مركز “بيتيما للثقافة والفنون” في بلدة عيتا الفخار البقاعية محاولة رائدة للحفاظ على تراث البلدة وتاريخها (بالصور)

خاص -nextlb-عاطف البعلبكي
يحاول مركز”بيتيما للثقافة والفنون” في بلدة عيتا الفخار البقاعية أن يعوض الغياب شبه الكامل للمنشآت الثقافية والمراكز المخصصة للنشاطات الإجتماعية في منطقة البقاع الغربي وراشيا ومواجهة واقع “التصحّر الثقافي” السائد عبر خلق وتحفيز حالة ثقافية نوعية تفتقدها البلدة بشكل خاص ومنطقة البقاع الغربي وراشيا بشكل عام .
استغرق بناء المركز الذي يقع في وسط البلدة 3 سنوات ، ويتميز بطرازه المعماري التراثي المكلل بالقناطر المعقودة بالحجر المقصوب التي صممت بإستخدام المواد المحلية المكونة من الحجر الصخري الطبيعي ، وخشب الحور للسقف مع استخدام المهارات التقليدية في طريقة تشييده.
وكانت جمعية القرى الخضراء ببلدة عيتا الفخار في قضاء راشيا قد افتتحت مؤخراً مركز “بيتيما للثقافة والفنون” برعاية وزارة الثقافة وبحضور مديرها العام الدكتور علي الصمد والنائب السابق إيلي الفرزلي ووجوه ثقافية ودينية واجتماعية بقاعية .


وتزامن افتتاح المركز مع إقامة معرض تراثي للفخاريات المصنوعة في البلدة من القرن الماضي .
ويهدف المعرض كذلك مع الأبحاث والمعلومات والمواد التي جمعها فريق العمل خلال التحضير له ، الى حفظ الذاكرة الجماعية للبلدة وإغنائها بالمعرفة والوثائق ووضعها في متناول الجمهور بشكل عام والأجيال الشابة على وجه الخصوص.


وعن المركز ونشاطاته الثقافية ، قال مدير مركز “بيتيما للثقافة والفنون” وأحد مؤسسيه ابراهيم ناصر ل nextlb
:” يجسد المركز رحلة طويلة من الجهد امتدت لأكثر من ثلاث سنوات منذ وقع الإختيار على مكان استراتيجي في ساحة البلدة وقمنا بتنفيذه بطابع معماري تراثي بإستخدام المواد الطبيعية والصخر والحور والقصب ، وأصبح معلماً معمارياً مميزاً ليس فقط في بلدتنا عيتا الفخار البقاعية بل في منطقة البقاع الغربي وراشيا التي شكلت عبر التاريخ صلة وصل بين الساحل الفينيقي ومصر الفرعونية ، وبين ممالك الداخل وحضارة بلاد ما بين النهرين ، إذ شكلت البلدة مع الجوار طريقاً طبيعياً من خلال الممرات في السلسلة الشرقية الى الداخل السوري ، وصلة وصل مع حضارات دمشق وتدمر وبابل “.
ويضيف ناصر :” نحاول مع المركز إعادة إحياء الحياة العامة من خلال تنظيم النشاطات الثقافية والفنية والأمسيات الشعرية ، وهذا ما ينقصنا في البلدة والمنطقة .”

تراث وتاريخ
ويتابع ناصر ” كانت عيتا الفخار مركزاً مهماُ لصناعة الفخار ، وهذه الحرفة تطورت من ضمن الحياة الريفية القديمة وكانت مصدر عيش لأهل البلدة ، وقد اختفت للأسف بشكل كلي ، ونحن نحاول أن نضيء على تاريخ الأجداد وأن نشجع الجيل الجديد أن يفخروا بتاريخهم وبهويتهم ، بالإضافة الى إعداد دراسات تاريخية عن هذه الصناعة التي ترجع للحقبة الفينيقية وتوثيق هذه المعلومات في كتاب “.
ويتابع ناصر ” تمكنا من جمع مجموعة من الأواني الفخارية المصنوعة بأيدي مهنيين من البلدة كانت محفوظة في بيوت كبار أهلها ، وقمنا بعرضها في المركز وبلغت حوالي 150 قطعة ، وقد حصلنا على بعضها على سبيل الإعارة ، ويتراوح عمر هذه القطع ما بين 75 و150 سنة ، وكانت تلبي احتياجات أهل البلدة في حياتهم اليومية من خوابي المؤونة والمعاجن وحتى الصحون والأباريق “.
ويضيف ” قمنا بتوثيق كل مفردات مهنة الفاخوري في كتاب نشرناه مؤخراُ كنوع من الحفاظ على الذاكرة الجماعية للبلدة والعودة للجذور لنقلها للأجيال اللاحقة في محاولة منا للمحافظة عليها من الزوال والإندثار ، ونحضر لنشاطات أخرى خلال الأشهر والسنوات المقبلة”.

أصابع من فخار
كانت باكورة نشاط مركز “بيتيما ” تنظيم معرض فني تاريخي حمل اسم “أصابع من فخار” يستمر لمدة شهرين بدءا من منتصف شهر آب أغسطس 2025  حتى 23 تشرين أول اكتوبر ، ويلتصق موضوعه بتاريخ البلدة إذ يعيد تسليط الضوء على صناعة قديمة اندثرت منذ ما يزيد عن 50 عاماً ، وهي صناعة الفخار التي أعطت اسمها للبلدة وشكّلت لعدة قرون المصدر الأساسي لعيش سكانها ومحور حياتهم الإجتماعية والإقتصادية .
وهذه المهنة سهلت تفاعلهم مع محيطهم الواسع في سهل البقاع ومع جزء كبير من سوريا من خلال بيعهم لهذا الإنتاج الذي كان يشكل حيزاً مهما من طريقة عيشهم وأدوات الإستخدام في الحياة اليومية ، قبل أن يحل محلها المعدن والزجاج والأواني البلاستيكية التي دخلت الى المنطقة خلال مطلع القرن الماضي .
ويكشف المعرض لزواره عبر مجموعته المعروضة من الأواني الفخارية القديمة وعبر الشروحات النصية والرسومات التوضيحية والصور القديمة منذ الخمسينيات والخرائط ،عن كافة جوانب تلك الصناعة: تاريخها، ظروفها الإقتصادية والإجتماعية وتقنيات الإنتاج التي اعتمدتها.

دورات صيفية وزوار !
ويقوم المركز بتنظيم دورات صيفية لتعليم الأجيال الصاعدة على تقنية صناعة الفخار بنفس الطريقة القديمة التي اشتهرت بها البلدة منذ قرون عديدة ، وهي فرصة لتعليم فتيان وفتيات البلدة على نشاط ثقافي ومهني يعزز لديهم الشعور بالإنتماء الى هذه البلدة وتراثها وتاريخها .
ويستمرالمركز في استقبال الزوار حتى 23 تشرين أول نوفمبر كل يوم خميس وجمعة وسبت وأحد من كل أسبوع من الساعة الحادية عشرة صباحاً حتى السابعة مساء .

[email protected]

عدسة nextlb.com

لمشاركة الرابط: