رأى رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب بجامعة القديس يوسف البروفيسور سامي ريشا خلال مؤتمر استضافته الجمعية الوطنية الفرنسية في نهاية الاسبوع الفائت أن “جميع اللبنانيين (…) تأثروا نفسياً بطريقة أو بأخرى” بما شهده بلدهم في السنوات الأربع الأخيرة، وهو ما يتبين من خلال “علامات متفرقة” لاضطراب ما بعد الصدمة يلمسها الأطباء النفسانيون في عياداتهم ولا ترقى بالضرورة إلى هذا الاضطراب “بمعناه الكامل وبكل أعراضه”، واصفاً بيروت بأنها “عاصمة الصدمات”.
وكان ريشا بين عدد من الأكاديميين والأخصائيين اللبنانيين في مختلف المجالات شاركوا في المنتدى الدولي العشرين الذي نظمته الشبكة المتوسطية للأبحاث في شأن التواصل ونائبة فرنسيي الخارج عن الدائرة العاشرة أميليا لاكرافي في مقر الجمعية الوطنية الفرنسية (قصر بوربون)، وتناول موضوع “الديموقراطيات والحريات في الفضاء المتوسطي”.
وتحدّث ريشا في الجلسة الثالثة التي تولى إدارتها عضو اللجنة المنظمة النائب الرديف لفرنسيي الحارج عن الدائرة العاشرة جو مكرزل و البروفيسور سامي بول طويل، فعدّد في مداخلته التي حملت عنوان “لبنان: بلد متعدد الصدمات” الأزمات التي شهدها لبنان في الأعوام الأخيرة، بدءاً من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، مروراً بتلك الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد-19، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت. وقال: “لقد عاش اللبنانيون كل هذه الأزمات معاً، بالتزامن. قلة هي الشعوب التي شهدت مصيراً بائساً مماثلاً. وكل ذلك يجعلنا نعتبر بلدنا منصة فعلية للصدمات، ويدفعنا إلى إطلاق صفة عاصمة الصدمات على بيروت”.
وإذ شرح ريشا الذي اسّس قسم الطب في مستشفى “أوتيل ديو” ماهية الصدمة وتعريفها الطبي وأعراض الاضطراب الناجم عنها، أشار إلى أن دراسات عدة أجريت عن نسب اللبنانيين الذين عانوا الشكل الكامل لاضطراب ما بعد الصدمة في السنوات الأخيرة، ملاحظاً أن نتائجها جاءت متفاوتة وأن “مروحة المعدلات التي توصلت إليها واسعة جداً”.
لكنّ ريشا أكد أن “جميع اللبنانيين، رجالاً كانوا أو نساءً، تأثروا بطريقة أو بأخرى بالأزمات التي نمر بها”. وأوضح أن الأرقام الإحصائية للدراسات التي صدرت “لا تشمل بعض الأعراض والعلامات” المتفرقة التي تسجل لدى أشخاص كثر، من دون أن يكونوا مصابين باضطراب ما بعد الصدمة بمعناه الكامل وبكل أعراضه. وشرح أن “هذه العلامات المتفرقة، غالباً ما تكون مزعجة، ومستمرة حتى لأكثر من عامين ونصف عام بعد الانفجار”.
واضاف أن من هذه العلامات التي يلمسها الأطباء النفسانيون يومياً في عياداتهم “اضطرابات النوم، والقلق، والانفعال، وضعف التركيز، وفقدان الذاكرة، وزيادة التحسس من الضوضاء، واضطرابات الشهية أو حتى الذكريات المتكررة لمشهد الانفجار”. وأضاف: “يمكن أن تحصل أيضاً نوبات هلع تتميز بالظهور المفاجئ لموجة من القلق ، تترافق مع خفقان في القلب، وضيق في الصدر ، وشعور بالخوف الشديد ، يمكن أن تستمر من بضع دقائق إلى بضع ساعات”.
وتطرّق ريشا إلى العوامل التي تجعل اللبنانيين يتمتعون بالقدرة المذهلة على الاستمرار، مبرزاً في هذاالإطار دور العائلة والمجتمع في تمكين المعنيين من التحدث عمّا يعانونه.
لكنّه لاحظ أن اللبنانيين اليوم ضاقوا ذرعاً، وبدلاً من إظهار قدرتهم على الاستمرار، باتوا “يكتفون في أحسن الأحوال بالصمود من أجل البقاء، فيما يلجأون إلى الاستسلام والإنكار في أسوأ الأحوال”.
وشدد على أن اللبنانيين “الذين تعرضوا للاعتداء والابتزاز والاختطاف” من الطبقة الحاكمة “لن يستطيعوا الاستمرار هذه المرة إلا بعد أن يحرروا أنفسهم من المعتدين عليهم”. ورأى أن “اللبنانيين يحتاجون للانتقال إلى الفعل واستعادة التحكم بحياتهم والمشاركة في صنع القرار، مما يستلزم تغييراً عميقاً في النظام السياسي واعتراف الطبقة الحاكمة بأكملها بمسؤوليتها”، معتبراً أنه “العلاج الأكثر فاعلية”.
المصدر خاص
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More