كتب ريكاردو الشدياق في موقع mtv:
أمرٌ لا يحصل كلّ يوم أن نتمكّن من إقناع رجل الألغاز والخفايا جوني عبدو من التكلّم والبَوح بأمور لا يعرفها أحدٌ إلاّ هو، في هذه اللحظة المصيريّة من تاريخ لبنان. في زمن انعدام الحنكة، بادر موقع mtv إلى الإتّصال به، فقبل بالتكلّم وحدّد موعداً، و”فُزنا” لساعة كاملة بحنكته الإستخباراتيّة التي حسده عليها آخرون منذ تولّيه مديريّة الإستخبارات في الجيش.
من آخر التطوّرات بدأنا في الحديث معه، حيث يجزم أنّ “المطلوب فرنسياً أن يتمسّك السفير مصطفى أديب، الذي يزور قصر بعبدا اليوم، بقواعد التأليف الحديثة على قاعدة “إذا سقطت المبادرة، سيسقط الكل معها”، فعرقلتها تدخل ضمن العراك الدائم بين دولتين في لبنان، ساعةً بين إيران والسعوديّة وساعةً أخرى بين السعوديّة وفرنسا، وغيرها، والقصّة “عويصة” اليوم، إلاّ أنّ ما فعله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ينطلق من قناعة بأنّ الحلّ مع “حزب الله” لا يُمكن أن يكون عسكرياً، على غرار قناعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري آنذاك بأنّ خروج الجيش السوري من لبنان لا يُمكن أن يكون عسكرياً”، معتبراً أنّه “إذا كان “حزب الله” يسعى لإسقاط مُبادرة الرئيس الفرنسي فلا يجوز أن نسهّل له ذلك”، متوقّعاً أن “يكون للبنان حكومة، مستقلّة بقدر الإمكان، خلال أيام، وتحمل أولويّة تمرير الأموال الملحّة التي يحتاج إليها البلد”.
يركّز على الحملة المصوَّبة ضد الحريري بسبب ما سُمّيَ بـ”الخضوع والتنازل”، فيسأل عبدو: “لماذا لم تُهاجم هذه المجموعة نفسها، أيّ رؤساء الحكومات السابقين ورضوان السيّد وغيرهم، الرجل عندما ذهب إلى سوريا وزار بشار الأسد بناء على طلب السعودية؟”، مؤكّداً أنّ “خطوة الإستقالة التي أقدم عليها بعد 17 تشرين الأول 2019 أتت خلافاً لإرادة “حزب الله” ورئيس الجمهورية ميشال عون، وهي أول مسمار في نعش السلطة الحاليّة”.
نتوقّف معه عند تصريحات عون الأخيرة، والتي حملت رسائل عدّة بالنسبة الى العلاقة مع “حزب الله”، إذ يؤكّد أنّ “عون يتّجه إلى فك إرتباط العهد مع “الحزب”، وكلّ ما وصل إليه حتّى اليوم هو نتيجة خطّته الوصوليّة، غير الوطنيّة على الإطلاق، فلا نجح في وضع اليد مع “حزب الله”، ولا مع الحريري، ولا مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، ولا مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع في تفاهم معراب الذي يشكّل “سبب البلى” والخطأ الكبير”، متابعاً: “منذ 15 عاماً بعد اغتيال الحريري، لم نشهد أيّ مشروع آخر بديل، في وقت عجز عون عن إحداث تغيير واحد خلال 3 سنوات من عهده”.
وفي حال لم نجد حلاًّ لسلاح “حزب الله”، يقول سفير لبنان السابق في باريس، لموقع mtv، فإنّ “لبنان ذاهب إلى الفيدرالية، أو اللامركزية الموسّعة، التي تُصبح عندها قابلة للتحقيق والهضم”، كاشفاً أنّ “حزب الله” يتغلغل ويحظى بسيطرة داخل المناطق المسيحيّة، وتحديداً في قلب الأشرفيّة والمتن الشمالي وكسروان، وجبيل، التي يُريدها منطقة شيعيّة صرف، وأدعو الأجهزة إلى رصده والبحث عنه في هذه المناطق وغيرها، كما علينا أن نسجّل حصول عمليّات استخباراتيّة بتخطيط من “حزب الله” في مرحلة عهد الرئيس إميل لحود، وقامت على التنسيق بين “الحزب” واستخبارات الجيش “من فوق لتحت”، الأمر الذي يدعونا لسؤال قائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون عمّا إذا كان هذا التنسيق موجوداً اليوم”.
ويُذكّر بأنّ “حزب الله” وافق مع عون على تخفيف عقوبة فايز كرم بتهمة العمالة لإسرائيل، وهو الذي حُكِم لـ8 أشهر فقط، وهي نقطة سوداء كبيرة”.
هل بدأ “حزب الله” يضعف ويتراجع؟
يُجيب: “نعم، و”الله ينجّينا بس يضعف”، فهو بدأ باستدعاء أشرف رجال الدين العلامة علي الأمين إلى القضاء لمنعه من استمرار تأثيره المتمدّد في البيئة الشيعية، وهو مستعدّ بفعل ضعفه، والمراقبة الشديدة الخاضع لها اليوم، أن يُقدم على تصفيات أمنيّة خطيرة ويُطيح المؤسسات في لبنان، علماً أنّه بدأ، منذ أقلّ من شهر، ينفّذ انسحاباً عسكرياً من سوريا”، معلناً أنّ “اللبنانيين سيكونون أمام تطوّرات من نوع آخر ستتمثّل بفرض الدول، وفي مقدّمتها أميركا والدول العربية، العودة إلى القرار 1559 قريباً، في وقت تحوّلت العقوبات الأميركية إلى سياسيّة، ولم يتبيّن أنّها تأديبيّة”.
أمّا المفاجأة الكبرى التي أطلقها عبدو، لموقع mtv، فهي أنّ “لبنان يتّجه نحو توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل في مرحلة لاحقة، وهو سيكون الدولة العربيّة الأخيرة التي ستوقّع هذه المعاهدة، مع الإشارة إلى أنّ عون اعترف بذلك عندما قال ما معناه إنّ “لا مشكلة مع اسرائيل سوى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا،” وكذلك جبران باسيل”، مردفاً: “الدولة اللبنانية ستقبل في نهاية المطاف بما قبل به الفلسطينيون وليس أكثر”.
نتطرّق معه إلى النقطة الأكثر سخونةً في ملف انفجار مرفأ بيروت، فيفجّر مفاجأة ثانية، عندما يدعو القاضيين غسان عويدات وفادي صوّان إلى “الإعلان عن المعلومات التي يمتلكانها اليوم قبل الغد لحماية أنفسهما من أيّ استهداف أمنيّ قد يطالهما، فهناك خشية من تكرار سيناريو تصفيات أصحاب المعلومات، كما حصل في مرحلة ما بعد اغتيال الحريري”.
والأخطر من ذلك كلامه عن “وجود غموض كبير يلف تفجير المرفأ، فإمّا القول إنّ الأجهزة على علم دقيق بما تمّ التخطيط له ولا تجرؤ على الكلام، وإمّا عليها الإعتراف”.
هل سيكون المسيحيّون ضحيّة تغيير النظام في لبنان؟
“هناك موافقة في الغرب على التوجّه نحو دولة لامركزيّة في لبنان، والمسيحيون حتماً لن يكونوا ضحيّة النظام الجديد، وذلك لسبب واحد ووحيد: لأنّهم يملكون الإعلام الأقوى والمفتوح دائماً فهو يُجنّب المجتمع الذهاب نحو التسلّح، والرئيس عون “مش عارف حالو لوين رايح” لناحية الإصطدام مع الإعلام، وعلى رأسه الـmtv، والإعلاميين الذين أصبحوا يملكون التأثير الأقوى في الأحداث. أضف إلى ذلك، أنّ مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أصبحت تمثّل اليوم الشارع الوطني، وليس المسيحي فقط، خصوصاً أنّ لبكركي مسؤولين روحيين وكنائس ومنابر يُمكن أن تؤثّر عبرها على قواعدها، وإذا صمت سيّد بكركي نصبح أمام مواجهة بالسلاح، وأستغرب ألاّ يُصار إلى إحياء حشد شعبي لا يقلّ عن 100 ألف شخص لدعم البطريرك”.
هل على عون الإستقالة من رئاسة الجمهورية؟
“لن أدعوه إلى الإستقالة طالما أنّ لا إمكانيّة لانتخاب رئيسٍ جديد على الفور، لأنّي لا أريد فراغاً في البلاد، خلافاً لما تسبّب به هو من فراغ رئاسي دام لـ 3 سنوات. هو تكلّم عن “جهنّم”، وهذا يكفي”.
ثلاثيّة مفصليّة
“على الثورة أن تُفرز قيادةً، وإلاّ لن تستمرّ، فلقد بُذلت من أجلها تضحيات كبيرة”، يختم جوني عبدو حديثه معنا، داعياً إلى “إطلاق جبهة سياديّة تضمّ إعلاميين بالدرجة الأولى، وقادة رأي وسياسيين، لقيادة الشارع في المرحلة المقبلة، والبناء على ثلاثيّة ستحمي لبنان: الثورة، بكركي، والإعلام”.
حكايةُ قبر أُمّي..
كانت والدتي رحمها الله تقولُ لنا في سهراتنا الطويلة : ” إدفنوني بين أهلي لأنني آنَسُ بهم .. فَلَكَمْ أبصرتُ مقبرةَ قريتنا في شبعا بعدَ ذوبان ثلج حرمون تنقلبُ حديقةً غنّاءَ ، تَنْبُتُ في ثناياها أشجارُ الجوز والحور والبيلسان .. وزهر الياسمين . أوصتني أمي وأنا بعد صغيرة فقالت :” لا تدفنوني بعيداً عن أهلي
Read More