت: أثناء المفاوضات التي أجريناها تركزت على مخاوفنا أن تخرج المعلومات الى الخارج. لقد أصررنا أن تكون المعلومات كافة على رابط  الدولة اللبنانية للمحافظة على سرّيتها. وأن أية مؤسسة أو أي  شخص سيعرقل التحقيق الجنائي ستكون هذه العرقلة جرماً بحق الشعب اللبناني وسنتصدى بكل ما أوتينا من قوة لهذه العرقلة ولن أدخل في تقنيات التحقيق الآن. والشركات التي تهتم بالتحقيق الجنائي تعمل جاهدة وبكل ثقة للوصول الى المعلومات المطلوبة. أعود وأكرر بأن أية عرقلة لهذا التحقيق سأعلن عنه شخصياً عبر الإعلام.
سئلت: هل سيقتصر التحقيق مع مصرف لبنان فقط؟
أجابت: من مصرف لبنان سينطلق التحقيق ليشمل كل من يرتبط به.
سئلت: من قضية القاضي مازح وصولاً الى القرار القضائي بالحجز على ممتلكات حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ألا ترين أن هناك تخبطاً في القرارات القضائية؟
أجابت: لا ترابط بين هذه القرارات القضائية. وفي جميع الأحوال وبصفتي وزيرة عدل لا أتدخل في تقييم القرارات القضائية. أنا مع إستقلالية القضاء والسلطة القضائية. لو كنت أستاذة جامعية ولم أكن وزيرة عدل لكنت علقت على كل هذه القرارات القضائية التي اتخذت. كوزيرة عدل لا أسمح لنفسي بأن أدخل في تقييم أي قرار وهناك أصول للطعن به خصوصاً من قبل الشخص المتضرر من هذا القرار القضائي. هناك قرارات قضائية يجب الاّ تعالج بالشارع ولكن تعالج وفق القانون وأنا متمسكة بذلك.
أضافت : القرار الذي صدر بحجز ممتلكات حاكم مصرف لبنان كان بناء على طلب ومنذ شهر تقريباً  سنداً لشكوى جزائية تقدم بها بعض الاشخاص وليس لدي تفاصيل حولها. وبالنسبة الى القرارات القضائية الاخرى ومن دون الدخول في تفاصيلها ، كل ما يهمني في هذا الموضوع هو سير الإجراءات القضائية من دون الدخول في صلب الملفات ولا بأي قرار لأي قاضٍ. سير الإجراءات القضائية ستتخذ وسنسير بها وهنا يكمن دور التفتيش القضائي بإشراف وزارة العدل . واذا كان هناك أية عرقلة أو أي بطء مقصود بأي ملف قضائي سنتصدى لهذه العرقلة ولهذا البطء. من مسؤوليتي كوزيرة عدل أن أعيد كل الأمور الى المؤسسات ولن أرضى بسوى ذلك وأعني بالمؤسسات مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائي الذي لديه دور الإشراف على القضاء والمحافظة على استقلاليته وهيبته وحسن سير الإجراءات القضائية. أنا أرفض أن يُتناول القضاء كما تناولوه بالشتائم.
سئلت: وماذا عن مصير التشكيلات القضائية، خصوصاً أن الحكومة مطالبة دولياً ومحلياً بالإصلاحات؟
أجابت: تريدون العودة الى الوراء والحديث عن هذا الموضوع الذي تحدثنا كثيراً عنه وبكل تفاصيله؟ التشكيلات القضائية ليست عمل الحكومة فهي تصدر عن مجلس القضاء الاعلى. الحكومة كمجلس للوزراء ليست مسؤولة عن التشكيلات وأنتم تعرفون أين هو الان ملف التشكيلات بعد تنظيمي للمرسوم وتوقيعه فهو الآن عند فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. طبعاً ليس هناك حائط مسدود بوجه هذا الملف وكل حسب دوره ومسؤولياته سيعمل بحسب صلاحياته. طبعاً ستكون هناك تشكيلات وسنعود اليها لمعالجة اسباب تأخير صدورها. انا مارست صلاحياتي من خلال ملاحظاتي على المشروع وهي ملاحظات مبدئية لا علاقة لها بالأشخاص. من حسنات وزير العدل ان يكون حقوقياً فيعرف بالعمق ما يعاني منه القضاء. القضية ليست قضية قاضٍ هنا او قاضٍ هناك. الموضوع هو بالاسس والمعاييرالتي  على اساسها تقر التشكيلات. انا ركزت على عدم تخصيص المراكز طائفياً الذي هو ممارسة خاطئة ومخالفة للدستور. طبعاً في مشروع التشكيلات كان هناك الكثير من الإيجابيات ولكني متمسكة بملاحظاتي التي وضعتها. وحولت المشروع ولم اضعه في الأدراج أنا مع تطبيق المعايير بصورة شاملة .
