سلوى السنيورة حاضرت عن اللايقين: لحماية القيم الكونية عبر حوكمة عالمية مرتكزة على أسس العدالة والمساواة

حاضرت المديرة العامة لـ”مؤسسة رفيق الحريري” سلوى السنيورة بعاصيري، بدعوة من “المركز الثقافي الإسلامي”، عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ساهمت في التغييرات التي طالت الأخلاقيات تحت عنوان “في زمن اللايقين، أية مثل وقيم إنسانية؟”، في فندق “لانكستر بلازا”، بحضور ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري النائب عمار حوري، رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي عبد الفتاح خطاب، رئيس المركز عمر مسيكة وشخصيات سياسية وأمنية.

بداية تقديم من أمين عام المركز وجيه فانوس، ثم قالت السنيورة: “عنوان المحاضرة يجمع بين عنصرين في آن: فرضية وسؤال. الفرضية هي أن الواقع القائم يسوده اللايقين. والسؤال هو عن أية قيم ومثل ومبادىء نتحدث”.

أضافت: “الوجود الانساني محاط بالكثير من الغموض والغيبيات واستطرادا باللايقين، أما أن يوصف ذلك اللايقين بالمراوغة فهذا يعود الى كونه يراوح بين حالة سبات، يظن الفرد فيها أن معرفته مستقرة لا يرقى اليها الشك، ليعود بعدها فريسة لألف هاجس وسؤال حول ما سبق أن ركن إليه، وذلك نتيجة بروز مستجدات تكون حبلى بمتناقضات ومفارقات تسربل المعنيين بها بشكوك يصعب الإفلات منها، فتتهاوى منظومتهم الفكرية التي رسا اليقين عليها”.

وتابعت: “انه عصر صناعة الحقائق البديلة التي لا قدرة لضحاياها على الاحتكام الى مصادر موثوقة لكشف زيفها أو عدمه. فما يطبع المرحلة هو تحولات كثيفة واستثنائية السرعة، وهذا من شأنه أن يخلق مختلف أنواع الاضطراب، مفضيا الى لايقين يتأرجح بين حدي ثنائيات تحيط بنا، الثراء الفاحش والفقر المدقع، التقدم والتخلف، الإعمار وأسلحة الدمار الشامل، الآخر والأنا، المواطنة العالمية والهوية الضيقة، العولمة والانكفاء، التجارة العابرة للحدود والحمائية، الذكاء الاصطناعي والأمية، الاكتشافات الجينية المذهلة والأمراض والأوبئة، وغيرها وغيرها”.

وأشارت الى أن “اختلاف الازمنة ينتج عنه اختلاف الناس ومشاكلهم”، لافتة الى “التطورات الناجة من استحداث التكنولوجيا المتطورة”، وقالت: “نعي جميعا ما رافق تلك التحولات وعزز جانبها السلبي من تنظير فكري أجج الأوضاع وفاقم في تعميق تأثيراتها الهدامة واندرج تحت عناوين مختلفة، منها: صراع الحضارات، نهاية التاريخ، الإسلاموفوبيا، الكزونوفوبيا، ما بعد الحداثة، ما بعد الديمقراطية، ما بعد الغرب، وما بعد الحقيقة، بل ما بعد الانسانية وسواها”.

وأوضحت ان “الشعبوية الملتحفة بعباءة السيادة الوطنية، وغيرها من التعبيرات، ما كانت لتكون لولا تزايد الأزمات وتداخلها وترابطها وتفاقم أخطارها، ومنها استفحال ظاهرة اللامساواة في التعليم والصحة والسكن والثروة والكرامة الإنسانية، مولدة في تشابكها وتأثيراتها المتبادلة مشاعر الكراهية التي خدمت وسائل الاتصال الاجتماعي في تسريع انتشارها وتعميقها بعيدا عن المعايير الانسانية والرقابة المجتمعية”.

ورأت أن “التناقضات الأخلاقية ستبقى موجودة في المجتمعات البشرية، إلا أنها تتمظهر راهنا بقوة وانتشار غير مسبوقين نتيجة تحول معظم التحديات الى قضايا دولية تتجاوز الحدود ولا يمكن حلها بطرق مجتزأة، في حين أن سلطة الدول تتآكل والنظام العالمي يعزف عن مواكبة التغيرات والتعامل معع ذيولها بطرق فاعلة”.

وقالت: “في سعي للاجابة على السؤال المحوري، أية قيم ومثل ومبادىء إنسانية لعالم اليوم، يجمع العديد من علماء الاجتماع والناشطين في إطار المسؤولية المجتمعية على أنها القيم الكونية ذاتها هي ما يحتاجه عالمنا اليوم، من سلام وحقوق إنسان وحرية وديموقراطية، إنما مع الاعتراف بأنه، ولكي تحقق تلك القيم غاياتها، من الواجب رعايتها عبر جعلها شاملة ودامجة وعابرة لكل الحقول ومتفرعاتها وميادين الحياة ومستجداتها. كما من الواجب حمايتها عبر حوكمة عالمية مرتكزة على أسس العدالة والمساواة والتضامن الانساني والتماسك الأخلاقي في عالم كثير التحول”.

واضافت “إنه عصر صناعة الحقائق البديلة التي لا قدرة لضحياها على الاحتكام الى مصادر موثوقة لكشف زيفها أوعدمه.فما يطبع المرحلة هو تحولات “كثيفة واستثنائية السرعة”، كما يصفها الكاتب سلمان رشدي3 مستطرداً انه “يستحيل التكيف معها بسهولة ويسر”، وهذا من شأنه ان يخلق مختلف أنواع الاضطراب، مفضياً إلى لايقين يتأرجح بين حدّي ثنائياتٍ تحيط بنا، الثراء الفاحش والفقر المدقع ، التقدم والتخلف، الإعمار وأسلحة الدمار الشامل، الآخر والأنا ، المواطنة العالمية والهوية الضيقة، العولمة والإنكفاء، التجارة العابرة للحدود والحمائية، الذكاء الاصطناعي والأمية، الإكتشافات الجينية المذهلة والأمراض والأوبئة، وغيرها وغيرها.
هي ثنائيات نشأت نتيجة تسارع الاحداث وما رافقها من تحولات بنيوية طاولت ما سبق أن ألفناه من حولنا، مزعزعةً ركائزه المجتمعية والاقتصادية والسياسية، فتغيرت بذلك ميولنا وحاجاتنا وأنساق حياتنا مستهدفةً استقرارنا، ومولدةً مخاوف عدة، منها المدرك وغير المدرك.”

وختمت “هو إذن دخول قصري متعدد الجانب في فضاء اللايقين نظراً للكم الهائل من التحديات التي تحجب الرؤية وتشيع حالة من الضبابية بشأن ما يجري وما ستؤول إليه الأمور. “هو اختلاف الأزمنة، وما ينتج عنه من اختلاف الناس ومشاكلهم”، بحسب تعبير الفيلسوف ناصيف نصار4. فمن نظامٍ عالميٍ حر، متعدد الطرف، أرسيت قواعده في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وأنشئت له هياكل ومؤسسات لضمان السلم العالمي وإدارة شؤونه، إلى تطورات أخذت تتوالى ما بعد ذلك مخلفة تحولات ما تزال تتسارع بشكل متعاظم لتصيب بالعمق مختلف مرافق الحياة ولتخلق واقعاً جديداً في موازين القوى، من غير أن يواكب الواقع المستجد أطر وهياكل تخدم في التعامل المتبصر والواعي مع مختلف التحديات الناشئة وإرباكاتها ..ويجب الاستعداد في التعامل مع المستقبل المثقل بالتحديات الآتية بأسرع مما نتوقع”.

وفي الختام، سلم السنيورة ومسيكة وأعضاء النادي الدرع الثقافية الى السنيورة بعاصيري تقديرا لعطاءاتها وجهودها.

لمشاركة الرابط: