هبّ العالمان العربي والاسلامي، على امتداد الأرض للتنديد بسماح السويد بتدنيس كتاب المسلمين القرآن الكريم على أراضيها، غير عابئة بمشاعر مئات المؤمنين بهذا الكتاب ورسالة النبي محمد، مدخلة الاستقرار العالمي في مرحلة جديدة من التعبئة والكراهية، والتحريض، في اطار ما كان يعرف منذ عقدين بـ «صراع الحضارات» خدمة لمآرب ومشاريع معادية للمسلمين وشعوب الأرض المحبة للسلام والاستقرار.
فقد أعلنت دول عربية واسلامية من بينها لبنان انها استدعت سفراء السويد للتنديد بالاعتداء على المصحف الشريف، في حين خرجت تظاهرات جديدة في عواصم عدة استنكارا لهذا العمل الذي أثار غضبا واسعا في العالم الإسلامي، وقامت عدة دول، بينها السعودية وقطر وإيران، باستدعاء سفراء البلد الإسكندنافي للاحتجاج، فيما طرد العراق السفيرة السويدية من أراضيه.
وقررت السعودية ، إلى جانب دول عربية وإسلامية، استدعاء القائم بأعمال السفارة السويدية لديها للتعبير عن إدانتها لسماح ستوكهولم بتنظيم تجمع كان منظمه يعتزم خلاله إحراق نسخة من المصحف، لكنه اكتفى بدوسه عدة مرات.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنها ستستدعي القائم بأعمال السفارة السويدية لدى المملكة لتسليمه مذكرة احتجاج تتضمن مطالبة المملكة السلطات السويدية باتخاذ كافة الإجراءات الفورية واللازمة لوقف هذه الأعمال المشينة والتي تخالف كافة التعاليم الدينية، والقوانين والأعراف الدولية».
واستنكرت الخارجية السعودية «التصرفات المتكررة وغير المسؤولة من قبل السلطات السويدية بمنح بعض المتطرفين التصاريح الرسمية التي تخولهم من حرق وتدنيس نسخ من القرآن الكريم، في تصرف يُعد استفزازا ممنهجا لمشاعر الملايين من المسلمين حول العالم».
بدورها، قالت وزارة الخارجية القطرية إن الدوحة استدعت السفير السويدي لتسليمه مذكرة احتجاج على «الاعتداء على القرآن» في ستوكهولم.
من جهتها، نددت تركيا بالتدنيس «الوضيع» لمصحف أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، وحثت السويد على «اتخاذ إجراءات رادعة» لتجنب أي عمل مماثل.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان بعد دوس موميكا على نسخة من المصحف الخميس في ستوكهولم «نتوقع أن تتخذ السويد إجراءات رادعة لمنع جرائم الكراهية ضد الإسلام».
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني استدعاء السفير السويدي للاحتجاج على التصريح الذي منحته بلاده لتجمع موميكا ولتحذير ستوكهولم من تداعيات خطوات من هذا القبيل.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية السويدية استدعاء السفير لكنه رفض التعليق بشأن ما قيل خلال الاجتماع.
وقال كنعاني «ندين بشدة التدنيس المتكرر للقرآن الكريم والمقدسات الإسلامية في السويد ونحمل الحكومة السويدية المسؤولية الكاملة عن عواقب إثارة مشاعر المسلمين في كافة أنحاء العالم».
وطلب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في رسالة وجهها إليه، «إدانة هذا العمل على الفور واتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت ممكن لمنع تكرار مثل هذا العمل المهين والاستفزازي».
أثار الإعلان عن سماح السلطات السويدية بالمظاهرة، احتجاجات في العراق تخللها إحراق سفارة السويد لدى بغداد وتوترا دبلوماسيا أدى إلى طرد بغداد السفيرة السويدية لديها واستدعاء ستوكهولم القائم بالأعمال العراقي.
ونددت منظمة التعاون الإسلامي بالتجمع الأخير في ستوكهولم معتبرة أنه «عمل استفزازي آخر (…) لا يمكن تبريره تحت ذريعة حرية التعبير أو الرأي».
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية أدانت مصر أيضا بأشد العبارات الجمعة سماح السلطات السويدية بتكرار التعدي على القرآن الكريم وتمزيقه في العاصمة ستوكهولم.
وتضمن البيان أن هذه الحوادث «تحد سافر يتجاوز حدود حرية التعبير ويستفز مشاعر ملايين المسلمين حول العالم، وينتهك مقدساتهم».
وعبرت مصر في البيان عن بالغ قلقها إزاء تكرار حوادث «ازدراء الأديان وتفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا وتعالي خطاب الكراهية في العديد من الدول».
وأكدت على ضرورة أن «تضطلع الدول بمسؤولياتها في التصدي لهذه الجرائم ومنع تكرارها ومحاسبة مرتكبيها، وأهمية احترام الدول لالتزاماتها الدولية لتعزيز التعايش السلمي والتناغم الاجتماعي ونشر ثقافة التسامح وتقبل الآخر».
وكان الجامع الأزهر، الذي يمثل أكبر مؤسسة دينية للمسلمين السنة ومقره القاهرة، قد استنكر بشدة هذه الحوادث في بيان نشر على صفحته على فيس بوك الخميس ووصفها بأنها «وصمة عار على جبين السويد».
وبعد تركيا وباكستان والعديد من الدول الإسلامية الأخرى، نددت أذربيجان اليوم بالاعتداء على المصحف الشريف في السويد، ودعت السلطات السويدية لاتخاذ تدابير لمنع جرائم الكراهية على أراضيها.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد عبّر أمس عن تضامنه مع المسلمين وإدانته لأعمال العنف والتعصب وكراهية الإسلام التي تؤدي إلى تفاقم التوترات وتغذي التطرف.
وفي غضون ذلك، تجددت امس المظاهرات المنددة بالاعتداء على المصحف في بغداد ومحافظات عراقية أخرى.
ونظم أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وقفات احتجاجية بعد صلاة الجمعة تنديدا بالواقعة.
ورفع المحتجون الأعلام العراقية وصور الصدر، ورددوا هتافات منددة بالحادثة التي أقدم عليها لاجئ عراقي في السويد.
وخلال هذه الاحتجاجات، رفع المتظاهرون المصاحف، وحرقوا علم السويد وعلم المثليين.
وفي طهران، تظاهر مئات المتظاهرين في طهران عقب صلاة الجمعة وهم يرفعون المصاحف ويرددون هتافات بينها «تسقط الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل والسويد»، فيما أشعل بعضهم النار في العلم السويدي.
المصدر : وكالات