ذكرت منظمة الأمم المتحدة في رسالتها إلى الأسرة الدولية بمناسبة الاحتفال بيوم النحل العالمي، بأن النحلة تشارك في تلقيح مئة وسبعين ألفا من أنواع المزروعات والنباتات المعروفة، والتي تساهم إلى حد كبير في ضمان الأمن الغذائي الإنساني والحيواني.
كما ذكرّت الأمم المتحدة، بأن النحل يُعَدُّ وفقا لكافة الدراسات العلمية التي أجريت حتى الآن من أفضل العناصر التي تساعد في تلقيح المزروعات، وهذا مثلا ما يجعل مزارعي اللوز الأميركية التي تؤمن لوحدها 45 بالمئة من الإنتاج العالمي من هذا المنتج تلجأ إلى خدمات مربي النحل الأمييكيين خلال فترة الإزهار مقابل مبالغ مالية أصبحت جزءا أساسيا من مداخيل هؤلاء المربين.
ولكن منظمة الأمم المتحدة نبهت أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية، إلى ضرورة المسارعة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي للمخاطر التي تهدد سلالات كثيرة من النحل في العالم بالانقراض في العقود القليلة المقبلة. ومن هذه المخاطر أساسا الأسمدة الكيميائية وما يسمى “الكائنات الغازية “أو “المستوطنة” وتقلصُ المساحات الخضراء في العالم لأغراض صناعية أو عمرانية.
وقد لوحظ في العقود الأخيرة أن كثيرا من الأسمدة الكيميائية المستخدمة في المجال الزراعي تساهم في إضعاف جهاز النحلة المناعي، وفي التضبيب على النظام الذي يتحكم في انتقال النحلة في المزارع والحقول والعودة إلى الخلية التي تنطلق منها، وبالتالي فإن كثيرا من النحلات العاملات تصاب بالإجهاد أو تضيع بسبب هذه الأسمدة الكيميائية المضرة بها مما يؤدي إلى هلاكها وهي في طريق العودة إلى الخلايا أو في الطريق إلى الرعي.
كما ويُعَدُّ الدبور الآسيوي الذي وصل إلى بلدان أوروبا الجنوبية في تسعينيات القرن الماضي من أشد الكائنات الغازية التي تفتك بالنحل في هذه المنطقة، ولم يتم التوصل حتى الآن إلى طريقة ناجعة مئة بالمئة وقادرة على التصدي له بسرعة والحد من تكاثره على حساب النحل.
وإذا كانت كائنات غازية مضرة بالنحل تنتقل من قارة إلى أخرى عبر السفن الناقلة للبضائع، فإن بعضها يجد نفسه مضطرا إلى الهجرة من مواطنه الأصلية إلى مواطن جديدة بسبب التغير المناخي، الذي يشكل عاملا مهما من عوامل إضعاف النحل وقدرته على المساهمة في الحفاظ على التنوع الحيوي.
وهذا ما جعل الأمم المتحدة تؤكد أن قدرة المناحل على التجدد على المستوى العالمي تنخفض اليوم بمعدل يتراوح بين مئة وألف مرة ما كان عليه الأمر من قبل.
ولذلك فإن منظمة الأمم المتحدة تدعو إلى تهيئة حقول ومزارع خاصة تتميز بتنوع نباتاتها وأزهارها وتكون بمثابة المحميات التي تساهم في الحفاظ على النحل من الانقراض.
ولابد من التذكير في سياق الحديث عن المخاطر التي تهدد نحل العسل بأن اختيار يوم الـ 20 من شهر أيار/ مايو من كل عام للاحتفال بيوم النحل العالمي يوافق يوم ميلاد أنطون جانسا، الرسام السلوفيني والخبير العالمي الذي وضع في القرن الثامن عشر أسس قواعد تربية النحل الحديثة.
وقد وُلد جانسا في العشرين من شهر أيار/ مايو عام 1734 وتوفي في الثالث عشر من شهر أيلول/سبتمبر عام 1773، وساهم إلى حد كبير في إثراء المعارف المتصلة بسلالة النحل المعروفة بتسمية ” كارنيكا” نسبة إلى منطقة كارنيولا السلوفانية.
ومن مواصفات النحلة الكارنيولية أن حجمها كبير وأن لونها قاتم، وهي نحلة هادئة جدا بالقياس إلى سلالات أخرى وتنهض باكرا لتنطلق إلى الحقول والمزارع بحثا عن الرحيق، وإن كانت أقل إنتاجا من سلالة النحل الإيطالية، فإن من خاصياتها أنها تقاوم أمراض الحضنة بشكل جيد وتستطيع التكيف مع الظروف الصعبة ولاسيما الثبات أمام الجوع في فصل الشتاء.
المصدر: مونت كارلو الدولية.