بائع الصحف على الرصيف قصة تحدّ من زمن لبنان الجميل !

خاص –nextlb

ثمة مهنة كاد يطويها النسيان عند أحد أرصفة العاصمة بيروت ، تكاد تندثر مع أيام الزمن الجميل، يوم كان القارئ اللبناني ينتظر الخبر في الصفحة الأولى من الجريدة ويستأنس بلمس أوراقها أويقرأ لكُتّاب كبار مشهود لهم بالرأي والموقف .
قلة هم من بقوا متمسكين بمهنة بيع الصحف الورقية خصوصاً بعد غزو الأخبار الإلكترونية للساحة الإعلامية ،.
ففي ظل الازمة الإقتصادية القاسية ينزل بائع الصحف الستيني حسين الرافعي الى رصيف المدينة لتأمين لقمة العيش بعد وصوله الى سن التقاعد ، سن الراحة المفترض في بلاد أخرى ، ليقف عند إحدى النقاط ” الإستراتيجية” التي تربط أحد مداخل العاصمة اللبنانية بيروت بوسطها التجاري، ينادي على الصحف الصادرة قبل شروق الشمس مخاطباً المارة والسيارات ” نهار أستاذ ، جمهورية ، أخبار ، لواء ، شرق أوسط ” يتملكك شعور بأن بائع الصحف عاد من جديد وأعاد معه مشهداً من عصر مضى .”
في حديث صباحي خاص مع nextlb قال الرافعي ” أقف هنا منذ السابعة صباحاً لكسب رزقي وأبيع حوالي 200 صحيفة في صباح كل يوم ، فأنا موظف متقاعد والراتب صار لا يكفيني لأيام معدودة ، نتيجة الغلاء الفاحش ، والمعيشة صارت مكلفة والأسعار نار .”
وأضاف” بالرغم من كل شيء ، ما زال هناك قراء للجريدة أعرفهم من وجوههم عندما يتوقفون بالقرب مني فأعطيهم صحيفتهم التي اعتادوا على قراءتها منذ سنوات من نافذة السيارة قبل أن يتكلموا”.
يكافح الرجل من أجل الإستمرار في عصر كسر فيه الأنترنيت هيبة الصحيفة المطبوعة وتجاوز الخبر الآني حبرَ المطابع فصارت الصحيفة من التقاليد ، وأصبح قراؤها من كبار السن والمتقاعدين الذين اعتادوا قراءتها صباحاً مع فنجان القهوة قبل الذهاب الى أعمالهم “.
هي مهنة يكاد الزمن أن يطويها بعد أن ولى عز أيام زمان عندما كان القراء ينتظرون الخبر في الصفحة الأولى من الجريدة ويقرأون لكُتاب كبار وصارت صفحات الأنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي تطارد الخبر السياسي والفني والإجتماعي والرياضي بسرعة أكبر، مما جعل خبر الجريدة في صباح اليوم التالي قديماً علماً أنه من الممكن أن تزيد الصحيفة بعض التفاصيل أو التحليل والصور “.

الستينيات العصر الذهبي
وفي السياق قال المدير الإداري لصحيفة “اللواء” اللبنانية عدنان غلاييني ” ولى عز الصحف وعصرها الذهبي منذ سنوات ، وكان عصر الستينيات والسبعينيات ،عصر الصحافة الورقية الذهبي عندما كان القراء ينتظرون شروق الشمس لشراء الجريدة وقراءة مقالاتها وتحليلاتها ،اختلف الوضع بشكل دراماتيكي ، وتتالت الضربات على الجريدة المطبوعة وبالإضافة الى الإيقاع السريع للحياة وملاحقة الخبر، اجتمعت صعوبات كبيرة أعاقتها ، منها كلفة الورق والحبر والطباعة والتوزيع ، وصار عدد الجريدة مكلفاً مادياً وترافق مع شح كبير في الإعلانات ناتج عن الركود الإقتصادي في السوق بشكل عام ، وجاءت جائحة كورونا لتزيد الطين بلة وتقضي على ما تبقى ، وتتوقف العديد من الصحف عن الصدور نهائياً وتقيل كتابها وموظفيها ، والقلة القليلة التي لا تزال صامدة في لبنان تكمل بالحد الأدنى من الموظفين والكتاب ، وبعدد أقل من الصفحات تراجع الى النصف في معظم الأحيان ، فوجدت الصحف نفسها مجبرة على إنشاء مواقع الكترونية آنية بإسم الصحيفة كقسم متابع بالساعة لما يجري على الأرض بالتوازي مع العدد المطبوع في ساعات الفجر الأولى “.
وأضاف غلاييني “لا أمل بالنهوض مجدداً الا بمساعدة الدولة في كلفة انتاج الصحف والدعم المادي وإلا فإن التوقف عن الصدور آت لا محالة ، ولا يفيد رفع أسعار الصحف فهو حالياً يحد من إنتشار الجريدة لأن القارىء يمكنه الوصول الى المعلومات والخبر مجاناً ، ناهيك عن أن ثمن الصحيفة لا يغطي كلفة الورق ولا كلفة الطباعة والتوزيع حالياً “.
وفي النهاية ، هل سيأتي يوم لا يجد القارىء فيه صحيفة لقراءتها مع ذهاب الجيل الذي شهد أيام عز الصحف المطبوعة ؟ سؤال يطرح في ظل التطور الهائل في تقنيات التواصل بين الشعوب ونقل الخبر الكترونياً عبر الأثير .!

[email protected]

عدسة nextlb

لمشاركة الرابط: