ينجذب اليافعون والشباب عادةً إلى الأفلام السينمائيّة المرتكزة إلى المغامرات والخيال والخيال العلمي، وقد حقّقت هذه الأنواع من الأفلام عالميًّا، نسب عالية من النجاح وإيرادات ماليّة كبيرة، ما دفع صنّاع السينما، لاسيّما “مملكة” الصناعة السينمائيّة هوليوود، إلى إنتاج المزيد منها، والإبداع في التشويق والإثارة في إخراجها، ويكفي أن نذكر في هذا المجال أسماء بعضها كسلسلة أفلام “Harry potter”، أو فيلم “Lord of rings”، أو “سندريلاّ” أو “حرب النّجوم” وغيرها من الأفلام التي نالت شهرة عالميّة ورواجًا بين اليافعين والشباب، لتأكيد هذا الكلام.
هنا يستحضرنا سؤال: ما الذي يدفع شركات الإنتاج العالميّة إلى الاهتمام مثلاً في تحويل رواية “هاري بوتر” الأولى إلى فيلم سينمائي، ثمّ تعمل على تحويل باقي الروايات التي صدرت كسلسلة، إلى أفلام أيضًا؟
لم يكن هذا الاهتمام موجودًا في الأساس لو لم تحقّق هذه الروايات أصلاً، نجاحًا وانتشارًا كبيرًا بين القرّاء في الغرب، خاصّةً في الولايات المتّحدة الأميركيّة. وهنا يستحضرنا سؤال آخر: إذا كان اليافعون والشباب في الغرب منجذبين إلى قراءة الروايات ذات طابع المغامرات والخيال والخيال العلمي، فأين مثلاؤهم العرب من قراءة هذا النوع من الروايات؟
لو بقينا في عرض سلسلة روايات “هاري بوتر” كمثل، لوجدنا أنّ اليافعين والشباب العرب قد أبدوا اهتمامًا في قراءتها، وحقّقت هذه السلسلة رواجًا بينهم بلغتها الأصليّة الإنكليزيّة، وباللّغة العربيّة بعد أن تُرجمت ووُزّعت من خلال إحدى دور النشر المصريّة.
هنا يستحضرنا أيضًا سؤال: طالما يهتم اليافعون والشباب في بلادنا العربيّة في قراءة هذا النوع من الأدب الروائي، وطالما نحن بأمسّ الحاجة إلى التفتيش الدّائم عن الوسائل التي تُحفّز يافعينا وشبابنا على القراءة، فلماذا لا نهتمّ ككتّاب ومؤلّفين في تلبية رغباتهم، وفي إغناء هذا النوع من الأدب ونشر قصص وروايات بلغتهم الأم، فنكون بذلك قد حجزنا لفئة واسعة من أجيال الغد مكانًا لـ “إدمان” القراءة، والتي تبدأ بأنواع الخيال، لتمتدّ لاحقًا إلى أنواعٍ أدبيّة أُخرى، ونكون قد حقّقنا هدفًا مُلحًّا للارتقاء بمجتمعاتنا؟
لا شكّ بأنّ العوائق كثيرة في بلادنا العربيّة لتحقيق هذا الهدف، ولكن لا استحالة في تحقيقه، والصّعوبات في ذلك ليست مستعصية، ولا يلزم سوى جرأة لاقتحام هذا العالَم.
العوائق تبدأ أوّلاً بمؤلّفي هذا النوع من الأدب، حيث يندر المؤلّفون العرب الذين كتبوا ويكتبون قصص وروايات المغامرات والخيال والخيال العلمي، بينما في الغرب، يُعتبر هذا النوع من الأدب رائجًا وعريقًا؛ فأُولى روايات الخيال العلمي واسمها “صومنيوم” (Somnium)، لمؤلّفها “يوهانس كيبلر”، تمّ نشرها باللّغة اللاّتينيّة في العام 1634، ودارت أحداثها حول طالبٍ يُنقل إلى القمر بطريقةٍ غامضة.
ممّا لا شكّ فيه أنّ طبيعة مجتمعاتنا وعاداتها ومعتقداتها وتأثير الدّين عليها، يحدّ من تشجيع بعض الكتّاب العرب لتأليف هذا النوع من القصص والروايات، بحيث يعتبر معظمهم أنّ ما سيكتبونه مناقض لطبيعة مجتمعاتنا (كأن يروا أنّه سرد لِما في الغيب، وهذا بحدّ ذاته نوع من الكفر). وكذلك، فإنّ بعضهم الآخر لا يُحبّذ الدّخول في هذا النوع من الأدب لأسباب تتعلّق به وبشخصيّته، أو لأسباب تعود إلى عدم مقدرته على النجاح هنا بينما ينجح في مكانٍ آخر من التأليف.
وبالطبع، ثمّة دور أساسي لدُور النشر العربيّة في احتضان هذا النوع من الأدب الجديد نوعًا ما على حياتنا الأدبيّة، خوفًا من عدم انتشاره، دون أن ننسى الدور الأهم الذي يتعلّق بحكوماتنا وقدرتها على التخطيط والتحفيز لتشجيع القراءة بين صفوف اليافعين والشباب.
ثمّة أسباب متعدّدة تمنع الخوض بجديّة في عالم القصص والروايات ذات طابع المغامرات والخيال والخيال العلمي، ولكنّني أعتقد، ومن موقعي كمؤلّف للروايات (للكبار) ولقصص الأطفال، أنّه آن الأوان كي نتحمّل مسؤوليّتنا أمام أبنائنا، ونتشجّع لخوض غمار هذه التجربة.
أقول ذلك، ليس من باب التنظير؛ بل لأنّني بالفعل خضت غمار هذا النوع من الأدب، وأنا سعيد لأنّني ألّفت حتى الآن روايتين من نوع الخيال العلمي، وهما تحقّقان رواجًا بين اليافعين والشباب (من سن 12 عامًا وما فوق) على صعيد الوطن العربي، وتُعرض في المعارض على مساحة هذا الوطن. إحدى هذه الروايات واسمها “كاي”، نشرتها دار مكتبة المعارف ناشرون / لبنان في العام 2014، وتدور أحداثها على سطح المرّيخ في العام 2100. والثانية واسمها “فرعون 9.0″، هي الأولى ضمن سلسلة، نشرتها دار “روايات” من مجموعة “كلمات” للنشر في الإمارات العربية المتّحدة في العام 2015، وتدور أحداثها في الفضاء في العام 2034، مع ربط لأحداث تقع قبل نحو قرنين قبل الميلاد في مصر. ألّفت هاتين الروايتين دون أن أمسّ معتقدًا أو عادات لا سمح الله؛ بل حاكيت من خلالهما خيال وعقل القارىء، بالاستناد إلى حقائق علميّة في الأساس. وطالما وُفّقت، والتوفيق من الله تعالى، في تأليفهما، فإنّ زميلاتي وزملائي المؤلّفين سينجحون حتمًا، وإن شاء الله بدرجةٍ أكبر، في تأليف هذا النوع من القصص والروايات، فالأمانة التي نحملها تفرض علينا شرف المحاولة
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More