في غمرة الإستحقاقات التي تشهدها البلاد ، يعود الحديث عن تنظيم الإعلام الإلكتروني، ليحلّ طبقاً دسماً على الموائد السياسية، في ظلّ هواجس لدى المعنيّين من نوايا مبيّتة كامنة خلف الأمر.
ومع أنّ الحديث عن “قوننة” الإعلام الإلكتروني تعود إلى سنوات، فإنّه عاد إلى الضوء في الساعات الماضية، من خلال ما أثير عن “معركة” بين رئيس لجنة الإعلام والإتصالات النائب حسين الحاج حسن، ووزيرة الإعلام منال عبد الصمد، حول مبدأ “التجزئة”.
وبحسب المعلومات، فإنّ اللجنة تسعى إلى “فصل” الجزء المتعلق بالإعلام الإلكتروني عن غيره، بداعي “العجلة”، في حين ترى وزيرة الإعلام أنّ هناك “استحالة” لمثل هذه “التجزئة”، باعتبار أنّ القطاع واحدٌ، موقفٌ يؤيّدها فيه المعنيّون الأوائل به، أي العاملون في المجال…
بين “القوننة” و”العجلة”
تكشف معلومات لـ “لبنان 24” أنّ النائب الحاج حسن طلب من الوزيرة عبد الصمد في جلسةٍ عُقِدت في 1 تموز، إعداد اقتراح قانون للإعلام الإلكتروني خلال مهلة 15 يوماً، الأمر الذي “تحفّظت” عليه الأخيرة، لتقدّم بدلاً من ذلك اقتراحاً متكاملاً للإعلام ككلّ، يشمل من جملة من يشمله خطّة إصلاحيّة متكاملة.
وبحسب المعلومات، فإنّ اللجنة النيابية أعادت الطلب في جلسة 22 تموز من الوزيرة إعداد مقترح “منفصل” للإعلام الإلكتروني، وأعطتها مهلة حتّى 5 آب المقبل، بحُجّة أنّ النقاش قد يستغرق أشهراً من النقاشات، في حين أنّ “قوننة” الإعلام الإلكترونيّ تستوجب “العجلة”، نظراً لـ “الفوضى” في القطاع، وفق ما يقول بعض النواب.
أكثر من ذلك، تكشف مصادر أنّ نقاشاً يدور حول تقييد المواقع بـ “تراخيص”، أسوةً بما هو معمولٌ به على مستوى الإعلام المرئي، علماً أنّ الصلاحية المُعطاة حالياً للمجلس الوطني للإعلام تحت عنوان “العلم والخبر” غير قانونيّة، وفق ما يرى البعض، ومن بينهم النائب الحاج حسن نفسه.
وعدت ووفيت”
لا تبدو وزيرة الإعلام بوارد الدخول في هذه السجالات، إذ ترفض في اتصال مع “لبنان 24″، تصوير الأمر وكأنّه عبارة عن “تباين” مع الحاج حسن، مشدّدة على أنّها تنطلق في مقاربتها من خطّةٍ إصلاحيّة متكاملة، ومن أنّ الإعلام الإلكتروني هو في النهاية جزءٌ من الإعلام ككلّ، وينطبق عليه ما ينطبق على غيره.
وفيما ترفض عبد الصمد استباق الأحداث، تقول إنّها “وفت بوعدها”، كاشفةً أنّ المشروع الذي أعدّته أصبح في عهدة لجنة الإدارة والعدل، ويمكن إحالته إلى الهيئة العامة في أيّ وقت، كما تعلن في الوقت نفسه عن سلسلة لقاءاتٍ حواريّة تُعِدّ لها في القادم من الأيام حول المشروع، الذي تحرص على وصفه بـ “العصري والحضاري”.
ومن هنا، ترى “استحالة” في تلبية طلب الحاج حسن، لافتة إلى أنّ العديد من وسائل الإعلام تجمع الرقميّ مع المكتوب والمرئي والمسموع، وهي تبدي “ثقة” بأنّ اقتراحها يلبّي تطلّعات العاملين في المجال، باعتبار أنّه متقدّم جدّاً، وتمّ العمل عليه مع إعلاميين وقانونيين موضوعيين، كما شاركت بعض مؤسسات المجتمع المدني في صياغته.
كورونا إعلامية
لكنّ المسألة تبدو مختلفة بالنسبة لرئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، الذي يقول لـ “لبنان 24” إنّ فكرة تنظيم الإعلام الإلكتروني مطلوبة، نظراً لكون هذا الإعلام، بحسب وجهة نظر لجنة الإعلام، “لا يخضع لأيّ تنظيم حالي ولا قانون يرعاه”.
ويتحدّث محفوظ عن خشية أن تأخذ الأمور وقتاً طويلاً، باعتبار أنّ النقاشات سبق أن استمرّت ثماني سنوات في لجنة الإعلام من دون أن تفضي إلى نتيجة، لكنّه يبدي “تحفّظاً” على ما يُحكى عن تراخيص، “تخوّفاً من أن يكون الهدف من ذلك استهداف المواقع المستقلّة، أو التي لا تملك مالاً”.
وفيما يدافع عن صلاحيّة المجلس على مستوى العلم والخبر، استناداً إلى المادة الخامسة من قانون المرئي والمسموع، يلفت إلى أنّ المواقع نفسها توصّلت إلى بروتوكول لمتابعة الأداء الإعلامي، واتفقت على سحب العلم والخبر من أيّ موقع يلجأ إلى ترويج “الأكاذيب”، أو ما يسمّيها هو بـ “الكورونا الإعلاميّة”.
موقفنا موقف الوزيرة
بين هذا وذاك، يبدو أنّ الإعلاميّين يتّجهون للمصادقة على موقف الوزيرة، وهو ما يؤكّده المدير العام لـ “لبنان 24” ربيع سعادة، بقوله بوضوح: “موقفنا نحن والمواقع الأساسية في لبنان هو موقف الوزيرة، خصوصاً أنّ جميع وسائل الإعلام أصبحت تملك موقعاً إلكترونياً ولها وجود على مواقع التواصل، وبالتالي أصبحت حكماً رقميّة، ولم يعد بالإمكان الفصل بين وسيلة إلكترونية وأخرى غير إلكترونية”.
وينسجم هذا الكلام، الذي يُتوقَّع أن تكون له مفاعيل أكثر وضوحاً ، مع موقف نقابة المحرّرين، التي رفضت رفضاً قاطعاً أي طرح يرمي إلى “تفسيخ” الإعلام وتفتيته، مؤيّدة في المقابل أيّ قانون موحّد “يحصّن الحريات”، وهنا بيت القصيد…!
عن موقع لبنان 24