رمضان يهل وسط أزمة إقتصادية خانقة تنعكس سلباً على مآدب الإفطار

هلّ شهر رمضان المبارك هذه السنة، في ظل أزمة إقتصادية خانقة لم يشهد لبنان مثيلاً لها حتى تاريخه، ولم يعد المواطنون قادرين على مواجهة الأزمات المعيشية والحياتية، وإذا بهم يقتصدون في شراء حاجاتهم الغذائية ولا يبتاعون إلا الضروري منها. وذكر “مرصد الأزمة” في الجامعة الأميركية في بيروت، أن تكلفة إفطار رمضاني بسيط جداً، ستفوق قدرة عائلات لبنانية كثيرة، مع استمرار تدهور الأوضاع الإقتصادية والإرتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية”.
فقد احتسب باحثو المرصد كلفة وجبة إفطار مكونة من: حبة تمر، حساء العدس، سلطة الفتوش، وجبة أرز مع دجاج ونصف كوب من لبن البقر، إعتماداً على المقادير والكميات المنشورة في كتاب “ألف باء الطبخ” وعلى أسعار الجمعيات التعاونية في بيروت، مع العلم أنه تم احتساب الأطمعة والكميات لتقدم 1400 سعرة حرارية للفرد كمعدل ضروري لإفطار شخص.
وبناء على ذلك الحساب، جاءت تكلفة الإفطار اليومي المؤلف من مكونات ووجبة أساسية للفرد الواحد بـ 12,050 ليرة أي 60.250 ليرة يوميا لأسرة مؤلفة من 5 أفراد، وبالتالي ستقدر التكلفة الشهرية للإفطار لأسرة مؤلفة من 5 أفراد بنحو مليون و800 الف ليرة، فيما أشارت الدراسة إلى أن تلك التكلفة لا تتضمن المياه أو العصير أو الحلويات أو نفقات الغاز والكهرباء ومواد التنظيف.

الدولية للمعلومات

أما طبق الفتوش فبلغت تكلفته 12,287 ليرة بحسب الدولية للمعلومات، في حين بلغت في العام الماضي تكلفته لـ 5 أفراد 4,250 ليرة، وارتفعت هذا العام إلى 12,287 ليرة أي بزيادة نسبتها 189%، وذلك استناداً إلى أسعار المواد والخضر التي تدخل في إعداد طبق الفتوش، كما هو متوسط الأسعار في أسواق البيع بالمفرق وهي تزيد عن تلك المعتمدة في سوق الجملة بنحو 60%-80%. ويصيب الارتفاع في كلفة طبق الفتوش جميع اللبنانيين وليس فقط المسلمين، فهو يشكل طبقا أساسياً من أطباق المطبخ اللبناني.
وقال الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ “الوكالة الوطنية للاعلام”: “من المعروف أن السلع والمواد الغذائية لا سيما الخضار والحلويات كانت تشهد ارتفاعا كبيرا كل سنة خلال شهر رمضان، لكن هذا العام ارتفعت الأسعار قبل بدء رمضان بسبب ارتفاع سعر الدولار، فالحلويات مثلا ارتفعت خلال الشهر الماضي بنسبة 25 في المئة والخضر والفاكهة واللحوم والمواد الغذائية ارتفعت خلال شهر آذار الماضي بنسبة تترواح بين 20 و40%، وبالتالي ارتفعت قيمة السلة الغذائية إلى نحو مليون وأربعمئة ألف ليرة لبنانية بعدما كانت قبل الأزمة 450 ألف ليرة، وهذا ارتفاع كبير جداً إذ ناهزت نسبة الارتفاع 200% خلال سنة ونصف السنة، وهذا الرقم غير مسبوق ومن هنا تقلصت القدرة الشرائية عند اكثرية اللبنانيين وخصوصا الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، ولم يحصل زيادة على رواتبهم”.
أضاف: “إن الأسعار في رمضان لن تشهد ارتفاعا إضافياً ككل سنة لأنها مرتفعة أصلاً، والطلب خلال رمضان يزيد على الحلويات والجلاب، فالتجار سيكونون حذرين ولن يعمدوا الى رفع الأسعار لأن أي ارتفاع إضافي سيؤدي الى تراجع الإستهلاك”.
ورأى أنه “قد يكون من المفهوم أن ترتفع أسعار السلع المستوردة، لكن من غير المفهوم أن ترتفع أسعار السلع المنتجة محلياً ولا يدخلها الا 5% او 10% من المواد المستوردة ومع ذلك، ارتفعت أسعارها بنسبة مئة في المئة، وهذا يكشف الى ما يؤدي انعدام الرقابة”.
وأوضح أن “أسعار الحلويات ارتفعت في الشهر الماضي بنسبة 25% لكن المبيع تراجع بنسبة 50%”، مشيرا إلى ان “هذا الامر سيستمر خلال شهر رمضان”، أضاف: “أما بالنسبة إلى اللحوم، فهناك لحم مدعوم يتراوح سعره بين 40 و55 ألف ليرة للكيلو الواحد، وهناك لحم غير مدعوم سعره 100 ألف ليرة اي ارتفع سعره بنسبة مئة في المئة، والمشكلة أن معظم القصابين يقولون أن ليس لديهم لحوم مدعومة. أسعار الدجاج أيضا ارتفعت بنسبة 20% بسبب استيراد العلف ولا يوجد علف مدعوم”.
وختم: “أسعار السلع الأساسية في شهر رمضان ارتفعت بنسبة ما بين 25 و100 في المئة، مع تسجيل ملاحظة مهمة أن هناك تراجعاً كبيراً في حركة البيع لأن اللبنانيين فقدوا قدرتهم الشرائية”.
المعالجة ضرورية
المواطن لا ينتظر إلا فرج ربه، واكتراث المسؤولين لهمومه ومشاكله وأزماته التي باتت عناوين يومية لحياته، كما هي عناوين لنشرات الأخبار السوداوية بدءاً برغيف الخبر الذي أصبح غير متوفر الا في الأفران ومادة البنزين غير المتوفرة تقريباً في معظم المحطات، والتي لا يمكن أن تسير عجلة الحياة من دونها، إلى أزمة الدواء والمستشفى الذي قد يصبح غير متوفر الا للميسورين، الى مشكلة ارتفاع سعر المواد الغذائية ومشهد الشجار على المواد المدعومة الذي بات مشهداً يومياً أقل ما يقال عنه أنه يدمي القلوب.
أما آن الأوان لمعالجة الأزمات الإقتصادية والمالية وتأليف حكومة تنفض عن لبنان غبار المآسي؟ عل الشهر الفضيل يكون كريماً على اللبنانيين، وينير عقول المسؤولين لتخفيف وطأة الأعباء اليومية عن المواطن أيا كانت طائفته.

أميمة شمس الدين

المصدر : الوكالة الوطنية للإعلام

لمشاركة الرابط: