نجاح مجلس الوزراء بتعيين رئيس للأركان، بعد فترة طويلة من الجدال المفتعل الذي أثاره وزير الدفاع العميد سليم بإمتناعه عن تسهيل ملء الشواغر الرئيسية في المؤسسة العسكرية، هو إنتصار جديد لدولة المؤسسات بشكل عام، وللمؤسسة العسكرية وقائدها العماد جوزيف عون، الذي يحرص على إبعاد الجيش عن الخلافات والتدخلات السياسية.
لقد أخذت مسألة تعيين رئيس الأركان أبعاداً سياسية وحزبية متعددة الأطوار والمراحل، وكادت تؤثر على قاعدة الإنتظام العام في المؤسسة العسكرية، لو لم يتم التمديد لقائد الجيش لسنة جديدة، تجنبًا للوقوع في محاذير الشغور في القيادة، بسبب عدم وجود رئيس للأركان، عشية وصول العماد عون إلى سن التقاعد، وإصرار وزير الدفاع على تعطيل آلية التعيين.
المفارقة المحزنة فعلاً، أن التعطيل جاء من وزير الوصاية، الذي كان حتى الأمس إبن المؤسسة العسكرية، قبل أن يُحال للتقاعد برتبة عميد، مما يفترض أن يكون أكثر إدراكاً من غيره لأهمية عدم إبقاء مركز رئيس الأركان شاغراً، والبلد في حالة غليان داخلي، ومطوّق بتهديدات العدو الإسرائيلي، ويتحمل مسؤولية التعاون مع قوات اليونيفيل في الجنوب لتطبيق ما أمكن من القرار ١٧٠١، رغم الإنتهاكات المستمرة من الجانب الإسرائيلي.
ووزير الدفاع يعرف تماماً حجم الضغوط التي يتعرض لها الجيش، ضباطاً وجنوداً، في الحفاظ على ما تبقّى من أمن وإستقرار في البلد، والتصدي لمحاولات الإخلال بالأمن، ومكافحة عمليات التهريب والإتجار بالمخدرات، وإحباط الخلافات النارية المحلية، وحتى المساهمة في عمليات إطفاء الحرائق، والمساعدة في محاولات الإنقاذ البحرية والعواصف الثلجية، وكل ذلك رغم الظروف المعيشية القاسية التي يُعاني منها أفراد الجيش، بعد إنهيار قيمة رواتبهم، وتعثر التقديمات الطبية والتربوية.
ولكن يبقى العزاء الأول والأخير للمؤسسة العسكرية، قيادة وضباطاً وجنوداً، هذا الإلتفاف الوطني الشامل حول الجيش، إلى جانب الثقة الكبيرة التي يتمتع بها قائد الجيش، داخلياً وخارجياً، والتي تشهد عليها الوفود الدولية المتقاطرة إلى اليرزة، والبحث مع القيادة بالأمور العسكرية والإستراتيجية، التي تدعم مهمات وقدرات الجيش الوطني.
اللبنانيون يصرخون بصوت واحد بوجه ساسة الزمن الرديء: كفى تدخلاً في شؤون الجيش.
المصدر : اللواء