أصدر مجلس الإنماء والإعمار بياناً تضمّن توضيحات في شأن بعض النقاط والهواجس التي أثارها عدد من النواب والناشطين والأهالي في شأن مشروع سدّ بسري، في تصريحات وبرامج تلفزيونية عرضت أخيراً. وأكد المجلس في بيانه أن “كمية المياه التي سيُرفد بها السدّ كافية” وتفوق المخزون المطلوب “بحسب بيانات المتساقطات وقياس كميات التصريف في نهر بسري للأعوام الـ 40 الاخيرة”، موضحاً أن “معظم الطبقات في البحيرة هي طبقات ضابطة للمياه”. وشرح أن كلفة المتر المكعب “لن تتخطى 400 ليرة من ضمنها كلفة التكرير”، وليست 6000 ليرة. ولم ير المجلس “نشوء أية عناصر بيئية جديدة تستدعي تحديث دراسة الأثر البيئي”، مكرراً ترحيبه “بتشكيل لجنة أو تكليف جهة محايدة من أصحاب الكفايات النظر في كامل الدراسات”، على “ألا يتسبب هذا الامر في حال اللجوء اليه، بأي تأخير إضافي للبدء بتنفيذ هذا المشروع الحيوي”، وطمأن المجلس إلى أن المشروع لن يتسبب “بتهجير السكان” ، إذ أن “مساحة المشروع تمتد على خراج عدد من القرى ضمن الوادي غير المأهول”، مشيراً إلى “مشاريع منفعة للقرى المحيطة به” تؤمن “فرص عمل كثيرة” وتجعله “مركز استقطاب سياحي واستثماري”.
كمية المياه كافية
وأكد المجلس أن “كمية المياه التي سيُرفد بها السدّ كافية بحسب الدراسة الهيدرولوجية الحديثة الموضوعة له”، وذكّر بأن “السدّ سيؤمن مخزوناً يبلغ 125 مليون متر مكعّب من المياه سنوياً ليصار الى جرها الى المناطق المستفيدة منه، علماً بان هذه الدراسة استندت الى بيانات المتساقطات وقياس كميات التصريف في نهر بسري للأعوام الـ 40 الاخيرة والتي تبين أن المعدل العام لكمية التصريف في نهر بسري هو 133 مليون م. م. سنوياً، وترتفع كمية التصريف الى حدود الـ 267 مليون م.م. في سنوات الغزارة، أي أنها تفوق كمية التخزين المطلوبة، وبالتالي فان هذا المخزون مؤمن سنوياً في الحالات الطبيعية”.
وفي ما يتعلق بمقوله أن طبيعة التربة تمتص المياه ولا تتيح تجميعها في السد، أكد المجلس أن “آراء العديد من الجيولوجيّين الذين تمّت إستشارتهم حول هذا الموضوع بمن فيهم الخبير الجيولوجي العالمي العضو في هيئة الخبراء الدكتور بول مارينوس، تؤكد أنّ معظم الطبقات في البحيرة هي طبقات ضابطة للمياه. أما لجهة وجود بعض الطبقات النافذة فهو أمر قد تمّ اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجته من ضمن تصميم السد كما يحدث في كلّ السدود حول العالم”. وأفاد المجلس بأن “أساسات السد ستخضع لعمليّات معالجة دقيقة لضبط المياه، ومنها أعمال الحائط المانع للتسرب (cutoff wall) واعمال حقن الطبقات الصخريّة (grouting) بخرسانة خاصة”.
كلفة المتر المكعب 400 ليرة لا 6000
وفي شأن الزعم بأن كلفة المتر المكعب ستكون 6000 ليرة بينما سيباع بـ 600، أوضح المجلس أن “احتساب الكلفة الحقيقية للمتر المكعب من المياه يتم باحتساب الكلفة الاستثمارية (CAPEX) والكلفة التشغيلية (OPEX) للمشروع على فترة زمنية مستقبلية (اقله لـ30 سنة)، واحتســـــاب معدل العــــائد الداخلي (Internal Rate of Return) – وهو مؤشر رئيسي للدلالة على مدى الجدوى الاقتصادية – والذي جاءت نتيجته جيدة نظراً للمردود الذي سيؤمنه المشروع على هذه الفترة، علماً ان الكلفة الحقيقية للمتر المكعب من المياه وفقا لهذه الدراسة لا تتخطى الـ 400 ليرة لبنانية، من ضمنها كلفة التكرير”.
