رسالةٌ الى ثالوثي الذي في السماوات… بقلم سيندي أبو طايع

كتبتُ هذه الرسالة الإستثنائيّة عشيّة عيد الميلاد ، فيما جدّتي وأبي وجدّي في السماوات يستعدّون لسهرتهم الأنيقة هناك ، قرب المِزود ، حاملين مع المجوس الذهب والمرّ والُلبان لطفل المغارة ، وقبل ساعات قليلة من ارتفاع الصلاة من تلقاء رجائها “لأربعين” جدّي.
كنتُ أسأل نفسي دائماً كيف يُمكنني أن أُخاطب الموت وأنا لا أملك ضحكةً واحدةً تُخطره بأنّ الحياة تَقف هُناك على ناصية الحلم وتُقاتل . وكيف يُمكنني أن أفعل شيئاً لذيذاً لليله الكئيب ولساعاته الثقيلة الفارغة، وأنا أُدرك أن نَدبة جرحه تَقتُلك على فراق الأحبّة دون أن تأخذك إليهم . لقد صَادقت الموت لمعرفتي أن غياب الجسد موت وغياب الروح موتان . لقد صادقت الموت والموت فعل حبّ.
يوم زارني العيد لم أره . وعندما نام ظننته مُتعباً بعض الشيء من فرط الفرح. ويوم شِئت أن أُجيئه، صار فرحاً جريحاً. أقول ، صار راحةً أبديّةً لأبي يوم تخرّجي، وسفراً أزليّاً لجدّتي يوم نجاحي .
الحقّ أقول لكم ، هو ضحكة جدّي التي تواطأت مع الإيمان على درب القيامة، والتي ستُكتمل صورتها بعد ساعات قليلة.
كثيرةٌ هي الأمنيات والعيدُ قليل…
أُكاتبكم بلغة القلب، وأنا أقف قرب طفل المغارة لعلمي أنّ الحبّ يختصر الطريق الى السماء. أكتب إليكم وعنكم ولكم لأنّي بحاجة الى وجودكم ليعود العيد الى روزنامة الحياة
أناديكم ، وأنا أقف قرب طفل المغارة لأجالسكم وأنا أعرف أنكم في “النور” تُحيطون بي من البعيد الذي ليس ببعيد . أنتظركم وأنا أعرف أنكم لن تأتوا، فأنتم لم تتركوا وراءكم عطراً يوحي بعودتكم ، لكنّي أنتظر منكم شيئاً ، ربما عناق، ربما ضحكة ، ربما قبلة، أو رائحة دعوة ، أو سببا آخر يمنحني العيد. أُكاتبكم وأنا أقف قرب طفل المغارة، لأشهد ضدّ الموت، وضدّ الفناء، وضدّ النسيان. أعلم أنه بعد قليل، بعد كثير سيكون لنا متّسع من الوقت ومتّسع من الكلام، وإذ أكتب هذه الكلمات فرجائي أن تكون قراءتكم المُثلى لها، هي هدية بابا يسوع.
سلامٌ من قلبي الى سكان السماء ، وقبلةٌ الى ثالوثي الأقدس الذي في السماوات.
سيندي أبو طايع*
إعلامية لبنانية

لمشاركة الرابط: