“النص الحرفي” للنطق بالحكم
اليكم النص الحرفي للنطق بالحكم في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
النطق بالحكم
1- قُبَيل الساعة 13:00 من يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005،كان رئيس الوزراء اللبناني السابق السيد رفيق الحريري ينتقل في موكبه في بيروت بين مبنى مجلس النواب اللبناني ومنزله المعروف باسم “قصر قريطم”.
2- وعند اقتراب الموكب من فندق السان جورج، على مقربة من الساحل، دَّوى انفجار ضخم وقُتل السيد الحريري في الانفجار. وقُتل أي ًضا واحد وعشرون شخ ًصا آخر، من ضمنهم ثمانية من أفراد موكب السيد الحريري، ومارة أبرياء. وتوفي ثلاثة من الجرحى بعد الانفجار، اثنان منهم في اليوم التالي، وتوفي ثالثهم، وهو النائب اللبناني السيد باسل فليحان، بعد دخوله في غيبوبة لمدة شهرين.
3- وأُصيب على الأقل 226 شخ ًصا آخر بجروح، وكانت إصابات عدد منهم خطيرة للغاية. وأُصيب مارة في الشارع وأشخاص يعملون في مبا ٍن مجاورة إصابات بالغة. ولحقت أضرار جسيمة بعدة مبا ٍن.
4- ونَّفذ الانفجار انتحاريكان يقود فان ميتسوبيشيكانتر (Mitsubishi Canter)، وهو شاحنة خفيفة ذات غطاء مشمع ِّ
مح َّملة بما يزيد على طنين من مادة “آر دي إكس” (RDX) الشديدة الانفجار. وقد فجر الفان عند مرور موكب السيد الحريري المشدد الحراسة والمؤلف من ست سيارات بالقرب من فندق السان جورج. وكانتكمية المواد المتفجرة تقع بين 2500 و3000كيلوغرام من مكافئ مادة “تي أن تي” (TNT). وخلَّف الانفجار حفرة في الطريق زاد عرضها على عشرة أمتار وبلغ عمقها مترين تقريبًا.
5- وخضع السيد الحريري وموكبه للمراقبة لعدد من الأشهر قبل اغتياله. وكان منفذو عمليات المراقبة يستخدمون ثلاث مجموعات من الشبكات المؤلفة من هواتف خلوية للاتصال فيما بينهم في الميدان. وبغية تمييز الشبكات الثلاث بعضها عن بعض، أشار إليها الادعاء بتسمية الشبكات الصفراء والزرقاء والحمراء.
6- واستخدم الشبكة الحمراء أعضاء فريق الاغتيال. وكان مستخدمو الهواتف الخلوية التابعة للشبكتين الزرقاء والحمراء على اتصال فيما بينهم فقط. ويُزعم أن مستخدمي شبكة أخرى مؤلفة من ثلاثة هواتف خلوية، أش َير إليها بتسمية الشبكة الخضراء، تولوا تنسيق جميع جوانب عملية استهداف السيد الحريري التي أفضت في النهاية إلى مقتله وقاموا برصدها. ويُزعم أن المتهَمين،
1
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
المقدمة
السيد سليم جميل عياش والسيد حسن حبيب مرعي، والمتهم السابق السيد مصطفى أمين بدر الدين، استخدموا هذه الشبكة
المؤلفة من ثلاثة هواتف خلوية. ويزعم أي ًضا أن السيد عياش استخدم أحد الهواتف الخلوية التابعة للشبكة الحمراء. ُ
7- وفي الأشهر التي سبقت الاعتداء، تعَّقب مستخدمو الهواتف الخلوية الشبكية تحركات السيد الحريري في مناطق مختلفة بلبنان، بما في ذلك تنقلاته إلى مطار بيروت، وإلى الفيلا التي يملكها في فقرا في شمال بيروت، والفيلا التي يملكها في الناعمة في جنوب بيروت، ولدى زيارته مساجد وكنائس، ولقائه الأمين العام لحزب الله في جنوب بيروت، ولدى تو ُّجهه إلى مبنى مجلس النواب، وعندما كانت له مواعيد غداء وعشاء. وشارك أي ًضا مستخدمو الهواتف الخلوية الشبكية في عمليات مراقبة ثابتة بالقرب من قصر
قريطم وعلى بعض الطرق التي كان السيد الحريري يسلكها.
8- وهدفتعملياتالمراقبةهذهإلىجمعمعلوماتعنتحركاتالسيدالحريري،وعنجهازأمنه،ومدىحمايته،وإلىتحديد وسيلة مناسبة لاغتياله في نهاية المطاف، بما في ذلك اختيار موقع ملائم لتنفيذ الاعتداء المزمع. وكان موكب السيد الحريري مجهًزا بأجهزةتشويشإلكترونيةمنشأنهاأنتحولدونتفجيرأيموادمتفجرةعنبُعد.ولذلك،اختيرتلتنفيذالاعتداءمركبةمفخخة
(VBIED) هي شاحنة خفيفة يقودها انتحاري ومح َّملة بمواد متفجرة يمكنه تفجيرها بنفسه بلا أي عراقيل. 9- وبَُعيد وقوع الانفجار بعد ظهر يوم الاثنين 14 شباط/فبراير، تلَّقى مكتب قناة الجزيرة الإخبارية في بيروت اتصالات أُعلنت
ِّفيها المسؤولية عن الاعتداء وذُكر فيها أن شريط فيديو وضع في شجرة مجاورة. وتسلَّم بحذر أحد موظفي مكتب قناة الجزيرة الطرد الذي
ِِّّ وضع في الشجرة وتض َّمن شريط فيديو ورسالة. وأُجريت ثلاثة اتصالات بمكتب قناة الجزيرة. وفي آخر اتصال منها، حث المتصل بنبرة
تهديد على بث الشريط فورا. وكان المتصلان أيضا على اتصال بمكتب وكالة رويترز أولا. وزعم أن اثنين من المتهمين، هما السيدان
حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا، أجريا تلك الاتصالات وراقبا عملية تسلُّم شريط الفيديو الموضوع في الشجرة.
10- وفي شريط الفيديو الذي بثته قناة الجزيرة في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم، اَّدعى شاب فلسطيني هو السيد أحمد
ِّ
أبو عدس بأنه يمثل مجموعة أصولية تُدعى “جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام” وأنه نَّفذ “عملية استشهادية مدوية” ضد السيد
الحريري بوصفه عميًلا “للنظام السعودي الكافر”. وزعم في الرسالة المرفقة بالشريط أن “المجاهد أحمد أبو عدس” نَّفذ العملية ُ
2
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ًًُ
ً
الانتحارية. ووصف الادعاء ذلك بأنه “إعلان المسؤولية زورا” عن الاعتداء على السيد الحريري. ووصُفه هذا صحيح. فالجماعة ًَ
المذكورة هي وهمية، والسيد أبو عدس لم يقتل نفسه في الانفجار لأنه لم يكن الانتحاري.
11- والسيد أبو عدس شاب متديِّنكان يبلغ 22 سنة من العمر آنذاك، وقد اختفى من منزله في بيروت صباح يوم الأحد
16 كانون الثاني/يناير 2005 ولم تره عائلته يوما منذ ذلك الحين. وُيُتمل أنه لم يعد على قيد الحياة. وزعم أن السيدين عنيسي ًَُُ
وصبرا دبَّرا عملية إخفائه من خلال تجنيده في أحد مساجد بيروت في الأسابيع السابقة في كانون الثاني/يناير 2005.
ِّ
12- وكان الاعتداء الناجح على السيد الحريري قد ُخطط له ونُفذ بدقة. وكان مستخدمو الهواتف الخلوية الأساسية الستة
التابعة للشبكة الحمراء مسؤولين عن اغتيال السيد الحريري في 14 شباط/فبراير 2005.
13- وراقب مستخدمو الهواتف الخلوية التابعة للشبكات الصفراء والزرقاء والحمراء السيد الحريري وتحركات موكبه خلال الأسابيع والأشهر التي سبقت الاعتداء. واستعمل أي ًضا عدد من مستخدمي الشبكة الحمراء هواتف خلوية تابعة للشبكتين الزرقاء و/أو الصفراء. وفي يوم الاعتداء، راقب مستخدمو الهواتف الخلوية الحمراء تحركات السيد الحريري بالقرب من مبنى مجلس النواب وكانوا موجودين هناك وفي محيط مسرح الجريمة قُبَيل وقوع الانفجار. ون َّسقوا أي ًضا تحُّرك فان الكانتر باتجاه الموكب. وأجرى مستخدمو الشبكة الحمراء اتصالاتهم
الأخيرة خلال الدقائق التي سبقت الاعتداء ولم تُستخدم تلك الهواتف الخلوية المجهولة المستخدمين بعد ذلك.
14- وكان الغرض من شريط إعلان المسؤولية زورا صرف الانتباه بعي ًدا عن الفاعلين الحقيقيين. ً
ِّ
15- وكان الاعتداء عمًلا إرهابيًا يرمي إلى بث الخوف في نفوس اللبنانيين، وقد نفذ لأهداف سياسية، لا لأهداف شخصية.
المتهمون
16- المتهمون الأربعة هم السيد سليم جميل عياش المولود في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 1963 في حاروف، بلبنان، والسيد حسن حبيب مرعي المولود في 12كانون الأول/ديسمبر 1965 في بيروت، والسيد حسين حسن عنيسي المولود في بيروت في 11 شباط/فبراير 1974، والسيد أسد حسن صبرا المولود أي ًضا في بيروت بتاريخ 15 تشرين الأول/أكتوبر 1976. وهناك متهم خامس سابق هو السيد
3
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
مصطفى أمين بدر الدين، الذي ُعرف أي ًضا باسم “سامي عيسى” ويُزعم أنه كان شري ًكا في المؤامرة، وهو من مواليد بيروت في 6 نيسان/أبريل 1961. وزعم الادعاء أن المتهمين الخمسة هم من مناصري حزب الله، وهو منظمة سياسية وعسكرية في لبنان.
17- وترد في قرار الاتهام الموحد المعدل تسع تهم بارتكاب جرائم ينص عليها قانون العقوبات اللبناني. وهذه الجرائم هي مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة، وقتل السيد الحريري و21 شخ ًصا آخر قص ًدا، ومحاولة قتل جرحى الانفجار البالغ عددهم 226 شخ ًصا قص ًدا، والتدخل في هذه الجرائم.
18- وزعم الادعاء أنكًلا من المتهمين الأربعة والسيد بدر الدين شاركوا في المؤامرة وأدوا الأدوار التالية في الاعتداء:
’1‘ رصد السيد مصطفى أمين بدر الدين، ون َّسق مع السيد سليم جميل عياش، عمليات مراقبة السيد الحريري تمهي ًدا للاعتداء، بما في ذلك شراء فان الكانتر. ورصد أي ًضا التنفيذ الفعلي للاعتداء، كما رصد مع السيد حسن حبيب مرعي
عملية تنسيق إعداد إعلان المسؤولية زورا؛
’2‘ ن َّسق السيد سليم جميل عياش، مع السيد مصطفى أمين بدر الدين، عمليات مراقبة السيد الحريري تمهيًدا للاعتداء، بما في ذلك شراء فان الكانتر. وكان على اتصال بالسيد حسن حبيب مرعي فيما يتعلق بأعمال التحضير للاعتداء، بما في ذلك إعلان المسؤولية زورا. ون َّسق التنفيذ الفعلي للاعتداء وشارك في تنفيذ عمليات المراقبة والاغتيال؛
’3‘ شارك السيدان حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا، بتنسيق تولاه السيد مرعي، في تحديد شخص مناسب يعلِّن
المسؤولية زورا عن الاعتداء في شريط مصور، وهذا الشخص هو تحدي ًدا السيد أبو عدس. ونشر الاثنان مباشرةً بعد ً
الاعتداء إعلان المسؤولية زورا، وحرصا على تسليم شريط الفيديو والرسالة المرفقة به إلى مكتب قناة الجزيرة،كما حرصا ً
على بث الشريط. وتم ذلك أي ًضا بتنسيق تولاه السيد مرعي. وإضافةً إلى ذلك، شارك السيد عنيسي، بتنسيق تولاه
السيد مرعي أي ًضا، في إخفاء السيد أبو عدس لغرض إعداد إعلان المسؤولية زورا؛ ً
’4‘ نَّسقالسيدحسنحبيبمرعي،معالسيدمصطفىبدرالدين،عمليةإعلانالمسؤوليةزورا،وكانعلىاتصالفيعدد ً
من المرات بالسيد أسد صبرا لهذا الغرض. وتوَّلى تنسيق أنشطة السيدين عنيسي وصبرا فيما يتعلق بتحديد شخص
4
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
ً
مناسب، هو السيد أبو عدس، ليظهر في شريط الفيديو وبإخفائه. ونسق مباشرة بعد الاعتداء أنشطتهما الرامية إلى نشر
إعلان المسؤولية زورا عن الاعتداء، وتسليم شريط الفيديو والرسالة المرفقة به إلى مكتب قناة الجزيرة، وبث هذا الشريط. ً
19- ووفًقاللادعاء،استخدمالسيدانعنيسيوصبراهاتفيهماالخلويينالشخصيينللاتصالفيمابينهماوبالسيدمرعيبشأن إعلان المسؤولية زورا. وسميت هذه الهواتف الخلوية الثلاثة هواتف “المجموعة الأرجوانية”. وزعم أن السادة بدر الدين وعياش ومرعي
كانوا على اتصال فيما بينهم ضمن شبكة خضراء مغلقة مؤلفة من ثلاثة هواتف خلوية، وهي شبكة لم يستخدم فيها السيدان عياش ومرعي هاتفيهما الخلويين الأخضرين سوى للتواصل مع السيد بدر الدين.
20- وحاول الادعاء أن يثبت أنهمكانوا يستخدمون هواتفهم الخلوية الشبكية باستناده إلى اقتران هذه الهواتف مكانيًا بهواتفهم الخلوية الشخصية. وبتعبير آخر، حاول أن يثبت أن اتصالات الهواتف الخلوية الشخصية والهواتف الخلوية الشبكية وتنقلاتها تشير إ لى أ ن ش خ ًص ا و ا ح ً د ا ك ا ن ي س ت خ د م ه ا .
21- وق َّدم الادعاء كمية كبيرة من المستندات وأدلة الاتصالات، بما فيها سجلات بيانات الاتصالات الخاصة بالاتصالات التي
أُجريت، وأدلة المواقع الخلوية للأبراج الخلوية التي تم تشغيلها. فحاول أن يثبت أولا أن المتهمين والسيد بدر الدين كانوا يستخدمون ً
هواتفهم الخلوية الشخصية المزعومة، وأن يثبت ثانيًا أن هذه الهواتف كانت تقترن مكانيًا بالهواتف الخلوية الشبكية، وثالثًا أن الهواتف الخلوية الشبكية استُخدمت في عمليات مراقبة السيد الحريري واغتياله.
ِّ
22- وحوكم المتهمون الأربعة، والسيد بدر الدين الذي كان المتهم الخامس في قرار الاتهام، محاكمةً غيابيةً بعد أن قررت غرفة
ِّ
الدرجة الأولى أنهم كانوا على علم بصدور قرار الاتهام وتواروا عن الأنظار أو أنه تع َّذر العثور عليهم.
23- واستمعت غرفة الدرجة الأولى إلى أدلة 269 شاهدا استدعاهم الادعاء وأدلى 119 منهم بشهاداتهم مباشرة في قاعة المحكمة ًً
أو عبر نظام المؤتمرات المتلفزة، وتلَّقت أدلة 150 شاهًدا من خلال إفاداتهم الخطية. وبلغ العدد الإجمالي للشهود في المحاكمة 297 شاهًدا.
24- وطلبت غرفة الدرجة الأولى اتخاذ تدابير لحماية هوية الكثير من الشهود، بمن فيهم 46 شاه ًدا أدلوا بشهاداتهم في قاعة المحكمة، وذلك بسبب شواغل تتعلق بسلامتهم الشخصية أو بسلامة عائلاتهم. وتل َّقت الغرفة أي ًضا أدلة 20 شاه ًدا خب ًيرا استدعاهم الادعاء، فضًلا عن أدلة خبير واحد استدعته جهة الدفاع عن السيد عنيسي ليدلي بشهادته فيما يخص عمليات تحديد الهوية.
5
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ًَّ
َ
ُُ
ً
25- وقبلت غرفة الدرجة الأولى في عداد الأدلة أكثر من 3000 بينة قَّدمها الادعاء والدفاع والممثلون القانونيون للمتضررين المشاركين. ويتألف الحكم مما يزيد على 2600 صفحة ويتضمن أكثر من 13000 حاشية. وقد أعددنا أي ًضا ملخ ًصا هو نسخة موجزة أصلية وذات حجية من الحكم تتألف من 150 صفحة تقريبًا فيها مقتطفات تتعلق بالاستنتاجات الرئيسية وتحيل حواشيها إلى نص الحكم. ومستند النطق بالحكم هذا هو ملخص أقصر من الأول هدفه تزويد الجمهور بشرح للحكم الطويل والمعلل تعليًلاكامًلا.
أدلة المواقع الخلوية والاتصالات
26- ارتكزتقضيةالادعاءعلىأدلةاتصالات.ولولمتتوافرهذهالأدلة،لماوِّجدتقضيةضدالمتهمينالأربعة.وعلىمدى سنوات التحقيق، نظر المحققون في سجلات الملايين من الاتصالات والرسائل النصية القصيرة لاكتشاف أدلة تظ ِّهر حصول اتصالات بين الهواتف الخلوية ويمكن أن تُستخلص منها أنماط معيَّنة.
27- وفي بداية هذه العملية، تم التدقيق في سجلات الهواتف الخلوية التي استُخدمت في محيط مبنى مجلس النواب وفي منطقة مسرح الجريمة يوم وقوع الاعتداء على السيد الحريري. واكتشف الفريق الأول من المحققين التابع لسلطات التحقيق اللبنانية مجموعة من الهواتف الخلوية أجرى مستخدموها اتصالات فيما بينهم فقط.
28- وتألفتهذهالمجموعةالتي ُسميتلاحًقا”الشبكةالحمراء”منثمانيةهواتفخلوية.وكانمستخدموكلهذهالهواتفمجهولي الهوية. واشُتريت جميع بطاقات وحدة تعريف المشترك في طرابلس، بشمال لبنان، في أواخركانون الأول/ديسمبر ومطلعكانون الثاني/يناير 2005. وف َصلت دقائق بين تشغيلكل بطاقة منها في 4كانون الثاني/يناير 2005. وقد ُشحنت أرصدة هذه الهواتف في طرابلس
في 2 شباط/فبراير. وتم شراء خمسة أجهزة هاتفية دفعةً واحدة في طرابلس أي ًضا، وذلك في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2004.
29- وأجرى مستخدمو الهواتف الخلوية الرئيسية الستة التابعة لهذه الشبكة الحمراء اتصالاتهم الأخيرة قبل الاعتداء على السيد الحريري بدقائق. ولم تُستخدم هذه الهواتف يوًما بعد ذلك. وكانت هوية مستخدمي هذه المجموعة من الهواتف الخلوية مجهولة تماًما. ولم ُتجَر أي اتصالات بأشخاص من خارج المجموعة ولم يتم تبادل أي رسائل نصية قصيرة داخل المجموعة. والأدلة الوحيدة التيكانت
ِّ
في حوزة المحققين فيما يخص استخدام هذه الهواتف هي أدلة تبين الأبراج الخلوية التي شغَّلتها وأوقات تشغيلها، والأرقام التي اتُصل
ِّ
بها. ومن هنا، حاولوا تحديد هوية مستخدميها وهوية المتصلين.
6
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
30- ثم دقَّق المحققون في هواتف خلوية أخرى كانت موجودة في القطاعات الخلوية ذاتها أو في الوقت ذاته تقريبًا. وكانوا يُاولون معرفة ما إذا كانت ثمة هواتف خلوية أخرى مقترنة مكانيًا بالهواتف الخلوية التابعة للشبكة الحمراء. وقاموا بما يس َّمى “تفريغ ذاكرة الخلايا” (cell dump). ويشمل ذلك التدقيق في سجلات كل حالات التشغيل المرتبطة بخلايا معيَّنة وفرز البيانات لتحديد الهواتف التيكانت على اتصال بهواتف أخرى. وبحثوا عن أنماط محددة ثمكرروا هذه العملية للهواتف الخلوية المستهدفة بالتحقيق في إطار
خلايا أخرى شغَّلتها الهواتف الخلوية.
31- وما حاولوا معرفته هو ما إذا كان هناك ما يسمى بالاقتران المكاني بين الهواتف الخلوية. ويعني “الاقتران المكاني” ببساطة أن مجموعة من الهواتف الخلوية تتحرك مًعا على نحو يشير إلى احتمال استخدام شخص واحد أكثر من هاتف خلوي واحد. ومن الأمثلة الشائعة على ذلك، تنُّقل شخص ما حامًلا في جيبه أو حقيبته هاتفه الخلوي الذي يستخدمه في عمله وهاتفه الخلوي
ِّ
الشخصي. وحين يكون الهاتفان مًعا يشغلان الأبراج الخلوية ذاتها. ويمكن تحديد الهاتف الخلوي استناًدا إلى الرقم الفريد لكل جهاز
هاتفي ورقم بطاقة وحدة تعريف المشترك في كل هاتف خلوي.
32- وفي العادة، يمكن توقُّع استخدام الهاتف الخلوي الخاص بالعمل في ساعات العمل بصورة رئيسية، واستخدام الهاتف الخلوي الشخصي بوتيرة أعلى خارج ساعات العمل وفي مناطق مختلفة. ولكن فيكلتا الحالتين، يترك معظم الأشخاص بصمة جغرافية محددة عند استخدام هواتفهم الخلوية. وعادةً، يستخدم معظم الأشخاص هواتفهم الخلوية في المناطق نفسها. وعلى سبيل المثال، لا يستخدمونها ليًلا عندما يكونون نائمين في منازلهم. وقد يتلقون رسائل نصية قصيرة حين لا يستخدمون هواتفهم الخلوية
ِّ
لأنهم نائمون مثًلا. ولكن الخلية التي تغطي مكان وجود الهاتف الخلوي عند تلقيه رسالة نصية قصيرة تُس َّجل في سجلات بيانات
ِّ
الاتصالات. ولذا، يمكن عادًة معرفة المكان الذي وجد فيه الهاتف الخلوي ليًلا، سوى إذاكان مقفًلا.
ِّ
33- ويشار في هذا الصدد إلى أن الاستخدام الأول للهاتف الخلوي في الصباح واستخدامه الأخير ليًلا يقدمان دلائل على
ِِّّ
المكان الذي وجد فيه مستخدم الهاتف ليًلا.كذلك، تكون لدى معظم الأشخاص جهات اتصال محددة يتصلون بها ويوجهون
ِّ
إليها رسائل نصية قصيرة ورسائل صوتية. وقد يقدم ذلك أي ًضا دلائل على هوية مستخدم الهاتف. وحين يكون الهاتف في حوزة
المحققين، يستطيع هؤلاء بالطبع أن يتفحصوه بحثًا عن دلائل أخرى، ومنها ما يكون مدَّوًنا في الهاتف، والصور الفوتوغرافية والرسائل المشفرة المحفوظة فيه، وما إلى ذلك. ولكن في هذه القضية، لم تتوافر للمحققين سوى بيانات تشغيل الأبراج الخلوية للانطلاق منها.
7
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
34- ولكل برج خلوي مساحة يوَجد فيها ما يسَّمى “منطقة التغطية الخلوية الفضلى المتوقعة”، وتكون مق َّسمة عادًة إلى ثلاث
ِّ
خلايا مثلثة الشكل على البرج الخلوي أو الصاري. ويعني ذلك ببساطة المكان الذي يُتوقَّع أن يشغل فيه الهاتف الخلوي الخلية
(ألف) بدًلا من الخلية (باء) أو (جيم). ويخ َّصص لكل خلية اسم محدد. ولكن ذلك ليس علًما دقيًقا لأن مناطق التغطية الخلوية الفضلى المتوقعة تتداخل بعضها ببعض، وبخاصة عند الأطراف، مما يعني أن الهاتف الخلوي يمكن أن يشغِّل أكثر من خلية واحدة. وحين تشهد الشبكة حالة ازدحام، يمكن أن يَُّول الاتصال إلى الخلية المتوافرة التالية، أي إحدى الخلايا المحيطة بالخلية التي يوَجد
الهاتف الخلوي في إطارها.
35- ولمعرفة ما إذاكان ثمة اقتران مكاني بين عدد من الهواتف الخلوية، لا بد من الاستعانة بخبير في مجال المواقع الخلوية يفهم ماهية مناطق التغطية الخلوية، ومبادئ انتشار الموجات اللاسلكية، وكيفية عمل الشبكات الخلوية.
36- ويدقق هؤلاء الخبراء في أنماط اتصال الهواتف الخلوية المستهدفة بالتحقيق لمعرفة ما إذا كان من المحتمل – ويش َّدد هنا على
كلمة “محتمل” – أن يكون لهاتفين خلويين مستخدم واحد. ولا حاجة في بعض الأحيان إلى خبرات محددة لمعرفة هذا الأمر، ومنها
ِِّّ
مثًلا الحالات التي يشغل فيها هاتفان خلويان دائًما الخليتين نفسهما في الوقت ذاتهكل يوم، أو الحالات التي يشغل فيها هاتفان
خلويان خليتين مختلفتين في اتصالين منفصلين، شرط أن يكون من الممكن اجتياز المسافة الفاصلة بين الخليتين في الفترة الفاصلة بين الاتصالين. وهذا ما يُصل على سبيل المثال حين تو َجد بين خليتين مسافة كيلومترين وُيُرى اتصال في نطاق كل خلية وتكون الفترة الفاصلة بين الاتصالين خمس عشرة دقيقة.
ِّ
37- ولكن هذه العملية قد تكون معقدة ج ًدا لأن الهواتف الخلوية تشغل الأبراج الخلوية بفعل انتشار الموجات اللاسلكية. فهذه
الموجات الصادرة عن الخلية والهاتف الخلوي ترتطم بالأبنية والتلال وغيرها من المعالم الجغرافية وترتد عنها، ويمكن أن تتخذ مسارات مختصرة عبر المياه بعيًدا عن منطقة التغطية المتوقعة. وبذلك، قد يصبح من الصعب تحديد مكان وجود الهاتف الخلوي. وتستخدم شركات الاتصالات الخلوية “برمجيات توقُّع” تبِّين التغطية الخلوية الفضلى المتوقعة لكل خلية على البرج الخلوي. وتستخدم الشركات هذه البرمجيات لأغراض تجارية من أجل توفير أفضل تغطية ممكنة لزبائنها. وتستطيع الشركات تغيير منطقة التغطية بتعديل خصائص
هوائي البرج الخلوي مثل ضبط زاويته صعودا أو نزولا، أو إنشاء محطة إعادة إرسال، أو إنشاء برج خلوي جديد في ظروف استثنائية.
8
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
ً
38- وإضافةً إلى ذلك، فإن مناطق التغطية المتوقعة لا تتخذ شكل مثلثات شبه دائرية تماًما. فبسبب المعالم الطوبوغرافية، ومنها
المباني العالية، يمكن أن يكون شكل مناطق التغطية هذه غير منتظم، أي أن أجزاء من التغطية المتوقعة للخلية (ألف) قد تكون
ِّ
وسط منطقة التغطية المتوقعة للخلية (باء) المجاورة لها. وعلى سبيل المثال، ُيُتمل أن يشغل شخص يستخدم هاتًفا خلوًيا في الجانب
الشرقي من مبنى مؤلف من ستة طوابق خلية مختلفة عن تلك التي يشغِّلها شخص يستخدم هاتفه في الجانب الغربي من المبنى أو في الطابق الأرضي. وقد تكون الخلية التي يشغِّلها شخص ما حين يسير في الشارع مختلفة عن الخلية التي يشغِّلها بهاتفه الخلوي حين يستخدمه في الحديقة الخلفية لمنزل يقع في الشارع نفسه.
39- ولذا، لا بد من الاستناد إلى بعض الخبرات لتفسير تشغيل الخلايا في الاتصالات الخلوية. وما زاد الأمر صعوبةً هو أن غرفة الدرجة الأولى تلَّقت أدلة على أن دقة ما قَّدمته شركة “ألفا” اللبنانية من خرائط خاصة بالتغطية الخلوية الفضلى المتوقعة لعاَمي 2004 و 2005 – أي الفترة المشمولة بقرار الاتهام – تقع نسبتها بين نحو 60 و70 في المئة فقط.
40- وهذه النسبة كافية للأغراض التجارية للشركات، ولكنها لا تكفي لتحديد المكان الدقيق الذي يو َجد فيه الهاتف الخلوي،
ِّ
مما يعني أن تشغيل الهاتف الخلوي خلية معيَّنة لا يبين سوى المكان التقريبي الذي يوَجد فيه الهاتف. ولمعرفة هذا المكان التقريبي،
يُب أن يكون الهاتف الخلوي قد شغَّل على الأرجح الخلية التي توفر التغطية الخلوية الفضلى المتوقعة في المكان المحدد الذي يو َجد فيه الهاتف. وفي هذه القضية، كان ذلك الدليل الوحيد الذي في حوزة الادعاء بشأن المكان الذي وِّجدت فيه الهواتف الخلوية، أي الهواتف الخلوية الشخصية والهواتف الخلوية الشبكية التي زعم الادعاء أن المتهمين الأربعة والسيد بدر الدينكانوا يستخدمونها.
41- فلم تو َجد بيانات صادرة عن النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS) لمعرفة الموقع الدقيق لهذه الهواتف الخلوية، ولم تو َجد ِّ
أي ًضا أدلة مباشرة تبين َمنكان يستخدم هاتًفا خلوًيا ما والزمان والمكان اللذين استخدمه فيهما. ولم تكن الهواتف الذكية متوافرة في لبنان في عاَمي 2004 و2005. وقد ارتكزت قضية الادعاء بأكملها على أدلة ظرفية، باستثناء الحالات التي حَّدد فيها شهود مكان وجودهم في وقت معَّين وأتاحت بيانات المواقع الخلوية الخاصة بالخلايا المشغَّلة بهواتفهم الخلوية تأكيد وجودهم في ذلك المكان. واكتسى هذا الأمر أهمية خاصة لتحديد أماكن وجود السيد الحريري عندما كان مراقبًا. فمرافقوه الشخصيون كانوا
ِّ
يستخدمون هواتفهم الخلوية وإطلالاته كانت تحظى بتغطية إعلامية. وقد ُحفظت في مكتبه سجلات دونت فيها الأماكن التي
قصدها وتواريخ هذه التنقلات، إضافةً إلى أسفاره الكثيرة إلى خارج لبنان. وأتاح ربط كل هذه المعلومات بعضها ببعض تأكيد
9
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أماكن وجود السيد الحريري تأكيًدا قاطًعا ومعرفة ما إذاكانت ثمة هواتف شبكية موجودة في الجوار في الوقت ذاته. وحين تأكد وجودها في الجوار، تمكنت غرفة الدرجة الأولى بعدئذ من النظر في ما إذاكان مستخدمو الهواتف الشبكية يراقبونه أو ما إذاكانت موجودة هناك صدفةً استناًدا إلى الأماكن التي قصدها مستخدموها قبل ذلك وبعده.
42- ومن الأمثلة على ذلك، زيارة السيد الحريري كنيسة معيَّنة وبدء الهواتف الشبكية بتشغيل خلايا تغطي موقع الكنيسة، أو ذهابه إلى مكان لتناول الغداء وحصول الأمر ذاته، أو تو ُّجهه إلى الفيلا التي يملكها في فقرا، بشمال بيروت في منطقة فاريا، على مسافة تقارب 50كيلوم ًترا من العاصمة وتشغيل الهواتف الشبكية فجأًة خلايا على امتداد الطريق الذي يسلكه للذهاب إلى الفيلا وعند مغادرتها. وتنبثق من ذلك أنماط محددة، واتساق هذه الأنماط هو ما يتيح التوصل إلى استنتاجات مفادها أن هذه الأمور لم
تحصل من باب الصدفة.
43- وتلَّقت غرفة الدرجة الأولى أدلة على مجمل هذه الوقائع. والغرض مما ذكر أعلاه هو توفير شرح مبسط لما جرى. ُ
44- واستمعت الغرفة إلى الكثير من الأدلة بشأن ما إذا كانت بيانات المواقع الخلوية التي ق َّدمها الادعاء تتسم بالموثوقية أم لا. وقد استنتجت أن درجة موثوقية هذه البيانات كانت كافية بغية استخدامها لتحديد أماكن وجود الهواتف الخلوية عمومًا. وكان للبيانات ما يكفي من الموثوقية لتحديد أنماط تنُّقل هواتف خلوية متعددة ومعرفة ما إذاكانت تتحرك في الاتجاه نفسه مثًلا على
ِّ
نحو يشير إلى أن اقترانها المكاني ممكن، وكانت عينة البياناتكافية لتتيح التوصل إلى هذا الاستنتاج. ويعني ذلك أنهكلماكثر عدد
الاتصالات وطالت الفترة وكثرت التنقلات، ازداد احتمال التوصل إلى الاستنتاج المذكور.
45- ولا شك في أن البياناتكانت أضعف من أن تتسم بموثوقية تامة ولكن من غير الضروري أن تكون موثوقيتها مطلقة لتحديد أنماط معيَّنة. بيد أن أهمية عامل الموثوقية تزداد عندما يُب توافر الدقة اللازمة لتأكيد وجود شخص ما في مكان ما، مثًلا إلى جانب هاتف عمومي أو مسجد معَّين أو شجرة معيَّنة في وقت مهم محدد. ولكن حين يُزعم أن شخ ًصا استخدم هاتًفا عموميًا ما في وقت محدد ويكون
الدليل الوحيد المتوافر في هذه الحالة هو تشغيل هاتفه الخلوي خلية مجاورة قرابة ذلك الوقت، تصبح عملية الإثبات أصعب بكثير.
46- واستخدمكل من الادعاء والدفاع ما يسَّمى “جداول تسلسل اتصالات” لتبيان ما حصل من حالات تشغيل، سواء ارتبطت بالخلايا أو الهواتف الخلوية أو الرسائل النصية القصيرة. وهذه الجداول هي مقتطفات من سجلات بيانات الاتصالات
10
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
الخاصة بشركات الاتصالات، موضوعة في جداول. وبدون هذه الجداول، تكون سجلات بيانات الاتصالات الأولية مجرد سلاسل من الأرقام يتعذر فهمها.
معيار الإثبات
47- يُب أن يثبت الادعاء ذنب المتهمين “على نحو لا يشوبه أي شك معقول”. ويُعد المتهمون أبرياء إلى حين صدور حكم إدانة.
48- ونظرت غرفة الدرجة الأولى فيكل جريمة وتهمة مسندة إلىكل متهم على حدة، وبتت فيما يتعلق بكل منها ما إذاكانت الأدلة أثبتت على نحو لا يشوبه أي شك معقول جميع الوقائع التي لا غنى عنها لإصدار حكم إدانة. واقترع قضاة الغرفة بشأن كل تهمة واردة في قرار الاتهام على حدة، ومن أجل التوصل عند الضرورة إلى استنتاجات منفصلة بشأن ما إذاكانكل متهم مذنبًا أم
لا. وقد صدر الحكم في هذه القضية بالإجماع فيما يخصكل تهمة.
49- وقيَّمت غرفة الدرجة الأولىكل دليل في سياق جميع الأدلة المتصلة به. ويكتسي اعتماد هذا النهج أهمية خاصة لدى تقييم أدلة الاتصالات التي ق َّدمها الادعاء. وكانت الأدلة ضد المتهمين الأربعة تكاد تكون ظرفية بأكملها. ولا يمكن للغرفة، سوى بعد مراجعتها مجمل وقائع القضية، أن تتبَّين أنماطًا ُيُتمل أن تنبثق وأن يُستخلص منها أنها لافتة جًدا للنظر بحيث لا يمكن أن
تكون مجرد صدفة. وتوفر هذه الأنماط إ ًذا أدلة لا يشوبها أي شك معقول على الوقائع التي لا غنى عنها لإصدار حكم إدانة.
50- وتدرك غرفة الدرجة الأولى أي ًضا تمام الإدراك الصعوبات الكامنة في محاولة تقييم موثوقية الشهادات التي أدلى بها الشهود ومصداقيتها – وبخاصة في سياق دولي من خلال تفسير مضمونها بعد الاعتداء على السيد الحريري بسنواتكثيرة – وذلك لدى تقييمها أدلةكل شاهد.
الخلفية والسياق السياسيان
51- استمعت غرفة الدرجة الأولى إلى أدلةكثيرة قَّدمها الادعاء وجهة الدفاع عن السيد عنيسي بشأن الخلفية السياسية والتاريخية للاعتداء. وقد أدلى السادة مروان حماده، ووليد جنبلاط، وفؤاد السنيورة، وجميل السيد، وسياسيون ومسؤولون آخرون بشهادات تطرقوا فيها إلى الأحداث التي سبقت اغتيال السيد الحريري.
11
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
52- ويُدر التشديد على أن لا دور لغرفة الدرجة الأولى بوصفها دائرة قضائية في كتابة أو تصحيح أي رواية للتاريخ تق َّدم بها شهود أو أي شخص آخر. فدورها يقتصر على بت ما إذا كان المتهمون الأربعة مذنبين على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأي من التهم المسندة إليهم.
53- غير أن الاعتداء على السيد الحريري لم يُدث بمعزل عن السياق السياسي أو التاريخي. ولا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تتجاهل أن خلفية الاعتداء ربما وفَّرت دافًعا لتنفيذه. ومع ذلك، فإن الدافع ليس عنصًرا قانونيًا من عناصر أي جريمة واردة في قرار الاتهام.
54- ولا شك في أن اغتيال رجل سياسي بارز بتفجير سيارة مفخخة – بعد استقالته من منصب رئاسة الوزراء بفترة قصيرة وفي وقتكان يستعد فيه لخوض الانتخابات النيابية التالية -كان عمًلا سياسيًا. ولذلك، فإن فهم الخلفية السياسية للاعتداء يتيح فهم سبب استهداف السيد الحريري بهذه الطريقة، ولكن فقط من حيث ارتباطها بما إذا كان المتهمون الذين تجري محاكمتهم مذنبين
بأي من التهم المسندة إليه في قرار الاتهام.
55- وأظَهرت الأدلة أن سورياكانت تهيمن إلى حد بعيد على الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية في لبنان بعد نهاية الحرب الأهلية المأساوية. وشمل المعارضون للوجود السوري في لبنان الحزب السياسي الدرزي التابع للسيد جنبلاط والمسيحيين وأعضاء تيار المستقبل التابع للسيد الحريري. وقد أعرب الحلفاء السياسيون للسيد الحريري جهاًرا عن تأييدهم للقرار 1559 الذي صدر عن مجلسالأمنالتابعللأممالمتحدةفيأيلول/سبتمبر2004وُدعيفيهإلىنزعسلاحالميليشياتفيلبنانوانسحابالقواتالأجنبية
منه. وكان حزب الله إحدى هذه الميليشيات. أما الجنود، فكانوا سوريين.
56- وقام السوريون حتى بفرض مرشحين للانتخابات على السيد الحريري، وُعرف هؤلاء باسم “الوديعة السورية”. ولكن السيد ا لح ر ي ر ي ر ف ض ذ ل ك و ع ا ر ض ه . و أ ر ا د ت ا لح ك و م ة ا ل س و ر ي ة أ ي ًض ا ، ر غ م م ع ا ر ض ة ا ل س ي د ا لح ر ي ر ي ، أ ن ُ تم َّ د د و لا ي ة ا ل ر ئ ي س إ م ي ل لح و د ا لمح د د ة ا لم د ة ولكن السبيل الوحيد للقيام بذلككان تعديل الدستور في مجلس النواب اللبناني. ويشار إلى أن الرئيس السوري السيد بشار الأسد أمر
السيد الحريري فعليًا، في آب/أغسطس 2004، بتأييد التمديد لولاية الرئيس لحود، قائًلا إن سوريا وحدها تختار رئيس لبنان.
57- وفي الأشهر التي سبقت اغتيال السيد الحريري،كان حلفاؤه يطالبون علنًا بوضع حد للهيمنة السورية السياسية والعسكرية والاقتصادية على لبنان. وعقد أنصاره ثلاثة اجتماعات في فندق البريستول ببيروت ونادوا بإنهاء الهيمنة السورية على لبنان. وحصلت
12
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
هذه الاجتماعات في أيلول/سبتمبر وكانون الأول/ديسمبر 2004. وقد ُعقد الاجتماع الأخير قبل اغتياله باثني عشر يوًما فقط، وتحديًدا في 2 شباط/فبراير. وُعرفَت هذه الاجتماعات باسم “اجتماعات البريستول”.
58- وتمت محاولة اغتيال السيد مروان حماده، وهو أحد الحلفاء السياسيين للسيد الحريري وصديق له، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2004 عندما انفجرت سيارة مفخخة بالقرب من منزله. ونجا السيد حماده من الانفجار ولكنه أُصيب بجروح خطيرة، وقُتل مرافقه الشخصي، وأُصيب شخص آخر بجروح خطيرة أي ًضا. وأفاد شهود بأنه يمكن تفسير الاعتداء على السيد حماده بأنهكان تحذيًرا
للسيد الحريري والسيد جنبلاط لعدم تجاوز حدودهما فيما يتعلق بالنظام السوري.
59- واستقال السيد الحريري من منصب رئاسة الوزراء في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 وكان يعتزم الترشح لانتخابات أيار/مايو 2005. وربما كان سيؤيد اقتراح تخفيف الهيمنة السورية على لبنان والانسحاب الفوري للقوات السورية. بيد أن الحكومة السوريةكانت تؤيد سن قانون انتخابي جديد يرمي إلى تقليل حظوظ انتخاب أعضاء من تكتل السيد الحريري نواًبا ومن ثم حظوظ تعيينه لولاية جديدة على رأس مجلس الوزراء. وكانت الحكومة السورية تصر أي ًضا، رغم معارضة السيد الحريري، على قبوله ما يس َّمى “الوديعة” السورية في لائحته الانتخابية. وفضًلا عن ذلك،كان السيد الحريري يلتقي بانتظام مسؤولين سوريين رفيعي المستوى
يعملون في لبنان. وشمل هؤلاء السيد رستم غزالة الذيكان رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان.
60- وكان السيد الحريري، قبل وفاته بأكثر من أحد عشر عاًما، وتحديًدا من عام 1993 إلى عام 2005، يدفع نقًدا الملايين من الدولارات الأميركية في دفعات شهرية منتظمة للسيد غزالة، بما في ذلك دفعة “مزدوجة” يوم الأحد 13 شباط/فبراير 2005، أي قبل الاعتداء بيوم واحد. ونُظر إلى هذه الدفعات المالية على أنها نوع من الابتزاز الضروري للحفاظ على العلاقة. وغرفة الدرجة
الأولى مقتنعة أي ًضا بأنهكان للسيد غزالة سبب وجيه لطلب هذه الدفعة المزدوجة الأخيرة في ذلك الوقت المحدد.
61- وكانت المعارضة المتزايدة للوجود السوري في لبنان تهدد المصالح السورية. وترى غرفة الدرجة الأولى أنه ربما كانت لسوريا
وحزب الله دوافع لتصفية السيد الحريري والبعض من حلفائه السياسيين. ولكن ما من دليل على ضلوع قيادة حزب الله في اغتيال
ِّ
السيد الحريري، وما من دليل مباشر على ضلوع سوريا فيه. وتلَّقت غرفة الدرجة الأولى أي ًضا أدلة تظهر أن الأمين العام لحزب الله
13
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
والسيد الحريري كانا على علاقة طيبة في الأشهر التي سبقت الاعتداء، وأن السيد الحريري كان يؤيد نزع سلاح ميليشيا حزب الله فقط بعد التوصل إلى سلام مع إسرائيل.
62- وللأسباب المبيَّنة في فقرات لاحقة، استنتجت غرفة الدرجة الأولى أن التاريخ الذي قرر فيه المتآمرون الشروع في تنفيذ الاعتداء لاغتيال السيد الحريري تزامن مع حدثين مهمين حصلا في مطلع شباط/فبراير 2005، أولهما هو زيارة إلى منزله قام بها نائب وزير الخارجية السوري. أما الحدث الثاني الذي حصل في اليوم التالي، فهو اجتماع ثالث في فندق البريستول لمعارضي الوجود السوري.
المتضررون
ِّ 63- عانىالمتضررونمنالانفجارآثاًرافظيعةومأساويةكانلهاوقعمدمرعلىحياتهم.
64- وق َّدم المتضررون المشاركون أدلة مباشرة على المآسي التي عانوها بسبب الاعتداء. فثمة عائلات فقدت أزوا ًجا وآباء وإخوة وأخوات ومعيلين وأطفاًلا وغيرهم من أفراد العائلة المقربين. وقد أُصيب بعض من المتضررين إصابات يتعذر وصفها. ولم تلتئم الجراح بعد مرور خمسة عشر عاًما ونصف العام على الاعتداء. ولا يزال البعض يعاني أعراض اضطراب ما بعد الصدمة. وأُصيب الكثير
من المتضررين بإعاقات دائمة.
65- ولا شك في أن الإرهاب هو من أخطر الجرائم على الإطلاق وأفظعها وأن الاعتداء كان خط ًيرا ج ًدا. وتشمل خطورة الجريمة الآثار التي يعانيها المتضررون منها.
66- ولا يمكن التعويض عن الأذى الذي لحق بالمتضررين. فالعودة إلى الوراء، أي إلى فترة ما قبل وقوع الاعتداء، أمر مستحيل
ِّ
نظًرا إلى الأرواح التي ُزهقت ومأساة الأشخاص الذين تأذوا أو فقدوا أفراًدا من عائلاتهم. وسلط الضوء في الحكم على ما حل
بالكثير من المتضررين.
67- ولا يُوز لغرفة الدرجة الأولى أن تطلب منح تعويضات ولكن بإمكانها تحديد المتضررين، ومن شأن ذلك مساعدتهم على المطالبة بتعويضات أمام محكمة وطنية أو هيئة مختصة أخرى. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن المتضررين بصورة مباشرة والمتضررين بصورة غير مباشرة قد تأذوا جميًعا.
14
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
68- أما التفاوت في المعاملة التي تلَّقاها المتضررون المشاركون فيما يخص “التعويضات” – أي التعويضات المالية لما تكبدوه من خسائر أو أضرار – فكان هائًلا. فبعض المتضررين حصلوا على مساعدة مالية من هيئة حكومية، وآخرون من عائلة السيد الحريري. ولكن العدد الأكبر منهم لم يتل َّق أي تعويض على الإطلاق. وشعر المتضررون الذين ق َّدموا أدلة في المحاكمة بظلم شديد لأن البعض
حصل على تعويضات في حين لم يُصل معظمهم على أي تعويض.
69- ويُب أن يكون التعويض الذي يتلَّقاه المتضررون من جرائم خطيرة ملائًما ومتناسبًا مع جسامة ما عانوه من ضرر. وينبغي ألا يرتبط التعويض بظروف المتضررين، أو معارفهم، أو علاقاتهم الوظيفية، أو خطط تأمينهم. وعموًما، توافق غرفة الدرجة الأولى على أن المتضررين من الجرائم ينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على نوع من التعويض القانوني.
70- وتذكِّر غرفة الدرجة الأولى الحكومة اللبنانية – بدعوة من الممثلين القانونيين للمتضررين – بإعلان الأمم المتحدة لمبادئ
العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة، وبضرورة توفير “تعويض” عادل للمتضررين من الجرائم.
ِّ وتذكر الغرفة الحكومة اللبنانية أي ًضا بأهمية توافر خطة تعويض مناسبة للمتضررين، أو إنشاء صندوق استئماني طوعي لتعويض
المتضررين في القضايا التي تندرج في اختصاص المحكمة.
الاعتداء
71- سيتم التطرق الآن إلى الاعتداء بمزيد من التفصيل: في صباح يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، غادر السيد الحريري قصر قريطم لحضور جلسة صباحية لمجلس النواب اللبناني. وقُبَيل الساعة 12:00، غادر مبنى مجلس النواب وتوَّجه إلى مقهى “بلاس دو ليتوال” (Place de l’Étoile) المقابل لمجلس النواب حيث أمضى نحو 45 دقيقة. وقرابة الساعة 12:45، غادر المقهى وطلب من جهاز أمنه تهيئة الموكب من أجل العودة إلى قصر قريطم لموعد غداء. وعند نحو الساعة 12:49، استق َّل سيارته المصفحة برفقة النائب السيد باسل فليحان. وقرابة الساعة 12:55، فيما كان الموكب يمر بالقرب من شاحنة ميتسوبيشي كانتر في
شارع ميناء الحصن خارج فندق السان جورج، ف َّجر الانتحاري المواد المتفجرة.
