فضائح التحرش الجنسي تعصف بالمجتمع الأميركي والغربي، وكان آخرها استقالة وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون على خلفية قضية تحرش سابقة تعود إلى العام 2002، وقبله الممثل الأميركي الحائز على جائزة الأوسكار، كيفن سبيسي، الذي تحرش بزميله، مما دفع شبكة “نتفليكس” بإنهاء عرض المسلسل الشهير “هاوس أوف كاردز”.
الملفت ليس فضيحة التحرش الجنسي، إنما كيف تعاطى المجتمع مع “المتحرش”؟ وكيف ردّ الأخير؟ وزير دفاع دولة عظمى يستقيل، وممثل عالمي يعتذر أمام الملايين. وهنا العبرة، ومن أجلها كتبنا وهي الإعتراف بالخطأ، والإقرار به فضيلة، وهو قوة عادلة تُنقذ المُعتدي والمعتدى عليه. ولكن، نحن في بلدٍ يُعتدى عليه يوميًا، يُعتدى على بحره وبره وجوِّه، ويُعتدى على دستوره وميثاقه، وعلى سلطاته التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا ما أسميناه بـ “التحرش الوطني”. إرتفع منسوب “التحرش الوطني” ليصل إلى أبواب الجامعات، إلى الشباب حيث المخدرات بين المقاعد الدراسية.
“التحرش الوطني” إغتصب عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا ولغتنا، وأصبحنا نخجل منها، ولبسنا ستاراً لا يُشبهنا ولا يليق بنا. لدينا كوارث على كافة المستويات في قضية التحرش، ولكن أحدًا لم يتحرك! لا إستقالة ولا من يحزنون، وحتى الإعتذار غير وارد بقاموسنا، وإذا تحدثنا عن الإحباط الوطني أو الطائفي كما يفهمون، ينكرون وجوده ويتنصلون منه بإستخفاف. وهذا لا يدلّ إلا على تقديم الإستقالة من المهام الوطنية فقط، أوليس هذا تحرشًا وطنيًا فاضحًا؟
وهنا، لا يمكننا أن نغفل عن بعض الإعلام الغافل عن قصد بوجه “التحرش الوطني والمهني”، مما يؤكد على شراكته في الجريمة عن سابق إصرار وترصد. الإعتذار والإقرار بالخطأ والخطيئة ليسا إلا من شيم الشهامة والكرامة، ونحن نتقدم بالإعتذار من الوطن أرضًا وبرًا وجوًا وشعبًا.
*عضو مؤسس في المركز الشبابي للحوار
المصدر _صحيفة اللواء الالكترونية