يخص الكاتب والإعلامي الشيخ بهاء الدين سلام موقع nextlb بسلسلة حلقات تحمل عنوان “بصراحة ” تنشر على صفخات الموقع تباعاً وهي عبارة عن مقالات إجتماعية كتبت بأسلوب نقدي ساخر الهدف منها تسليط الضوء وشرح بعض المفاهيم السائدة في المجتمع الحلقة 5 :
“حسب السوق.. سوق”
عبارة إن دلت على شيء فهي تدل على السلبية المتحكمة في العقول اللبنانية والعربية بصورة عامة بشكل كبير…
فإذا ما وجد أحدنا أخطاء هنا أو هناك وشكا منها وطالب بإصلاحها أو عبّر عن استيائه منها جاءه الجواب الشافي.. (حسب السوق… سوق)..؟!
رغم أن هذا السوق قد يكون لصا أو مرتشيا أو مجرما أو.. ولكن لا يهم.. المهم أنك تسوق..؟!؟
وللحقيقة أقول أن هذه العبارة وأخواتها هي دليل واضح على سبب التأخر العلمي والقانوني والنظامي التي تمر بها البلاد العربية عموما.. إذ كيف يمكن لإنسان أن يصلح في مجتمع أفراده يسوقون حسب السوق..؟!؟
ترى الناس في سياراتهم (عكس السير) فإذا ما أرشدت أحدهم إلى الطريق الصحيح صاح في وجهك… (كلهم ماشيين هيك.. وقفت عليّ)..؟!؟
وإذا ما شجعت أحدا على المطالبة بحق أو الثبات على موقف صحيح نظر إليك باشمئزاز وقال:( هلق اجت عليّ… أنا اللي ح غيّر.. ما كل الناس هيك)..؟!
حسب السوق .. سوق .. عبارة تدل على (غنمية) المجتمع إن صح التعبير، فالناس قد ياتوا أشبه بالقطعان التي تسير خلف التيس الكبير..؟!؟، إن اتجه شمالا مالوا شمالا وإن جنح يمينا أصبحوا يمينا دون أي عقل أو تفكير أو تخطيط أو دراسة…
والكارثة الكبرى أن جيلا بأكمله يتربى على هذا الأساس الباطل، فإننا نرى حتى في المدارس والجامعات طلابا ليس همهم سوى نيل الشهادة العليا و(بروزتها) في المنزل.. أما كيف وبأي طريقة ووفق أي أسلوب .. فـ(مش مهم).. لأن المهم أن ينالها فقط.. حتى ولو عن طريق الغش..؟!؟
والنتيجة جيل تخرج من الجامعات لا يعرف شيئا عن تخصصهم وبالتالي فقدان كل معاني الإبداع والتطوير والابتكار في المجتمع والسير جماعة وأفرادا وفق قاعدة… (حسب السوق .. سوق)..
ولقد شاعت هذه السلبية وانتشرت حتى ساقتنا كل الأمم والأفكار كيفما تشاء…
الشيوعية قليلا والاشتراكية قليلا.. ثم الرأسمالية .. ثم اليمينية.. ثم غيرها.. أما أن نبحث نحن عما هو مناسب لمجتمعنا وتاريخنا و حضارتنا وقيمنا وتقاليدنا ومبادئنا… فغير موجود.. والسبب بكل بساطة… أننا فقط.. نسوق ولا نفكر… أما السوق فهو الذي يفكر عنا…؟!؟
الشيخ بهاء الدين سلام*
باحث ومحاضر في مجال تنمية الفكر، حاصل على إجازة في اللغة العربية وماجستير في الدراسات الإسلامية ويتابع حاليا شهادة الدكتوراه في الإعلام الإسلامي.
عمل مديرا للمركز الإسلامي للإنماء والإعلام – بيروت، وكاتبا في عدد من الصحف العربية وهو حاليا رئيس القسم الإسلامي في جريدة اللواء اللبنانية.
له برامج إعلامية متعددة تصب كلها في مجال تنمية الفكر البشري من خلال التعاليم الإسلامية، منها برنامج خير الكلام على تلفزيون المستقبل وبك أصبحنا على إذاعة القرآن الكريم إضافة إلى برامج إذاعية متنوعة في مختلف الإذاعات اللبنانية.
كما له العديد من المؤلفات والمقالات والأبحاث والمحاضرات والندوات التي ألقاها في عدة مناسبات في لبنان وخارجه.