الدراسات
ورداً على الادعاءات بأن الدراسات والتقارير التي نشرها المجلس على موقعه الإلكتروني “منقوصة أو مزوّرة أو لا تحترم الأصول والمعايير”، أو “أنها غير نهائية ولم تستكمل”، أوضح المجلس أن التقارير التي نشرها، وعددها 36 تقع في أكثر من 8000 صفحة، هي دراسات محدثة تشمل النواحي الزلزالية والجيولوجية والجيوتقنية والهيدرولوجية والهيدروليكية ودراسة تقييم الاثر البيئي والاجتماعي ودراسة مقارنة البدائل ودراسة الجدوى وتقرير لجنة التفتيش العائدة للبنك الدولي وغيرها”. وشرح أنه بادر في الفترة الاخيرة إلى تحديث واستكمال بعض من هذه الدراسات التي كانت موضوعة في التسعينات للتماشى مع المعايير الحديثة العائدة لهذا الشأن نظراً لما كانت تحمله التقارير السابقة حول هذه الدراسات من “تساؤلات” فنية، ومنها الدراسات النهائية حول جيولوجيا المنطقة وبشكل خاص حول موضوع الفوالق ومخاطر الزلازل، ولو كان في نية المجلس إخفاء الدراسات المعدّة سابقا، وهو طبعاً ادّعاء غير صحيح على الإطلاق، لما كان قد أتى على ذكرها أو الإستناد اليها في نص الدراسات المحدثة”.
أما عن الادعاءات بأنها دراسات “غبّ الطلب”، فأوضح مجلس الإنماء والإعمار أن هذه الدراسات أعدت من قبل العديد من المكاتب الفنية والإستشارية الهندسية المحلية والأجنبية المرموقة، خلال الفترة الممتدة بين العامين 2012 و2017، وقد قامت لجنة الخبراء المستقلة وكذلك خبراء البنك الدولي بمراجعة هذه الدراسات وإبداء الملاحظات بشأنها في حال وجودها وتطويرها والموافقة عليها، علماً ان هذه اللجنة شكّلت عملاً بالأصول المتبعة عالمياً في مشاريع السدود الكبيرة وقد نالت موافقة البنك الدولي، وأعضاؤها مستقلون عن البنك الدولي وعن مجلس الإنماء والإعمار، ولا سلطة لأي من الجهتين على آراء هؤلاء الخبراء”.
وفي شأن انتهاء مدة دراسة تقييم الأثر البيئي، والدعوة إلى إجراء تقييم جديد، أشار المجلس الى أن المادة 13 من المرسوم الرقم 8633/2012 (أصول تقييم الاثر البيئي) لا تعني انه بعد مرور سنتين تعتبر دراسة تقييم الاثر البيئي غير صالحة “حكماً”، إنما يعود لوزارة البيئة التحقق من نشوء عناصر جديدة تدعو الى تحديث هذه الدراسة “أم لا”، وعليه أفاد المجلس بأنه قام أخيراً، ومع البدء بتنفيذ الأشغال، بإعلام وزارة البيئة، عملاً بأحكام هذه المادة، بمتابعته تنفيذ المشروع، “وانه لا يرى، بناءً لمتابعته لواقع المشروع ومحيطه خلال الفترة السابقة، نشوء اية عناصر بيئية جديدة تستدعي تحديث دراسة الأثر البيئي أو الفحص البيئي المبدئي مجدداً”، علماً أنه “تم خلال هذه الفترة تنفيذ الإستملاكات على كامل مساحة هذا المشروع وبالتالي لم تنشأ حكماً ضمن هذا الموقع أية مشاريع بنى تحتية أو عمرانية أو غيرها أدت الى تغير واقعه، مع التذكير بأن المجلس بصدد إنجاز دراسة التعويض الإيكولوجي بشكل مستقل وبالتنسيق مع كل من وزارة البيئة ووزارة الزراعة و وزارة الطاقة والمياه”.
قرار مجلس الشورى
وعن الشروع في الأعمال قبل صدور قرار مجلس شورى الدولة النهائي بشأن المراجعة المقدمة إليه عام 2014، أوضح مجلس الإنماء والإعمار أن “مجلس شورى الدولة سبق أن أصدر قراره الأولي في العام نفسه والذي قضى في حينه برد طلب الجهة المستدعية لجهة إبطال مرسوم الإستملاك وتوقيف المشروع، بناءً على الإيضاحات الفنية والقانونية المقدمة من قبل مجلس الإنماء والإعمار بوجه الإدعاءات المغلوطة حول المشروع من قبل الجهة المستدعية، مما أتاح لمجلس الإنماء والإعمار المتابعة بتنفيذ المشروع”.