سئلت: وزير خارجية فرنسا يزور لبنان بدءاً من اليوم هل مسموح له أن يتحدث معكم عن الإصلاحات والتشكيلات القضائية؟
أجابت: طبعاً ، ليس كذلك. نحن نستقبل كثيراً من السفراء وهم يسألون عن مصير الكثير من المواضيع بما فيها التشكيلات القضائية . ابدأ واقول لهم ان ذلك شأناً داخلياً وعندما اتحدث معهم عن التشكيلات القضائية أتحدث معهم كتشكيلات قضائية وليس كمضمون تشكيلات، طبعاً ولكن كإشارة عن اتجاه الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وقطاعاتها حول الإصلاحات من دون الدخول في التفاصيل الذي نعتبره شأنا داخلياً. وأنا كوزيرة عدل أحترم صلاحياتي في موضوع التشكيلات ولا أسمح لنفسي أن أطلب بوضع اسم قاض وشطب آخر في التشكيلات.
ورئيس الجمهورية لم يطلب يومًا، منّي  أي شيء في موضوع التشكيلات القضائيّة وأقول ذلك بكل صراحة.
سئلت: الحكومة وعدت بالكثير وهناك من يقول أنها لم تحقق شيئا من وعودها بل قمعت التظاهرات وماذا عن إستقلاليّة القضاء؟
أجابت: دوري تفعيل دور التفتيش القضائي والناس لا يلمسون ما أقوم به من أجل القضاء واستقلاليته سريعاً. صدور التشكيلات القضائية لا يعني إستقلاليّة القضاء. هذا شيء مجتزأ. شخصنة موضوع التشكيلات القضائية خطأ وعلينا ألا نفقد جوهر الموضوع. أنصاف الحلول لا تنجح في بناء القضاء المستقل. حصانة القاضي تبدأ معه. القانون الموجود ليمارس القاضي استقلاليته من دون أن يُعاقب. الإستقلاليّة ليست إستقلاليّة تجاه السلطة السياسيّة فقط، بل تجاه القضاة الآخرين، لأن التدخلات في القضاء وفي الكثير من الأوقات تكون من كبار القضاة من الذين لديهم مراكز عالية ومن أصحاب النفوذ المالي.
علينا ألا ننسى أن القضاء مهمل لسوء الحظ. الدولة تنهار إقتصاديًا وماليًا. أنا لست بحاجة لزيارة كل قصور العدل. ولكن تصلني صور عن هذه القصور في بعبدا وبعلبك ومناطق أخرى بشعة جدًا وأنظر اليها بكل أسف وحرقة قلب.
الأموال من الخارج لا تأتي لإعمار قصور عدل، بل من أجل مشاريع معينة. ولكن عندما أفكر أن الدولة اللبنانيّة صرفت منذ التسعينات مبالغ كبيرة، لم تصرف كفاية على قصور العدل. علينا أن نضع أنفسنا مكان القاضي لنعرف جيداً معاناته من الأوضاع المزريّة في بعض قصور العدل.
إستجواب الموقوفين عن بعد في ظل أزمة كورونا أظهر الكثير من المعاناة. خرج من السجن 1600شخص من بينهم 1300 إخلاء سبيل بسبب الإجراءات المبسطة التاي تعاونا بها مع مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس. هناك قضاة دفعوا من مالهم لإنجاز الإستجواب عن بعد، لأننا كنا لا نريد انتظار الإجراءات والروتين الإداري للسير في الإستجوابات عن بعد. كل ما أقوم به في الوزارة لا أفكر إلا بهموم الناس وحقوقهم والعبرة بالتنفيذ والإختبار الأساسي بالقانون الذي ندرسه لحصانة القضاء.
تابعت قضية المحامي واصف الحركه شخصياً وغردت على صفحتي واتصلت به ووعدته بمتابعتي للموضوع حتى توقيف المعتدين.نعم الدولة تعمل من أجل المحافظة على الحريات.

المصدر : وطنية

لمشاركة الرابط: