
إكرام صعب
في قاعةٍ غصّت بالصحافيين والباحثين وطلاب الإعلام، نظم النادي الثقافي العربي ندوةً احتفائية بعنوان «ميشال أبو جودة: فارس الكلمة»، ضمن فعاليات الدورة 66 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، لإعادة إضاءة سيرة أحد ألمع أعمدة الصحافة اللبنانية والعربية في القرن العشرين.
هشام أبو جودة: «10 آلاف مقال وتاريخٌ حيّ»
استهل مدير الندوة هشام أبو جودة – ابن شقيق الصحافي الراحل – اللقاء بسيرةٍ تفصيلية امتدّت من الزلقا (1933) إلى مكتب التحرير في «النهار» عام 1951، فإلى زاويته اليومية «من حقيبة النهار» التي انطلقت سنة 1955 وتجاوزت 10 379 مقالاً. ذكَّر بطعنتَي السكين عام 1959 واستدعاءاته المتكررة أمام القضاء، ثم بخطفه الدراماتيكي في 4 تموز 1974 «الذي هزّ بيروت والعالم العربي». وأعلن أنّ اللجنة العائلية تعمل على إصدار كتابين: مجموعة مقالاته في مجلة «المنبر» الفرنسية وملف «بين الاعتداء والخطف».
صلاح سلام: «رصانته أقوى من المدافع»
وصف رئيس تحرير «اللواء» صلاح سلام المحتفى به بأنه «الفارس الذي صال بالكلمة حين كانت بيروت عاصمة الصحافة العربية». وأشار إلى أنّ تحليلاته الهادئة قلبت موازين حقبة الشهابية، ووقفت ضد «اتفاق القاهرة» (1969) الذي رأى فيه فقداناً لسيادة لبنان. واستشهد سلام بمتابعة جمال عبد الناصر وأنور السادات اليومية لزاويته، وبقولهما إنّ «أبو جودة يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا».
وقال سلام ”
الحديث عن الصحافي والكاتب الكبير ميشال أبو جوده يعني الكلام عن مرحلة غليان وتغيير إجتاحت لبنان والعالم العربي في الخمسينات والستينات حتى نهايات القرن الماضي.
ميشال أبو جوده كان فارس الكلمة في زمن كانت فيه بيروت عاصمة الصحافة العربية بلا منازع. ينتظر صحفها الملوك والرؤساء والأمراء، ليتابعوا مواقفهم من القضايا المطروحة، ومن الخلافات المستحكمة بين البعض منهم. لأنه في تلك المرحلة لم الصحافة المحلية في الدول الخليجية قد ظهرت بعد، وكانت الصحف في الدول الإنقلابية ملك الدولة، ومهمتها تمجيد الحاكم، والإشادة في خطاباته وقراراته، حتى ولو كانت خاطئة حيناً ومدمرة أحياناً.
وتابع سلام “كان الرئيس جمال عبد الناصر غالباً ما ييدأ نهاره مع الصحف اللبنانية، التي تصل القاهرة مع رحلة الطيران الصباحية، وكان، على ما روى مقربين منه لاحقا، يبدي إهتماما خاصاً بجريدة النهار ومقالات “حقيبة النهار”، التي يكتبها يوميا ميشال أبو جوده، والتي كانت تلاقي صداها في أحاديث الزعيم العربي الكبير مع زواره من اللبنانيين، وخاصة السفير اللبناني في القاهرة جوزيف أبو خاطر، الذي يحيط أبو جودة دائما بإهتمامات الرئيس المصري بمقالاته.
هل قرأت مقال ميشال أبوجودة ؟ سأل الرئيس عبدالناصر وزير الإرشاد البومي محمد فائق الذي أجابه “لا “. فرد عليه عبد الناصر إقرآه لأنه مهم، حسب ما ورد في مذكرات محمد فائق نفسه الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية، بعنوان ” مسيرة تحرر “.
واضاف”كان ميشال أبو جودة يعتبر في نظر أهل السلطة في لبنان معارضاً لكل العهود تقريباً، وفي بعض الدول العربية عميلاً لدول أجنبية، لأنه في الحالتين اللبنانية والعربية كان ينتقد الأداء الديكتاتوري للحكام ، ويرصد أخطاء الممارسات السياسية والسلطوية الشاذة في لبنان، حيث إعتبر أن كل شخص يحاول حل العقدة هو عقدة بحد ذاته.وفي كل مرة يقال أن على السياسيين أن يقدموا مصلحة الوطن على مصالحهم،ولكن السياسيين لا تهمهم كثيراً مصلحة الوطن إذا كانت ضد مصالحهم. إن مصلحة السياسيين أهم وأقوى من مصلحة الوطن.
ورغم تصنيفه من خصومه، بأنه غربي الثقافة والفكر، و يميل إلى المعسكر الليبرالي الغربي، في عصر الحرب الباردة، بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة، والمعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفياتي، فإنه كان يلقى إهتماماً بمقالاته من الطرفين، لأنه كان يتمتع بموهبة سكب أفكاره بإسلوب هادئ، ومنطق متسلسل، ويصل إلى الإستنتاجات التي يريدها بسلاسة، دون تهجم أو إنفعال،
خاض صاحب “حقيبة النهار”، بقلمه وبعاموده اليومي الشهير أشرس المعارك السياسية ضد الحكم الشهابي، ولم يأبه لما كان يتلقاه من ضغوط وتهديدات من ضباط المكتب الثاني، المحيطين بالرئيس فؤاد شهاب، معتبراً أن ممارسات العسكر غي العهد الشهابي شوهت إنجازات رجل المؤسسات، الذي جاهد لوضع اللبنة الأولي في هيكلية بناء الدولة، لأن التدخلات المباشرة والفاقعة للقائمين لجماعة المكتب الثاني، كانت تخنق الممارسة الديموقراطية، وتعتمد على الأزلام والعملاء من زعران الشوارع، لتطويع القيادات السياسية والحزبية المتمردة على النفوذ الشهابي، ورفضت الإنضمام إلى “جبهة النهج” التي كانت تضم نواب وسياسيين، يعمل معظمهم برعاية المكتب الثاني.
إستقطبت مقالاته العديد من قادة المعارضة للنهج الشهابي، وفي مقدمتهم عميد الرؤيا والرأي الحر والموقف الوطني الإستراتيجي ريمون إده، الذي تحول إلى زائر شبه يومي لمكتب ميشال أبو جوده في النهار، ولعميدها الراحل الكبير غسان تويني، حيث كانت تخرج من تلك الجلسات التوجهات النارية لحركة المعارضة السياسية، وأبرزها فكرة الحلف الثلاثي، الذي ضم القيادات المارونية الكبرى في تلك المرحلة: الرئيس كميل شمعون، والشيخ بيار الجميل، والعميد ريمون إده، الذين خاضوا معاً الإنتخابات النيابية عام ١٩٦٨، وسجلت لوائحهم تفوقا حاسماً على خصومهم الشهابيين، خاصة في الدوائر ذات الأكثرية المسيحية، الأمر الذي شجع الرئيس شارل حلو على الخروج من العباءة الشهابية، محاولاً الإستقلال عن وصاية المكتب الثاني في السنتين الأخيرتين من عهده.”
وقال “كان ميشال أبو جوده من أشد المعارضين لإتفاق القاهرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، الذي أعطى الفصائل الفلسطينية المسلحة حرية الحركة على الأراضي اللبنانية، وإدخال المقاتلين والأسلحة والعتاد دون رقابة السلطات اللبنانية، وإقامة القواعد وحشد المسلحين في منطقة سبها ومحيطها الحدودي مع العدو الإسرائيلي، وإعتبر أبو جوده أن الدولة اللبنانية فقدت سيادتها، وسمحت بوجود قوات مسلحة غير لبنانية على أراضيها.
تفاءل الكاتب الألمعي ببدايات عهد الرئيس سليمان فرنجية، الذي وصل مع حليفيه الرئيسين كامل الأسعد وصائب سلام إلى الحكم بفارق صوت واحد في الإنتخابات الرئاسية في مجلس النواب، ضد منافسه الشهابي الصميم حاكم مصرف لبنان يومذاك إلياس سركيس، على إعتبار أن العهد الجديد سيعيد التوازن للممارسة الديموقراطية، ويضع حداً لنفوذ وتدخلات المكتب الثاني في الساحة السياسية. وبالفعل فقد تم “إقتلاع” ضباط المكتب الثاني من مراكزهم، وتم تشريدهم في عدد من العواصم العربية والدولية كملحقين عسكريين.
ولكن الرياح جرت بعكس ما كان يشتهي أبو جودة، والأكثرية الساحقة من اللبنانيين. حيث خلت الساحة الداخلية أمام الفصائل الفلسطينية المسلحة، وكان صاحب الأفكار الصريحة والمواقف الجريئة أحد ضحاياها المبكّرين. حيث أقدمت مجموعة تنتمي إلى منظمة الصاعقة الفلسطينية، والتابعة للنظام السوري، على خطف ميشال أبو جودة إثر خروجه من مكتبه يوم الثالث من تموز عام ١٩٧٤، وقادوه في عملية مموهة إلى سوريا، بعد وضعه بنعش ملفوف بالعلم الفلسطيني، وكأنه شهيد فلسطيني يُراد دفنه في مخيم اليرموك في دمشق، وهناك خضع لتحقيق مع رفعت الأسد، الذي مارس كل أنواع التهويل والتهديد، حول علاقته بقادة البعث السوريين السابقين،لا سيما ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار، ودوره في تقريب هؤلاء مع النظام العراقي لتدبير إنقلاب على الأسد في دمشق.”
وتابع”إستنفرت الدولة اللبنانية أجهزتها الأمنية، وعلاقاتها الديبلوماسية العربية والدولية، للمارسة الضغوط اللازمة علي نظام الأسد للإفراج عن أبو جودة، قبل أن يصبح في عداد المفقودين. وكان أن تم الإفراج عنه في السابع من تموز، ليستقبله الرئيس فرنجية في القصر الرئاسي، مستنكراً ما أقدم عليه حلفائه في دمشق.
سئل سياسي فرنسي بعد الثورة الفرنسية: ماذا فعلت؟ فكان رده المختصر والموحي “لقد بقيت حيّاً”. وعاد ميشال أبو جودة من أسره القسري حيّاً ليكتب في حقيبته النهارية يوم ١٠ تموز ٧٤، بضعة أسطر إختصر فيها رؤيته للمرحلة السوداء المقبلة على لبنان وعلى المنطقة: ستكون حروب ليس بها شرف الحرب، وثورات تُشين سمعة الثورات، وبطولات يسجلها قتلة بالأجر، ثم يختفي الظلام، فلن تبقى عيون تراه..، وتصبح للناس ، كل الناس ألسنة طويلة، لكنها لا تحكي..، وآذان دقيقة لكنها لاتسمع إلا ما يقال لها ..، يومها لن يُخطف أحد..،فما من أحد يخطف أحجار الطريق، ولن يُقتل أحد، فالكل موت”
لويس صليبا: «عموده… أرشيف دولة»
الأكاديمي والباحث لويس صليبا قدّم مداخلة موسَّعة بعنوان «عصر الصحافة الورقية الذهبي 1953‑1992»، مؤكداً أنّ مقال «في حِمى الأمير» غدا مفتاحاً لفهم اغتيال نعيم المغبغب عام 1959، وأنّ قراءة مقالاته ضرورة لأي مؤرّخ يوثّق تلك الحقبة. شبّه أسلوبه «بميكانيكي يفكّك السيارة ليعيد تركيبها بلا عيوب»، داعياً إلى تحويل «لجنة ميشال أبو جودة» إلى مؤسسة بحثية وإصدار أعماله الكاملة «لأنها مناجم لأطروحات دكتوراه».
