خاص – nextlb – عاطف البعلبكي
حمل الخط واللون والضوء وريشته الحساسة من بلدته البقاعية ذات الطبيعة الجبلية البكر ينطا ، ويمم شطر سيدة العواصم بيروت بعد نضوج تجربته فوثق شوارعها التراثية ، ونحت بريشته قناطرها العثمانية والمملوكية ، ولون قباب مساجدها وكنائسها بلمسة تراثية فيها من الصدق والجمال والتفاصيل الدقيقة الكثير الكثير !
لوحاته واقعية تتغلغل في تفاصيل فنون العمارة التراثية ولكن ليس بشكل جامد ، بل تأتي مرفقة بلمسة من أسلوبه وضربة من ريشته ، مفعمة بالأحاسيس يضيفها من روحه التي تعكس طبيعته القروية وحبه للتراث الأصيل الذي لم تشوهه بعد حضارة الإسمنت المسلح .
هو الرسام والفنان أمير سلامة ابن بلدة ينطا في قضاء راشيا ، منها انطلق الى دراسة الخط واللون ومن تلالها وبيوتها الحجرية وشجر سنديانها استوحى أعماله وإبداعاته .
يرسم الفنان سلامة بالضوء واللون ذكريات غالية من التراث وفن العمارة ، فيثبتها في الذاكرة كي لا تمحى وتصير الى زوال .
مغزى اللوحة وتفاصيلها
في لقاء مع موقع nextlb.com قال سلامة ” رسمت لوحة إهراءات بيروت بعد الانفجار . وفي الذاكرة الجماعية لم تكن الاهراءات ولا حتى المرفأ في دائرة الاهتمام الجماعي أو الفني. وكل ما تم هو تنبه جماعي لشيء فقد أو تم التركيز عليه
واللوحة التي رسمت مأخوذة من صورة فوتوغرافية تعود إلى عام 1997. رسمتها لإلقاء الضوء عليها كيف كانت ، ولتركيز مشهد مضى وتوثيق واقع كان موجوداً وتغير بفعل الإنفجار المدمر”.
ويضيف ” لم ارسم أي شي عن الانفجار أو ما بعده ، وهناك أعمال جديدة عن المرفأ قيد الدرس لإنجاز ذاكرة بصرية لما كان قبيل الانفجار لأنه ومع مرور الوقت ينسى الناس المشهد المعتاد ، تماماً كما حدث في بيروت بعد غزو العمارة المعاصرة لوسطها ومحيطها فاعتاد البصر على الوضع المستجد ، وكذلك مع مرور الوقت هذا ما سيحدث لمشهدية المرفأ والإهراءات.”
خربشات بقلم الرصاص بداية الطريق !
وعن البدايات يقول سلامة ” كانت البداية على مقاعد الدراسة مع خربشات بقلم الرصاص والألوان المدرسية الخشبية في مدرسة ينطا الرسمية ، ثم في ثانوية المنارة الرسمية كانت بدايات بدائية مترافقة مع غياب مواد الرسم والتصوير من المناهج التربوية “.
يقول سلامة مسترجعاً أولى الخطوات التي تلمس من خلالها طريق الإحتراف “بداياتي في الدراسة الفنية كانت على يد الرسام الفنان عبد الرحمن الخطيب في بلدته مجدل عنجر في الثمانينيات ، وبعدها تابعت بعض الدراسات عن الخط العربي والحفر على النحاس على يد الفنان الراحل ابراهيم الزيداني ، وفي التسعينيات درست في دمشق في مركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية “.
ويتابع سلامة رحلته نحو عالم الإحتراف عبر الدراسة الأكاديمية الجامعية فينتسب في عام 1997 الى قسم الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية دبلوم دراسات عليا فيتفوق في الدراسة ويتصدر دفعته ويقوم بتمثيل الجامعة اللبنانية في المنتديات الجامعية العربية والعالمية .
ويضيف سلامة ل nextlb ” تابعت الدراسة الجامعية في فنون التصميم الغرافيكي في جامعة ألبرتا بكندا واتقنت استعمال الألوان الزيتية وبعدها في التسعينيات تم ادخال مادة الأكريليك على مجالنا ، ورسمت من خلالها الطبيعة البكر الخلابة المحيطة ببلدتي ينطا البقاعية ذات الطبيعة الجبلية وتوجتها برسم مناظر وملامح قروية تراثية من البيئة البقاعية لتبقى حية في الأذهان حتى بعد اندثارها “.
ابداعات باللون في تراث بيروت المعماري !
وفي 1998 درس الفنان سلامة استخدام الألوان المائية على يد الفنان الراحل عماد أبو عجرم والفنان الراحل هلال الحموي في عام 2016 .
ويقول عن تلك المرحلة ” بدات بمحاولة إنشاء أعمال توثيقية على النسق الأوروبي والأميركي المفرط في الواقعية ، وكان الهدف من هذا العمل الدؤوب توثيق الأعمال التراثية بإدخال تقنيات عالية على الرسم تطلبت مثابرة وساعات طويلة ومراجع للعمل ، فالألوان المائية على أناقتها وجودتها ، لا تسمح بتصحيح الخطأ وتعديل الرسم ، وهذا تطلب مني التعامل بدقة متناهية مع لعبة اللون والضوء “.
ويتابع قائلاً “استقيت أعمالي التي رسمتها لبيروت من الإقامة فيها والتردد عليها باستمرار خلال فترة الدراسة بعد ملاحظة الطرازات المعمارية الموجودة فيها هذا الكم المتراكم والمزيج من التراث الذي يعود الى حقبات تاريخية مختلفة ، ومن التراث المعماري للحضارات التي مرت على الشرق من العثمانية والفرنسية من ترميم القرميد والقناطر الى ما اصبح يسمى بالعمارة اللبنانية ، وهي مركبة وتبداً من تاريخ الإيوان في بلاد ما بين النهرين الى ما هي عليه اليوم ، وغابت عن العديد من الفنانين ما صرت اقوم به من ارشفة ابنية العمارة اللبنانية وهذا يتطلب ما بين 5 و8 أسابيع و ساعات طويلة جدا من العمل “.
ويقول ” التوثيق دليل على ما بقي من تراث معماري قائم ، فأحياء تراثية أزيلت بالكامل واستبدلت بأبنية شيدت بمواد بناء معاصرة والمباني الشاهقة ما يؤدي الى تغيير كبير في معالم بيروت التاريخية “.
أثر البيئة البقاعية على الرسام
وعن تأثره ببيئته البقاعية يقول سلامة ” المؤثر الاول بي هو محيط بلدتي ينطا والمدى في البقاع ، وقد وثقت أعمالأ من بلدة راشيا الوادي وجبل الشيخ ومعالم أثرية وتراثية في ينطا والجوار ، وكانت هذه الأعمال المنطلق في البيئة القريبة ثم انطلقت الى جبل لبنان وباقي المناطق الجنوب والشمال ، وكان بالنسبة لي خط سير نما مع مخزون بصري وبدا يدخل عليه فكرة الوعي والاحتراف وامتلاك التقنيات باحترافية اكبر “.
ما الفرق بين الصورة الفوتو غرافية واللوحة المرسومة ؟
يجيب سلامة ” الصورة الفوتوغرافية مهمتها إيقاف اللحظة العابرة مئات السنين ، بينما عندما يأخذ الفنان هذه الصورة ويبدأ بإعادة تشكيل الظل والضوء فيها وإضافة بعض العناصر والغاء بعضها ، تكون هذه العملية أشبه بتأليف كتاب أو بناء قصيدة أو ابتداع لحن موسيقي مع إضافة شيء من الواقع ومزجه مع شيء من الخيال ، وعندها يعمل على إعادة توثيق هذا العمل من عدة زوايا وأمكنة معينة ويلعب دور معرفة التركيب الهندسي و الفني الذي لا تستطيع الصورة الفوتوغرافية الوصول اليه والتعبير عن جماليته “.
ويختم سلامة قائلاً ” الصورة الفوتوغرافية هي ضمن زمان ومكان محدود بينما العمل الفني هو إضافة الفكرة والمشاعر والتأثر ، و اللعب على عنصر التاثير في العمل الفني من حيز وزاوية لا تستطيع الصورة الفوتوغرافية نقلها بشكل دقيق “.
بطاقة تعريف
الرسام سلامة حائز دبلوم دراسات عليا من الجامعة اللبنانية بتقدير جيد جداً وماجستير تطبيقية من جامعة ألبرتا في كندا .
شهادة فنون في التصوير المائي من محترف قوس قزح للدكتور عماد أبو عجرم .
شهادة اختصاص لمدة سنتين في مركز حيدر حموي للفنون التشكيلية
شهادة من مركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية في دمشق
شارك بأكثر من 60 معرضاً في لبنان والخارج
متأهل من فاتن القضماني وله ولدان