فجّر رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجيّة القنبلة المدويّة التي لم يجرؤ سواه على تفجيرها في وجه عهد الرئيس ميشال عون وفريقه السياسيّ. حتّى أنّ أشدّ الخصوم لـ”التيار الوطني الحر” لم يُواجهوه، منذ العام 2005 حتّى اليوم 11 أيار 2020، بالوقائع والأسرار التي أفصح عنها فرنجية.
لدى الرجل رصيد طويل وعميق في العلاقة مع عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، أيّ أنّه يُدرك “البير وغطاه” من مقرّ الرابية وصولاً إلى قصر بعبدا اليوم. هو القيادة المسيحيّة الأكثر امتلاكاً للأسرار والخبايا المرتبطة بخصمه، بعدما منح فرصةً لعون مع عودته إلى لبنان في الـ2005 وفتح المجال لامتداده شعبياً وسياسياً ونيابياً ووزارياً، في الوقت الذي كان “المردة” في موقع السلطة التي كانت تسمح له آنذاك بتوسيع رقعة زعامته المسيحيّة في مختلف المناطق.
حالفَ فرنجيّة “التيار” وجلس على طاولته، وارتضى أن يكون، نتيجة الإنتخابات النيابيّة في الـ2009، الحزب المسيحيّ الرابع، بينما كان عدد نواب “التغيير والإصلاح” وصل إلى 25 نائباً، وأصبحت “العونيّة” تشكّل حينها 70% من الساحة المسيحيّة، إلى أن أتت إنتخابات 2018 وبدّلت المعادلة.
المسألة اليوم أكبر من سركيس حليس، ومدى براءته أو إدانته في ملف النفط، وأكبر من قضيّة علاقة فرنجيّة بالأخوين رحمة. والمسألة أنّ في جعبة رئيس “المردة” وقائع وكواليس غير مكشوفة إلى العلَن تعود إلى المرحلة الأكثر سخونة التي جمعته مع “الوطني الحر” وقوى سياسيّة أخرى في 8 آذار، سيّما بعد توقيعه “تفاهم مار مخايل” مع “حزب الله”، كما معطيات ووقائع تاريخيّة لم يُفصح في مؤتمره الصحفي الأخير إلاّ عن 1% منها، وهي ترتبط بأكثر من ملف. هذه المعطيات المخفيّة، التي إن حُكيَت وأُفصِح عنها أمام الجميع، لانتقلنا إلى محكمة رأي عام لا رحمة فيها ولا هوادة!
والأهم في مؤتمر فرنجيّة تطرّقه إلى علاقة حليفه السابق بالنظام السوري خلال “حرب التحرير”، وقد يكون ذلك الرسالة المبطّنة الوحيدة التي أوصلها فرنجيّة من بنشعي إلى بعبدا، وهو ما تؤكّده أوساط المعارضين العونيين الذين أشار إليهم على اعتبار أنّ “الرجل قال ما قلناه طيلة السنوات الماضية منذ خروجنا من الصفوف الحزبيّة”.
اعتبر كثيرون أنّ كلام اليوم في 11 أيار 2020 هو “القنبلة الأقوى” التي فجّرها في وجه العهد، لكنّها ليست سوى “الرصاصة الأولى” التي انتقل معها سليمان فرنجيّة من موقع المعارض الصابر إلى المقاتل “عليّ وعلى أعدائيّ يا ربّ”. وللأيّام المقبلة حديثٌ أقوى.
ام تي في