نظمت نقابة محرري الصحافة اللبنانية بالتعاون مع الإتحاد الدولي للصحافيين لقاء بعنوان “مستقبل الإعلام الرقمي: واقع واقتراحات”، شاركت فيه نخبة من الإعلاميين والإختصاصيين في مجال الإعلام، قدموا خلاله مجموعة من الإقتراحات والأفكار التي تغني هذا القطاع.
وكانت مداخلات في هذا المجال لكل من الزملاء: رئيس الإتحاد الدولي للصحافيين يونس مجاهد (عبر تطبيق الزوم)، رئيس المجلس الوطني للإعلام في لبنان عبد الهادي محفوظ، مدير الدراسات في وزارة الاعلام اللبنانية خضر ماجد، رئيس تحرير موقع “النشرة” جوزف سمعان، ناشر ورئيس تحرير موقع “ليبانون فايلز” ربيع الهبر، وعدد من أعضاء مجلس نقابة المحررين الصحافيين في لبنان.
وصدرت في نهاية اللقاء توصيات “تحاكي الواقع الراهن للاعلام الرقمي في لبنان والعالم العربي ،والسبل الآيلة الى تعزيز هذا القطاع بإعتباره لغة العصر التي فرضت نفسها على مهنة الصحافة والإعلام خلال العقد المنصرم”.
أدار اللقاء مدير العلاقات العامة والإعلام في نقابة المحررين واصف عواضة الذي رحب بالمشاركين، وأوضح أن “هذا اللقاء يأتي في إطار سلسلة من النشاطات المهنية التي ستقوم بها نقابة المحررين خلال المرحلة المقبلة، وكان من الطبيعي أن تبدأ بموضوع الإعلام الرقمي بعدما أصبح كل مواطن في العالم يمتلك وسيلة إعلامية من خلال وسائل التواصل الإجتماعي”.
وأشار الى “أن محاور النقاش ستعرض ل : دور نقابة المحررين ونقابات الصحافيين في تنظيم الإعلام الرقمي، التشريعات القانونية اللازمة لتنظيم القطاع، سوق الإعلانات الرقمي وسبل دعمه وتنظيمه، الاعلام الرقمي والحريات العامة.
مجاهد
بعد ذلك كانت مداخلة عبر ال”زوم” لرئيس الإتحاد الدولي للصحافيين، أشار في مستهلها الى “ضرورة التفاعل الدائم من أجل مقاربة موضوع الاعلام الرقمي، فنحن أمام تطور سريع سوف يتضاعف بإستمرار ، ويطرح إشكالات على الصحافة، خصوصا ما يسمى “صحافة المواطن” عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وقال: “إن هذا الواقع طرح ويطرح علينا منذ العام 2010 مجموعة أسئلة أبرزها:
1- ما هو التأثير القوي الذي ستلعبه المنصات الدولية للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
2- كيف يمكن أن تصمد وسائل الاعلام أمام هذا الكم الهائل من وسائل التواصل؟
3- ما هو دور النقابات الصحافية في هذا المجال، وكيف تتفاعل مع هذا التطور؟”.
أضاف: “ان هذه الأسئلة مطروحة علينا منذ العام 2010 وقد عملنا مع النقابات الصحافية لمواجهة هذه الأسئلة، وواجهنا تحديات اقتصادية ومهنية كثيرة مع وسائل الاعلام والحكومات”.
وقال: “هناك أسئلة لا تزال مطروحة على الإتحاد الدولي للصحافيين ،ومنها:
– إلى أي مدى يمكن أن نذهب في مواجهة هذه التحديات ،مع العلم أن المواطن يتلقى الأخبار بصورة عادية وبكثافة.؟
– ما هو النموذج الاقتصادي الأفضل بالنسبة للصحافة ووسائل الاعلام، وكيف يتم توزيع الإعلانات، وهل نذهب باتجاه المنصات الدولية (غوغل وفايسبوك وغيرهما). ؟هناك دراسة أجريت في المغرب تبين بنتيجتها أن 95 بالمائة من المواطنين يتابعون المنصات الدولية، وهي تستفيد من هذه المتابعة في سوق الإعلانات.
– كيف ينبغي كنقابات أن ندافع عن الصحافة وأن نعمل في المجال الرقمي؟”.
وخلص مجاهد الى القول: “كل هذه الأسئلة لا تزال مطروحة ونعمل منذ أكثر من عشر سنوات لإيجاد الأجوبة التي تساعد على تحقيق الغاية المنشودة، بصورة تواكب فيها الصحافة العصر الرقمي وتنسجم معه”.
محفوظ
وقدم رئيس المجلس الوطني للاعلام مداخلة عرض فيها تجربة المجلس مع الاعلام الرقمي، مشيرا الى “أن لبنان ما يزال خارج النظام والتحول الرقمي لغياب القانون الذي ينظم هذا القطاع”.
وقال: “إن مشروع قانون الاعلام الموحد يهدف الى هذه الغاية، لكنه ما يزال في أروقة مجلس النواب قيد البحث والنقاش”.
أضاف: “لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم التي لم تلتزم خطة الانتقال الى النظام الرقمي التي طرحتها الأمم المتحدة، وكانت موريتانيا مثلاً الدولة الأخيرة التي نفذت عملية الانتقال، علما أن هذا الموضوع مطروح على الهيئة الناظمة للاتصالات والمجلس الوطني للاعلام منذ العام 2011، وقد تم توفير مبلغ 75 مليون دولار لهذه الخطة، وكان يفترض إنجازها عام 2017، ولكن بقيت الأمور حبرا على ورق”.
وشرح دور المجلس الوطني للإعلام بالنسبة للمواقع الإلكترونية بعد الإعتراض على منحها التراخيص اللازمة، حيث اعتمدت صيغة “العلم والخبر” لدى المجلس، وسجل حتى الآن نحو ألف موقع، وهذا لا يعني أن المواقع غير المسجلة لدى المجلس هي مواقع غير شرعية، بإعتبار أن القانون لم يصدر بعد”.
وقال: “عقدنا سلسلة اجتماعات مع المواقع الالكترونية وأعددنا ميثاق شرف ناقش المصداقية والموضوعية وعدم الدعوة الى العنف. وهناك تمييز بين المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الموضوع مطروح للنقاش على قانون الاعلام. وقد لعبت هذه المواقع أدواراً إيجابية في توجيه الناس خلال جائحة كورونا، وهناك ضرورة أيضاً الى مقاربة النقد الإيجابي للسلطة في ما تقوم به، فنقد السلطة مطلوب ولكن ليس النقد الهدام، بل الهادف الى تصويب أدائها”.
وعرض محفوظ لمسألة “المناقبية الإعلامية والإعلانية، من خلال عدم بث أي قدح أو تحقير أو تشهير وكلام كاذب بحق الأشخاص المعنويين أو الطبيعيين”، مشدداً على “حق الرد والتصحيح واحترام حقوق المرأة والطفل، وحق المناطق اللبنانية بتغطية إخبارية متساوية وببرامج إنمائية، وعدم الإثارة السياسية، والتعاطي مع البرامج والأخبار المتعلقة بالانتخابات بعدل وانصاف ومن دون تحيز”.
ولاحظ أن “عنصر الشباب هو الطاغي في سجلات المواقع الالكترونية لدى المجلس الوطني، وكذلك عنصر المرأة”، معتبرا “أن الإعلام الرقمي أمن التواصل لأماكن عجزت عنها الصحافة التقليدية، واستطاع أن يعوض النقص في هذا المجال، وهذه عناصر إيجابية تسجل لهذا القطاع. لكن الأداء الرقمي يفتقد أحياناً الى المصداقية والمهنية، وهذا أمر سلبي خاصة في غياب القانون”.
وخلص محفوظ الى أن “المطلوب عدم التزمت والتفلت في الاعلام الرقمي”، داعياً الى “تنسيب العاملين في هذا القطاع الى نقابتي الصحافة والمحررين”.
ماجد
ورأى مدير الدراسات في وزارة الإعلام “أن التطور في مجال الاعلام الرقمي يسابق نفسه بصورة عالية وكبيرة، ويتطلب منا استعمال أحدث الأساليب في إعداد المضمون للمتلقي من أجل مجتمع مثقف وواع وبيئة ومؤسسات إعلامية أفضل”.
وقال: “إن تنظيم قطاع الإعلام الرقمي ضرورة ضمن مشروع قانون شامل للإعلام في لبنان، ينظم جميع المهن والوسائط الإعلامية”، مشيرا الى “ملاحظات عدة لا بد من إدراجها كي يكون القانون مكتمل الهيكل والمحتوى، ومنها: حماية المستهلك من المحتوى الضار والشائعات ووضع الضوابط القانونية لها، الهوية والسيادة الوطنية، التعددية وعدم الاحتكار، حماية البيانات وفض النزاعات، حماية المرأة من التسليع، حفظ وحماية حقوق الطفل من المحتوى الضار، تأمين حقوق العاملين في الاعلام أثناء عملهم وبعد تقاعدهم، التوعية الوطنية والشخصية، تنظيم الإعلانات على الصفحات الالكترونية، تنظيم عملية الترخيص لهذه المواقع، عدم إغفال تنظيم مراكز الدراسات الاعلامية وتركها خارج القانون وهي من تصنع السياسات والتوجهات لمختلف الوسائط، تنظيم الهيكل المالي والاداري للمؤسسات، تأسيس نقاط اتصال وتنسيق مع الشركات الإعلامية العابرة للكون، التدقيق أكثر بالاحكام ومنع الأحكام الجائرة على الإعلاميين، لاسيما رفض السجن لاي مخالفة مهما كانت وتوحيد جهة الاختصاص، التجارة الالكترونية والضرائب ومنها الافلام لتتناسب مع التطور، وضع ضوابط لحفظ الوظائف الاعلامية لخريجي الاعلام وإعادة دراسة المناهج الجامعية، تحديد مواضيع ومصطلحات مثل: التصنيف والتوصيف للعاملين في الاعلام، حرية الرأي والتعبير، حق الوصول للمعلومات”.
سمعان
وأثار رئيس تحرير موقع “النشرة” موضوع المداخيل للمواقع الالكترونية من خلال الإعلانات، داعيا الى “إنشاء لوبي لبناني- عربي لمواجهة المنصات العالمية التي تنقل أخبار هذه المواقع وتستفيد منها من دون أي عائد للمواقع الألكترونية”. وقال: “إن هذا اللوبي يجب أن يتشكل من المؤسسات الحكومية والخاصة”.
وأعطى سمعان مثالا على ذلك الخلاف الذي نشأ في فرنسا مع محرك “غوغل” وغيره، حيث تمكن الفرنسيون من الضغط على هذه المنصات العالمية وربحوا القضية، مشيرا الى أن هذه المداخيل يذهب قسم منها أيضا للحكومة اللبنانية في حال نجاح هذا المسعى.
وطرح سمعان موضوع تعاطي القضاء مع وسائل الاعلام، وتباطؤ محكمة المطبوعات وضرورة تحديث القانون وتوضيح التعابير المستخدمة فيه. كما عرض لمشكلة الملكية الفكرية بحيث يمكن لأي موقع أن ينسخ موضوعا عن موقع آخر من دون ذكر المصدر.
واقترح تبادل الخبرات مع نقابة المحررين الصحافيين وإنشاء مركز لتدريب الصحافيين العاملين في الاعلام الرقمي، مشيراً الى إمكان التعاون في هذا المجال مع العالم العربي.
وأشار الى “أن شركات الإعلان لم تؤمن حتى الآن بالاعلام الرقمي بالشكل المطلوب”، كما أشار الى “الفوارق الكبيرة في مداخيل العاملين في الاعلام الرقمي بين لبنان والخارج”.
الهبر
ورأى ناشر موقع “ليبانون فايلز” أنه “يجب التمييز بين الإعلام الإلكتروني والرقمي”، مشيرا الى أن “الاعلام الالكتروني بات تقليديا”.
وقال: “في الإعلام الرقمي، هناك محرمات في العالم، فيما عندنا تبدو الأمور “فالتة” على الغارب من سرقة المواد الى غير ذلك. والواقع أن في لبنان ستة مواقع جدية، بينما معظم الباقي يسوده الإبتذال، بسبب سهولة إنشاء المواقع الإلكترونية في هذه المرحلة في غياب القانون”.
وطرح الهبر مسألة المجموعات العاملة على وسائل التواصل والتي تبث الأخبار من دون حسيب أو رقيب، مشيراً الى “دور الهاتف المحمول الذي حل محل الجريدة والإذاعة والتلفزيون”.
وناقش مسألة تمويل وسائل الإعلام، وقال: “هناك حكمة قديمة مفادها أن الصحيفة التي لا يمولها القارئ يمولها مجهول، وهذا المجهول له غاياته وأهدافه ومراميه”، آملا “أن يخرج الاعلام الرقمي من أوضاعه السيئة في لبنان، لأن الأوضاع تتطلب الكثير من الحكمة”.
ريفي
وقال نائب نقيب المحررين غسان ريفي في مداخلته : “لم يعد ممكناً الفصل بين الإعلام المكتوب والإعلام الإلكتروني أو الرقمي، خصوصاً وأن الصحافة المكتوبة بمجملها تترجم في المواقع الإلكترونية سواء من خلال الصحف الورقية التي باتت تعتمد بشكل أساسي على مواقعها أو عبر المواقع العادية، الامر الذي يضع الجميع أمام مسؤولية تنظيم هذا القطاع وتوفير سبل الدعم له. كذلك لا يمكن الربط بين المواقع الالكترونية وبين مواقع التواصل الإجتماعي، فالأولى عبارة عن مؤسسات صحافية بينما الثانية عبارة عن مبادرات فردية، وبالتالي فإن المواقع الصحافية تتوسل مواقع التواصل لنشر موادها الصحافية وايصالها الى أكبر عدد ممكن من القراء”.
واقترح في هذا الاطار، “وبما أن الصحف الورقية تتراجع بشكل كبير لمصلحة المواقع ، أن تبادر وزارة الإعلام الى السماح بنشر الإعلانات الرسمية على أنواعها في المواقع لتوفير بعض من الدعم السريع لها”.
يوسف
من جهته، رأى عضو مجلس نقابة المحررين وأمين الصندوق علي يوسف “أن الاعلام الرقمي هو وسيلة انتاج اعلامي ناتجة عن تطور أو ثورة الإتصالات التي أفرزت وسيلة انتاج معولمة بأكلاف أقل من أكلاف عولمة الإعلام. وقد سمحت وسيلة انتاج الإعلام الجديدة بـ: كسر احتكار الإعلام من قبل الدول الغنية أو المؤسسات الدولية المالية الإحتكارية التي سيطرت على الإعلام المعولم ذي الأكلاف الباهظة، إعادة النظر بالقوانين الإعلامية انطلاقا من رؤى جديدة تأخذ بعين الإعتبار الدور المستجد للإعلام، ان على صعيد صناعة الرأي العام او على صعيد صناعة الاحداث، اعادة النظر في تكوين المؤسسات الاعلامية، اعادة النظر في المهنة وتمايزها عن وسائل التواصل الاجتماعي، اعادة النظر في وسائل وطرق ممارسة المهنة، اعادة النظر في حقوق وواجبات الصحافي وضرورة صياغة شرعة لذلك، إعادة النظر في موضوع تمويل المؤسسات، إعادة النظر في المؤسسات النقابية عبر توسيع القاعدة وتعزيزها بالكفاءات الشابة”.
وأكد أن “كل ذلك يقع تحت عنوان الاعلام نحو الصناعة كقطاع انتاجي للفكر والثقافة والرأي العام واداة معرفة ومواكبة وحرية وقدرة على الاختيار توصل الى ديموقراطية حقيقية”.
تقي الدين
وقال عضو مجلس النقابة صلاح تقي الدين: “كان النقاش المفترض لندوة اليوم، هو وضع إطار تشريعي وتنظيمي لقطاع الإعلام الرقمي، غير أن المداخلات التي أدلى بها المشاركون تستدعي بعض الملاحظات:
1. لقد حاول رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الزميل عبد الهادي محفوظ في مداخلته تعيين صلاحيات للمجلس عبر تنصيبه كمرجعية ناظمة للعاملين في الإعلام الإلكتروني والمرئي والمسموع ، علماً أن هذه الصلاحيات تعود حصراً لنقابة محرري الصحافة اللبنانية، وبالتالي هذا يفتح الباب أمام نقاش طويل حول حقيقة الدور التنظيمي الذي يجب أن يضطلع به المجلس مقابل دور نقابة المحررين، وبالتالي البحث في جدوى إنشائه أصلا. وهذا الأمر على ما أعتقد هو في صلب قانون الإعلام الموحد الجديد الذي لا يزال يخضع للنقاش أمام لجنة الادارة والعدل النيابية.
2. أما المواضيع التي أثارها رئيس دائرة الدراسات في وزارة الاعلام خضر ماجد فهي تناولت بحثاً عمومياً في الإطار التنظيمي الذي يجب التوصل إليه أيضا في إطار قانون الاعلام الموحد، رغم أن النقطة المتعلقة بتوفير مصادر للدخل من المؤسسات العالمية مثل غوغل أو فايسبوك جديرة جداً بالبحث.
3. أما مداخلة الزميل جوزيف سمعان رئيس تحرير موقع النشرة، فجاءت مسهبة بعرض المشاكل المهنية التي يغرق فيها الاعلام الالكتروني لناحية عدم مهنية العاملين في القطاع، مقترحا إحالة الأمر إلى نقابة المحررين التي يطالبها بإنشاء معهد لتدريب العاملين في قطاع الاعلام الالكتروني على قواعد المهنة.
4. لعل الاستاذ ربيع الهبر كان الوحيد الذي أدلى بدلوه في هذا اللقاء مصوباً النقاش نحو حقيقة الفارق بين الاعلام الالكتروني والاعلام الرقمي، والذي هو صلب النقاش الذي كان مفترضا أن يدور، وهو حدد فعلياً مكامن الخلل الذي حول الاعلام الالكتروني إلى إعلام شبه تقليدي، بمعنى أنه ما يزال يقبع خلف التطور الذي اجتاح العالم حيث أصبح حامل الهاتف الخلوي الذكي ومن خلال خاصية الاستعلام الخبري push notification قادراً على الاستغناء عن الولوج إلى الموقع الالكتروني كاملا وقراءة الخبر الذي يثير اهتمامه فور تلقيه عبر هذه الخاصية”.
وخلص تقي الدين الى “أن الاعلام الرقمي الذي أضحى حالياً ولفترة غير قصيرة مستقبلا، يتطلب إعادة نظر حقيقية بالقوانين الاعلامية وإعادة النظر في المهنة ودورها وعدم الربط بين مواقع التواصل الإجتماعي وبين مهنة الاعلام. وكان لافتاً الاشارة إلى أنه حسب إحصائيات المجلس الوطني للاعلام فإن حوالي 70% من العاملين في الاعلام الالكتروني هم من فئة الشباب ، وهذا ما يحتم على النقابات تعزيز حضورها بين هذه الفئة الشابة من خلال استقطابها وتدريبها لكي تكون على كفاءة مهنية عالية تسمح لقطاع الاعلام بالتحول إلى صناعة حقيقية”.
غريب
وقدمت عضو مجلس النقابة الزميلة يمنى الشكر غريب مداخلة جاء فيها: “يخترق الإعلام الرقمي حياة البشرية كلها. ويشكل محطة تحول جذري، ليس على مستوى التكنولوجيا وحسب، وانما كذلك في مآل صوغ نمط مبتكر وضاغط من التواصل الاجتماعي الكثيف بين الافراد والمجتمعات. ولم يشهد التاريخ البشري هذه الدرجة العالية من التواصل، ما أدى الى نشوء عبارة “مجتمع التواصل” لتوصيف نتائج كثافة عمليات التواصل هذه وآنيتها ودوامها”.
وأضافت: “إن مقاربة موضوع الإعلام الرقمي بنظرة نقدية تبحث عن سيئاته قبل حسناته لا تعد سابقة. ففي مسار التواصل والإعلام عبر التاريخ، كانت للمجتمعات ردات الفعل نفسها منذ نشوء الصحافة بعد الأدب، ثم اختراع الراديو، وبعده السينما والتلفزيون. ومن المنظور نفسه، ها نحن اليوم نقيم الإعلام الرقمي بما يشمل المواقع الالكترونية والذكاء الاصطناعي والداتا المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. واذ أن الاعلام الرقمي لا يعدو كونه وسيلة تكنولوجية سريعة التطور، الا انها تطرح اشكاليات عدة لعلها لا تختلف في مضامينها عن اهتمامات الاعلام والصحافة التقليدية، لجهة المبادئ والتشريعات وأصول المهنة الحرفية والأخلاقية”.
وتابعت: “أما في ما خص دور النقابات والجهات المعنية بالإعلام، فانه يجدر التركيز على النقاط الآتية حفاظاً على المبادئ والقيم المهنية والرسولية التي قامت عليها مهنة الصحافة التي بات عليها التأقلم مع التطور التكنولوجي المتمثل بالاعلام الرقمي:
1- في المبادئ: الحفاظ على الحريات والأخلاقيات
يشكل الحرص على الحريات حجر زاوية ومبدأ اساسيا في العمل الصحافي والنقابي على حد سواء. واذا كانت الضمانة الاساسية لهذه الحريات تكمن في روح الدستور والقوانين التي تراعي هذه الحريات، الا انه يمكن استكمال هذا التوجه القانوني بعمل تنسيقي يشجع وسائل الاعلام على التوصل الى ايجاد آليات تنظيم ذاتية داخلية توازن بين حماية هذه الحريات، من جهة، واقرار مواثيق تحفظ اداءها من السقطات على المستويات الانسانية والمهنية والوطنية، من جهة ثانية.
2- في العمل الاحترافي الصحافي: الابداع والصدقية في الانتقال الى الاعلام الجديد
العمل على احتضان الصحافيين من اجل الانتقال الى الابداع في هذه المجالات الجديدة، مع الحفاظ على مرتكزات العمل الصحافي الاحترافي. ويمكن تأدية هذه المهمة عبر العثور على المرجعيات المتخصصة وبالتعاون مع القطاع الاكاديمي المختص. ويجدر هنا تدريب الصحافيين تقنيا وكتابيا.
3- التشريعات اللازمة لإحتضان القطاع: المراقبة والمشاركة والترصد
تشكل قوننة قطاع الاعلام الرقمي لبنة اساسية في ضمان تنظيمه. وعلى النقابات ان تواصل مواكبتها للقوانين التي يتم سنها بما يضمن الحريات والحقوق من جهة وتوفير الإحتضان اللازم للعمل الصحافي ضمن هذا القطاع الحديث. ويجدر بالنقابات ان تلعب دورا مؤثرا للحؤول دون تكرار المحاصصة وممارسة النفوذ السياسي في هذا القطاع وتجنب الاخطاء التي سادت قانون الاعلام المرئي والمسموع لهذه الناحية في السابق. وينبغي على النقابة والجهات المعنية المشاركة والمراقبة والترصد والتنسيق مع السلطات المعنية لضمان التوصل الى النتائج المنشودة.
4- سوق الاعلان: أطر تنظيمية
البحث في الأطر التنظيمية الآيلة الى دعم سوق الاعلان محليا وعربيا دعما لهذا القطاع بما يسمح بازدهاره وايجاد مجالات عمل منتجة لاصحاب المواقع الالكترونية والعاملين فيها.
التوصيات
وفي ختام اللقاء أصدر المجتمعون التوصيات الآتية:
1- العمل على دفع مجلس النواب اللبناني لإصدار قانون الاعلام الموحد الذي يشمل قطاع الاعلام الرقمي، ويراعي التطورات العالمية.
2- الحفاظ على الحريات الإعلامية في إطار ضوابط تراعي الأخلاق المهنية ومواثيق الشرف الإعلامية، بما يحفظ كرامة الإعلاميين.
3- إنشاء مراكز تدريب للعاملين في الاعلام الرقمي والالكتروني بإدارة اختصاصيين في هذا المجال.
4- تفعيل المناهج التعليمية في الجامعات لجهة تخريج الكوادر القادرة على مواكبة الاعلام الرقمي العالمي.
5- تشكيل لوبي إعلامي ضاغط على المنصات الدولية لتحقيق مداخيل إعلانية لقطاع الاعلام الرقمي في لبنان.
6- مساواة المواقع الالكترونية بالصحف لجهة نشر الإعلانات الرسمية الحكومية على صفحاتها بما يحقق مداخيل مالية لهذه المواقع.
7- البحث في الأطر التنظيمية الآيلة الى دعم سوق الاعلان محليا وعربيا دعما لهذا القطاع، والتباحث مع شركات الإعلان في هذا المجال بما يحقق المصلحة المشتركة.
8- تعديل التشريعات اللبنانية بما يسمح لنقابة محرري الصحافة اللبنانية الاستمرار في تنسيب العاملين في قطاع الاعلام الرقمي.
9- وضع ضوابط للملكية الفكرية تمنع السطو على المواد المنشورة في إطار أخلاقيات المهنة.
10- وضع معايير منطقية لانشاء المواقع الالكترونية بينها المؤهلات المطلوبة للمالكين والعاملين، تحاكي ما هو معمول به في الاعلام التقليدي.
11- تحديث مختلف القوانين المتعلقة بالصحافة والاعلام لا سيما قوانين النشر والعقوبات وغيرها.
12- التحضير لمؤتمر إعلامي جامع برعاية نقابة المحررين لمناقشة إعادة النظر في مختلف المفاهيم الإعلامية، ووضع شرعة جديدة تواكب عصر الاعلام الرقمي”.
المصدر : وطنية