ضمن تطورات الخلاف الأثيوبي – المصري حول سد النهضة ، إتهمت إثيوبيا مصر بالمقامرة السياسية ، وقال وزير الخارجية الإثيوبي غيدو أندارغاشو إن أديس أبابا ستملأ بحيرة سد النهضة بإتفاق أو بدونه. وأشار إلى أن إثيوبيا لن تتوسل مصر والسودان للسماح بإستغلال موارد بلاده المائية على حد تعبيره.
وأضاف أندار غاشو بأن بلاده ملتزمة بالجدول الزمني لملء سد النهضة مهما كانت العواقب ، وليست ملزمة بالتوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان قبل ملء السد .
وتجلى التعنت الإثيوبي وعدم تحقيق تقدم يُذكر خلال المفاوضات التي أجريت خلال الفترة الماضية ، بعد رفض إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث – مصر والسودان وإثيوبيا- بإبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، واعتراضها على تضمين الاتفاق إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف ، مع كل ذلك يبرز سؤال هام وهو لماذا ترفض إثيوبيا إبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي؟ وما هي الخيارات المتاحة أمام مصر في حال استمرار التعنت الإثيوبي؟
نور الدين
وأوضح خبير الموارد المائية وأستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة ، الدكتور نادر نور الدين ، في تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” أن إصرار إثيوبيا على أن تكون نتائج المفاوضات الفنية مجرد خطوط إسترشادية ، تأخذ بها إثيوبيا أو لا تأخذ بها، هو ما يُقلق مصر، لأنها تعني أنه لا اتفاق مُلزماً سيُجبر إثيوبيا على احترام حقوق مصر والسودان وعدم اتخاذ إجراءات إحترازية محسوبة بملء وتشغيل السد قد تتسبب بضرر بالغ على دولتي المصب.
كما أن أديس أبابا تريد أن يكون الاتفاق حول نظام التعامل مع سنوات الجفاف مجرد توصيات غير مُلزمة لإثيوبيا، وهو ما يعني أنها لن تأخذ بها ولن يحاسبها أحد قانونياً على عدم التزامها، في حين ترغب مصر والسودان في إجراءات واضحة وحاسمة وملزمة للجميع ويتبعها أطر قانونية لمحاسبة المخالف.
ماذا تريد إثيوبيا؟
وتابع نور الدين أن “إثيوبيا تريد أن تكون المفاوضات الحالية بمرجعية إعلان مبادئ سد النهضة، ولكن تبين أن تلك المرجعية إنتقائية فقط، حيث رفضت تطبيق البند العاشر من إعلان المبادئ برفع الأمر إلى رؤساء الجمهوريات عند تعثر المفاوضات الفنية والسياسية”.
وكشفت مصر تفاصيل الخلاف مع إثيوبيا حول سد النهضة وذلك خلال المفاوضات الأخيرة والتي جرت برعاية سودانية.
كما رفضت في نفس البند العاشر، بحسب نور الدين، اللجوء إلى وسيط دولي للتحكيم بين الدول الثلاث خوفاً من أن تكون قراراته مُلزمة، ولكنها تريد مرجعية إعلان المبادئ فقط في البند الخامس الذي ينص على أنه بعد الإتفاق على نظام الملء والتشغيل للسد يحق لمالك السد تغيير ما تم التوصل إليه منفرداً ، على أن يُخطر دولتي المصب بهذا التغيير وبدون مباحثات جديدة أو مشاورات أو الدعوة إلى اجتماع جديد للنظر في هذه التعديلات، ولكن قد يتخذ قراراً فردياً بتغيير ما تم التوافق عليه منفرداً وبعيداً عن شركاء النهر.
وأضاف: “هي بذلك تعتبر أننا نتعامل مع سد إثيوبي و نهر إثيوبي خالص وليس مع نهر مشترك عابر للحدود ودولي الخصائص ، وهو ما ترفضه مصر والسودان، فهما تريد اتفاقيات مُلزمة تماماً، بأطر قانونية للاتفاق و مرجعية قانونية للتحكيم في حال مخالفة ما تم الإتفاق عليه من اللجان الفنية”.
الموقف المصري حرج
وأكد خبير الموارد المائية أنه لم يعد لدى مصر الآن إلا إشراك المجتمع الدولي، كما صرح وزير الخارجية المصري، من خلال تقديم شكوى رسمية عاجلة لمجلس الأمن لمنع تدهور الأوضاع في شرق القارة الإفريقية.
وأضاف أن ذلك “قد يتطلب إجبار إثيوبيا على تأجيل الملء الأول للسد إلى حين التوافق، مع انتداب لجنة خبراء من كل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للمياه، وخبراء الموارد المائية في منظمة الأغذية والزراعة للتحكيم بين مصر وإثيوبيا في نظام ملء وتشغيل السد، وتحديد التداعيات والأضرار التي يمكن أن تقع على مصر والسودان وتستحق التعويض من إثيوبيا أو محاولة تلافي هذه الأضرار”.
المصدر : العربية نت