أما وقد مرت عملية الإنتخابات النيابية على خير ، فلا بد لنا أن نهنئ فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون والدولة اللبنانية على سير هذا الإستحقاق بسلام وأمان ، على الرغم من الثغرات العديدة التي واكبت القانون الإنتخابي الذي اعتمد ، وما خلفه هذا القانون الذي لم يكن أساسا على مستوى طموحات وتطلعات الشعب اللبناني ، والذي نأمل أن يعمل على تعديله في الإنتخابات النيابية المقبلة ، فيصار إلى اعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة على أساس النسبية وتتمثل فيه مختلف شرائح الشعب اللبناني لكي تكون العملية أكثر ديمقراطية ، وتعبيرا عن آمال وتطلعات الشعب اللبناني .
فبعد أن تمت هذه الإنتخابات ودخل الى الندوة البرلمانية مجموعة مهمة من النواب الجدد ، نتمنى بأن يتم التغيير المنشود لما فيه مصلحة البلد وشعبه ، وهذا يتطلب العديد من الإجراءات والتدابير التي من شأنها أن تحفظ البلد ، وأبرزها رفع الغطاء عن كل فاسد أو متسبب بهدر أموال الدولة ، ولا بد وفي خضم هذا الواقع المرير ، من الإسراع بتأليف الحكومة التي استغرق تشكيلها وقتا طويلا كان بالإمكان ألا يطول ، لولا عوائق تطرحها عملية المحاصصة ، حيث يتسلم كل وزير زمام أموره ويباشر بالعمل لما فيه مصلحة المواطن ، وهذه المحاصصة تطرح من زعماء الكتل الذين لا تهمهم إلا مصالحهم الخاصة . ولكي نتجاوز هذه العوائق ، علينا أن نلغي آفة المحسوبيات والشخصنة ونعمل سويا على بناء لبنان الجديد .
ولعل ما نراه من مؤشرات اليوم لا يطمئن ببناء دولة فاعلة وحكومة منتجة على المستوى العام وإزاء التأخير في تشكيل الحكومة ، تتراكم المشاكل الإقتصادية والمعيشية ، وتتفاقم مشكلة النفايات والتلوث البيئي، والهدر والفساد المستشري في الدوائر الرسمية ، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة ، ومن الضروري الإسراع في تخطي العقبات وبدء العمل خصوصا أن الكثير من المشكلات العالقة تحتاج الى حلول سريعة ، وفي طليعتها محاسبة الفاسدين في الإدارات الرسمية .
وفي ظل هذه الظروف يجب على كل وزير أن يعي ماهية المهام الملقاة على عاتقه وأن يكون وزيرا لكل الوطن لا وزيرا لفئة أو لحزب أو طائفة بعينها .
أما على الصعيد الإقتصادي فهناك خوف على الإقتصاد اللبناني ، ومن هنا علينا كلبنانيين الإنتباه لما يحاك في الخارج لضرب المصارف اللبنانية ، فعلى سبيل المثال وبالأرقام لدينا حوالي 172 مليار دولار أميركي حاليا في كافة المصارف ، ومثل هذا المبلغ من الديون أيضا ، وهناك مخاوف من محاولات الضغط على هذه المصارف من الخارج لتعلن إفلاسها ، بينما نناور فيما بيننا لتوزيع الحصص ونعرقل تشكيل الحكومة ، وإذا تعرقل تأليف الحكومة خلال شهر أو أكثر ، ثمة تراكمات أزمات سنشهدها ، ومنها مثلا على صعيد النقل والمواصلات إذ لدينا ما لا يقل عن 120 ألف سيارة على كافة الأراضي اللبنانية تسير على الطريق من دون لوحات ومن دون تسجيل ومن دون محاسبة وفحص فني ، وبسبب ذلك تخسر خزينة الدولة ما يقارب 70مليار ليرة لبنانية فمن هو المسؤول عن ذلك ؟ ناهيك عن الأضرار الصحية والمادية والمعنوية التي تخلفها هذه السيارات ، فأين هي الجهات الأمنية المولجة الكشف عنها وتوقيفها؟
أما عن قطاع الزراعة وبشكل خاص في منطقة الجنوب ، التي يشكل التبغ مورد رزق مهم لأهلها الطيبين فلا يزيد ثمن كيلو التبغ الذي تقوم الريجي بشرائه من المزارعين عن 13 الف ليرة فقط وهذا السعر زهيد جدا ولا يكاد يغطي كلفة الإنتاج وعلى الحكومة أن تقوم برفع سعر شراء التبغ الى 25 ألف ليرة على الأقل للكيلو ، ليوازي سعر كيلو اللحمة على الأقل ..!!
وكذلك لا بد من تعميم الضمان الإختياري وضمان الشيخوخة كي لا يموت كبارنا على أبواب المستشفيات دون أن تكون لهم إمكانية تلقي العلاج بكرامة .
ولا بد كذلك من تخيف فاتورة الكهرباء على الصناعة والزراعة واللجوء الى الطاقات البديلة وفي طليعتها توليد الطاقة الكهربائية من الهواء عبر المراوح العملاقة التي تلقى نجاحا مهما في أوروبا وهي غير مكلفة وصديقة للبيئة وتناسب تضاريس لبنان ، لكي لا نبقى تحت رحمة عقود البواخر الأجنبية وأصحاب المولدات والفواتير التي لا ترحم جيب المواطن .
وفي ملف النفايات مثلا لماذا لا يصار الى إنشاء معامل خاصة في كل بلدة ، تنتج هذه المعامل الأسمدة الكيماوية من دون الإستيراد وتعود بالفائدة على لبنان ، ولماذا لا تطبق اللامركزية الإدارية وتتولاها البلديات ؟ الجواب : تكمن المشكلة في السياسيين ومصالحهم .
وهنا لا بد من التساؤل لماذا لا يعمل معمل برج حمود ، وهل المطلوب إذلال الشعب والتضييق عليه بالنفايات والعجز الإقتصادي والغلاء وتقنين التيار الكهربائي ؟ وأين الرقيب والمحاسب؟ أين القوانين؟ ففي جميع بلاد العالم تستوفى ضريبة ال TVA لمساعدة المدارس وتأمين الطبابة المجانية للمواطن ، وفي بلدنا أين تذهب هذه الأموال ؟ الله أعلم . وكذلك نسأل أيضا أين تذهب أموال الميكانيك ، وحال شبكة الطرق كلها حدث ولا حرج.
وعلى صعيد الفساد المالي والتهرب الضريبي والجمركي لا بد من تعزيز المراقبة على المرافىء والمطار واستيفاء الرسوم الجمركية بالشكل الصحيح ودون مخالفة القانون ، ومطلوب من الشركات الكبيرة وأصحاب الملاءة المالية عدم التهرب من دفع الضريبة الجمركية والقيام بإلتزاماتها تجاه خزينة الدولة ، هذا اذا كنا جادين في تغذية هذه الخزينة وتخفيف نسبة الدين العام ، وهذا لا يتم دون إغلاق بؤر الفساد والتهريب والكف عن التعدي على أملاك الدولة البحرية والمشاعات ، وتأمين النمو الإقتصادي الذي يخفف العجز على أبواب بدء عملية إستخراج النفط من البحر.
واذا انتقلنا الى ترشيح النواب هناك 5 ملايين و270 الف دولار تم تحصيلها من رسوم ترشيح 973 مرشحا ، وخصصت الحكومة مبلغ 75 مليار ليرة لإجراء الإنتخابات فمن يحاسب من؟
وإذا ما انتقلنا الى مجلس الخدمة المدنية فعلى أي أساس يتم تقدير الكفاءة ؟ ولماذا المحاصصة على أساس المذاهب؟
وأخيرا نلاحظ تفاقم ظواهر حوادث السيارات والجرائم ، وإنتشار المخدرات بين الشباب الذين يحرمون من ممارسة النشاطات الرياضية لعدم توفر الأندية الرياضية الرسمية التي تستوعب طاقات الشباب وتمنعهم من الإنحراف وتعاطي المخدرات ؟ ثم أين عقوبة الإعدام؟ ولماذا لا تطبق للحد من الجرائم ؟ وماذا عن قانون السير؟ ولما لا يصار إلى التشدد في المراقبة والمحاسبة بعد رفع قيمة ضبط المخالفات لتكون الرادع المناسب ؟
وأخيرا ، ليس هناك بد من بناء الدولة ، ولا بد من المحاسبة ومن الإسراع بتأليف الحكومة بعيدا عن المحاصصة والمصالح الخاصة وحماية الفساد ، فإذا بقي الوضع على ما هو عليه ، لن نستطيع بناء دولة القانون والمؤسسات التي نطمح ببنائها .
محمد قدوح *
مرشح سابق للبرلمان اللبناني
مخلص بضائع مرخص في مرفأ بيروت
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More