وكرر المجلس ترحيبه “بتشكيل لجنة أو تكليف جهة محايدة من اصحاب الكفايات النظر في كامل الدراسات”، لكنّه شدّد على ضرورة المبادرة إلى ذلك “في أقرب وقت ممكن، ومن دون أن يكون له تأثير على سير الأعمال، بحيث لا يتسبب هذا الامر في حال اللجوء اليه، بأي تأخير إضافي للبدء بتنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي ينتظره معظم اللبنانيين ليوفر المياه لنحو 1,6 مليون نسمة في بيروت وجبل لبنان وهم بأمس الحاجة إليها”.
لا تهجير بل مشاريع منفعة للقرى المحيطة
وطمأن المجلس إلى أن المشروع لن يتسبب “بتهجير السكان”، إذ أن “لا وجود فعلياً ضمن موقع المشروع لخدمات بنى تحتية أو منشآت سكنية يقتضي إزالتها وإعادة إسكان أهلها، فيما الواقع أن مساحة المشروع تمتد على خراج عدد من القرى ضمن الوادي غير المأهول، لا بل على العكس فإن هذا المشروع سوف يصبح مركز استقطاب سياحي واستثماري وسيؤمن فرص عمل كثيرة وفي نواحي عدة، إن كان خلال فترة إنشائه أو بعد إنجازه لاحقاً وعلى المدى الطويل”. وفي هذا الإطار ذكّر المجلس بأنه “أطلق العمل ببرنامج مشــــاريع المنفعة المشـــتركة للقرى المحيطة بالمشروع ، بحسب ما تتضمنه دراسة تقييم الأثر البيئي والإجتماعي، والذي يتضمن إنشاء عدد من المشاريع المحلية ذات الطابع البيئي – الاجتماعي التنموي في محيطه ومرتبطة به، على ان تشمل هذه المشاريع اشراك البلديات وهيئات المجتمع المحلي في اقتراحها وتنفيذها ومتابعتها والاستفادة منها لاحقاً عبر مردود مادي وفرص عمل، ومنها اقتراح بإنشاء مرافق لزوار بحيرة سد بسري ومشاريع لنشاطات ترفيهية أو مرافق لعرض اثار قد تقرر المديرية العامة للأثار إبقاءها في محيط المشروع وتحت إشرافها (فيما سوف تُحفظ كامل هذه الاثار التي سوف يتم التنقيب عنها لدى المديرية)، وغيرها من المشاريع”.
وتابع المجلس: “أما على المدى المتوسّط والبعيد فسيكون الطلب على الأراضي لإنشاء الوحدات السكنيّة، ومجمّعات الشقق والفنادق والمنتجعات والمطاعم على التلال المطلّة على المشروع فضلاً عن تطوير البنى التحتية (طرق وبنى تحتيّة عامة…)، من دون إغفال الآثار الإيجابيّة على العقارات المجاورة لضفاف البحيرة لناحية الاستفادة منها للنشاطات الترفيهيّة للرياضات المائيّة، كأماكن الإقامة والتخييم والنزهة، ومناطق السباحة، والأرصفة على الضفاف، ومسارات الدرّاجات الهوائيّة وغيرها”.
وبالنسبة إلى إسكان العاملين في المشروع، أوضح المجلس أن “مساكن خاصة ستقام لهم ضمن حرم الموقع، وليس في البلدات المحيطة نفسها التي لن تتأثر بوجودهم، وسوف تحرص ادارة المشروع على ضبط القواعد السلوكية والسلامة العامة (الاجتماعية) في محيط المشروع”.
تفادي إزعاج المحيط
وعن الإزعاج الذي قد تتسبب به الشاحنات والآليات وعمليات التفجير خلال مرحلة تنفيذ المشروع، أشار المجلس إلى أن “معظم مواد الردميات اللازمة للمشروع هي من ضمن الموقع نفسه وبالتالي إن تحرك آليات نقل المواد من خارج الموقع اليه سيكون محدوداً نسبياً وسوف يصار الى تنظيمه ضمن خطة العمل لتفادي إزعاج المحيط وتامين السلامة العامة، كما ان عمليات التفجير هي محدودة جداً وفي حال الحاجة اليها ستكون في أماكن بعيدة عن المنشآت السكنية”.
