في “جذور عارية” تطل المهندسة الإماراتية حسنة سيف السالمي على قضية حساسة يعاني منها العالم المرجعي
الذي تحيل اليه الرواية وهي قضية مجهولي النسب، فتضيء على جوانب من هذه المشكلة بتمظهراتها الكثيرة،
ولا سيما عدم الاعتراف بهذه الفئة اجتماعيا، والعار الذي يلحق بها، والظلم اللاحق بالمرأة من قبل عقلية ذكورية تدين المرأة وتبرأ الرجل.«جذور عارية» عمل روائي جديد للكاتبة الإماراتية مُ. حسنة سيف السالمي (ثقافة للنشر والتوزيع، 2016) حائز على جائزة الإمارات للرواية.
وفي هذا العمل تطلّ الكاتبة السالمي على قضية حسّاسة يعاني منها العالم المرجعي الذي تحيل إليه الرواية وهي قضية مجهولي النسب أو اللقطاء؛ فتضيء على جوانب من هذه المشكلة بتمظهراتها الكثيرة، ولاسيما عدم الاعتراف بهذه الفئة اجتماعياً، والعار الذي يلحق بها، والظلم اللاحق بالمرأة من قبل عقلية ذكورية تُدين المرأة وتُبرأ الرجل.
– بطلة الرواية “غاية” التي هي غايةٌ في الجمال تربت طفلة في كنف أسرة فاحشة الثراء، ترعرعت في بيت كبير وحيدة أمها حصة وأبيها أحمد، فتاة مدللة تغار منها بنات جنسها، ويرغب بها الرجال لفتنتها؛ فجمالها وحياتها الباذخة، وتفوّقها في دراستها التي أهلتها حينما كبرت لأن تصبح طبيبة أسنان وصاحبة أكبر مركز تجميلي للأسنان في “أبو ظبي”، لم تزدها إلّا غروراً وكبرياء في نفسها حتى اصطدمت يوماً بحقيقة أرّقتها وذلك عندما أخبرتها السيدة حصة وهي على فراش الموت أنها فتاة مجهولة الهوية وأن سّرها يكمن في صندوق أوصت أمها أن تفتحه عند دخولها العقد الثالث!!
– في قراءة الأحداث روائياً، يُمكن القول أن البحث عن الجذور في بعض الحالات لا يفيد شيئاً، هذا ما اكتشفته “غاية” بعد بحث شاق عن أمها كاد أن يفقدها حياتها، فإذا كان الإنسان لا يستطيع اختيار أبويه، فإنه بلا شك يستطيع اختيار نفسه وأسلوب حياته، فما جدوى حقيقة كتبت في ورقة إذا كانت كلماتها لن تُصلح عاراً التصق بصاحبتها إلى الممات، وهكذا ففي اللحظة التي قبضت فيها “غاية” على الصندوق لم تترد برميه بكل ما أوتيت من قوة في عرض البحر…!!.
– تقدّم الكاتبة هذه الأحداث بتقنيات عدّة، تتضافر معاً في تشكيل رواية فريدة، ومتماسكة، تعكس براعة الكاتبة وشجاعتها في آن، لذلك تصطنع السالمي لروايتها راوية وحيدة تجعلها شريكة في الأحداث، فتجمع بين روي الحدث وبطولته، إذ أنها ليست مجرّد شاهدة عليه بل هي شريكة فيه، سواء من موقع الفعل أو ردة الفعل. والراوية/ البطلة كاتبة روائية تروي وتعي أنها تروي، وأنها تكتب، وهو ما تمظهر في بنية الإهداء وفي سياق الروي لاحقاً: “… إلى “غاية” التي منحتني الفرصة، لأعيد ترتيب أوراق مجتمعٍ جاهل بمفردات الإنسان الحقيقي. وإليكم يا من ستقرأون أوراق ذكريات “غاية”، ورسائلها المبعثرة. أهديكم هذا العمل وهذه السطور”. أما في توزيع الوحدات السردية على النص، فقد عمدت الكاتبة إلى تقسيمها إلى أربعة عشر فصلاً بعناوين رئيسية تشير إلى مضمون كل حدث، ومهّدت لكل فصل من الفصول برسالة من رسائل الشخصية الرئيسية في العمل “غاية”، كما أنها استخدمت تسلسلاً زمنياً بين فصل وآخر يتعلق كلٌّ منه بخيط من خيوط السرد.