كان يُفترض أن يصدر هذا العدد من “مجلة الدراسات الفلسطينية” في 24 حزيران/يونيو، وقد آلت هيئة التحرير على نفسها، منذ عدة سنوات، أن تلتزم بالإطار الزمني المحدد لصدور الأعداد، لكن للضرورة أحكامها، وهل من ضرورة أكبر من هبّة شهر أيار/مايو، التي شملت كل فلسطين، للمرة الأولى منذ ثورة 1936؟
قلَب هذا التطور البارز وغير المسبوق، الخيارات، فسارعنا إلى إجراء اتصالات بكُتّاب وباحثين وصحافيين، لبَوا بكل ترحاب مطلبنا بمقالات ودراسات وتقارير وتحقيقات، عن هبّة أيار/مايو، وكان العدد 127 شبه مخصص للهبّة، من خلال ملف عالج الحدث بواقعه، واحتمالات المستقبل.
هبّة أيار/مايو حفّزت أمين سر مؤسسة الدراسات الفلسطينية السابق، المؤرخ والباحث، وليد الخالدي، أن يكتب، ولأول مرّة، إفتتاحية المجلّة على الرغم من قيادته المؤسسة طيلة أكثر من 50 عاماً، فكانت افتتاحيتنا بعنوان “تأملات وخواطر”، مر بها وليد الخالدي على ما يربو على 70 عاماً من النضال الفلسطيني. واقتصر باب مداخل، على نص الياس خوري عن “الكلام والكلام المكسور: الثقافة في مواجهة النكبة المستمرة والانحطاط الأخلاقي”، والذي استعان فيه بـ 6 حكايات / صور، بدأها بقصة العصفور للكاتب السوري الراحل ميشيل كيلو، مروراً بمشاهد الصمود والمواجهة لبطلات وأبطال حي الشيخ، لا سيما مشهد منى الكرد وهي توبّخ المستوطن يعقوب الذي احتل قسماً من منزل عائلتها في الشيخ جرّاح، ومشهد ابتسامة عازفة الكونترباص مريم عفيفي خلال اعتقالها، وحكاية موسى حسّونة الذي قتلته رصاصات مستعمر في مدينة اللد، ومجزرة القصف الإسرائيلي الذي أباد عائلتي الكولك وأبو عوف في غزة، وصولاً إلى حكاية المستعمر روعي روتنبرغ الذي قُتل خلال عملية لفدائيين من غزة سنة 1956، وألقى في مأتمه موشي ديّان كلمة.
أخذ ملف “فلسطين تنتفض” معظم صفحات العدد، وتقدمه نص للرسام التشكيلي الفلسطيني خالد حوراني، بعنوان “هذه ليست بطيخة” عن حكاية لوحته التي استعادت حيويتها خلال الهبّة الأخيرة. فالبطيخة، رمزت لعلم فلسطين الذي تشترك معه في ألوانها، وحلت رمزياً مكانه بعدما حظر الاحتلال رفع العلم الفلسطيني في القدس، كما حُظر العلم في بعض الدول الغربية. واحتل “العلم / البطيخة” غلاف العدد، كرمز لما يُمكن أن يُقدمه الإبداع من حلول.
ولأن الشرارة انطلقت من حي الشيخ جرّاح، فقد آثر الأستاذ المشارك وعضو الهيئة الأكاديمية في دائرة التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت، والمتخصص في تاريخ القدس، نظمي الجعبة، إلّا أن يكتب عن كيف نشأ الحي، وكيف ولماذا واجه ويواجه أهالي الشيخ جرّاح حملة طردهم من منازلهم.
الملف كتب فيه أيضاً كل من: كميل منصور “دلالات هبّة القدس وحرب غزة ودروسهما”؛ عبد الرازق فرّاج “كي لا تتبدد تضحيات ومنجزات أيار الفلسطيني”؛ رندة حيدر “العملية العسكرية ضد غزة: حرب على الوعي وصراع على السردية”؛ أنطوان شلحت “هبة فلسطينيي 48: هدف مزدوج”؛ معين الطاهر “ما بعد القدس وسيفها”؛ سعاد قطناني “شوك الصبّار”، أحمد عز الدين أسعد “محو المحو: تأملات في هبّة القدس ومَداراتها”؛ مهند عبد الحميد “مقومات إعادة البناء والتحرر”؛ عدنان أبو عامر “معركة غزة الأخيرة وآفاقها المستقبلية”؛ عبد الجواد عمر “التقاء أزمتين: قراءة في الهبّة الكبرى”. وتضمن الملف ثلاثة تحقيقات: عبد الرؤوف أرناؤوط من القدس؛ حسن مواسي من الـ 48؛ أمجاد سعيد شبات من غزة.
من خارج الملف، يتضمن العدد 127، حواراً مع وليد الخالدي عن كتاب “السيونيزم، أي المسألة الصهيونية: أول دراسة علمية بالعربية عن الصهيونية”؛ دراسة بعنوان “إذن بالرواية” لإدوارد سعيد، ترجمها وقدم لها عبد الرحيم الشيخ. ومقالات لكل من: جانكيز تشاندار “روسيا اللعز: ليست امبراطورية، وإنما دولة إمبريالية دائماً”؛ ميشال نوفل “صور التفاهم الأميركي – الإيراني”؛ عمر تشبينار “رؤية بايدن إلى سياسة أميركا العالمية والشرق أوسطية”؛ داود تلحمي “إدارة بايدن الشأن الفلسطيني: انفراجات محدودة وحلول مؤجلة”. وأخيراً، قراءة في كتاب غسان أبو ستة وميشال نوفل “سردية الجرح الفلسطيني: تحليل السياسة الحيوية لإسرائيل”.
المصدر : خاص