بالفيديو “تروما الحرب اللبنانية”… ندوة في قصر نوفل وكتاب “تجاعيد” يوثّق الذاكرة والوجع

برعاية بلدية طرابلس، ولمناسبة مرور خمسين عامًا على اندلاع الحرب اللبنانية (1975)، استضاف مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي – قصر نوفل في ساحة التل، ندوة ثقافية بعنوان “تروما الحرب اللبنانية”، بدعوة من الإعلامية والكاتبة إكرام صعب.
حضر الندوة حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية، تقدّمهم الوزير والنائب السابق أحمد فتفت النائب السابق رامي فنج والكاتب والأستاذ الجامعي والدبلوماسي السابق الدكتور خالد زيادة ومدير عام مصلحة مياه الشمال خالد عبيد وأعضاء مجلس بلدية طرابلس ووجوه ثقافية وإعلامية واجتماعية من المدينة والمنطقة

افتتاح رسمي ومداخلات مؤثرة
استُهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني، وأدار الندوة الإعلامي رائد الخطيب، بمشاركة الفنانة التشكيلية الدكتورة مها خالد، والباحثة والأكاديمية في علم النفس الدكتورة وصال الحلبي والمتخصصة بالعلاج المسرحي غالية إبراهيم صعب،إلى جانب الكاتبة إكرام صعب التي وقّعت في نهاية اللقاء كتابها الجديد “تجاعيد”.



عن الكتاب
“تجاعيد” هو رحلة في الذاكرة الفردية والجماعية، واعتراف جريء بما خلّفته الحرب اللبنانية من جراح غير مرئية، لا تزال حاضرة في النفوس، خاصة لدى من عاشوا طفولتهم تحت القصف. الكتاب مقسوم إلى ثلاث مراحل: الطفولة واللاوعي، الفقد، والتعافي، ويحمل بُعدًا إنسانيًا ونفسيًا غنيًا، تمّت مقاربته خلال الندوة من خلال نظريات في علم النفس والتحليل السلوكي.


صعب
“تروما الحرب اللبنانية”… ندوة في قصر نوفل وكتاب “تجاعيد” يوثّق الذاكرة والوع في كلمة مؤثرة، خاطبت الكاتبة الحضور بالقول“عندما قررتُ الكتابة عن الحرب، لم أكن أخطط لكتابة تاريخ، بل كنت أبحث عن ذاتي التي ضاعت في زواريب بيروت وطرابلس. عن الطفلة التي كانت ترتجف تحت السرير عند كل قذيفة، وتُخبّئ دموعها عن أمّ كانت تحاول أن تبدو قوية في قلب الضعف.”
وأضافت “طرابلس ليست مجرد مدينة في حياتي، إنها بيتي الأول، رائحة الخبز في الصباح، وخوف المساء عند صوت الرصاص. هذا الكتاب وُلد من رحم الحرب، لكنه ليس كتابًا عن الحرب بقدر ما هو كتاب عن النجاة. عن كيف نعيش رغم كل شيء، كيف نُحب رغم كل الفقد، وكيف نكتب رغم كل الصمت.”
“الإهداء في الصفحة الأولى موجّه إلى من سكنوا القلب والذاكرة، من رحلوا باكرًا، ومن غابوا لكن لم يغيبوا عن الروح. أهديه لأخي الذي أحبّ طرابلس حتى الموت، لأمي التي كانت تخبئ خوفها بين الصلوات، ولكل من عاش الحرب ولم يسمح لها بأن تقتل فيه الحياة.”
“هذا الكتاب هو محاولتي الشخصية لفهم ما جرى. للصلح مع ذاكرتي، ومع هذا الوطن الذي أحبّه رغم كل شيء. وهو أيضًا دعوة لمن يقرأه أن يُنصت إلى نفسه، أن يُداوي جروحه بالصدق لا بالإنكار، بالكلمة لا بالصمت.”
الحلبي
وتحدثت في الندوة وصال الحلبي المتخصصة في المجال النفسي والباحثة في علم الصدمة، فتناولت في مداخلتها التأثيرات طويلة الأمد للحروب على الذاكرة النفسية، مشيرة إلى أن الكتاب يُعد نموذجًا صادقًا للتعبير عن الصدمة بطريقة أدبية ووجدانية. وأكدت أهمية التعبير عن التجربة كجزء من رحلة الشفاء، واعتبرت “تجاعيد” نموذجًا ناجحًا لتوثيق التروما وتحويلها إلى وعي وفهم ومصالحة.
خالد
والقت الفنانة التشكيليك مها خالد كلمة فقد عبّرت عن سعادتها بالمشاركة في تصميم غلاف الكتاب، قائلة:“فكرت أن الغلاف يجب أن يكون صورة لما كُتب بين السطور: ورق تجعّد من الألم، وحنين يُخبئ صمت السنين.”


العلاج بالمسرح
في حين شددت المعالجة والمتخصصة في العلاج المسرحي غالية إبراهيم صعب على أهمية الكتابة كوسيلة للتفريغ النفسي، معتبرة “تجاعيد” شهادة حيّة على قدرة الإنسان على “التحوّل من ضحية إلى ناجٍ، ومن وجع إلى معنى.”
ورأت صعب أن “الندوة كانت مناسبة للغوص في عمق التجربة الإنسانية لإكرام صعب، واستحضار مشترك للوجع والذاكرة والنجاة. ”
ووصفت صعب كيف استطاعت الكاتبة توظيف الكتابة كعلاج، مشيرةً إلى أن “تجاعيد” يترجم رحلة علاجية حقيقية، حيث تحوّل الألم إلى طاقة إبداعية، ويدعو القارئ إلى التواصل مع ذاته وتاريخه”


وفي ختام اللقاء شكرت الكاتبة كل من حضر وشارك وساند، معتبرة أن هذا اللقاء “ليس فقط احتفالًا بكتاب، بل لحظة صادقة من المصالحة مع الذات، ووقفة محبة مع مدينة لا تشيخ… اسمها طرابلس.”
“تجاعيد” صادر عن دار نلسن موعد التوقيع في بيروت في 17 ايار 2025 ضمن نشاطات معرض الكتاب العربي في الواجهة البحرية

لمشاركة الرابط: