نقابة المحررين أحيت اليوم العالمي لحرية الصحافة القصيفي: من يمس الحرية في لبنان، هو كمن يهوي بفأس على أرزة، ومطرقة على أعمدة بعلبك

أحيت نقابة محرري الصحافة اللبنانية “اليوم العالمي لحرية الصحافة” في مبنى بلدية الحازمية برعاية وزير الإعلام جمال الجراح ممثلا بالمدير العام للوزارة الدكتور حسان فلحة، وحضور ممثلة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مستشارته الين فرح، ممثل النائب سامي الجميل جورج شاهين، الوزير السابق زياد بارود، النائب السابق ناصر قنديل، نقيب المحررين جوزف القصيفي، ممثل نقيب الصحافة عوني الكعكي ، رئيس تحرير جريدة “الشرق” خليل الخوري، رئيس بلدية الحازمية جان الأسمر، نقيب المصورين الصحافيين عزيز طاهر، مدير مكتب الأونيسكو الإقليمي في بيروت الدكتور محمد بن سيف الهمامي ممثلاً بمسؤول البرامج والإتصال جورج عواد وممثلين عن القوى الأمنية وحشد من الإعلاميين.
القصيفي
بدأ الإحتفال بالوقوف دقيقة صمت عن أرواح شهداء الصحافة، ثم كانت كلمة ترحيبية لرئيس بلدية الحازمية جان الأسمر، فكلمة للقصيفي إستهلها بالقول: “قال السيد المسيح: “تعرفون الحق والحق يحرركم” وقال الخليفة عمر بن الخطاب : “متى إستعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” وقال الإمام علي “لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا” وقال مار توما الأكويني “إن الله الذي خلقك من دونك، لا يستطيع أن يخلصك من دونك”.


أضاف: هذا التلازم بين الحرية، والحق والإرادة، هو جوهر الحياة الإنسانية، فلا تضاد بين هذه الأقانيم، بل تكامل يطل على أسرار الوجود. فالديانات السماوية، والفلسفات الوجودية تلتقي على تقديس الحرية، لأنها حق لكل إنسان، وليست منحة أو هبة من أحد. واللبنانيون، والصحافيون منهم في الطليعة، حبروا بدمهم، وثيقة الحرية، حتى إذا عف لونها، أعادوا صباغها من جديد. وهم أدوا جزيتها، عندما تقدمت مواكبهم إلى أعواد المشانق في عام 1916، يجودون بأغلى ما ملكوا: أرواحهم، التي سمت فوق جبروت الموت، وظلوا يغدقون بسخاء حتى يومنا هذا، دماً يستسقي دماً، من أجل أن تبقى رايتها مرفوعة تتحدى الزمن، وبطش الطغاة، تحكي حكاية الآباء، وشمخة الجبين. إن من يمس الحرية في لبنان، هو كمن يهوي بفأس على جذع أرزة، ومطرقة على واحد من أعمدة بعلبك. إن الحرية محور الحياة الدنيا، حدودها الضمير والقانون والشعور بالمسؤولية، وإلا يكون التحول عن غائيتها، معادل لإلغائها”.
وتابع:”المشكلة اليوم لا تنحصر بثنائية الحرية والمادة. إنها مشكلة قائمة ومزمنة. فالأساس يكمن في الدور والرسالة، كونهما ضمانة القيم الأخلاقية والإجتماعية التي يتعين على كل إعلامي التحصن بها. وفي هذا المجال علينا الإلتفات الى الوضع الجديد الذي أوجده التطور الرقمي، وما أحدثه من إرتدادات، ما يتطلب التفكير بمقاربات مختلفة لدى البحث في واقع الإعلام ومرتجاه. هنا المعادلة الخطيرة، التي لا بد لها من بوصلة تهدي، وتفتح الطريق أمام السير بين الخطوط المتعرجة، والصحافي هو حامي الحرية، ورأس حربتها، ولأنه كذلك، فمن حقه على دولته أن تكون إلى جانبه، وأن تقف على معاناته، وتحصنه بالرعاية التي تقيه شر العوز، في هذه الأيام العجاف، ليتمكن من أداء رسالته بتجرد، والإضاءة على مكامن الخطأ – وما أكثرها- في مجتمعه، ليجتنب الوقوع في الخطيئة”.
واردف: “في اليوم العالمي لحرية الصحافة، نشهد للحق والحقيقة، داعين الزملاء إلى الإنقياد لمثلها، ليقودوا الناس إليها. وهذا لا يكون إلا بإنقاذ الصحافة والصحافيين، لأنهم شكلوا الذاكرة الجمعية للوطن وأبنائه، وكتبوا مسودة تاريخه، وسجلوا وقوعاته، وكانوا علامة إزدهاره. حرية الصحافة في لبنان جعلته ملاذاً لكل من نبت به أرضه، وعبست في وجهه الأقدار، وأصبح بفضلها مطبعة الشرق، ومكتبته، ومسرحه، وجامعته، ورافداً رئيساً لإقتصاده الوطني. وأعطته هويته “الكوزموبوليتيه”، ولم تكن يوما عالة عليه. ويوم كانت صحافة لبنان بخير، كان لبنان بألف خير”.


وقال: “الدولة اللبنانية مؤتمنة على هذا التاريخ الثري، وغير معفاة من واجبها تجاه هذا القطاع الذي يحتضر، لأن إحتضاره يعني إنطواء صفحة مشرقة، لا بل الصفحة الأكثر إشراقا من كيان الوطن. قلنا الكثير عن الازمة التي عصفت بالصحافيين ومؤسساتهم، وطاولت لقمة عيشهم، وموارد رزقهم. وإن القليل الذي يحتاجونه لا يوازي معشار ما هدر، وما يمكن أن يهدر، فلتبادر الدولة الى رعايتهم وفاء لدورهم التاريخي المشرف، ونحن متيقنون من تكاتف الجميع لننهض معاً إلى ورشة تعيد إلى المهنة تألقها. فالأفكار كثيرة، والفعلة ليسوا قليلين، وهم جاهزون لمواجهة التحدي، والتصدي للمعوقات، ويجب ألا يقوم بيننا أي تصادم. فأن ننهد إلى التكامل، يعني أن ننتصر للحرية، ونقر بحق رجال الإعلام في الحياة الكريمة اللائقة التي تجعل منهم طاقة إيجابية في خدمة الوطن والمجتمع”.
وختم: “في اليوم العالمي لحرية الصحافة، ننحني أمام شهدائها الذين أعطوا من دون حساب، كما أمام شهدائها الأحياء الذين أفنوا زهرة العمر، وسابقوا عقارب الساعة في بذل مضن لم يحصدوا منه سوى الجحود. في هذا اليوم المبارك، نتوجه إلى الطغاة أينما كانوا، ومهما سمت بهم الرتب، ممن اعتادوا البطش بالصحافيين، والفتك بهم، والقاءهم في غياهب السجون، يسومونهم أمر العذابات وأقساها، مذكرينهم بقول شاعر القطرين خليل مطران:
كَسرُوا الأَقْلامَ هَلْ تَكْسِيرُهَا يَمْنَعُ الأَيْدي أَنْ تَنْقُشَ صَخْرَا
قَطِّعُوا الأَيْديَ هَلْ تَقْطِيعُها يَمنَعُ الأَعْيُنَ أَنْ تَنْظُرَ شَزْرَا
أَطْفِئُوا الأَعْيُنَ هَلْ إِطْفَاؤُهَا يَمْنَعُ الأَنْفَاسَ أَنْ تصْعَدَ زَفْرَا
أَخْمِدُوا الأَنْفَاسَ هَذَا جُهْدُكمْ وَبِه مَنْجاتُنَا مِنْكُمْ فَشكْرَا
عواد
ثم القى عواد كلمة مدير مكتب اليونيسكو الإقليمي تحدث فيها عن أهمية الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة معتبرا إياه “مناسبة لتشجيع وإعداد المبادرات لحرية الصحافة ولتقييم حالة حرية التعبير في شتى أنحاء العالم وتذكير الحكومات بحاجتها الى الوفاء بإلتزاماتها تجاه حرية الصحافة”.
وعدد أنشطة منظمة اليونيسكو ومشاريعها والمؤتمرات التي تعقدها في أكثر من بلد وعن جائزة اليونيسكو، كما تطرق لشراكة اليونيسكو مع المجتمع المدني والمحلي والمعهد الدولي للصحافيين والجامعات والمشاريع التي تقوم فيها طالت المرأة والشباب.
فلحة
والقى فلحة كلمة الجراح فقال: “بداية أنقل الكم تحيات وزير الاعلام جمال جراح، الذي كاد أن يكون بيننا لولا جلسة مجلس الوزراء الضرورية لمناقشة الموازنة.
ليس مستغرباً أن تدعو نقابة المحررين إلى إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي التي تمارس هذه الحرية بكل معانيها، يومياً، من خلال ما تلتزمه من قيم هي الأساس في عملها المهني.
وليس مستغربا أيضا أن تكون الصحافة اللبنانية، وهي المؤتمنة على الحريات العامة، في طليعة المدافعين عن هذه الحريات، وقد كانت على مر الأيام، ومنذ عقود، تلك الواحة التي كان يتطلع إليها جيران لبنان كعلامة فارقة في ممارسة تلك الحرية بما تفرضه من إلتزامات ومن حس بالمسؤولية، حيث كان للصحافة اللبنانية دور مؤثر في كتابة تاريخ الأحداث في لبنان والمنطقة، وفي المساهمة في صنع الحدث، فكانت بمثابة البوصلة للسياسات التي ترسم في المنطقة، التي كان رؤساء دولها ينتظرون، كل يوم، ما يكتب في الصحافة اللبنانية، للتأسيس عليها لإعتماد ما يتوجب من سياسات كان يعتقد أنها الأكثر صوابية”.
وأضاف: “لا يخفى على أحد أن الصحافة في لبنان كانت في زمن معين، وقبل التحولات الأخيرة في المنطقة، تعيش عصراً ذهبياً، مهنياً وفكرياً وتطلعات، وهي كانت تعد مدرسة في تعليم الأجيال ممارسة الحرية والديمقراطية بأبهى وجوهها، وعلى تعميم ثقافة الحوار والإنفتاح وتقبل الآخر بكل ما بيننا وبينه من إختلاف في وجهات النظر وفي بعض المفاهيم، لأن بناء الأوطان لا يقوم أو يستقيم بإلغاء الآخر. فالحوار أساس في أي تسوية، أيا تكن منطلقاتها وأهدافها، وهو يفرض على جميع المتحاورين، بروح إيجابية وديمقراطية، تقديم التنازلات وتقريب المسافات عبر إقامة جسور تواصل وحلقات مترابطة ومتواصلة بمصلحة الوطن قبل أي مصلحة أخرى”.
وأشار الى أن “ما تمر به الصحافة اللبنانية اليوم من ضائقة إقتصادية هو جزء من كل، ولا يمكن بالتالي فصله عما يمر به الوطن، وقد باشرنا درس الموازنة العامة، التي نحاول قدر الإمكان أن تكون تقشفية من دون أن تطال ذوي الدخل المحدود، عل وعسى نستطيع تجاوز محنتنا الإقتصادية والمالية، على أمل التوصل إلى ما يؤمن الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي، من خلال وضع حد للفساد المستشري، ومن خلال مشاريع مؤتمر “سيدر”.


وختم: “ما يهمنا اليوم ونحن نحيي ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن تبقى هذه الحرية مصونة، وأن تبقى الصحافة اللبنانية صامدة في وجه الأعاصير، على أمل التوصل لاحقاً، بالتعاون بين الدولة اللبنانية ونقابتي الصحافة والمحررين، إلى ما يخفف عن كاهل الصحافة عبء ما تعانيه، خصوصاً بعدما شهدنا اضطرار كبريات الصحف الى التوقف عن الصدور، مع ما نتج عن ذلك من صرف لعدد كبير من الإعلاميين والموظفين، متمنين لكم أخيرا التوفيق في الندوة”.
بعد ذلك قدم رئيس الإتحاد الدولي للصحافيين العرب درعاً تكريمية للنقيب القصيفي. تلا ذلك ندوة بعنوان “حرية الصحافة بين القوانين والممارسة” شارك فيها الوزير السابق زياد بارود.
[email protected] وطنية
الصور بعدسة nextlb

لمشاركة الرابط: