الشارقة – خاص nextlb
قبل بضعة عقود، لم تكن منطقة مليحة معروفة إلا كقرية صغيرة تقع على بعد 20 كيلومترا تقريباً جنوبي منطقة الذيد، و50 كيلومتر تقريباً شرقي مدينة الشارقة، وبعد أكثر من 30 عاماً من التنقيب الدقيق والدراسة المكثفة، بدأت ُتكتشف جوانب تاريخية مذهلة عن أسرار الحياة التي عاشها سكان هذه المنطقة في الماضي البعيد، والتي تمتد جذورها تاريخياً إلى العصر الحجري القديم.
ولعبت “هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير” (شروق) الدور الرئيسي في تطوير مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية، وعملت بجد مع فريق من الخبراء العالميين، في سبيل اكتشاف الكنوز القيمة التي يحتضنها الموقع سواءً الطبيعية منها أو البشرية من خلال جهد متكامل يُعنى بمختلف الجوانب المتعلقة بهذه المنطقة الفريدة.
وتنبض مليحة بالحياة بجميع الأشكال والأحجام، فالكائنات الحية بمختلف أصنافها كالثدييات والزواحف والحشرات النادرة والنباتات الصحراوية وغيرها ، أثبتت قدرة فريدة على التكيف مع البيئة الصحراوية القاسية، ونجحت في التأقلم على مر آلاف السنين.
أما حيوانات مليحة ومخلوقاتها المتنوعة، فتعطي نظرة شاملة عن واقع الحياة البرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالنمل، وغيرها من أنواع الحشرات تعيش في وئام وانسجام تام مع الجمال، والحمير البرية، والغزلان الصحراوية، والثعالب العربية الحمراء التي يندر ظهورها أمام الأعين المجردة كونها كائنات خجولة تفضّل الاختباء والخصوصية في بيئتها الطبيعية.
وتُفضي زيارة منطقة مليحة في الوقت الحاضر إلى مجموعة من الأنشطة الممتعة التي تتخللها مغامرات مذهلة عنوانها الاكتشاف، فهي موطن لأكبر المواقع الأثرية في الإمارات العربية المتحدة و تحتوي على ملاجئ للبشر الأوائل الذين سكنوا المنطقة، بالإضافة إلى بقايا من مدينة مليحة التاريخية القديمة وحصن مليحة.
كما تحتضن كنوزاً أثرية تكشف للزائر طبيعة الحياة اليومية لأهل المنطقة آنذاك ومراحل تطورها كالفخاريات بمختلف أنواعها، وأدوات المطبخ، والأفران، وأدوات الزينة والتجميل، والأسلحة.
ولهذا تعتبر مليحة أحد أهم المواقع التاريخية في دولة الإمارات ، فهي تمنح الفرصة لرؤية متعمقة وتبصر علمي حول النظام الاجتماعي للمنطقة وجوانبه المختلفة، كالعادات والتقاليد، والطقوس، ونظم التجارة وممارساتها، والزينة والمجوهرات.
وفي هذا الشأن، قال محمود راشد السويدي، مدير “مشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية”: “توفر منطقة مليحة بشكل عام، ومشروع مليحة للسياحة البيئية والأثرية ومركز مليحة للآثار بشكل خاص، مدخلاً إلى العصور القديمة لما يحتويه من معروضات تفاعلية وتحف تاريخية تأخذ زوارها في رحلة زمنية لرؤية مراحل ولادة الحضارة في الدولة والمنطقة قبل آلاف السنين، وتمنحهم فرصة الاطلاع على طبيعة حياة أسلافنا وصراع البقاء على مر الزمن”.
ومن أبرز الخدمات التي يقدمها “مركز مليحة للآثار” توفير جولات سياحية تحت إشراف مجموعة من المرشدين السياحيين المتخصصين يرافقون زوار الوجهة طوال زياراتهم ورحلاتهم، لضمان تقديم مقدمة وافية حول الوجهة وكنوزها وحصول الزوار على تجربة مميزة.
وإضافةً على جميع هذه المزايا الفريدة، فإنه لا يزال العمل جارياً على المشروع ضمن مرحلته الثانية، حيث تشمل خطط (شروق) في هذا الجانب إنشاء “متنزه مليحة الصحراوي”، وهو محمية للحياة البرية المحلية على مساحة 450 كيلومتراً مربعاً، بالتعاون مع “هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة” يهدف إلى تعزيز الحياة البرية الأصلية من خلال إطلاق الحيوانات البرية مثل غزال الطهر والمها والغزلان الجبلية والصحراوية في المنطقة، وتشمل أيضاً إنشاء فندق ليثري تجربة الإقامة وسط الصحراء، وبناء مرصد فلكي لمراقبة حركة الكواكب ورصد النجوم.
وتعتبر “مليحة للسياحة البيئية والأثرية” هي إحدى الوجهات السياحية الرائدة التابعة لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، حيث تم افتتاح المرحلة الأولى منها في يناير 2016، لتعكس بذلك رغبة عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في تسليط الضوء على المواقع الأثرية القديمة في إمارة الشارقة، والتي تم الكشف عنها بعد سنوات من البحث والتنقيب من قبل إدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، بهدف حماية الآثار والبيئة والحياة البرية في منطقة مليحة.