فُنجانُ الصَّباح..! بقلم الدكتور جورج ميشال كلاس *

فُنْجَانُ صباحاتي
فيه أرى وجهَ أبي
و وَجناتِ أَحِبَّتي..
بهِ أُتَمِّمُ نُذوري
معه أختمُ صَلاتِي
وأُقَلِّبُ أوراقَ حياتي..!
فُنْجَانُ قهوتي
قصيدةٌ مجروحةٌ
قَصَبَةٌ مَبْحوحَة
أَوْدَعتُها صرخاتي
خبأتُ فيها صَيْحاتي
و أقفَلْتُ بها على سِرِّ سَكْتاتي…!
لولاهُ هذا الفنجان
لكانتِ الدنيا أَدْمَس
والحياةُ أَقْسى و أَرْجَس..
لَوْلاهُ لكانت الأَزمانُ أَتْعَس
والأيامُ أَنْحَس..!
فُنجاني ، حاضنُ ذكرياتي
معه غَنّْيْتُ حُبّي و وَجْدي
وكَتَبْتُ دستورُ أيّامي،
ودَوّنتُ كُلَّ خطايايَ
و أستعيدُ أَلَذَّ هَفَواتي
و خبأتُها في كُرْسيُّ إعترافاتي ..!
فُنْجَانُ قَهْوَتي وليمةٌ من نُور
كُل صُبْحٍ أرشُفُ منه دَمعة
أحِسُّ ان الشمسَ لَمْعَة
أرشُفُ ، أشربُ، أغُبُّ أَكْثَر
لأُلَوِّنَ بِتِفْلِهِ روحَ أويقاتي ..!
مَحافِلُ القهوة
أدبياتٌ عِباديّة
لها طقوسها
و مواثيق شرَفٍ
لها ناموسُها
و حِرفَةٌ لها أسرارُها
لا يَفُكُّها إلَّا العارفون بنكهة البُنِّ
و بطعم الخَمْرَةِ السوداء ،
و لا يُقَدِّرُ مقامها
غيرُ مُدمني لذّة
المجالسة الديوانية..!.
سِرُّهُ الفنجان المُقَشّى
أنّهُ لا يُشْرَبُ إِلَّا في صَفْنةٍ وَجدية
فيها حُبٌّ ،فيها حلمٌ و وَفاء
فيها راحَةٌ ، فيها ألمٌ و رجاء..!
أو ترشفُها شفَّةً برفقة أصَحاب
و شفَّةً مع خيالات أحبابٍ ،
تسافرُ في غمضاتِ عيونهم،
تُبحِرُ بلا مجاذيف بلا واحات
تُغامِرُ تُقامِرُ تسافرُ،
الى أن تشعر أن شفَتَيْك
ترتشفان طعم الخزف
فَتعُضُّ على الفنجان
تَعْصُرُهُ ، تبحثُ عن دمعة
تَطُبُّهُ ، تَرجوه بلعة …!
إذّاك تَيَقَّن أن الزَمَنَ مات
وأنَّ عصرَ القَهوَةِ فات..!

*وزير الشباب والرياضة الحالي

لمشاركة الرابط: