يشرح الدكتور فادي جبر الطبيب اللبناني المعالج في مركز تريستار هورايزون الطبي في ولاية تينيسي في الولايات المتحدة الأميركية في مقال له كيف تعمل لقاحات فيزر ومويرنا على محاربة فيروس كورونا بفعالية عبر جزيء ال RNA فيقول :” في خلايا الجسم يقبع الحمض النووي DNAدائماً في نواة الخلية ، وهو شيفرة الجينات المسؤولة عن لون شعرك ، طولك، لون العينيين، قوتك البدنية، مناعتك، فئة الدم إلخ. وهو عادةً ما يتكون من زوج من شرائط مواد إسمها نيوكليك أسيد. ويتحكم الحمض النووي أو DNA بوظائف الجسم عبر إيجاد شرائط أخرى وهي شرائط مفردة هيRibonucleic acids RNA داخل النواة.
وبعد أن تتكون الشرائط المفردة RNA تقوم بالخروج من النواة إلى باقي الخلية حيث تقوم بإنتاج البروتينات الضرورية للجسم كالهرمونات ، كالإنسولين لمعالجة السكر مثلاً أو الإنزيمات التي تساعد في هضم الطعام. واللقاحات التي أنتجتها بفيزر ومودرنا هي عبارة عن نوع من الشرائط الحمضية المفردة mRNA التي تنتج بروتينات موجودة على سطح فيروس الكوفيد 19 عندما تتدخل خلايا الإنسان الذي يتم تطعيمه. وهذه البروتينات لا تسبب العدوى أو المرض و كل ما تفعله هو تنشيط خلايا المناعة وتكثيف فعاليتها ، وإذا تعرض الإنسان الملقح للفيروس فإن جسمه يقوم بسرعة بإستدعاء هذه الخلايا المناعية وتكاثرها لتحتوي الفيروس وتقتله قبل أن يدخل الخلايا السليمة ويدمرها. ولا يوجد أي ضرر أو تعديل للجينات بسبب هذه اللقاحات لأنها بإختصار لا تعمل عن طريق الحمض النووي الجيني أو DNA وهي لا تغير الشيفرة الجينية بحالٍ من الأحوال.”
ويضيف : ” هناك لقاحات أخرى أنتجتها كل من بريطانيا والصين وروسيا ، وهي لقاحات تقليدية تعمل على تحفيز المناعة عبر إدخال إما فيروس ميت أو جزء غير ضار من الفيروس أو فيروسات معدلة شبيهة بالكوفيد -19 ولكن لا تضر بالإنسان. ونظراً لشراسة فيروس كوفيد – 19 في الأشخاص ذوي الأمراض المزمنة وكبار السن فإن التهرب من اللقاحات إذا توفرت يعتبر نوعاً من الإستهتار والمخاطرة ، لأنه لا يوجد فعلياً علاج فعال مثل اللقاح ، والأمل الوحيد حالياً هو باللقاح وحتى ذلك الوقت على البشر لبس الكمامات والتباعد والنظافة وهذا هو الحل الأسهل والأنسب”.
اللقاح ثمرة سنوات عديدة من التجارب
وتنابع الدراسة :” قد يتفاجأ كثيرون كيف تم إيجاد لقاحات ضد كوفيد – 19 بهذه السرعة ، فخلال 9 أشهر فقط تم إيجاد عدة لقاحات فعالة لهذا الفيروس ، وتمت تجربته مخبرياً وسريرياً ويبدأ التطعيم به عملياً في عدة دول ، وذلك غريب لو علمنا أن عملية إيجاد لقاح معين كانت تأخذ في الماضي عدة سنوات ، فمثلاً استغرق اللقاح المستعمل ضد إلتهاب الغدة النكافية أو ما يعرف عامياً بأبو كعب الذي تم عام 1967 أربع سنوات لتصنيعه وهذه الفترة الزمنية تعد من الأقصر في تاريخ اللقاحات. فكيف إذاً تم إيجاد اللقحات الجديدة بهذه السرعة؟ هل هي مؤامرة؟ هل كانت هذه اللقاحات متواجدة قبل إنتشار الفيروس كوفيد كما يصور أصحاب نظريات المؤامرة؟
الجواب يكمن في معرفة بعض الإنجازات الطبية التي مهدت لإيجاد هذه اللقاحات:: “علينا أن نعود إلى ثلاثة عقود للوراء ، ففي عام 1990 عندما تعرف بعض الباحثين على تصنيع mRNA شرائط الحمض النووي المفردة وقاموا بإدخالها إلى خلايا أجسام الفئران كي تعمل على تصنيع البروتينات بهدف علاج بعض الأمراض. ولكنهم وجدوا أنه كلما كان يتم حقن mRNA في الجسم فإن الخلايا المناعية تتعرف عليه وتتلفه كونه مادة غريبة عن الجسم ، ولكن باحثة من هنغاريا كانت تعمل في مختبرات في أميركا وهي كاتلين كاريكو وجدت طريقة وسجلت براءة إختراع لتعديل جزيء من الشريط النووي mRNA بحيث لا يتعرف عليه الجهاز المناعي. وبسبب هذا التعديل فإن mRNA يمكنه دخول الخلايا الإنسانية ليشتغل وظيفته وهي صناعة بروتينات لها وظائف معينة ودون أن يتم تلفه. وبهذه الطريقة الجديدة لتعديل mRNA قامت شركتان هما biontech و moderna بأبحاث ضد عدة أنواع من الفيروسات مثل فيروس الزيكا zica دون شهرة تذكر. حتى جاء فيروس الكوفيد. وعندما نشرت الصين على الإنترنت الخريطة الجينية للفيروس قامت هاتان الشركتان بإغتنام الفرصة لتجربة طريقتهما لصناعة اللقاح. ”
ولكن كيف علم الباحثون أنه عليهم إيجاد شريط نووي منفرد m RNA ضد النتؤات spikes البروتينية الموجودة على الفيروس وليس ضد أية بروتينات أخرى في الفيروس؟
الجواب أتى من تجارب قديمة ضد فيروسات السارس وفيروس الشرق الأوسط وغيره من فيروسات شبيهة الكوفيد حيث عرف الباحثون أن النتوءات البروتينية المتواجدة على سطح هذه الفيروسات هي التي تحفز المناعة في الجسم. لذلك يمكن القول أن هذه اللقاحات هي ثمرة ثلاث عقود أو أكثر من الأبحاث العلمية وليست وليدة تسعة أشهر فقط ، لكن حجم الجائحة أو الوباء ربما قد ركز عصارة هذه العقود في إيجاد هذا النوع من اللقاحات التي ربما ستكون لقاحات المستقبل لكثير من الأمراض الوبائية بحيث سيتم تصنيع الشريط النووي mRNA اللازم لصناعة بروتين معين من الفيروس أو ربما بكتيريا معينة.
والجدير أن صناعة هذه الأنواع من اللقاحات سهلة نسبياً وسريعة كما أن بعض العوائق كحفظ اللقاح تحت درجة حرارة منخفضة سيتم التخلص منها في المستقبل بإيجاد طرق جديدة لحفظها.
وخلاصة القول يختم الدكتور جبر : ” هذا النوع من اللقاحات هو ثورة علمية طبية مفيدة للبشرية بكل معنى الكلمة وليس مؤامرة أو محاولة للسيطرة على عقول البشر أو برمجتهم.”
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More