أصدر الملتقى الثقافي المصري اللبناني الثاني الذي انعقد في جامعة بيروت العربية تحت عنوان “الثقافة في العالم العربي من التفكك الى إعادة البناء” بالتعاون مع مؤسسة الأهرام والجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال توصياته وذلك بناء على جلسات الحوار الثلاث التي تخللته ومداخلات المتحدثين المتخصصين من وزراء وكتاب وباحثين وأساتذة جامعيين من لبنان وجمهورية مصر العربية على مدى يوم كامل.
فقد أوصت الجلسة الأولى التي حملت عنوان “دور الثقافة في إعادة بناء الدولية الوطنية” والتي أدارها النائب السابق الدكتور عمار حوري وشارك فيها كل من الوزير السابق الدكتور خالد قباني والكاتب والباحث المصري الاستاذ وحيد عبد المجيد والوزير المصري السابق الدكتور علي الدين هلال والمؤرخ وأستاذ التاريخ في جامعة بيروت العربية البروفيسور حسان حلاق بحماية وتعزيز الديمقراطية مع دعم وتفعيل دور المجتمع المدني إضافة الى نشر ثقافة الدولة الوطنية والمواطنة وصون العدالة مع التشديد على ضرورة معالجة التباينات الثقافية بأنواعها وصولا الى ثقافة وطنية تتضمن القضاء على ثقافة الفساد.
أما الجلسة الثانية التي جاءت تحت عنوان “الثقافة في مواجهة الارهاب والتطرف” وأدارها عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة البروفيسور محمد قاسم بمشاركة الوزيرين السابقين د. جورج قرم والاستاذ رشيد درباس والكاتب والصحافي في جريدة الاهرام صلاح محمود محمد سالم فأوصت بدورها بتحقيق مشروع ثقافي تنويري جديد يقوم على دولة وطنية قوامها الاعلام الحر ووطن يسوده العدل والتعليم الحر كما بتفعيل دور الجامعات في معركة الثقافة ضد الارهاب مع التوعية بروحية الأديان.
وفي الجلسة الثالثة والأخيرة بعنوان “مستقبل الصحافة ودور وسائل الإعلام في بناء الثقافة” والتي أدارها خبير الاستطلاعات والدراسات بمركز الأهرام الدكتور صبحي عسيلة وتحدث خلالها الصحافي في جريدة النهار الأستاذ سركيس نعوم والكاتبة والباحثة الدكتورة منى فياض والمفكر المصري ومساعد رئيس الجمهورية السابق الدكتور سمير مرقص والباحث في شؤون الجماعات الاسلامية بمركز الأهرام الأستاذ نبيل عبد الفتاح شددت التوصيات على ضرورة اخراج الاعلام اللبناني والعربي من عناوين الحزبية الضيقة مع مراعاة القواعد والاسس العلمية في العملية الإعلامية والاخبارية الى جانب دعم الصحافة الورقية لتعلّق جيل كبير بها.
ودعت التوصيات الى تحقيق انتقال سلس الى الاعلام الالكتروني مشددة على ضرورة منع وصول المهيمنين على الاعلام التقليدي الى الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
الافتتاح
وكانت جامعة بيروت العربية قد افتتحت الملتقى الثقافي المصري اللبناني الثاني بعنوان ” الثقافة في العالم العربي من التفكيك الى إعادة البناء ” وذلك بالتعاون مع مؤسسة الاهرام والجمعية المصرية اللبنانية لرجال الاعمال ، بحضور دولة الرئيس سعد الحريري ممثلا بالدكتور عمار حوري ، النائب محمد قاسم القرعاوي رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للخدمات الطبية – مستشفى البقاع ممثلا بالاستاذ قاسم يوسف ،سعادة سفير جمهورية مصر العربية نزيه النجاري ، سفير دولة فلسطين اشرف دبور ممثلا بالاستاذ ماهر مشيعل ، سفير المملكة المغربية في لبنان محمد كرين سفير جمهورية اندونيسيا احمد خازن خميدي ، إضافة الى النقباء ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات واداريي الجامعة ومهتمين .
بعد النشيد الوطني اللبناني ونشيد جمهورية مصر العربية، تم عرض فيلم الجامعة الوثائقي ثم تحدثت عريفة الملتقى الزميلة ريما شهاب ” فلفتت الى ان الوطن العربي يعاني مشكلة مزمنة تتماثل في تهميش الثقافة نتيجة لنظرة الحكومات إليها على أنها ليست ذات مردود اقتصادي ونظرة المجتمعات على أنها من الكماليات وأنه يمكن الاستغناء عنها أو تقديم الشأن السياسي والشأن الاقتصادي عليها عند ترتيب الأولويات”.
وأضافت شهاب “ان هذا وهم بالغ الخطورة يقف وراء ما تعاني منه الأمة العربية من أزمات متصلة ومتفاقمة. كما أن غياب هذا الوهم عن بلدان أخرى هو السبب وراء تقدّمها ونهضتها وذلك لأن المجتمعات في تلك البلدان تدرك أهمية الثقافة في حياتها”.
ثم تحدث مدير مؤسسة الاهرام عمر احمد سامي فذكر ” أن الاهرام اطلقت ورعت فكرة إنعقاد الملتقى الثقافي المصري اللبناني ويحدوها الامل في أن يصبح ملتقى سنوياً ليس فقط بين مصر ولبنان بل بين الدول العربية كافة، إيماناً منها بأن الثقافة والمثقفين العرب يمثلون أحد أهم دعائم اللحمة العربية إن لم تكن أهمها على الاطلاق “.
أما رئيس الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الاعمال الأستاذ فتح الله فوزي فأشار في كلمته الى ” أن هذا الملتقى ينعقد في ظل ظروف تستدعي مواجهة التحديات الداخلية والاقليمية الكبرى وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب التي زُرعت في منطقتنا بهدف إضعافها وتفكيكها، الأمر الذي يتطلب منا التحرك الفعال على كافة الأصعدة، الأمنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، للقضاء على هذه الظاهرة، وسبيلنا في هذا هو ما نشهده اليوم في هذا الملتقي المتميز الذي يجمع قادة الفكر والرأي في البلدين الشقيقين.
وقال: إن ما يجمع البلدين أكبر بكثير من أي كلمات وأوضح من أية عبارات فهي تترجمها المواقف الثابتة على مدي قرون من الزمن.”
وفي كلمته أشار رئيس جامعة بيروت العربية البروفسور عمرو جلال العدوي ” الى ان الجامعة كانت دائماً جسراً للتواصل الثقافي بين مصر ولبنان منذ نشوئها في الستينات، وهي تحرص دائماً على حيوية التبادل الثقافي العربي واحتضان الطاقات والمشاريع التنموية التي من شأنها رفع المستوى العلمي والفكري، وخلق مناخات للحوار الإبداعي سواء في العلوم التطبيقية أو الإنسانية”.
وتابع العدوي” ما حققته جامعة بيروت العربية من تطور في بنيتها الأكاديمية والإدارية يجعلها في سعي متجدد ومبادر في شتى حقول المعرفة، وهي تحتضن في رحابها الأنشطة والمعارض لفنانين مصريين كما للبنانيين، وتلتزم خطة تشجيع حركة التأليف والنشر العلمي تأكيداً منها على دورها الريادي العلمي والثقافي العربي.”
وأعتبر سفير جمهورية مصر العربية في لبنان الأستاذ نزيه النجاري بكلمته ” أن اللقاء حول دور الثقافة في العالم العربي يكتسب أهمية بالغة في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها بلداننا العربية ، وما تشهده من تهديد مباشر لفكرة الدولة الوطنية وما يرتبط بها من قيم التعددية والسلم الأهلي والعيش المشترك في مقابل تفشي الانقسامات وتعرض بعض المجتمعات للتفتت سواء كان ذلك في سوريا أو اليمن او ليبيا او العراق والارتداد الى هويات دينية ومذهبية ضيقة نتيجة ضغوط داخلية وخارجية أفرزتها إرهاباً وجماعات تتخذ من العنف والكراهية وإلغاء الآخر أسساً تبني عليها توجهاتها وتحاول ترسيخها في مجتمعات لطالما عرفت معنى وقيمة التعايش السلمي بين مختلف الأديان والمذاهب التي كونت مجتمعة هويات واحدة لشعوبنا “.