الشق الإجتماعي والإستملاكات
وأجاب المجلس على الإدعاء بأن “الشق الإجتماعي لم يدرس في المشروع” بالتذكير بان “دراستي تقييم الأثر الإجتماعية المشار اليهما أعلاه وخطة إعادة الاسكان الموضوعتين في العام 2014، تضمنتا العديد من المواضيع الإجتماعية التي أعطيت لها الاولوية في سير عمل المشروع، بدءاً من جلسات المشاركة العامة التي بدأت في العام 2012 وما زالت مستمرة بوتيرة مكثفة والتي حرص المجلس والأخصائيون من خلالها على الاستماع الى رأي الاهالي وتقديم التوضيحات والعمل بمطالبهم، الى حسن سير عملية الاستملاك بشفافية مطلقة، الى انشاء وتطبيق آلية لتسهيل تقديم المراجعات من قبل المعنيين والتواصل مع الادارة والسلطات المحلية بشأن مختلف هذه الامور، وصولا التقارير الاخيرة التي وضعها مكتب استشاري مستقل كُلف بمراقبة وتقييم تنفيذ الإدارة لهذه الخطوات بما فيها الاستملاكات، والتي خلصت الى التأكيد عن حسن سير هذه الامور وشفافيتها”.
وفي ما يخص القول بأن وضع اليد على العقارات ، قد حرم بعض المستثمرين الزراعيين من حقوقهم، اشار المجلس الى أن “الإستملاكات حصلت بمراعاة أحكام القانون التي ضمنت لهؤلاء المستثمرين حقوقهم في التعويض إما المباشر أو بواسطة اصحاب العقارات”.
جوانب السدّ ثابتة والبحيرة لا تحرّك الفالق
وعن المخاوف من أن الأرض رملية قابلة للإنزلاق والإنجرافات، أوضح المجلس أن “الدراسات واستقصاءات المسح الجيولوجي والنيوتكتوني للبحيرة ومنحدراتها أثبتت أنّ جوانب السد هي من الصخور الرمليّة ومن الصخور الكلسيّة الثابتة في موقعها”.
وكرر المجلس تطميناته بالنسبة إلى المخاطر الزلزالية التي يستند إليها البعض في معارضته المشـــــروع، فذكّر بأن التقارير، ومنها تقرير قدّمه في أيار 2019 الخبير الدكتور مصطفى أرديك، موقّع منه ومن بقية أفراد لجنة الخبراء المستقلين، تضمّن أجوبة مباشرة وشرحاً مفصّلاً في شأن ما أثير عن مخــــاطر الزلازل، وخلص إلى أن من غير المنطقي تماماً اعتبار أن تعبئة بحيرة سد بسري فوق “فالق”، إعتُبر أساساً أنه موجود تحتهــــا وأنه متّصل بفـــالق روم، سيؤدي الى تحريك هذين الفالقين والتسبب بزلزال وفقاً لما يعرف بـ (Reservoir Triggered Seismicity (RTS.
المياه لن تمر في المطمر والبحيرة لن تكون ملوثة
ونفى المجلس أن يكون السدّ يمر في مطمر نفايات الناعمة، وأشار إلى أن “مياه السد ستجر بواسطة النفق الجاري تنفيذه حالياً من منطقة جون الى خلدة في باطن الأرض وعلى عمق يزيد عن 140 م عن سطحها. كذلك يتضمن هذا النفق إنشاء غلاف من الخرسانة والمواد العازلة لمنع تسرب المياه منه واليه في باطن الارض، علماً ان مسار هذا النفق في الاساس لا يقع مباشرةً تحت موقع مطمر النفايات المذكور”.
وطمأن مجلس الإنماء والإعمار إلى أن السدّ لن يكون “خزاناً للحشرات” كما وصفه البعض، ولا “مصدراً لنشر التلوث والأوبئة”. وأشار في هذا الإطار إلى أن “منظومة للصرف الصحي ستقام في حوض السد كله تتضمن شبكات ومحطات تكرير لكل قرى قضائي الشوف وجزين الواقعة ضمن هذا الحوض، تؤمن رفع التلوث ووصول مياه نظيفة بالروافد النهرية، علماً ان التمويل اللازم لتنفيذ هذه المنظومة مؤمن من القرض الموقع مع البنك الإسلامي للتنمية، كما إنه يجري العمل على وضع مخطط توجيهي لمحيط البحيرة يهدف الى حمايتها من التلوث، بالتزامن مع تنفيذ الخطة البيئية التنموية المشار اليها التي ستحوّل محيط السدّ إلى متنزه ومنطقة سياحية- ترفيهية جاذبة غير ملوثة”.
المصدر – خاص