
هنيئًا للبلدات اللبنانية التي أعلنت التوافق على لوائح بلدياتها، فذلك إن دلّ على شيء، فإنما يدل على وعي أبنائها، وحسّهم الوطني العالي، وحرصهم على تغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة، وتوفير أجواء من الاستقرار والتعاون لما فيه خير البلدة وأهلها.
إن التوافق في تشكيل اللوائح البلدية لا يعني بالضرورة غياب التعدد في الآراء والانتماءات، بل هو تعبير راقٍ عن النضج السياسي والاجتماعي، وترجمة لإرادة العيش المشترك والعمل الجماعي من أجل المصلحة العامة. هو إعلان صريح بأن ميدان التنمية المحلية لا يحتمل الصراعات، بل يحتاج إلى تكاتف السواعد والعقول.
في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها لبنان، تبرز أهمية المجالس البلدية كركيزة أساسية في حياة المواطنين اليومية، وكأداة مباشرة لتنفيذ المشاريع، وتحسين الخدمات، والاستجابة للاحتياجات الملحّة. وبالتالي، فإن التوافق على تشكيل هذه المجالس يوفّر بداية سليمة لعمل منتج وفعّال، ويجنّب البلدات معارك انتخابية قد تترك شرخًا يصعب ترميمه.
نأمل أن يكون هذا النهج التوافقي نموذجًا يُحتذى، لا فقط في العمل البلدي، بل في كل مفاصل العمل العام في لبنان، حيث تبقى مصلحة الناس فوق كل اعتبار، وحيث تُبنى المؤسسات على أسس الشراكة والثقة، لا النزاع والانقسام.
في النهاية، يبقى الأمل معقودًا على أن يتحوّل هذا التوافق من لحظة انتخابية إلى نهج مستدام في الإدارة، تُثمر من خلاله مشاريع فعلية، وإنجازات ملموسة، تنهض بالبلدات وتعيد ثقة المواطن بدولته ومؤسساته
إكرام صعب [email protected]