أصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية البيان آلآتي: بحزن بالغ وألم كبير تنعى نقابة محرري الصحافة اللبنانية أحد اعضائها البارزين الذين عرفتهم ساحات النضال الوطني والقومي والمطلبي ، هو المغفور له ياسر محمود نعمه المولود في صور عام 1934، الحائز دبلوما في الصحافة من جامعة القاهرة عام 1954،
عمل صحافياً ، محرراً ومراسلاً في عدد من الصحف والمجلات منذ مطلع الخمسينيات ومنها : التلغراف، المصور، الكفاح العربي والاحد والحرية التي تولى إدارتها في الستينيات،قبل أن يشارك طلال سلمان في تأسيس جريدة السفير في عام 1973 وإبصارها النور في 26 آذار 1974.وظل في مسؤولياته في الجريدة حتى قبيل إغلاقها وهو الذي أسبغ عليها الكثير من روحه، وحدبه، وأفكاره المبتكرة التي ساهمت في نهضتها وحملها إلى موقع الصدارة. وهو إلى ذلك كان قومياُ عربياً متحمساً لقضيته، وتبين سيرته الذاتية الغنية بالأحداث والمهمات كم كان حضوره صاخباً ومؤثراً إلى جانب رفاقه في منظمة العمل الشيوعي- وكان من مؤسسيها- وحركة القوميين العرب. وكذلك علاقته مع الرئيس جمال عبد الناصر الذي التقاه لمرتين متتاليتين في سياق العمل العربي العام الذي كان قائماً في الستينيات وتحديدا، بعد نكسة عام 1967، لمناهضة الإحتلال الإسرائيلي للدول العربية.
كما استكمل نهجه الثوري بدعم المقاومة في لبنان ضد الصهاينة بعد عام 1982.وكان على علاقة وطيدة مع الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمه، والأمين العام للجبهة الشعبية جورج حبش. على أن نضاله النقابي لا يقل أهمية عن نضاله الوطني والقومي.فكان رئيساً لإتحاد عمال الطباعة والنشر،وانتخب عضواً في المجلس التنفيذي للإتحاد العمالي العام وكان محركاً رئيسياً للتظاهرة الكبيرة التي قامت في عام 1987 وضمت ما يزيد على 300 ألف لبناني وفدوا من شطري العاصمة بيروت ، التقوا في محلة المتحف. وانتخب أيضاً أميناً عاماً للإتحاد ، فنائباً للرئيس، واعتقل في العام 1997 لمناهضته من موقعه في الإتحاد إلى جانب رفاقه نهج السلطة آنذاك في مقاربة السياسة الإقتصادية والرأسمال المتوحش. وهي كانت المرة الثانية التي يسجن فيها، وكانت الأولى إبان أحداث عام 1958.
القصيفي
وقال النقيب جوزف القصيفي في نعيه:” طوى عامه ال 91 ومضى إلى ملاقاة وجه ربه مثقلاً بسني النضال الذي خاض معتركه عالي الرأس ، مرفوع الجبين زاده الكرامة الوطنية، والشعور الإنساني المرهف الذي كان يملي عليه الوقوف إلى جانب المستضعفين والمهمشين. إنه ياسر محمود نعمه الصديق الذي عرفته جيداً وخبرته سحابة عقود طويلة من الزمن، ووجدت فيه مثال الإنسان الذي يتحصن بالكبرياء من دون أن يعرف التكبر، والتواضع لا الاتضاع، وقولة الحق في حضرة أعتى السلاطين جورا. وكان صديقاً صادقاً ، لا يخشى المواجهة أنى تكن كلفتها عليه، لكنه كان يحاذر الغدر والطعن في الظهر لأنهما يتنافيان مع تربيته العائلية ومبادئه الوطنية. وكانت الشهامة، وحب الخدمة، ونبذ الطائفية جواز مروره إلى زملائه وعارفيه الذين أحبوه وأولوه ثقتهم. ولا أزال أذكر حرصه الشديد على نسج أفضل العلاقات مع حليم مطر الكتائبي الذي كان يتولى الأمانة العامة لاتحاد عمال الطباعة والنشر في الشطر الشرقي من العاصمة،وكان التنسيق بينهماً نموذجاً أثار إعجاب الجميع وفضولهم في زمن كانت البلاد فيها منقسمة عمودياً والشرخ متسعا.وكان زملاؤه في السفير يجدون فيه الأب والأخ والرفيق، والساعي بروح إيجابية لفض ما يمكن أن يواجههم من مشكلات. كان رحمه الله صديقاً لنقابة محرري الصحافة اللبنانية التي انتسب اليها داعياً إلى دعمها، ومساندتها لأنها النقابة الأم والأشمل تمثيلا، والحصن الوطني الذي يضم زميلات وزملاء من كل المدارس والمشارب الفكرية والثقافية والسياسية. وهو من شجع نجله الزميل عمار الصحافي المعروف بمهنيته واحترافه على الإنتساب إليها والوقوف إلى جانبها.
بغياب ياسر نعمه ارسل دمعة وفاء مستذكراً الأيام الخوالي عندما كنا نلتقي معاً في جريدة السفير والإتحاد العمالي العام ونقابتي الصحافة والمحررين لمناقشة موضوعات وطنية ومهنية بروح الأخوة الصادقة بعيدا من أي تشنج يمكن أن يفرزه تباعدنا السياسي. ويعرف معاصرو الراحل أنه لم يكن تفصيلا في حياة لبنان ، خصوصاً في مجالات النضال الوطني والقومي، والنقابي، والصحافي.
كان رحمه الله في الخطوط المتقدمة فارساً مقداماً لا يقيم وزنا للمخاطر والتحديات في سبيل الهدف الذي اليه يطمح. فإلى جنان الخلد يا صديقي ياسر، وليهنأ لك الرقاد في تربة صور التي أطلعتك، وأنشأتك وأطلقتك. فها قد عدت إليها كما تعود النسور إلى وكناتها، وآلاساد إلى عرينها، شاهراً وفاءك لها. عزاؤنا للعائلة والأصدقاء، يا عزيزاً لن نشتاق اليك لأنك ستبقى حاضراً بقوة الذاكرة والحنين.







