خاص – nextlb
نظّمت الجمعية اللبنانية للطب النفسي ونقابة الأطباء اليوم مؤتمراً لمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، تناول أثَر جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت على الصحة النفسية في لبنان من جوانب عدة، سواء على السكّان عموماً أو على العاملين في المجال الطبي أو على النساء والموظفين وطلاب الجامعات وأصحاب الأمراض البدنية والنفسية، وسواهم، من خلال دراسات أعدّها أو يعمل على إعدادها أبرز الخبراء اللبنانيين من مختلف الجامعات والمستشفيات اللبنانية.
وبيّنت النتائج الأولية لهذه الدراسات أن هذه الأحداث أدّت إلى زيادة في حالات اضطراب ما بعد الصدمة والإكتئاب والإدمان والعنف ضد النساء وحتى الإنتحار.
وأقيم هذا المؤتمر بنظام المؤتمرات المدمج، إذ استضافه حضورياً بيت الطبيب في التحويطة، بحضور نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، وتم بثه كذلك بواسطة تقنية الفيديو عبر تطبيق “زوم”.
بدورة وسكاف
واستهل رئيسا اللجنة العلمية الدكتور شارل بدّورة والدكتورة جوزيان ماضي سكاف بكلمتين أشارا فيهما إلى أن الدافع وراء الإصرار على عقد هذا المؤتمر رغم الظروف الصعبة المرتبطة بجائحة كوفيد-19 هو مناقشة الدراسات التي أعدتها أو تعمل على إعدادها الجامعات والمراكز الطبية اللبنانية “سعياً إلى فهم وتقويم وقياس أثر الصدمات المتتالية على الصحة النفسية للبنانيين”، و”التخطيط لآليات التعامل المستقبلية مع هذا الحمل الثقيل الذي يرزح تحته اللبنانيون والذي يتوقع أن يزيد في الأشهر المقبلة”.
ريشا
وألقى رئيس الجمعية الدكتور سامي ريشا كلمة استذكر فيها تأسيس الجمعية قبل 30 عاماً، فوجّه تحية إلى المؤسسين الدكاترة جوزيان ماضي سكاف وشارل بدّورة وإيلي كرم وعادل عقل وسمير جاموس، مشيراً إلى أنهم اطلقوا الجمعية في خضمّ ظروف الحرب عام 1989 شاكراً إياهم بإسم “جميع الأطباء النفسيين والمرضى والمنظمات العلمية” ، وإذ أبدى ثقته بأن خلفه في الرئاسة الدكتور جوزف خوري سيحافظ على الجمعية ويعمل على تطويرها، وشدد على أن “الطب ليس منطقاً علمياً فقط ولكنه فعل التزام”.
وتحدث المؤسسون عن مبادرتهم ورووا ظروف تأسيس الجمعية، وكانت للنقيب أبو شرف مداخلة مقتضبة شدد فيها على أن “التضامن والتعاون” هما السبيل لتحقيق الأهداف، مؤكداً وقوف نقابة الأطباء إلى جانب الجمعية لمواصلة مسيرتها ، كذلك شدّد على أهمية “توسيع الآفاق والثقافة” سعياً إلى “إعادة لبنان ليس فقط مستشفى الشرق بل نور الشرق”.
الجلسة الأولى
وبعد تسلّم الدكتورة برناديت مدوّر جائزة الراحل الدكتور جون فياض، توالت جلسات المؤتمر، فتناولت الأولى أثر انفجار مرفأ بيروت على الصحة النفسية.
وعرضت بداية دراسة عن لمستشفى القديس جاورجيوس عن أثر كوفيد-19 والوضع الإقتصادي وانفجار بيروت على العاملين في مجال الرعاية الطبية، انطلاقاً من العاملين في المستشفى وفي مستشفيات أخرى، وهي تندرج ضمن دراسة تشمل 30 دولة وتنسقها جامعة تشيلي وجامعة كولومبيا الأميركية، وباتت في مراحلها النهائية ، وفصّلت دراسة للجامعة الأميركية في بيروت مدى رصد انتشار اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والإكتئاب بعد انفجار بيروت لدى عامة السكان وخصوصاً سكان بيروت والمعرضين للكارثة كعناصر فرق الإغاثة، من خلال العيّنة التي شملتها دراستها، وأشارت إلى وجود ارتباط بعوامل الإجهاد وعوامل الخطر الأخرى.
وقيّمت دراسة لمستشفى القديس جاورجيوس تأثير انفجار بيروت على الصحة النفسية للعاملين في المستشفى، وخصوصاً في ما يتعلق بإضطراب الإجهاد الحاد.
وعرضت دراسة أخرى لمستشفى القديس جاورجيوس الإكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة والإنتحار لدى مرضى غسيل الكلى بعد انفجار بيروت.