واضاف صليبا “عرفتُ ميشال أبو جودة شخصيّاً في تمّوز-آب 1988 يوم عملنا في لجنة أصدقاء العميد ريمون إدّة، وكان مكتبُنا الرئيسي في فندق الكارلتون حيث يقيم أبو الميش أو ميشو كما كنّا نسمّيه تحبّباً. وكان، وهو المُحبُّ للعميد والمتحمّسُ لانتخابه رئيساً للجمهورية يومها، يزورنا باستمرار، ويسألُنا عن المستجدّ والجديد، ويخبرُنا بدورِه ويُبلغنا ما يعرفُ من جديد.
وعرفتُه ثانياً قارئاً له ولعموده اليومي حيث يحلو للمرء استكشاف الحدث وسَبرَ أغوارِه على ضوء قراءة أبو جودة له وتحليله لأبعاده وما قد يجرُّ من تداعيات.
بيد أنّني، والحقّ يقال، لا أستطيعُ أن أدّعي أن هذه ولا تلك كانت معرفة حقيقيّة لهذا الصحافي الفذّ والجهبذ. فأنا لم أعرفْه عن كثبْ، وكما يليقُ ويجبْ إلا مؤخّراً عندما عملتُ مؤرّخاً لحقبة وتجربة الرئيس الأمير فؤاد شهاب والتي أصدرتُ مؤخّراً عنها كتابي “فؤاد شهاب ما له وما عليه”
وقال “درستُ في هذا الكتاب عدداً من مقالات أبو الميش ولا سيما أربعة منها تتعلّق بحدث معيّن واحد ألا وهو اغتيال النائب والوزير السابق نعيم المغبغب في 27 تموز 1959.
ولن أذكرَ ما جاء في دراستي تلك التي بلغت نحو 40ص تحاشياً للتكرار! وأكتفي بما تعلّمتُه واستخلصته من هذه التجربة الدراسية والأكاديمية. فقد تبيّن لي أنّه كي تفهم الحدثَ في تلك الحقبة، لا بدّ من العودة إلى عمود أبو جودة، ليس لمعرفة كيف قرأَ الحدث وفهِمه يومذاك وحسب، بل كذلك الإفادة من طريقتِه المبتكرة في استشرافِ الآتي والتحذير من التداعيات والمخاطر والمطبّات من خلال فهم الحدث ووعي أبعاده.
أدركتُ مثلاً أنّه لا يمكن أن يؤرَّخ لحادث اغتيال نعيم المغبغب بمعزلٍ عمّا كتبه أبو الميش لحظة هذا الاغتيال في مقالته الشهيرة “في حمى الأمير”. فهذه المقالة بما تضمّنت من وصفٍ دقيق ومؤثّر وتلميحات وإيحاءات وترويس خيط إضافة إلى مقالتَي “أوامرك أيّها القضاء”، و”وزير بالرغم منه” هي التي جعلتني أفقه ذاك الحدث وخطورته وأبعاده وبعضاً من تداعياته”.
وتابع “ومن هنا يمكننا القول: مقال أبو جودة يساعد على فهم الحدث في زمن الحدث، بيد أنّه لا يُعين على تحليلِ الحدث وحسب، بل هو بالأحرى ضروري كي نُحسن التأريخ له. ومن هنا فمقالُه اليومي يُقرأ باهتمام في ذاك اليوم، كما يُقرأ اليوم وكلَّ يوم لفهمِ الحاضر على ضوءِ تجارب الأمس الواجب أن تبقى ماثلةً في وجداننا. ولا تصحُّ كتابةُ تاريخ ذاك الأمس في ظلّ جهلِ أو تجاهل ما كتب ميشال عنه.
أبو جوده يفكّكُ الحدث، يعرُضه ويرويه لك مثل فيلم وثائقي بالسيناريو الذي يكشف تفاصيل لم يتمّ التركيز عليها، أو قُصد أن لا تُسّلط عليها الأضواء وتبقى خفيّة، أو هو بالحري يعمل كالميكانيكي الذي يفكّكُ السيّارة بمختلف قِطَعها ليكشف عن مكمن العطل، ثم يعيد الجمع والتركيب في سبيل استئنافٍ سليمٍ للمسارْ وغير محفوفٍ بالمخاطر.
ومثلٌ على ذلك، من بين أمثلة أخرى عديدة، مقالة “في حمى الأمير” وقولُه في أسلوبٍ إشاريٍ بليغ يلمّح إلى المسؤولين عن اغتيال مغبغب: “قتَله الهدوء. كان الهدوء شاملاً إلى درجة أن دماءه أُهرقت على ثياب رئيس الأركان. إلى درجة أن قائد الجيش عاد إلى بيروت يتحسّسُ يدَه الحارّة. قبل العِصيّ والرصاص كانت يدُ القائد تصافحُ يدَ القتيل. صافحه عدّة مرّات وكأنّه يطمئنُه. كان يودّعه”.
واردف صليبا ” يُشعرك توصيفُ أبو جودة الدقيق والمؤثّر أنّه خَبِز الحدث وعجَنَه، عركه وتعارك معه، عاشه من جديد وعايشه، وأعاد تركيبه بعد أن فكّكَه وكشفَ عن مكمنِ العُطل فيه.
وطالما استوقفتني هذه الشفافية والرؤية الواضحة التي نستشفّها في الكثير من مقالات أبو الميش، وتساءلت إلى ماذا تعود؟!
أبو جودة، وخلافاً لكثير من أقرانه، بل خلافاً لزميله ورئيسه، لا يكتب على ضوء مصلحة شخصية أو طموحٍ إلى السلطة، أو رغبة في الوصول إلى الحُكم والمشاركة فيه. والرغبةُ تُعمي يقول غوتاما بوذا، ويضيف: وهكذا فالنشّال لا يرى من القدّيس، وإن فقيراً مدقعاً كان، سوى جيوبه”.
وختم” يبقى أبو الميش على مسافة وشيء من الحياد تجاه موضوعه والحدث، فينظرُ إليه تارةً كالناظر إلى الجبل من السهل، فيراهُ بمختلفِ أبعادِه وتعرّجاتِ طُرقه، ويعاينُ ما لا يقعُ عليه نظرُ من يرمُقُه من القِمّة. كما ينظرُ إلى الحدث طوراً كمن ينظرُ من قمّة الجبل إلى السائر في السهل، فيعرفُ سلفاً بما سيمرُّ به من تعرّجات وتقاطعات وأكواع وغيرها، بل يعرف حتى إلى أين سيصل، في حين تبقى هذه الأمور خافية على هذا السائر نفسه. ومثلٌ على ذلك ما كتبه في 24/10/1963 إبّان طرحِ مشروعِ وحدةٍ بين سوريا والعراق، إذ قال أبو جودة مستشرفاً ومنبّهاً محذّراً: “أمّا نحنُ في لبنان، فعلينا أن نُثبِتَ، إذا كنّا عقلاء، أنّنا تعلّمنا كلَّ شيء، ولم ننسَ شيئاً. وعلينا الآن، وقبل فوات الآوان، أن نتدارسَ الأحداثَ كلَّها، وأن نتصرّفَ بكلّ تعقّل… وأن نجنِّبَ الوطنَ الصغير أيّةَ مضاعفات، فهو أمانةٌ في أعناقنا. وعلينا أن نحافظَ عليه بالعقل والحكمة، كي لا نَضطرَّ للدفاعِ عنه بالقوّة. فالرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعان”.
سليمان بختي: «ذاكرةٌ مقاومة للنسيان»
وختم الكاتب والناشر سليمان بختي بالتشديد على وجوب صون ذاكرة الصحافة اللبنانية عبر إطلاق جائزة تحمل اسم أبي جودة «تكافئ المقال السياسي الرصين»، مذكّراً باستشرافه المبكّر لتحولات الإقليم قبل نصف قرن، وكيف كان يحذّر من «الأيام السوداء» في مقالته الشهيرة بتاريخ 10 تموز 1974 عقب الإفراج عنه.
حضورٌ حاشد من أهل الإعلام والثقافة ناقش كيف يمكن لجيل المنصّات الرقمية أن يتعلّم من صحافيٍ واجه الطغيان والخطف والرصاص بفكرةٍ واحدة: الكلمة الحرّة