إفتتحت كلية العلوم الإنسانية في جامعة بيروت العربية بالتعاون مع جامعة Angers في فرنسا مؤتمراً دولياً حول “الواقع والإبداع في العلوم الإنسانية” ، بمشاركة باحثين من الأردن والجزائر والمغرب، وذلك في حرم الجامعة ببيروت ، وقد حضره الى جانب رئيس الجامعة البروفيسور عمرو جلال العدوي سعادة الأستاذ برونو فوشيه سفير فرنسا في لبنان ممثلا بالأستاذ داميان غويار، سفير المملكة المغربية في لبنان ممثلا بالمستشارة الثقافية السيدة وفاء العمراني ،البروفيسور هرفيه سابورين المدير الاقليمي للمكتب الشرق أوسطي للوكالة الفرنسية الجامعية ممثلاً بالسيدة سنتيا رعد وعمداء الكليات وأمين عام الجامعة الدكتور عمر حوري ومديري الجامعة والهيئة التعليمية .
يهدف المؤتمر الذي امتد على مدى يومين كاملين إلى دراسة العلاقة بين الإبداع والواقع حيث تتحول جمالية الواقع وتتجدد، وذلك لفهم المجتمعات والإنسان بشكل أفضل، كما تطرق إلى أربعة محاور: الواقع والخيال في الأدب، الإبداع اللغوي، الواقع التاريخي ورؤية المؤرخ أو مؤلف المذكرات، الرهان على التغييرات الاجتماعية والتكنولوجية”.
إستهل الافتتاح بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة، ثم تحدث عريف المؤتمر المستشار الثقافي الاستاذ ميشال أبو خليل والمدير في Suisse made culture بأن الموضوعات التي تطرح في هذا المؤتمر تعكس حاجات مجتمعاتنا ولذلك، وعلى مدى يومين، سنستمع لباحثين متخصصين حول خبراتهم وتجاربهم في هذا المجال والواعدة بمناقشات مثيرة.
وتحدثت رئيسة قسم اللغة الفرنسية في جامعة بيروت العربية البروفيسورة ناديا اسكندراني مشيرة “الى ان الواقع هو ما يوجد بالنسبة إلى الخيال وهذا الأخير يبدع واقعاً مختلفاً. في حقيقة الأمر، إن مفهوم الخيال يخالف الواقع، ويمكننا أن نؤكد أن المبدع يعمل ضد الواقع عندما يطبع بصمته في العمل.”
بعدها تحدثت البروفسورة رشيدة دوماس ممثلة المدير الإقليمي للوكالة الجامعية الفرنكوفونية AUF في الشرق الأوسط ، البروفيسور هرفيه سابوران” بأنAUF تدعم بقوة البحوث الجامعية ولا سيما في سياق استراتيجيتها الجديدة والتي تكرس فيها مكانا غاية في الاهمية لمسائل الابتكار ، والإبداع والخبرة العلمية. وفي الواقع، يشكل البحث في كثير من النواحي القوة المحركة للجامعات اليوم، للدور الذي يجب أن تلعبه كل مؤسسة تعليمية عليا كممثل وملهم للتطوير العالمي للشركات”.
وقد اشارت عميدة كلية العلوم الإنسانية في جامعة بيروت العربية البروفيسورة مايسة النيال بأن المؤتمر هذا العام يسعى لاستكشاف وفرة التقاطعات بين الابداع والواقع والتركيز بشكل خاص على العلوم الإنسانية، لأنه يجمع بين مختلف مجالات المعرفة من الادب واللغة الى التاريخ وعلم الاجتماع والتواصل الجماهيري، مع السعي لبناء مستقبل أفضل في ظل الحاجة الملحة لتعزيز الابداع في جميع مجالات الابتكار.
كما أكد رئيس الجامعة البروفيسور عمرو جلال العدوي في كلمته على ان ” هذا المؤتمر هو مثال رائع على تحقيق رؤيتنا للحياة، ومهمتنا هي تزويد الأجيال الشابة بالإبداع اللازم لجعل العالم مكانًا أفضل. وتابع العدوي ” نحن بحاجة إلى قادة شباب يمكنهم الحلم والإيمان بإمكانياتهم؛ ليس هناك شك في أن العلوم الإنسانية تمثل الثراء الذي يولد من اندماج العقل والجسد. إن هذا الثراء هو أساس الإبداع في جميع المجالات ومجالات الحياة”.
وقد شدد سعادة الأستاذ برونو فوشيه سفير فرنسا في لبنان ممثلاً بملحق التعاون من اجل اللغة الفرنسية داميان غويار بكلمته “على ان التربية والتعليم تحتلان الأولوية في تعاوننا مع لبنان وذلك لسببين: فهما تشكلان أساس الصداقة المتينة بين شعبينا كما أنهما الركن الأساسي لنمو لبنان وتقدمه. وعلى الرغم من جميع الصعوبات التي شهدها تاريخ لبنان، بقي التعليم دائماً ساميًا، ما يدل على عدم وجود جيل ضائع في تاريخ لبنان”.
وتابع ” فيما يخص التعاون الفرنسي اللبناني المشترك، فهناك اتفاقية le Partenariat Hubert Curien CEDRE (PHC CEDRE) وهي عبارة عن برنامج تميّز موّل أكثر من 21 مشروع بحث في مجال الصحة والهندسة والبيئة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو يهدف إلى تعزيز التبادل بين الباحثين، وإقامة تعاون دائم بين المجتمعات الأكاديمية اللبنانية والفرنسية من خلال تشجيع شبكات التميز وأقطابه على المدى الطويل” .
وبنتيجة المداخلات والأوراق البحثية المقدمة خلص المؤتمر الى مجموعة من التوصيات حددت مفاهيم وخصائص وأهداف جديدة للأدب فهو يساعدنا على الهروب من أعباء الحياة ومن أنفسنا ومن المشاكل اليومية التي تواجهنا، ويساعدنا على اكتشاف جمال العالم. لذا يجب على الكُّتاب الاستمرار في الكتابة لمساعدتنا في الوصول إلى عالم أفضل.
ورأت التوصيات أيضا أنه في اطار الأدب يرسم الكاتب الروح البشرية بتعقيداتها وتناقضاتها، ويقدم لنا صورة عن أنفسنا وعن الإنسانية في جميع العصور وفي كل مكان. ويمكنه أن يجمع بين الناس بجعلهم يدركون مصيرهم المشترك.
التوصيات تطرقت كذلك الى المشاكل الاجتماعية حيث يقترح الأدب لها حلولاً، ويساعد على تنمية البشرية أما عن رؤية التاريخ فلفتت التوصيات الى أن الكاتب يؤرخ الأحداث التاريخية ويضاعف عدد التساؤلات حول مستقبل الإنسانية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً، هل نظرته للتاريخ محايدة أو متحيزة؟
كما حذرت التوصيات من وجود خطر مُعلن، يعرض وجود الكتابة للخطر حيث أن تطور التكنولوجيا والاتصالات والعولمة كان له تأثيرا عميقا على الخلية الأسرية فيما نشهد انخفاضاً في عدد الزيجات والاتجاه نحو العيش الحر، مما يدل على تغيير عميق في المجتمع.
هذا وأضاءت التوصيات على لفتة إنسانية وأدبية مفادها أن الواقع يتغير ويستمر في التقدم ومن الاستحالة كبح زمامه. سيكون لذلك تأثيراً على الأدب واللغة والفنون والمجتمع وتكمن مهمة الباحثين بمجال الأدب في منع التأثيرات السلبية قدر الإمكان، وتوجيه الإبداع في جميع المجالات نحو الخير والسعادة للبشرية.
خاص