الجلسة الثانية
وتمحورت الجلستان الثانية والثالثة على أثر كوفيد-19 على الصحة النفسية.
وركزت دراسة لجامعة القديس يوسف على أثر تدابير الإقفال العام على الإكتئاب والقلق ، وأظهر التحليل أن العمر والدخل الشهري والوضع المهني هي عوامل تساهم في تعزيز تأثير الحجر على على نمط الحياة.
وركّزت دراسة لدير الصليب على نوعية الحياة لدى مرضى الفصام والإكتئاب والوسواس في ظل كوفيد-19 ، وخلصت الدراسة إلى أن الممارسات الدينيّة والمعلومات المعطاة للمرضى حول فيروس كورونا تساعد في تقليل من أعراض الذهان والإكتئاب لدى المرضى وحسنّت جودة حياتهم.
وسعت الجامعة اللبنانية في دراستها إلى فهم العلاقة بين استهلاك الأخبار والقلق أثناء جائحة كوفيد-19، فذكّرت بأن القدرة الكبيرة على انتشار فيروس كورونا وإمكان إصابة أي شخص أدّيا إلى زيادة استهلاك الأخبار المتعلقة بهذه الجائحة وانتشار الخوف والمشاعر السلبية ، وأظهرت النتائج الأولية وجود علاقة بين استهلاك الأخبار ومستوى الأكل العاطفي في لبنان، وهو الاستهلاك العالي للحلويات والكربوهيدرات.
أما الضائقة النفسية لدى طلاب الجامعات المعزولين ذاتياً، فكانت موضوع دراسة للجامعة الأميركية ومركزها الطبي، رأت أن الحجر الصحي، على الرغم من كونه تدبيراً وقائياً ضرورياً أثناء تفشي الأمراض المعدية، يمكن أن يؤدي إلى آثار نفسية سلبية، لا سيما لدى الطلاب الجامعيين، مشددة على أهمية توفير التدخلات الوقائية والفاعلة.
وأظهرت دراسة لدير الصليب أن الآثار الناجمة عن تدابير الإقفال، ومنها العوامل الإجتماعية والإقتصادية، أدت إلى ازدياد العنف ضد النساء اللبنانيات خلال الحجر الصحي.
الجلسة الثالثة
وفي الجلسة الثالثة، عرضت دراسة لجامعة القديس يوسف أفادت فيها نسبة كبيرة من العاملين في مجال الرعاية الصحية في لبنان، وخصوصاً من النساء، بأنهم عانوا من أعراض القلق وضعف جودة النوم خلال جائحة كوفيد-19 في لبنان. كذلك لوحظت زيادة في استخدام الكحول / المخدرات.
وهدفت دراسة لمستشفى القديس جاورجيوس إلى تقييم شعور العاملين في المستشفى بأنهم مستعدون لتوجيهات المستشفى خلال فنرة آذار ونيسان 2020 لمواجهة الجائحة ، ومقارنة ببداية الوباء ، تبين أن ما يقرب من نصف الموظفين (44,48٪) أقل قلقاً بشأن الجائحة، ووجد معظم الموظفين (71,62٪) أن التواصل اليومي الذي قدمه الطبيب المسؤول عن كوفيد-19 كان مفيداً للغاية ، وذكر أكثر من نصف الموظفين (60,18٪) أن توجيهات المستشفى أعدتهم جيداً بما يكفي وأكثر من ذلك بكثير.
وناقشت دراسة للجامعة الأميركية ومركزها الطبي الضائقة النفسية التي عانى منها الأطباء والممرضات أثناء تفشي مرض كوفيد 19 ، وهدفت هذه الدراسة إلى فهم التأثير النفسي للوباء على العاملين في مجال الرعاية الصحية من أجل التنفيذ الفاعل للسياسات والتدخلات.
والخلاصة أن العاملين في الرعاية الصحية في لبنان قد يكونون أكثر مرونة في مواجهة المواقف العصيبة.
وركّزت دراسة لجامعة القديس يوسف على التحديات التي تطرحها الجائحة في ما يتعلق بالأخلاقيات الطبية.
وخلصت دراسة للجامعة الأميركية إلى أن عدد أبحاث الصحة النفسية أكبر من تلك المتعلقة بـ”إيبولا” و”إتش 1 إن 1″ معاً، على الرغم من الوقت الأقصر منذ بداية جائحة كوفيد-19 بالمقارنة معهما ، واشارت الدراسة إلى أن المؤلفين المنتسبين إلى مؤسسات تقع في البلدان المرتفعة الدخل نشروا أو ساهموا في 79 % من مجمل الدراسات، يتبعهم مؤلفون من البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى (23٪) ، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى (10٪) والبلدان المنخفضة الدخل (2٪).
المصدر : خاص