الرئيس السنيورة : الحكومة الحالية صارت أداة لتصفية الحسابات والإنتقام والمطلوب خطة واضحة لإنقاذ البلاد واحترام القضاء

رفع الرئيس السنيورة من لهجة المعارضة للسياسة التي تنتهجها حكومة الرئيس حسان دياب واتهمها بأنها تشكل متراساً تختبئ خلفه كيديات شخصية وأجندات طموحات رئاسية، ولا تأبه بإتفاق الطائف ولا بالدستور ولا بتنفيذ القوانين ولا بمصلحة الدولة اللبنانية. ودعا الى التوقف عن محاولات تحويل النظام اللبناني من نظام ديموقراطي برلماني الى نظام رئاسي، وضرب صلاحيات رئاسة الحكومة ، والالتزام بمبدأ فصل السلطات واحترام إستقلالية القضاء ، وإصدار التشكيلات القضائية كما وضعها مجلس القضاء الأعلى ، ورفض الرئيس السنيورة تدمير وتخريب المؤسسات المصرفية والمحلات التجارية والأملاك الخاصة والعامة ، والتعرض للجيش والقوى الأمنية ، وطالب بأن تكون هناك تحقيقات لجلاء الحقيقة في أحداث العنف، وفي سقوط القتلى والجرحى. ورفض إستخدام للجيش والقوى الأمنية للتضييق على المواطنين وتقييد حريتهم . وطالب في بيان صدر بعد لقاء رؤساء الحكومة السابقين في بيت الوسط ، رئيس الجمهورية بإنتهاج خطة إصلاح واضحة لإنقاذ البلاد .
كلام الرئيس السنيورة جاء بعد إجتماع رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام في بيت الوسط وصدر عنه البيان الآتي :
يمر لبنان اليوم في أزمة سياسية واقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية ومعيشية عميقة ، تهاوت معها الأوضاع العامة مؤخرا، الأمر الذي ينذر ببلوغ أزمة وطنية خطيرة بلا قعر، ما لم يبادر العهد وحكومته إلى تغيير سياساتهما فورا ومن دون إبطاء، والعودة إلى احترام الدستور والقوانين وما تقتضيه مصلحة الدولة اللبنانية، والانكباب على اعتماد المعالجات الفعلية الكفيلة بتخفيف معاناة الوطن والمواطنين على حد سواء.
فالحكومة الحالية، التي اختارها العهد وحلفاؤه السياسيون، ومع الأسف، تحولت إلى أداة لتصفية الحسابات السياسية والممارسات الإنتقامية، وجعلت من نفسها منصة لرمي الإتهامات وإطلاق الصراعات في كل الاتجاهات، ومتراساً تختبئ خلفه كيديات شخصية وأجندات طموحات رئاسية، وهي غير آبهة لا باتفاق الطائف ولا بالدستور ولا بتنفيذ القوانين ولا بمصلحة الدولة اللبنانية.
إن المعاناة اليومية التي يتعرض لها اللبنانيون تزداد حدة كل يوم، وذلك ما لم يستعد العهد والحكومة اللبنانية الثقة المفقودة بهما وطنياً وعربياً ودولياً، أكان ذلك مالياً أم إقتصادياً وسياسياً.
ولذلك، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية، وحرصاً على المصلحة العليا للبلاد التي تتطلب التعالي على الخلافات ونبذ الصغائر لإنقاذ وطننا مما هو فيه، فإننا ندعو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة الى القيام بالخطوات الآتية:
-إعتماد توجه وإرادة جدية لوقف التدهور الإقتصادي والمالي والنقدي بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي، بصفته المؤسسة الدولية الوحيدة التي بات يعتمدها ويركن إليها المجتمع الدولي بالكثرة الكاثرة من دوله، وذلك لإضفاء الصدقية اللازمة على اي خطة اقتصادية تلتزم بها الدولة اللبنانية.
-إقرار الإصلاحات الواجب اعتمادها من دون أي تأخير، بدلا من التلهي بحرف الإنتباه عن جذور المشكلات وأسبابها الحقيقية. وبالتالي، إفتعال معارك سياسية لن تؤدي الا الى مزيد من الإحتقان والتوتر في البلاد، وإلى تبديد الموارد وفرص الخروج من المآزق المنهالة على لبنان.
-التوقف عن محاولات تحويل النظام اللبناني من نظام ديموقراطي برلماني الى نظام رئاسي، كما التوقف عن ضرب صلاحيات رئاسة الحكومة وجعلها مطية طائعة صاغرة لأحقاد أو أطماع صغيرة لهذا أو ذاك، والعودة الى الالتزام بمبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها، واحترام استقلالية القضاء.
-طمأنة الإجماع اللبناني إلى التزام العهد والحكومة بمبادئ اتفاق الطائف القائم على العيش المشترك واحترام الدستور والحفاظ على الحريات العامة والخاصة، وتمكين الدولة من بسط سلطتها الكاملة على كل أراضيها ومرافقها وضبط وارداتها، وإعادة الإعتبار لمعايير الكفاءة والجدارة والإستحقاق في شغل المناصب في إدارات الدولة ومؤسساتها، واعتماد قواعد المساءلة والمحاسبة المؤسساتية على أساس الأداء.
-التوقف عن تزوير عنوان مكافحة الفساد وتحويله إلى حملة انتقام وتصفية حسابات سياسية والعمل على استعادة ثقة اللبنانيين والعالم بالإدارة اللبنانية عبر مكافحة حقيقية نزيهة ومنزهة ومتجردة للفساد، وعبر إرساء دولة القانون الذي يطبق على الجميع من دون استثناء.
-الخروج من حالة التأخير والمماطلة في إصدار التشكيلات القضائية بذرائع غير مقنعة، والإفراج فوراً عن هذه التشكيلات كما وضعها مجلس القضاء الأعلى، بما يزيل الشبهات حول النية في التحكم بمفاصل السلطة القضائية لغايات سياسية، ويثبت جدية وصدقا في التوجه لمحاربة الفساد.
-إدراك مخاطر العزلة التي أصبح عليها لبنان في علاقاته العربية والدولية والمسارعة الى ترميم علاقاته العربية والدولية عبر تأكيد النأي بالدولة اللبنانية والحكومة بكل مكوناتها عن أي صراعات أو محاور إقليمية ودولية، تجنبا للمزيد من التداعيات السلبية على الصعد السياسية والاقتصادية والمالية والنقدية، واستعادة ثقة المواطنين والمجتمعين العربي والدولي”.
وحذر بيان رؤساء الحكومات السابقين “من مغبة مواصلة العهد وحكومته السياسات والممارسات التي تقود بلدنا إلى أزمة وطنية خطيرة تحول المصاعب إلى انهيار، والمعاناة إلى انفجار، وندعوهما إلى العودة فوراً إلى اعتماد المعالجات الحقيقية الموعودة التي تجمع اللبنانيين ولا تفرقهم، في إطار احترام ميثاق الطائف والدستور والقوانين، واستعادة ثقة المواطنين بدولتهم، واستعادة الثقة العربية والدولية بلبنان، حفاظا على مصلحته ومصلحة جميع اللبنانيين”.
وتابع : “لقد عادت التحركات إلى الشارع في المدن والبلدات اللبنانية، رغم الإجراءات المانعة من وزارة الصحة بسبب أخطار جائحة الكورونا، وهذا يعني أنه بعد صبر استطال لأكثر من ثلاثة أشهر والمزيد من تفاقم الأزمات وانتشار الحاجة والفاقة، خرج المواطنون ليعلنوا عن الغضب والخيبة والمطالبة بالإصلاح ووقف الإنهيار والإلتفات إلى الحاجات الأساسية للبنانيين”.
وأردف: “إننا بالطبع لا نقبل التعرض بالتدمير والتخريب للمؤسسات المصرفية والمحلات التجارية والأملاك الخاصة والعامة. كما لا نقبل التعرض للجيش والقوى الأمنية التي نوجه إليهما التحية على صمود قياداتهما وعناصرهما وتعاطفهما مع المطالب المحقة للشعب اللبناني . لكننا ومن جانب آخر، نطالب بأن تكون هناك تحقيقات لجلاء الحقيقة في أحداث العنف، وفي سقوط القتلى والجرحى. كما أننا، ومن جانب ثالث، لا نقبل هذا الإستخدام للجيش والقوى الأمنية كأنما هذه الأجهزة هي التي تضيق على المواطنين عيشهم وحرياتهم”.
وختم: “إننا نعاهد جميع اللبنانيين، ومنهم أهلنا في طرابلس والشمال وبيروت وصيدا والجنوب والبقاع والجبل، أن نبقى أمناء لقضاياهم ومشكلاتهم التي هي مشكلات وطنية لا يمكن تجاهلها ولا غض النظر عن الإساءات التي تسبب بها هذا العهد وحكومته لجمهور المواطنين ولنظام لبنان ودستوره”.
حوار
سئل الرئيس السنيورة: “الحكومة والعهد يتهمان، ولو بطريقة غير مباشرة، تيار المستقبل بالوقوف وراء التحركات الحاصلة في طرابلس وغيرها لإسقاط هذه الحكومة”؟
أجاب: “هذا ليس صحيحا”.
وكان الرئيس سعد الحريري، قد استقبل عصر اليوم، في “بيت الوسط”، رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. وخلال اللقاء، تم البحث في التطورات السياسية الراهنة.

المصدر: وطنية

لمشاركة الرابط: