افتتح النادي الثقافي العربي، بالتعاون مع اتحاد الناشرين اللبنانيين، عند الرابعة من عصر اليوم في “بيال”، معرض “بيروت العربي الدولي للكتاب الستين”، في حضور وزير الثقافة روني عريجي ممثلا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة بشخصه وممثلا الرئيس المكلف سعد الحريري، ممثل الرئيس سليم الحص رفعت بدوي، النائبين غازي العريضي ومحمد قباني، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، رئيس النادي الثقافي العربي فادي تميم، رئيسة اتحاد نقابة الناشرين سميرة عاصي، سهير حصري ممثلة رئيس المجلس البلدي لبيروت جمال عيتاني، وحشد من أصحاب دور النشر المشاركة والمثقفين.
تميم
بعد كلمة لعريف الاحتفال علي بيضون، ألقى تميم كلمة قال فيها: “أصبح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ظاهرة ثقافية ومعلما حضاريا لمدينة بيروت المحروسة كعاصمة للثقافة، واصبح ملتقى لكل الفعاليات الثقافية من الادباء والمفكرين ورجال الاقتصاد والاعمال والجمهور العريق الذي يضم كلة شرائح المجتمع اللبناني. كما أنه يترافق مع برامج ثقافية وفكرية متعددة يعدها النادي الثقافي العربي ونقابة اتحاد الناشرين في لبنان، تنطوي على مروحة واسعة من المواضيع في مختلف الشؤون الفكرية والثقافية”.
عاصي
ورأت سميرة عاصي أن “معرض الكتاب يستحوذ عاما بعد عام، ليس على اهتمام اللبنانيين ولا العرب ومكتباتهم، فحسب بل كل العالم، وهو ويشكل علامة فارقة ونقطة جاذبة يتحول معها لبنان الى مركز للسياحة الثقافية، سياحة مجدية لا تحفظ الصورة والصوت فحسب، بل تحفظ ذاكرة، وتسجل حقائق تتصل بالوقائع العالمية وانعكاساتها على الجغرافيا والانسان في منطقتنا”.
حصري
ومن جهتها، ألقت حصري كلمة قالت فيها: “إن بيروت تحتفل اليوم بالثقافة والكتاب، إيمانا منها بأن الثقافة هي أساس بناء الحياة الكريمة، وأن الشعب الذي يتسلح بالثقافة السليمة يستطيع أن يبني مستقبله وأن يفيد ويستفيد”.
عريجي
وفي الختام، قال عريجي: “شرفني دولة الرئيس تمام سلام بتمثيله رعاية لهذا الحدث الثقافي، ويسعدني أن أنقل اليكم تحياته والتمنيات بالنجاح. النادي الثقافي العربي ومعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، في دورته الستين، مأثرة ثقافية سنوية، وفعل معرفي يتوالى، بإصرار المؤتمن على قضية حضارية، منذ ستين سنة. هذه التظاهرة، فخورون بها نحن، على المستويين الرسمي والشعبي. إنها سمة من علامات حضور لبنان وتنامي دوره الريادي – النهضوي، منذ انطلاقة أبجدية جبيل ومطبعة قنوبين وثورة الحرف والمعرفة حتى اليوم. في فضائل هذه التظاهرة، إنها تشكل منصة ثقافية – إنسانية – فكرية، يلتقي في رحابها الكتاب والناشرون والطابعون وجمهور القراء والطامحون إلى نعمة المعرفة”.
أضاف: “إذ نحتفل اليوم بالكتاب والكاتب والناشر، فنحن في صميم نشر المعرفة وترويجها ورقا وحبرا، وبوسائط التواصل، وقد صارت عابرة للحدود والجغرافيات. انتهى زمن العوائق المفرقة للبشر، نحن في زمن العولمة، في قلب القرية الكونية وفي شمولية إنسانيتها. هو زمن اقتراب سيطرة الإنسان على اللامتناهي في الصغر، ومغامرة اكتشاف اللامتناهي في المدى، وارتياد الكواكب، الحدود الجديدة للانسان”.
وتابع: “صحيح أننا في الكتاب، لكن المعرفة تحولت الى آفاق أخرى. نحن في زمن اقتصاد المعرفة، وفي بروز مصطلح رأس المال المعرفي، القائم على الذكاء والمعلومة والبحث العلمي… وتكفي الإشارة إلى أن الصناعات – الكثيفة المعرفة – تسهم بنسبة 40% من الناتج الإجمالي للولايات المتحدة، وتبلغ حوالى تسعين مليار دولار سنويا. كما أن انتاج الصين من صناعات المعرفة ينمو بمعدل عشرين في المئة سنويا”.
وأردف: “إن لبنان بما يختزن من طاقات كبرى في قطاع الثقافة، يستطيع اذا أعطته الدولة الفرص والامكانات والدعم المطلوب أن يحول امكاناته الى اقتصاد مضاف ذي مردود كبير. كلنا يعرف حجم التحدي الذي يواجه الكتاب، صناعة وترويجا، ودور الحواسيب والهواتف الذكية والمواقع التي احتلت مكان رفوف وخزائن مكتبات العالم. صحيح، تأثرت حركة الطباعة والنشر، صحفا ومجلات وكتبا، لكن يبقى لنا سحر ملامسة الورق، ورائحة الحبر ودفء الكتاب”.
وقال عريجي: “إننا نثمن عاليا هذه البادرة الرائعة في نشر الكتاب. وبهذه المناسبة، أود الإشارة إلى جائزة الرواية باللغة العربية التي استحدثناها في وزارة الثقافة – منذ سنتين – لفئتي الروائيين المكرسين والكتاب الناشئين. وأغتنم مناسبة معرض الكتاب لأتوجه إلى جميع الروائيين اللبنانيين، وأدعوهم لتقديم نتاجهم إلى الدوائر المختصة في وزارة الثقافة، للتنافس على جمالات الإبداع الروائي، وإنني في هذا الصدد، أنوه بالكفاءة العالية والاستقلالية التامة لأعضاء لجنة التحكيم الوطنية التي شكلناها، والمولجة دراسة وتقييم هذه الأعمال”.
أضاف: “لقد لعبت الثقافة دورا راجحا في تكوين نسيج المجتمع اللبناني عبر العصور، وكونت شخصيته الفريدة في هذه المنطقة، وتحولت مشروعا حضاريا طمح ادباؤنا والمفكرون النهضويون واللاحقون والحاليون لتحويله إلى دور ورسالة لبنان في محيطه والأبعد. ولعل كتابات المفكر الراحل رينيه حبشي، في ستينيات القرن الماضي، حول مشروع لبنان الثقافي ودوره الاشعاعي كان لها تأثير في هذا المجال”.
وتابع: “في حمأة هذه الهمجية المدمرة التي تعيشها المنطقة العربية والشرق عامة، نستذكر المشروع الثقافي اللبناني، كنموذج، ولو حالم، لمنطقة الشرق الأوسط، هذا المشروع الذي عبرت عنه الاونيسكو عمليا، يوم استحدثت المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل سنة 1970، عبر بيان أممي اعتبر لبنان بوصفه الجيو-ثقافي، جسر التقاء ثلاثي القارات: آسيا، إفريقيا وأوروبا، لحضارات الشرق بالغرب في مدينة مهد الأبجدية… دعوة لتأمل نقوش الأبجدية على ناووس أحيرام في المتحف الوطني”.
وأردف: “اذا كان من مفاعيل الثقافة، بدورها المطلق، المصالحة الإنسانية مع الذات والآخر، ومع قدرنا كمعطى من التاريخ في مساحات الجغرافيا، فالمشروع الثقافي – الذي نطمح – يحتم مصالحة جماعية، فوق كل الفوارق والاعتبارات، وبناء كيانات سياسية – اجتماعية تليق بالإنسان، في لحظة نرتاد فيها الكواكب والمجرات البعيدة. في عام 1982، كتب الرئيس السنغالي الأسبق شاعر الزنوجة والفرنكوفونية: “لن يستقيم نظام اقتصادي – دولي، ما لم يسبقه نظام ثقافي عالمي!”، وكان يقصد بناء الإنسان. وان كان في الموقف بعض طوباوية جميلة، أو ليست شرعة حقوق الإنسان مثالية طوباوية؟ واستطرادا، فقدر وقرار أبناء هذا اللبنان ان يستمر وطن الرسالة في هذا الشرق، وفسحة التقاء وتناغم الأديان والعقائد والأفكار”.
وقال: “إن طموحنا جميعا، ودور مبدعينا، ان يبقى هذا الوطن، واحة حرية كتابة ومسرحا وموسيقى وغناء وشمولية انتشار. هذا التآلف بين الروحانية المتعددة المشارب، والتوق المعرفي المتناغم الجذور بين شرق وغرب، ولد هذه الفرادة الإنسانية التي تسم مجتمعنا اللبناني – رغم كل الأزمات – وتخلق دينامية وحدتنا وتطورنا، في قناعتي، هي صيرورة لا تنتهي”.
أضاف: “في الأزمنة الصعبة التي تجتازها المنطقة، والتي غابت عنها الثقافة الإنسانية، يعتز لبنان، بأنه أحد مؤسسي الاونيسكو في عام 1946، كمنظمة جامعة للفكر البشري وفي ميثاقها: “لما كانت الحروب تولد في عقول البشر، ففي عقولهم، والطموحات، يجب ان تبنى حصون الإنسانية والسلام”. في كتابه “سبعون”، قال أديبنا الكبير ميخائيل نعيمة: “كفانا خدمة للحقد والموت ايها الناس، آن لن ان نخدم الحياة”… “إنه لأيسر ان تقيموا حدودا بين أمواج البحر والرياح وأشعة الشمس، من أن تقيموها بين انسان وانسان! لتقم على أكتاف دويلات الناس، دولة الإنسان”.
وختم عريجي: “يسعدني، واللحظة مهرجان للكلمة، أن ندفئ عقولنا والروح، بتوهج الحرف وهدي المعرفة، خلاصا للخروج من الشرانق إلى رحاب الإنسانية.
كل التهنئة للنادي الثقافي العربي ولنقابة اتحاد الناشرين في لبنان ولأهل الثقافة والقراء.التحية إلى أقلام كتابنا والمبدعين. أما الكتاب فسيبقى أيقونة المعرفة في عقولنا، تحية إلى أهل الحرف”.
الجوائز
وبعدها وكعادته من كل عام، وزع النادي الثقافي العربي الجوائز الخاصة بأفضل كتاب اخراجا وطباعة. ومنحت اللجنة الفنية جائزة أفضل كتاب إخراج للكبار:
– الجائزة الاولى: كتاب “ابن خلدون، الانسان ومنظر الحضارة” عبد السلام شداوي، ترجمة الدكتور حنان قصاب حسن، المكتبة الشرقية – 2016.
– الجائزة الثانية: كتاب “سعود الفيصل، حكاية مجد” الدكتور مهد بن حسن دماس، مؤسسة الاتشار العربي – 2016.
– الجائزة الثالثة: المصحف وقراءاته خمسة مجلدات، تصنيف مجموعة من الباحثين بإشراف عبد المجيد الشرقي، مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والنشر”.
كما قررت اللجنة منح جائزة أفضل كتاب اخراجا للأطفال:
-الجائزة الاولى: كتاب “النفق” تأليف أمل ناصر، رسوم هشام سليمان، منشورات دار لبنان.
– الجائزة الثانية: كتاب “أنا أقوى من الغضب”، نص إيفا كوزما، رسوم سنان حلاق، منشورات “أكاديميا انترناسيونال”.
– الجائزة الثالثة: كتاب بعنوان “بيروت”، نص رانيا زغير، رسوم اتيان بسترماجي، منشورات “الخياط الصغير”.
بعدها، قص عريجي والسنيورة شريط افتتاح المعرض، وجالا في أرجائه متوقفين عند الاجنحة المختلفة.