
توصّل باحثون من معهد «سكريبس» للأبحاث في الولايات المتحدة الأميركية إلى مركب مستخلص من عشبة «إكليل الجبل (الروزماري)» يساعد على تحفيز الذاكرة، وقد يسهم في تطوير علاج جديد لمرض ألزهايمر.
وأوضح الباحثون أن هذا المركب أظهر قدرة واعدة على تقليل الالتهاب وتعزيز الذاكرة، عبر آلية ذكية تستهدف الخلايا المتضررة فقط، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Antioxidants».
ويُعد ألزهايمر اضطراباً تنكسياً عصبياً يؤثر على الذاكرة والتفكير والقدرة على أداء المهام اليومية. وينتج المرض عن تراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ، مثل «بيتا أميلويد» و«تاو»؛ ما يؤدي إلى تلف الخلايا العصبية وفقدان الروابط بينها، وهو السبب الرئيسي للخرف، ولا يوجد له علاج نهائي حتى الآن، لكن الأبحاث مستمرة في تطوير علاجات تبطئ تقدمه، وتُحسن جودة حياة المرضى.
وركَّزت الدراسة على تطوير وتحليل تأثير مركب جديد مشتق من حمض «الكارنوسيك» الموجود في «إكليل الجبل»، يُسمى «diAcCA»، بوصفه علاجاً محتملاً لألزهايمر.
وأُجريت التجارب على نماذج فئران مصابة بمرض ألزهايمر؛ حيث خضعت للعلاج بالمركب على مدار 3 أشهر. وتم تقييم تأثيره على الوظائف الإدراكية والدماغية عبر اختبارات سلوكية وتحليلات نسيجية للدماغ.
وأظهرت النتائج أن المركب نجح في الوصول إلى الدماغ بجرعات علاجية، ما أدَّى إلى تحسين الذاكرة وزيادة كثافة الوصلات العصبية، وهي الروابط الأساسية بين الخلايا العصبية المسؤولة عن التعلم والتذكر. كما أظهرت التحليلات النسيجية أن المركب قلل بشكل ملحوظ من الالتهابات في الدماغ؛ حيث يتم تنشيطه في المناطق المصابة فقط، ما يجعله أكثر أماناً، ويحد من الآثار الجانبية مقارنة بالعلاجات الأخرى.
وبالإضافةً إلى ذلك، أسهم المركب في تقليل تراكم بروتينات «بيتا أميلويد» و«تاو» في الدماغ، وهما عاملان رئيسيان في تطور ألزهايمر.
كما ثبت أنه آمن، وساعد أيضاً في تقليل الالتهابات في الجهاز الهضمي أثناء تحوله إلى حمض «الكارنوسيك». وبيّنت الدراسة أن الجسم يمتص 20 في المائة أكثر من حمض «الكارنوسيك» عند تناول «diAcCA» مقارنة بالمركب الخام؛ ما يجعله أكثر فعالية بوصفه علاجاً محتملاً.
ويرى الباحثون أن المركب قد يكون إضافة فعالة للعلاجات الحالية؛ حيث قد يقلل من الآثار الجانبية لبعض العلاجات المناعية المضادة لـ«بيتا أميلويد»، مثل تورم أو نزيف الدماغ. كما يُحتمل أن تكون له تطبيقات علاجية أخرى في أمراض مرتبطة بالالتهاب، مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وباركنسون.
ونظراً لأن حمض «الكارنوسيك» مُدرج ضمن قائمة المواد الآمنة لدى إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، يأمل العلماء أن يتم تسريع التجارب السريرية لهذا المركب الجديد.
وإذا أثبتت التجارب البشرية فاعليته فقد يُمثل هذا المركب المستخلص من إكليل الجبل أملاً جديداً لملايين مرضى ألزهايمر حول العالم، ويمهد الطريق نحو علاج ثوري لأمراض الدماغ والالتهابات المزمنة.