جرائدُ لبنان .. تأريخٌ و تاريخ و دور بين الحرية الصحفية و السرية المصرفية .. بقلم الدكتور جورج ميشال كلاس *

أيّامَ كانَ لبنانُ كبيراً ، كانتْ فيهِ جرائِدُ كبيرةٌ …!
كبيرة بحُرِّيتها وإستقلاليّتها وصراحتها ومواقفها الصوّْانيَّة التي عانَدَتِ الأقدارَ وواجهتِ المؤامراتِ ، وأكَّدَتْ أنَّ تاريخَ لبنانَ يصنَعُه حَصرَاً القادةُ – الرِجالُ ، وتكتِبُهُ وَحدَها الصحافةُ الحرّة القائدة و المُوَجِّهَة ، مواقِفَ وتحليلاتٍ و توقعاتٍ وإرتقاباتٍ ومشاركاتٍ في الخطط الإستراتيجيّة والرؤى الوطنية..!
مرَّةً وصفَ المؤرِخُ العلّامة جواد بولس ، الرئيسَ كميل شمعون بأنّه “ القائدُ-الزعيم الذي يعرفُ كيفَ يُديرُ المعارِكَ ، وكيفَ يديرُ الوقتَ ، وكيفَ يديرُ الأمل”..وتلكَ من علاماتِ القيادةِ الأنيقة التي مارسَها لِخدمةِ لبنانَ دبلوماسياً و دستوريّاً ونائباً و وزيراً ورئيسَ جمهورية وقائداً كاريزميَّاً أوسَعَ من الطوائف و أبعدَ من لبنان..!
كان ذلك في سياق مقابلةٍ أجريتُها معه في مَقرِّ إقامتهِ المُوَقَّت في دير يسوع الملك حول ” كتابة التاريخ : مَنْ يَكُتُبُ تاريخ لبنان ؟” في إطارِ مَلَفٍ صحافي أَعدَدناهُ في جريدة النهار عام 1984 وأنا، المُسْتَذْكِرُ المُسْتَعيدُ لأَيَّامٍ لمْ نَفْقِدْ فيها الأملَ أَنْ يكونَ للبنان غدٌ زاهر ، أُعانِدُ لأحيا و أُحْيي الأملَ ، رُغْمَ هَجْمةِ الغزواتِ وعَجقَةِ المؤامراتِ و زحمةِ الهجماتِ و تَعَدُّدِ الخياناتِ و هَمجيّةِ القَصْفِ وحِدَّةِ النَسْفِ و جُرمِيَّةِ الخَطْفِ!
كانتِ الأوطانُ برِجالاتِها..!
وكانت الجرائدُ بِكُتَّابها..!
كانت جرائد لبنان منابرَ للأقلام و ميادينَ للثورات و مقاصفَ للفكرِ و دوحاتٍ للأدب و دواوين للشعر و دوائرَ للمعارف و معاجم للغة و مراجع للثقافة ..!
كانتْ..كانَتْ..كانَتْ…!
لكنَّها لا بُدَّ أنها عائِدَة..و ستعود..!
جرائدُ لبنان كانت مَفْضَحَ أسرارِ وواحاتِ حريَّة، وما كانت مرة تعتمدُ “قانون السريَّة الصحفية..!”.
مَقتلَةُ لبنان هي “السريَّة المصرفيَّة “.
و نجاته لن تكونَ إلَّا بإنتصار “الحرية الصحفية ” على “السرية المصرفية “…إظهاراً للحقائق و تحميلاً للمسؤولية و إرْجاعاً للودائع..!

الدكتور جورج ميشال كلاس
وزير الشباب والرياضة – أكاديمي وأستاذ جامعي

لمشاركة الرابط: