على درب جهنم مع سابق إصرار وتصميم …بقلم محمد فحيلي

كان التعثر غير المنظم في 9 آذار 2020 من الخطوات الأساسية على درب جهنم! … للمرة الأولى في تاريخ لبنان ، تخلّفت الدولة وبشكل غير منظم (أي بغياب تام لخطة لإعادة هيكلة وجدولة الدين)، عن سداد سندات اليورو بوند بقيمة 1،2مليار دولار أميركي ، وبعدها هدرت هذه السلطة الحاكمة، التي تنتحل صفة المسؤول ، ما يقارب 8 مليار دولار لدعم الإستيراد لمصلحة أصحاب الوكالات الحصرية، ولتسهيل الإحتكار لمصلحة من يتمتعون بالمناعة المطلقة في المُساءلة والمُحاسبة.
وأسست عقود من سوء الإدارة والفساد وهدر المال العام الممنهج لأسوأ أزمة إقتصادية عرفها لبنان في تاريخه ، وأتى تَمَنُع الطبقة الحاكمة المتحكمة بالبلاد عن إعتماد الإصلاحات الضرورية ليصبّ الزيت على نار الأزمة التي تستعرّ في القطاعات الإقتصادية كافة ، وعليه فقد إختنق القطاع المصرفي تماماً وأجبِرَ على فرض قيود صارمة على السحوبات بالعملات الأجنبية والتحويل إلى الخارج، وقيود إضافية على السحوبات بالنقد الوطني بسبب رفض السلطات التشريعية والتنفيذية تحمل الحد الأدنى من المسؤولية لجهة سن القوانين الضرورية، وتفعيل الرقابة لمنع الإحتكار والتهريب.
وما عاناه المواطن اللبناني المقيم إنعكس سلباً على أخيه المواطن غير المقيم. وعانت أسر الطلاب في الخارج الأمرين مع إنهيار الإقتصاد والقيود الصارمة على السحوبات والتحويلات بالدولار الأميركي ، إذ إضطرت إلى دفع الرسوم والتكاليف بالعملة الأجنبية ، وبعد العمل بالقيود على التحويلات بالعملة الأجنبية إلى الخارج، أصدر مصرف لبنان التعميم رقم153، في 19 آب أغسطس 2020، الذي يجيز للمودعين إجراء تحويل أقصاه 10000 دولار أميركي (أو ما يعادله في العملات الأخرى) إلى الطلاب في الخارج، شرط أن يكون هؤلاء مسجلين في مؤسسة تعليمية ويعيشون في الخارج منذ قبل نهاية عام2019. ولكن لاقى هذا القرار الكثير من الإنتقادات حول:
– إقصاء من تسجلوا بعد العام 2019
– تمنع المصرف من التحويل إلى الطالب مباشرة
– المزاجية التي تم الإمتثال لهذا التعميم فيها
– وضع سقف ال 10000 د.أ. للطالب للعام الدراسي الواحد.
وقد كرّس التقاعس الحكومي والتشريعي مصرف لبنان المركزي بشخص حاكمه آمراً ناهياً في السياسات المالية والنقدية التي عجز عن إنفاذها بصرامة. وعليه، وفي ظلّ غياب خطة إصلاحية شاملة، لا ترتقي هذه التدابير إلى المستوى المطلوب للإستجابة للوضع المالي والإقتصادي الملحّ والذي كان لها أثراً عكسياً أدّى إلى تآكل ما تبقّى من ثقة السوق في القطاع المصرفي اللبناني.

*باحث في الأقتصاد وخبير في المخاطر المصرفية

لمشاركة الرابط: