في 19 كانون الاول الماضي، كُلّف حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة، بأصوات حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل والحلفاء. منذ ذلك النهار، انكفأت القوى السياسية المعارضة “تاريخيا” لخط 8 آذار من المشهد السياسي، وأخلت الساحة لهذا التحالف، فيؤلّف الفريقُ الواحد، الحكومة التي يراها الافضل للمرحلة وتحدياتها. حتى الثوار خرجوا من الشوارع. صحيح ان طريقة تكليف دياب لم تعجبهم، وقد رأوا فيه نتاج “تسوية” سياسية أُبرمت في الغرف المغلقة بين أهل بيت 8 آذار. غير انهم قرروا منحه فرصة، خاصة وأن الرجل أكد انه رأى نفسه وتطلعاتِه في الانتفاضة، وأنه أيضا، سيعمل على تشكيل حكومة “اختصاصيين”.
لكن قرابة شهر مرّ على التكليف، وبدل ان تكون الحكومة أبصرت النور وأقلعت في اجتماعاتها لوضع قطار انقاذ لبنان على السكة، خاصة وان الجرّاحين المنكبّين على استيلادها “خرّيجو” “المدرسة” السياسية نفسها، كانت المفاجأة في ان هؤلاء اختلفوا في ما بينهم، ليس فقط على الحصص والاحجام والحقائب، بل ايضا على “طبيعة” الحكومة، من سياسيين او تكنو-سياسية، أو من اختصاصيين، وهي النقطة التي يُفترض منطقيا ان تكون حُسمت ساعات بعيد تكليف دياب!
أمام هذا الأداء السياسي الذي يصحّ توصيفه بـ”الفضيحة”، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، عاد الثوار الى الشارع بقوة في نهاية الاسبوع. تحرّكوا السبت والاحد، رافعين الصوت ضد مسار الامور، الذي أتى في رأيهم، ليؤكد مرة جديدة، وبما لا يرقى اليه شك، فشلَ الطبقة الحاكمة وعدم أهليتها لتولي عملية الانعاش الضرورية للبنان واقتصاده. والانكى انها وبدل ان تستفيد من الفرصة التي أعطيت لها لتحاول “تبييض” صورتها من جديد، استغلّتها لتعويم نفسها ومصالحها السياسية والفئوية والشخصية!
كل ذلك حصل، فيما الناس تُذل صباح كل يوم على ابواب المصارف، قبل ان تعود الى منازلها من وظائفها – في حال لم تخسرها بعد- لتبيت في الظلام والبرد بفعل التقنين الكهربائي الآخذ في الاشتداد، فيما بعض المازوت والبنزين والغاز، بات يباع في السوق السوداء، والسلع الغذائية تضاعفت أسعارها، والمعدات الطبية بدأت تُفقد من المستشفيات، على وقع تلويح قطاعات حيوية كثيرة، كالمخابز والافران والمحروقات، باضرابات مفتوحة احتجاجا على انقطاع الدولار من الاسواق.
الاخفاق السياسي والذلّ اليومي، أعادا “تشريج” الثورة، وفق المصادر. وتحرّكاتها على الارض ستتكثف تدريجيا في الساعات المقبلة، وستتخذ أشكالا عدة من الاعتصامات امام المرافق العامة الى التظاهرات والاضرابات وصولا الى قطع الطرق، في منحى تصعيدي. واذ تشير الى ان الدعوات تتكاثر لاطلاق هذا المسار ابتداء من غد الثلثاء تحت شعار “وجعنا كبير، غضبنا أكبر”، تلفت المصادر الى ان الاستمرار في المكابرة سياسيا في مقابل تدهور الاوضاع المعيشية والمالية، سيحوّل الانتفاضة الى “ثورة” حقيقية. والمطالب التي وضعتها في 17 تشرين قد لا تعود صالحة أو كافية اليوم. ففي الاسابيع المقبلة، من غير المستبعد ان يُصبح إسقاط الطبقة كلّها، من رأس الهرم الى القاعدة، أولوية. فتتكثف التحركات في اتجاه بعبدا وساحة النجمة، لـ”إخضاعهما”، على ان يكون الهدف: انتخابات نيابية مبكرة، قد تتولى الاشراف عليها حكومة انتقالية ربما كانت “غير مدنية”، تليها عملية انتاج نظام سياسي جديد يسمح بضم لبنان، بعد 100 عام على انشائه، الى ركب الدول المتحضّرة…
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More