15
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
72- وكان السيد الحريري يقود سيارته بنفسه برفقة النائب السيد باسل فليحان الذيكان جال ًسا إلى جانبه. وكانت سيارته الثالثة في الموكب وخلفها سيارتان أخريان. وكانت سيارة إسعاف مخصصة للسيد الحريري تسير وراء الموكب الذي كانت تتقدمه مركبة تابعة لقوى الأمن الداخلي.
73- ووقع الانفجار على بعد يناهز 40 أو 50 مترا خلف المركبة التيكانت تتقَّدم موكب السيد الحريري. وقال شهود في ًُ
سياقكلامهم عن الانفجار إنهم سمعوا صوتين عميقين فصلت ثانية بينهما، مثل هدير هائل وموجة من الضغط الحار، وتكلموا أي ًضا عن انفجار هائل، أو صوت طائرة تخرق جدار الصوت أو صاروخ من سلاح مدفعيةكبير، ووصفوا الأمر بأنهكان أشبه بزلزال. وُسمع الانفجار في جميع أنحاء المدينة على بُعد وصل إلى 25كيلوم ًترا. وفي حينكان البعض يكاد لا يتذكر تلك المحنة بسبب
الإصابات والصدمة، ووصفوها بأنها أشبه بالحلم، ق َّدم كثيرون وصفا واضحا للانفجار وللفترة التي أعقبته مباشرة. ًً
74- وألحق الانفجار أضراًرا جسيمة بالمباني المجاورة، ومنها مصرف “إتش إس بي سي” (HSBC). 75- ووصل إلى موقع الانفجار نحو 70 أو 80 عَّمال إطفاء لمحاولة إخماد النيران. ونجا السيد فليحان من الأثر الفوري
ِّ
للانفجار. ونُقل من المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت إلى فرنسا لتلقي العلاج، ولكنه توفي متأثًرا بجروحه بعد شهرين.
76- وفي شباط/فبراير وآذار/مارس 2005، أجرت المخابرات العسكرية في لبنان وقوى الأمن الداخلي اللبنانية تحقيقاتها وتحليلاتها بشأن الانفجار. وبناءً على طلب من رئيس الوزراء اللبناني، أرَسل الأمين العام للأمم المتحدة بعثة لتقصي الحقائق إلى بيروت من أجل التحقيق في أسباب هذا الاغتيال والظروف المحيطة به وتبعاته.
77- ولم ُيُر التحقيق وفًقا للمعايير الدولية وكان سيئ الإدارة والتنظيم. واتُّبع نهج فوضوي في التحقيق ضمن مسرح الجريمة، ولا َ
سيما في الفترة التي أعقبت الانفجار مباشرة.كذلك، لم تتم حماية مسرح الجريمة على النحو الملائم. ً
78- وفي مساء وقوع الانفجار، أزالت قوى الأمن الداخلي من مسرح الجريمة أدلة مهمة جًدا هي سيارات موكب السيد الحريري. ودخلت شاحنتان ومركبات أشغال ثقيلة أخرى مسرح الجريمة لنقل سيارات الموكب. وتم العبث بمسرح الجريمة. وما جرى غير ضروري أي ًضا لأنه لم تكن ثمة حاجة ماسة للقيام به. ويتعذر على غرفة الدرجة الأولى فهم السبب وراء ما حصل.
16
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
79- ولم يتم تنسيق التحقيق الأولي بالطريقة المناسبة. فإجراءات البحث عن الأشخاص المفقودين في الأيام التي أعقبت الانفجار لم تكن من َّسقة. ولم يُعثر على جثة أحد القتلى سوى بعد محاولات متكررة أجراها أفراد من عائلته للبحث عنه بأنفسهم في مسرح الجريمة. وأحضروا في إحدى المرات عدًدا منكلاب البحث إلى موقع الانفجار على نفقتهم الخاصة. وعُثر على جثة هذا الشخص بعد مرور نحو سبعة عشر يوًما. وُعثر على جثة قتيل آخر في اليوم التالي للانفجار ويُرَّجح أن يكون قد بقي على قيد الحياة لمدة
اثنتي عشرة ساعة بعد الاعتداء وكان من المحتمل أن ينجو لو تلَّقى العلاج الطبي في الوقت المناسب.
80- وفي السنة التي تلت الانفجار، حضرت أفرقة دولية مختصة بالأدلة الجنائية من سويسرا وهولندا والمملكة المتحدة وإسبانيا لمساعدة المحققين الدوليين التابعين لبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، وهي لجنة أنشئت بموجب قرار صدر عن مجلس الأمن في نيسان/أبريل 2005. وقد ساعدت هذه اللجنة سلطات التحقيق اللبنانية
حتى شهر شباط/فبراير 2009.
81- ولكن غرفة الدرجة الأولى مقتنعة بأن الضباط والخبراء اللبنانيين أجروا بعض التحقيقات الدقيقة والناجحة في جوانب مختلفة من الانفجار ولكن بمساعدة أفرقة دولية متعددة مختصة بالأدلة الجنائية، وذلك في ظروف عسيرة. وشمل ذلك تحقيقات شارك فيها متطوعون لبنانيون وأفرقة غطس دولية وخبراء في تحديد قطع السيارات، وتعلقت بالمتفجرات والمقذوفات والأدلة الجنائية في
مسرح الجريمة وبعلوم الأدلة الجنائية وتحديد هوية الضحايا.
82- وأدت التحقيقات المختلفة إلى جمع أدلة أساسية من مسرح الجريمة، مثل قطع السيارات وبعض الأشلاء البشرية. ولم يكن لأوجه القصور الفادحة في التحقيق الأولي أي تأثير جوهري في الأدلة التي تقوم عليها مسائل تستلزم إجراء غرفة الدرجة الأولى مداولات بشأن ما إذاكان المتهمون مذنبين. ولكن لا بد من استخلاص عبر مهمة مما حدث.
الانفجار
83- انطوى الاعتداء على تفجير مواد شديدة الانفجار. وتتجلى طبيعة الانفجار في ما لحق بفندقَي السان جورج وبيبلوس من دمار وأضرار، ومنها مثًلا التواء عامود وسقف في فندق السان جورج. ويُشار إلى أن جزءًا يبلغ ثلاثة أمتار ونصف المتر من الجدار الأمامي لفندق بيبلوس، الذي يساوي سمكه 20 سنتيم ًترا، ُدفع إلى الخلف بواقع 60 سنتيم ًترا من جراء الانفجار. وما يؤكد
17
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أي ًضا استخدام مواد شديدة الانفجار في الاعتداء هو القطع المعدنية المشوهة الشكل كليًا التي ُعثر عليها في موقع الانفجار وآثار الحرارة والضغط التي ظَهرت على عدد منها. وقدكان الانفجار هائًلا لا شك.
84- وكانت كمية المتفجرات المستخدمة في الاعتداء تقع بين 2500 و3000 كيلوغرام من مكافئ مادة “تي أن تي”. وتُعرف مادة التفجير المستعملة باسم “آر دي إكس” وهي من مكونات “سيمتكس” (Semtex). وذكر بعض الشهود أن مادة “آر دي إكس” شديدة الانفجار إلى حد أنها تصلح للأغراض العسكرية في أكثر الحالات. وقد تم تفجيرها على علو يقع بين نحو 50 و80 سنتيم ًترا فوق سطح الأرض وكانت العبوات الناسفة مستطيلة الشكل. وخلَّف الانفجار حفرة مخروطية الشكل ناهز قطرها
11,4 م ًترا وعمقها 1,9 متر، وذلك بهامش خطأ بلغ عدة نقاط مئوية.
ِّ
85- وتفيد أدلة الخبراء بأن الانفجار الذي يقع في شارع ضيق ذي أبنية عالية ومنافذ قليلة يؤدي إلى ارتفاع قيمَتي ذروة الضغط
والدفع بسبب الانعكاسات من الجدران المجاورة. ويُعرف ذلك باسم “الأثر الأخدودي” (canyon effect).
86- وو ِّضعت المتفجرات في مقصورة التحميل في الجانب الخلفي من فان ميتسوبيشي كانتر أبيض اللون، وهو شاحنة خفيفة عاديةذاتغطاءمشمع.وقد ُسرقتهذهالمركبةفياليابانواستوردتإلىلبنانمنالإماراتالعربيةالمتحدةفيكانونالأول/ديسمبر 2004 وبيعت في طرابلس في أواسط كانون الثاني/يناير 2005 لرجلين مجهوَلي الهوية.
ِّ
87- وقد ُرفَعت قطع من فان الكانتر من مسرح الجريمة وفي مياه المرفأ المجاور. وثبت من محرك الفان أنه صنع في اليابان.
88- وكان موكب السيد الحريري مجهًزا بأجهزة تشويش مصممة للحؤول دون تفجير أي قنبلة عن بُعد. وكانت هذه الأجهزة مشغَّلة وتعمل على نحو سليم في ذلك اليوم.
89- وأجمعت أفرقة التحقيق اللبنانية وأفرقة التحقيق الدولية المختلفة على أن انتحاريا نَّفذ الانفجار. وتوافق غرفة الدرجة الأولى ً
هذا الرأي. فقد استبعد كل فريق وسائل التفجير الممكنة الأخرى باعتبارها غير مناسبة لاستهداف موكب سيارات متنقل، ولا يبقى إ ًذا سوى احتما َلي استخدام جهاز تح ُّكم عن بُعد أو انتحاري في الانفجار. ولذلك، تستنتج غرفة الدرجة الأولى على نحو لا يشوبه أي شك معقول أن انتحاريا نَّفذ الاعتداء.
18
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
َ
90- وقد توفي ثلاثة وعشرون شخ ًصا في الانفجار أو في أعقابه، بما يشمل الانتحاري. ولكن لم تُنت َشل سوى 20 جثةكاملة من مسرح الجريمة.
91- وُعثر على أشلاء رجل مجهول الهوية بالقرب من موقع الانفجار. وانتشل الخبراء والمحققون أشلاء بلغ عددها 92 في
المجموع وقالوا إنها من جثة هذا الرجل. وكانتكمية الأشلاء صغيرة وق َّل وزنها عنكيلوغرام واحد، وكانت من ضمنها قطع أصغر
ِّ
من النسيج والعظام. وُعثر أي ًضا على عينة هي سن محروقة للرجل المذكور ولكنها لم تتطابق مع البصمة الوراثية للسيد أحمد أبو
عدس، وهو الشاب الفلسطيني الذي ظهر في شريط إعلان المسؤولية زورا. ولم يعثر على حمضه النووي في مسرح الجريمة. ًَُ
ِّ
92- واستناًدا إلى أدلة الحمض النووي التي عُثر عليها في مسرح الجريمة وإلى تحليل عينات الحمض النووي المأخوذة من أفراد
عائلة السيد أبو عدس، أي الشاب الذي ظَهر في شريط الفيديو، اقتنعت غرفة الدرجة الأولى على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن السيد أبو عدس لم يكن الانتحاري الذي نَّفذ الانفجار.
93- وكان الرجل المجهول الهوية الأقرب إلى الأداة المتفجرة عند انفجارها بحيث كان يبعد عنها بمسافة تقع بين متر ومترين. وكان هو الانتحاري على الأرجح.
94- وفيما عدا الأدلة التي تشير إلى أن السن التي عُثر عليها هي لشاب في أوائل العشرينات من العمر، لم تو َجد بين الأشلاء البشرية التي حللها خبراء الأدلة الجنائية أدلة أخرى تدل على هويته. ولذلك، لا تستطيع غرفة الدرجة الأولى التوصل إلى استنتاج بشأن هوية “الرجل المجهول”.
شبكات الهواتف الخلوية
95- يزعم الادعاء أن المتهمين الأربعة والسيد بدر الدين نَّفذوا عملية اغتيال السيد الحريري باستعمال مجموعات من الهواتف الخلوية استُخدمت ضمن شبكات. وكانت للهواتف الخلوية التابعة لكل مجموعة وتيرة عالية من الاتصالات فيما بينها.
96- ويُزعم أن مستخدمي الشبكة الخضراء المؤلفة من ثلاثة هواتف خلوية رصدوا الأعمال المرتبطة بالاعتداء وبإعلان المسؤولية
زورا ون َّسقوها. ويزعم أي ًضا أن مستخدمي الشبكة الحمراء المؤلفة من ثمانية هواتف خلوية نَّفذوا عملية اغتيال السيد الحريري. واستُخدمت ًُ
19
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
الشبكة الزرقاء المؤلفة من 15 هاتًفا خلوًيا، والشبكة الصفراء المؤلفة من 13 هاتًفا خلوًيا، في أعمال التحضير للاعتداء، بما يشمل مراقبة السيد الحريري. أما الهواتف الخلوية الثلاثة في المجموعة الخامسة، أي الهواتف الخلوية الأرجوانية، فقد استعملها مستخدموها للاتصالفيمابينهموبأشخاصآخرينمنخارجالمجموعةلتنسيقعمليةإعلانالمسؤوليةزورا.وقديبدوذلكمعقًداوالحقيقةهيأن
محاولة اكتشاف ما حصل من خلال التدقيق في بيانات المواقع الخلوية وسجلات بيانات الاتصالات أمر معقد ج ًدا.
97- واشترى الأجهزة الهاتفية وبطاقات وحدة تعريف المشترك أشخاص لم يذكروا هويتهم أو قَّدموا وثائق ثبوتية مزورة وقد سددوا ثمنها وشحنوا أرصدتها نق ًدا. وتم تبادل بعض الأجهزة الهاتفية بين مستخدمي الهواتف الخلوية في الشبكات المختلفة.
98- وتستنتج غرفة الدرجة الأولى أن الشبكات الخضراء والحمراء والزرقاء والصفراء كانت مترابطة وأن أنشطتها كانت من َّسقة فيما بينها، وكانت شبكات سرية في الأوقات المتعلقة بالقضية.
99- واستخدم أعضاء فريق الاغتيال ستة هواتف خلوية حمراء، بما في ذلك يوم وقوع الاعتداء. واستخدم اثنان منهم على الأقل عدًدا من الهواتف الخلوية الزرقاء أي ًضا. ونظًرا إلىكثرة الأدلة الجنائية التي خلَّفها نشاط الهواتف الخلوية الحمراء،كان المحققون سيكتشفون حتما أمر هذه الهواتف. فقد استخدمت الهواتف في منطقة مسرح الجريمة مباشرة قبل ارتكاب الجريمة وتوقَّف استخدام
الهواتف الخلوية التابعة للشبكة الحمراء قُبَيل وقوع الانفجار. وتصَّرف مستخدمو هذه الهواتف بمنتهى الحذر للحد من إمكانية كشف هويتهم، مما يعني أن أشد التدابير على الإطلاق قد اُتخذت لحماية هوية هؤلاء المستخدمين وإبقائها سرية.
100- ونتيجةًلذلك،برزتالحاجةإلىاستعمالالهواتفالخلويةالزرقاءالتيكانبالإمكاناستخدامهاعلىنطاقأوسعلإجراء عمليات المراقبة وأنشطة أخرى.
نسب الهواتف الخلوية إلى المتهمين الأربعة والسيد مصطفى بدر الدين
101- من أجل إثبات القضية ضد المتهمين الأربعة – وإثبات الدور المزعوم الذي أُسند إلى السيد بدر الدين في إطار تهمة المؤامرة، يُب أن يتمكن الادعاء من إقامة الدليل على أن هؤلاء الأشخاصكانوا يستخدمون هواتف خلوية محددة. ويُعرف ذلك بمصطلح “النسب”. وإثبات نسب هواتف خلوية شخصية محددة هو أولى الخطوات التي تفضي إلى إظهار الاقتران المكاني بين
الهواتف الخلوية الشبكية والهواتف الخلوية الشخصية المنسوبة إليهم.
20
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
ًُ
ً
102- وهذا الجزء من نظرية الادعاء معقد جًدا نظًرا إلى وقائع القضية. فلم تكن للمتهمين ولا للسيد بدر الدين اشتراكات بأسمائهم في خطوط خلوية. ولوكانت لهم اشتراكات من هذا النوع، لكان من الأسهل تحليل عمليات نسب الهواتف. وأجرى المحققون عملهم في تسلسل عكسي. فقد حددوا أولا أنماط استخدام الهواتف الخلوية في الشبكات المغلقة المشتبه بها التي بدا أنها
كانت مرتبطة بعمليات المراقبة و/أو باغتيال السيد الحريري، ثم حاولوا العثور على هواتف خلوية مقترنة مكانيًا بالهواتف الشبكية المحددة هذه. واضطروا بعد ذلك إلى تحديد هوية مستخدمي الهواتف الخلوية التي بدا أنها كانت مقترنة مكانيًا بالهواتف الشبكية. وأخ ًيرا، تعَّين ربط ذلك بأي أحداث معروفة قابلة للإثبات ومرتبطة بالجرائم.
103- وحلَّل المحققون بدقة الظروف المحيطة باستخدام الهواتف الخلوية لمحاولة العثور على مستخدميها. وبدأت لجنة التحقيق الدولية والادعاء تحقيًقا معقًدا استغرق الكثير من الوقت بحثًا عنكل ما يمكن اكتشافه استناًدا إلى “روابط” الهواتف الخلوية المستهدفة بالتحقيق. وكان الغرض من ذلك محاولة تحديد َمنكان يستخدمكل هاتف، أو ربط الهاتف بمشتبه به، أو ربما تحديد مشتبه به جديد. وشمل هذا التحقيق تحليل نمط استخدامكل هاتف خلوي، مثل المكان الذي استُخدم فيه، والجهات التيكان على اتصال
بها ووتيرة هذه الاتصالات، وَمن اتصلت به جهات اتصال هذا الهاتف. وسيتم التطرق الآن إلى المتهمين الأربعة بالتتابع. السيد سليم جميل عياش 104- يردفيقرارالاتهامأنالسيدعياشكانيستخدمأربعةهواتفخلويةشبكيةهيالهاتفالأصفر294،والهاتفالأزرق
233، والهاتف الأحمر 741، والهاتف الأخضر 300.
105- وكانالسيدعياشيملكشقةفيالحدث،ببيروت،وسكنأيًضامنزلالعائلةفيحاروف،فيجنوبلبنان،بالقربمن النبطية. وعمل في الدفاع المدني اللبناني في مركز الدوير بالقرب من حاروف حتى شباط/فبراير 2002، ثمكان رئيس مركز مركبا حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2004، قبل أن ُيُال مجدًدا إلى مركز الدوير.
106- وق َّدم الادعاء أدلة على استخدام السيد عياش هواتف خلوية شخصية وخطين أرضيين، وجهات اتصال كل هاتف، وما ِّسمي “النمط الجغرافي”، أي الخلايا التيكانت الهواتف الخلوية تشغِّلها. ويدل ذلك على مكان وجود الهواتف عند إجرائها أو تلِّقيها
21
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
اتصالات. و ِّسميت الجهات التي كانت تتصل بالهواتف وتتلقى اتصالات منها، وتوِّجه رسائل نصية قصيرة إليها وتتلقى رسائل منها، “جهات الاتصال”. وطبِّق هذا النهج على كل هاتف خلوي وكل متهم في القضية وتطلب ذلك الكثير من الجهد والوقت. ومن هذا المنطلق، تم َّكن المحققون من أن يُددوا لكل هاتف خلوي نمطًا استخدمه الادعاء ليزعم أنه لا يمكن أن يكون شخص آخر غير
الشخص المتهم المذكور بالاسم قد استخدم الهاتف الخلوي المعني.
107- واستخدم السيد عياش الخطين الأرضيين اللذين كانا مسجلين باسمه في المنزلين المذكورين، والهواتف الخلوية الشخصية 165 و170 و935 و091. وكان ثمة تطابق بين جهات اتصال هذه الهواتف الخلوية التيكانت تُستخدم في إطار معاملات رسمية وتجارية، ومنها تقديم طلبات للحصول على جوازات سفر، والاتصال بمق ِّدمي خدمات كانت العائلة تتعامل معهم، وتقديم طلبات تعويض لشركة تأمين والاتصال بسائق شاحنة قطر بعد تعُّرض سيارة السيد عياش لحادث سير. واستُخدمت بطاقة وحدة
تعريف المشترك الخاصة بأحد هذه الهواتف في سيارة “بي أم دبليو” (BMW) التيكان السيد عياش يملكها.
108- وسافرالسيدعياشأيًضاإلىمكةالمكرمةلأداءفريضةالحجفيكانونالثاني/يناير2004.وحينكانهناك،استخدم بطاقته المصرفية لسحب مبالغ نقدية من صرافات آلية. وأهمية ذلك في القضية هي مقارنة نشاطه الخلوي في ذلك العام بنشاطه الخلوي في عام 2005 الذي يُزعم أن السيد عياش سافر فيه لأداء فريضة الحج مرة أخرى.
109- ويردفيسجلحركةالخروجمنالمطارفيشهركانونالثاني/يناير2005أنالسيدعياشسافرمجدًدامنبيروتإلى المملكة العربية السعودية في الفترة بين 15 و28 كانون الثاني/يناير. وفي حال وجود السيد عياش خارج لبنان في ذلك الوقت، لم يكن باستطاعته أن يستخدم الهواتف الخلوية الثلاثة التابعة للشبكات الحمراء والزرقاء والخضراء. ولا بد من أن يكون شخص آخر
قد استخدمها. وكان ذلك يكفي وحده لسقوط قضية الادعاء ضده.
110- ولإثباتبقاءالسيدعياشفيلبنان،قارنالادعاءأنماطاتصالاتالهواتفالخلويةالتيكانالسيدعياشيستخدمهافي كانون الثاني/يناير 2004 بأنماط اتصالات تلك التي كان يستخدمها في كانون الثاني/يناير 2005. واستند الادعاء أي ًضا إلى اقتران هذه الهواتف مكانيًا في عام 2004 بهاتف خلوي تابع للشبكة الصفراء ينتهي بالأرقام 669.كذلك، استُعملت بطاقة وحدة تعريف المشترك الخاصة به في جهاز هاتف السيد عياش الخلوي الشخصي 170. واستنتجت غرفة الدرجة الأولى، ولكن
22
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
باستنادها إلى رجحان الأدلة فقط، ولا سيما وجود تنُّقل مشترك وعدد حالات تشغيل خلايا متداخلة، أن السيد عياشكان على الأرجح المستخدم الرئيسي للهاتف الأصفر 669.
111- وتظِّهرسجلاتعبورالحدوداللبنانيةوقائمةرحلاتشركةطيرانالشرقالأوسطأنالسيدعياشغادرلبنانفي15
كانون الثاني/يناير 2005 متجًها إلى المملكة العربية السعودية برفقة زوجته وابنته. وكان قد حصل على جواز حج للسفر وأخذ
إجازة عمل لأداء فريضة الحج. ولكن إجازته قد ألغيَت وحصل على بدل نفقات السفر على أساس أنه كان يعمل لدى الدفاع
المدني ويضطلع بمهام منها مكافحة الحرائق وأعمال إنقاذ. وفضًلا عن ذلك، تلَّقت غرفة الدرجة الأولى أدلة على أن نظام التدقيق
في جوازات السفر بمطار بيروت لم يتِّح إجراء التدقيق المناسب في ذلك الوقت بسبب العدد الهائل للحجاج الذي بلغ الآلاف.
ِّ
فكانت جوازات الحج تُستخدم مًعا لتسجيلكل مجموعة من الحجاج ثمكانت ُتجمع فيكل مجموعة وتُسلَّم لموظفي عبور الحدود
لختمها، مما يعني أنه لم يتم التحقق من هويةكل فرد على حدة. وتبِّين الأسماء الواردة في السجلات السعودية أن السيد عياش وزوجته دخلا المملكة وخرجا منها بلا ابنتهما التي يرد في السجلات اللبنانية أنها غادرت لبنان ثم عادت إليه. ولذا،كان النظام مشوًبا بعيوب وغير موثوق به على الجانبين.
112- وفيما يخص الهاتفين الخلويين التابعين لشبكتين والمنسوبين إلى السيد عياش، وهما الهاتف الأزرق 233 والهاتف الأخضر
300، فبقيا يُستخدمان في أثناء موسم الحج لعام 2005، وبدأ الهاتف الأحمر 741 اتصالاته الشبكية. وظلت الهواتف الخلوية
تقترن مكانيًا وتتحرك مًعا في الفترات التي تم تحليلها، بما يشمل موسم الحج لعام 2005. وخلافًا لتغُّير جهاز الهاتف الخلوي
الشخصي 165 خلال موسم الحج لعام 2004، فإنكًلا من رقمي الهاتفين الخلويين الشخصين 170 و091 ظل يستخدم في َُ
الجهاز نفسه قبل موسم الحج لعام 2005 وبعده. وكان لما ذُكر من هواتف خلوية شخصية وهواتف خلوية شبكية المستخدم نفسه في أثناء موسم الحج لعام 2005، باستثناء الفترة التي لم يو َجد فيها الهاتف الخلوي 091 مع باقي الهواتف الخلوية بعد ظهر يوم 28كانون الثاني/يناير 2005.
113- وبناءًعلىذلك،استنتجتغرفةالدرجةالأولىأنالسيدعياشبقيفيلبنانولميغادرهلأداءفريضةالحج.وهذاالاستنتاج أساسي لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان متورطًا في الاعتداء.
23
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ِّ 114- وتظهرالأدلةأنالسيدعياشكانيستخدمالهاتفالأصفر294حتى7كانونالثاني/يناير2005نظًراإلىاقترانهذا
الهاتف مكانيًا بهاتفه الخلوي الشخصي 935 وأنماط اتصالاتهما المماثلة.
115- واستُخدمالهاتفالأزرقلأ233عمالالتحضيرللاعتداءعلىالسيدالحريري،بمايشملعملياتالمراقبة.وقداستعملهالسيد عياش من يوم الاثنين 10كانون الثاني/يناير إلى يوم 14 شباط/فبراير 2005 على الأقل. وكان اقترانه المكاني بهاتَفي السيد عياش الخلويين الشخصيين 170 و091 لافتًا للنظر إلى حد أتاح لغرفة الدرجة الأولى أن تستنتج أنهكان لهذه الهواتف المستخدم ذاته.
116- ويزعمالادعاءأنالسيدعياشاستخدمفيالفترةالممتدةمن30أيلول/سبتمبر2004إلىيومالاثنين14شباط/فبراير 2005 الهاتف الأخضر 300 الذي كان أحد الهواتف الخلوية الثلاثة التي استُخدمت لرصد أعمال التحضير للاعتداء على السيد الحريري وتنسيقها. ولم يكن هذا الهاتف على اتصال سوى بهاتف واحد آخر هو الهاتف الأخضر 023 الذي نسبه الادعاء إلى
السيد مصطفى بدر الدين.
117- وأجرى مستخدم الهاتف الأخضر 300 اتصاله الأخير في 14 شباط/فبراير 2005 قبل الاعتداء على السيد الحريري
ِّ
بساعة واحدة، مشغًلا في نهاية ذلك الاتصال خلية إعادة إرسال مؤقتة موضوعة على متن شاحنة واقفة على الطريق في الجهة المواجهة
لفندق فينيسيا وعلى مقربة من موقع الاعتداء. وكانت منطقة التغطية المتوقعة للخلية المؤقتة الصغيرة هذه تقارب 150 م ًترا.
118- وبناءً على الحالات التراكمية للاقتران المكاني المحتمل بين هواتف السيد عياش الخلوية الشخصية 935 و091 و170، وهاتفه 294 التابع للشبكة الصفراء، وهاتفه 233 التابع للشبكة الزرقاء، وهاتفه الأخضر 300 على مدى أربعة أشهر ونصف الشهر، اقتنعت غرفة الدرجة الأولى بأنه كان لهذه الهواتف الخلوية مستخدم واحد هو السيد سليم عياش.
119- وكانالهاتفالأحمر741،وفًقالماأوردهالمدعيالعامفيقرارالاتهامالموحدالمعدل،واحًدامنستةهواتفخلويةحمراء استخدمها “فريق الاغتيال”.
120- وحاولالادعاءإثباتاستخدامالسيدعياشهذاالهاتفمنخلالاقترانهالمكانيبهاتَفيالسيدعياشالخلويينالشخصيين 091 و170 والهاتف الخلوي 233 التابع للشبكة الزرقاء والهاتف الخلوي 300 التابع للشبكة الخضراء.
24
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
121- ويُعد نسب هذا الهاتف الخلوي أساسيًا في القضية لأن َمن استخدمهكان له ارتباط وثيق باغتيال السيد الحريري.
122- وحدثتباعدمكانيبينالهاتفالأحمر741والهاتفالخلوي091يومالأربعاء2شباط/فبراير2005،أياليوم الذي أضيفت فيه وحدات إلى هذا الهاتف في طرابلس. ومن المنطقي أن الشخص الذي كان يضيف وحدات إلى مجموعة أو شبكة من الهواتف الخلوية أخذ الهواتف من مستخدميها الأفراد لنقلها إلى طرابلس.
123- وغرفةالدرجةالأولىمقتنعةعلىنحولايشوبهأيشكمعقول،استناًداإلىمجملالأدلة،بأنمستخدمالهاتفالأحمر 741كان أي ًضا الشخص نفسه الذي استخدم الهواتف الخلوية الأخرى التي جرى تحليلها آنًفا. وكان هذا المستخدم هو السيد عياش من يوم الجمعة 14 كانون الثاني/يناير إلى يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005. ولذا، فإن غرفة الدرجة الأولى مقتنعة على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن السيد عياشكان مستخدم الهاتف الأحمر 741 من يوم الجمعة 14كانون الثاني/يناير إلى يوم
الاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
124- وتثبت الأدلة أي ًضا أنه كانت للسيد عياش ارتباطات بحزب الله.
السيد حسن حبيب مرعي
125- المتهمالثانيهوالسيدحسنحبيبمرعيالذييُزعمأنهاستخدمهاتفهالخلويالشخصيالأرجواني231لتنظيمعملية
إعلان المسؤولية زورا عن الاعتداء. ويزعم أي ًضا أنه كان على اتصال بالسيد بدر الدين حصرا باستخدامه الهاتف الأخضر 071. ًًُ
126- وتُعدالحجةالقائلةبأنالسيدمرعيكانيستخدمإماالهاتفالأرجواني231وإماالهاتفالأخضر071حجةظرفية. فالهاتف الأرجواني 231 لم يكن مسجًلا باسمه واستُخدم لآخر مرة يوم الثلاثاء 15 شباط/فبراير 2005، أي في اليوم التالي للاعتداء.
127- وسعىالادعاءإلىإثباتاستخدامالسيدمرعيالهاتفالأرجواني231بتقديمأدلةعلىأنالسيدمرعيوأفرادعائلته
كانوا يستخدمون هاتًفا خلوًيا شخصيًا ينتهي بالأرقام 6091، ثم بمقارنة النمط الجغرافي وجهات الاتصال للهاتفين الخلويين.
ِّ
وسعى من هذا المنطلق إلى إثبات اقتران الهاتف الأرجواني 231 والهاتف الأخضر 071 مكانيًا على نحو يبين أن هذين الهاتفين
الخلويينكان لهما مستخدم واحد هو السيد مرعي.
25
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
128- وتؤكد الأدلة أن السيد مرعي وأفراد عائلته كانوا يستخدمون الهاتف الخلوي 6091.
129- والدليل الأقوى الذي يقيم رابطًا بين الهاتف الأرجواني 231 والسيد مرعي هو أن شخ ًصا استخدم الهاتف الأرجواني 231 في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 للاتصال بمتجر مفروشات، وأعطى اسم حسن مرعي لتسليم فرشة إلى عنوان سكنه كما أعطى رقم الهاتف الخلوي 6091 ليُتصل به.
ِّ 130- وفيأثناءالمحاكمة،قَّدمتجهةالدفاععنالسيدمرعيدليًلاهوهاتفخلويآخرسمي”الهاتفالخلويالرمادي”،
بوصفه هاتًفا ُيُتمل أن يكون قد اقترن مكانيًا بالهاتف الأخضر 071، مما يعني أن السيد مرعي لم يكن الشخص المعني إذاكان يستخدم الهاتف الأرجواني 231. بيد أن الادعاء أجرى فيما بعد تحقيًقا بشأن الهاتف الخلوي الرمادي ووَجد أدلة تؤكد على نحو قاطع أن السيد مرعيكان مستخدمه. وُعرفت هوية السيد مرعي من صورة جواز سفره، ورقم الهاتف الخلوي، ومضمون عدد من الرسائل النصية القصيرة. ولكنه كان يقترن مكانيًا بالهاتف الأرجواني 231. واستنتجت غرفة الدرجة الأولى على نحو لا يشوبه أي
شك معقول، استناًدا إلى الهاتف الخلوي الرمادي، أن السيد مرعيكان يستخدم الهاتف الأرجواني 231 في الفترة المعنية.
131- ومسألةتحديدماإذاكانالسيدمرعييستخدمالهاتفالأخضر071هيمسألةتقومحصًراعلىاقترانهالمكانيبالهاتف
الأرجواني 231 والهاتف الخلوي الرمادي. وهناك بعض الأدلة المعقولة على احتمال وجود اقتران مكاني بين الهواتف الخلوية الثلاثة.
ولكن في نهاية المطاف، لم تتوافر أدلةكافية للتوصل إلى استنتاج مفاده أن السيد مرعيكان يستخدم الهاتف الأخضر 071، وذلك
ٍ
وفًقا للمعيار العالي المستوى الذي يقضي بألا يشوب الاستنتاج أي شك معقول. فكان هناك عدد غيركاف من الاتصالات، وعامل
مهم هو قلة في التنقل، مما يُول دون تو ُّصل الغرفة إلى استنتاج مؤكد مفاده أن الهاتف الأخضر 071كان يقترن مكانيًا بالهاتف الأرجواني 231 أو بالهاتف الخلوي الرمادي، وأنه كان إ ًذا للهاتفين الخلويين الشخصيين والهاتف الأخضر 071 مستخدم واحد. ولم تقتنع غرفة الدرجة الأولى على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن السيد مرعيكان يستخدم هاتًفا خلوًيا ضمن الشبكة الخضراء.
26
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
حسين حسن عنيسي
132- كان حسين حسن عنيسي يُعرف سابًقا باسم حسين حسن عيسى. ويزعم المدعي العام أنه استخدم هاتفه الخلوي
الشخصي الأرجواني 095 في ترتيبات إعلان المسؤولية زورا. ولم يكن الاشتراك في هذا الهاتف باسمه. وكان آخر استخدام له يوم ً
الأربعاء 16 شباط/فبراير 2005.
133- وثمةمستنداتعديدة،مثلطلباتفتححساباتمصرفيةوطلبشراءسيارة،يُستخدمفيهاهذاالرقمبوصفهرقماتصال للسيد عنيسي الذيكان يُعرف آنذاك باسم حسين عيسى. وتبين سجلات بيانات الاتصالات أن عدًداكب ًيرا من جهات الاتصال المصنفة في أعلى ثلاثين مرتبة من حيث تواتر التواصل معها هي أرقام منسوبة إلى عائلة السيد عنيسي وأنسبائه ومعارفه. وأبرز ما يثير الانتباه هو أن جهة الاتصال المصنفة في أعلى مرتبة هي رقم يمكن نسبه إلى والدته، وقد وصل عدد الاتصالات بينه وبين
الهاتف الأرجواني 095 إلى 747 اتصاًلا.
134- ويشير مجمل الأدلة إلى أنه المستخدم الرئيسي لهذا الهاتف. والخلاصة المعقولة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها انطلاقًا من مجمل الأدلة هي أن السيد عنيسي كان المستخدم الرئيسي للهاتف الأرجواني 095 في الفترة الممتدة من 9 كانون الثاني/يناير 2003 على أقل تقدير إلى 16 شباط/فبراير 2005. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة بذلك على نحو لا يشوبه أي شك معقول.
أسد حسن صبرا
135- تزوجالسيدصبرابالسيدةهالةسلومفيتشرينالثاني/نوفمبر2000وعاشافيبيروت.ويُزعمأنهاستخدمهاتًفاخلوًيا شخصيًا هو الهاتف الأرجواني 018 بين تشرين الثاني/نوفمبر 2001 و16 شباط/فبراير 2005، واستخدمه أي ًضا في الأنشطة المرتبطة بإعلان المسؤولية زورا. وكان لهذا الهاتف الخلوي اتصالات عديدة متبادلة مع أفراد عائلةكليهما.
136- ولإثبات أنهكان يستخدم هذا الهاتف الخلوي، اعتمد الادعاء أي ًضا على هاتفين خلويين آخرين، هما الرقمان 546 و657 اللذان بدأ استخدام أولهما في 24 شباط/فبراير وبدأ استخدام الثاني في 20 تموز/يوليو 2005، لن ْسب الهاتف الأرجواني 018 إلى السيد صبرا.
27
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
137- ولاتوجدأدلةمباشرةعلىهويةالشخصالذيكان”يملك”الهاتفالأرجواني018.ولميكنهناكأيتفاصيلعن المشترك ولم يقَّدم أي دليل على استخدامهكرقم اتصال في أي شيء. ويعتمد الادعاء على قائمة جهات الاتصال الخاصة بهذا الهاتف، ومحتوى ست رسائل نصية قصيرة، والخلايا التي ُشغلت في اتصالاته، وأوجه التشابه في جهات الاتصال وفي النمط الجغرافي،
بما في ذلك محتوى الرسائل النصية، مع هاتفين خلويين استُخدما بعد هذا الهاتف.
138- وهذه الأدلة هي أضعف أدلة الن ْسب التي استخدمها الادعاء ضد المتهمين الأربعة والسيد بدر الدين. فلم تقَّدم أدلة قاطعة تبين بدقة المكان الذيكان يعيش فيه السيد صبرا خلال الفترة المحددة في قرار الاتهام، أي من أواخر عام 2004 إلى أوائل عام 2005، ولا مع منكان يعيش، ولا أينكان يعمل، ولا ماكان يفعله. وكان السيد صبرا، بحسب قضية الادعاء، يستخدم
الهاتف الأرجواني 018 حتى يوم الأربعاء 16 شباط/فبراير 2005، عندما تم التخلص منه.
139- وليسهناكأيدليلعلىوجودبصمةجغرافيةيمكنأنتُستخدملتتبعأثرالسيدصبرااستناًداإلىعنوانمنزلهومكان
عمله وأنشطته الترفيهية والاجتماعية، بما في ذلك أنشطته مع عائلته. ولم تق َّدم كذلك بصمة جغرافية لزوجته، السيدة سلوم، التي
ِّ
كانت مستخدًما محتمًلا آخر للهاتف الأرجواني 018.
140- والأدلةالتيتنسبالهاتفالأرجواني018إلىالسيدصبراضعيفة؛ومندوندراسةالهاتفينالخلويين546و657،لا يمكن نسب هذا الهاتف إليه. ولم تستطع غرفة الدرجة الأولى أن تستنتج أنهكان مستخدمه خلال الفترة المعنية.
141- وكانالسيدصبراوزوجتهالسيدةسلوميستخدمانكلاالهاتفينالخلويين546و657علىالرغممنأنهيبدوأنالسيدة سلومكانت تستخدمهما بتواتر أعلى.
142- وتثبتالأدلةأنالسيدصبراوالسيدةسلومكانايستخدمانالهاتفالأرجوانيفي018الفترةالممتدةمن22تشرين الثاني/نوفمبر 2001 إلى 16 شباط/فبراير 2005. ثم استخدما الهاتفين الخلويين 546 و657.
143- ولكنغرفةالدرجةالأولىلمتتمكنمنالوقوفعلىأنماطالاتصاللمستخدم(مستخدمي)الهاتفالأرجواني018التي
ِّ
تتيح استنتاج وجود مستخدم واحد لهذا الهاتف في فترة النَّ ْسب أو في الفترة المحددة في قرار الاتهام. وفي بعض الأيام، على افتراض
28
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أن احتمال اتصال السيد صبرا بأقاربه أكبر من احتمال اتصاله بأقارب زوجته، والعكس بالعكس، فكان بإمكانكل منهما أن يستخدم الهاتف على حدة وفي أوقات مختلفة.
144- ومنَثم،لايمكنلغرفةالدرجةالأولىأنتستنتجأنالسيدصبراكانالمستخدمالوحيدأوالأساسيأوالرئيسيللهاتف الأرجواني 018 خلال الفترة المحددة في قرار الاتهام لمشاركته في المؤامرة الواردة في التهم، أي من 22 كانون الأول/ديسمبر 2004 إلى 14 شباط/فبراير 2005. وتشير الأدلة إلى حدوث استخدام مشترك للهاتف مع زوجته. ولا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تستنتج على نحو مؤكد انطلاقًا من الأدلة التي لديها فقط، وهي النمط الجغرافي وقائمة جهات الاتصال للهاتف الخلوي، الذي لا يوجد له محتوى رسائل نصية قاطعة، أن السيد صبرا كان المستخدم الوحيد للهاتف الخلوي خلال الأيام التي يُزعم أنه كان يستخدم
فيها هذا الهاتف الخلوي للأنشطة المتعلقة بإعلان المسؤولية زورا. ً
145- ولذا،لاتستطيعغرفةالدرجةالأولىأنتستخلصعلىنحولايشوبهأيشكمعقولأنالاستدلالالمعقولالوحيد
ِّ
الذي يمكن التوصل إليه انطلاقًا من الأدلة هو أن السيد صبراكان المستخدم الوحيد للهاتف الخلوي بين 22كانون الأول/ديسمبر
2004 و14 شباط/فبراير 2005. ويقوض هذا الأمر القضية المرفوعة ضد السيد صبرا تقوي ًضا تاًّما.
مصطفى أمين بدر الدين
146- تزوجمصطفىأمينبدرالدينمرتينولهستةأولاد.وكانالراحلالسيدعمادمغنيةصهرالسيدبدرالدين،أيزوج أخته سعدة. وكان السيد بدر الدين من المتهمين الأصليين الأربعة في هذه القضية عندما بدأت، قبل ضم قضية السيد مرعي.
147- وفيشهرأيار/مايو2016،أعلنحزباللهوفاتهبوصفهقائًدافيحزباللهكانيقاتلفيسوريا.وفيتم11وز/يوليو 2016، قامت غرفة الدرجة الأولى، بناءً على قرار صادر بالأغلبية عن غرفة الاستئناف، بإنهاء القضية ضده من دون أن يعوق
ِّ
ذلك مواصلة الإجراءات إذا قُدم في المستقبل دليل يُثبت أنه لا يزال على قيد الحياة. وظل اسمه في قرار الاتهام الموحد المعدل الذي
29
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ِّ
أودعه المدعي العام بعد هذا القرار.
148- ويُزعمفيالقرارالمذكورأنالسيدبدرالدين،الذياستخدمأيًضاالاسمالمستعار”ساميعيسى”،شاركفيمؤامرةمع المتهمين الأربعة ترمي إلى ارتكاب عمل إرهابي لاغتيال السيد الحريري. ويُزعم على وجه التحديد أنه تولى رصد عملية مراقبة السيد الحريري وقام بتنسيقها مع السيد عياش تمهي ًدا للاعتداء وعملية شراء فان الكانتر الذي استُخدم في الاعتداء.
149- بالإضافةإلىذلك،زعمالمدعيالعامأنهقامبرصدالتنفيذالفعليللاعتداء،وأنهرصدأيًضاالإعدادلعمليةالإعلانزورا ً
عن المسؤولية، وقام بتنسيقها مع السيد مرعي.
150- ويتضحتورطهفيالاعتداء،بحسبالمدعيالعام،منخلالاستخدامههاتًفاخلوًيامنهواتفالشبكةالخضراء.ويُزعم أن السيد بدر الدين قد استخدم هاتفه الخلوي 023 التابع للشبكة الخضراء في التواصل مع السيد عياش، الذي كان يستخدم هاتفه الخلوي الأخضر 300، ومع السيد مرعي الذيكان يستخدم الهاتف الخلوي الأخضر 071، “لتبادل المعلومات المتعلقة بجميع نواحي المؤامرة ولتنسيق الأعمال الهادفة إلى تعزيز المؤامرة”. وكانت هذه الشبكة شبكة تنسيق يستخدمها حصًرا هؤلاء الشركاء
الثلاثة في المؤامرة. ويُزعم أن السيد بدر الدين كان من مناصري حزب الله، شأنه شأن المتهمين الأربعة.
151- ولإثبات أن السيد بدر الدينكان يستخدم الهاتف الأخضر 023، ساق الادعاء دليًلا على أنهكان يستخدم أي ًضا هاتفين شخصيين خلويين، هما الرقمان 663 و354 اللذانكانا مقترنين مكانيًا بالهاتف الأخضر 023. وأدى ذلك إلى أدلة واسعة النطاق على استخدام هذين الهاتفين الخلويين. وكان السيد بدر الدين يستخدم أي ًضا خمسة أرقام هواتف خلوية أخرى
استُعملت “في ترتيب تتابعي، أي أنكل هاتف منهاكان يستعمل لفترة أسابيع أو أشهر ثم يستبدل به هاتف آخر”.
152- وعرفبعضالشهودالسيدبدرالدينباسمهالمستعارساميعيسى.وكانقدالتحقبالجامعةاللبنانيةالأميركيةكطالب بين عام 1997 وعام 2004. وتخرج عام 2005 حاصًلا على شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية. ومن عام 2002 تقريبًا إلى عام 2005، أطلق على نفسه اسم سامي عيسى، وصادق طلاًبا في الجامعة وأقام علاقات اجتماعية معهم. وكان لدى سامي عيسى حراس شخصيون، وشقة واحدة أو أكثر في جونية أو قربها، على بعد 20 كيلوم ًترا تقريبًا شمال بيروت، وقارب اسمه “سامينو
(Samino)” يرسو في شمال بيروت، وكان يمتلك متجر مجوهرات اسمه “مجوهرات سامينو”، وله ثلاثة فروع في بيروت.
30
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
153- وميزعشرةشهودرقميالهاتفالخلويين354و663علىأنهمارقمانلساميعيسى.واستُخدمفيالرسائلالنصية اسما “سامي” و”سامينو”. وكان لدى سامي عيسى، شأنه شأن مصطفى بدر الدين، إصابة في ساقه وكان يعرج في مشيه. وتشير الرسائل النصية لكل من الهاتفين الخلويين الشخصيين إلى إصابتي ساقه وقدمه. وكان للشخصين أي ًضا نفس عيد الميلاد، الواقع في
6 نيسان/أبريل.
154- وكان سامي عيسى يسافر مع حراسه المسلحين، ويستخدم هواتف خلوية متعددة ويتخذ إجراءات احترازية لتجنب تصويره أو ترك بصماته على الأشياء.
155- وكانلأحدهواتفالسيدبدرالدينالخلويةاتصالاتبلغعددها855اتصاًلامتبادًلامعإحدىصديقاتهو128 اتصاًلا متبادًلا مع صديقة أخرى. وبلغ عدد اتصالاته المتبادلة مع هاتف شقيقته 2056 اتصاًلا وتبادل مئات الاتصالات مع فروع متجر سامينو. وكان لهاتف آخر من هواتفه الخلوية اتصالات بلغ عددها 21372 اتصاًلا متبادًلا مع صديقة و3151 اتصاًلا متبادًلا مع صديقة أخرى. وكان له الآلاف من الاتصالات المتبادلة مع فروع متجر سامينو ومع شركائه، بالإضافة إلى 1895
اتصاًلا متبادًلا مع أحد الموظفين.
156- وكانللهاتفينالخلوييننمطجغرافيونمطاستخداممتداخلانوالعديدمنجهاتالاتصالالمشتركة.
157- وكانهناكهاتفخلويثالثلهمئاتالاتصالاتالمتبادلةمعالهواتفالخلويةلشريكساميعيسىالتجاريفيمتجر سامينو ومالكه المس َّجل. وكان لهذا الهاتف دائرة جهات اتصال أصغر، ضمت الذين وصفوا بأنهم “المطلعون على الأمور الداخلية” في متجر سامينو، ومسؤولي حزب الله، وعدة أفراد من عائلة السيد بدر الدين، وكانت اتصالاته أقل عدًدا.
158- وفيأيار/مايو2016،أعلنحزباللهوفاةالسيدبدرالدينفيالقتالفيسورياونشرتفاصيلسيرتهالذاتية،بماشمل
صورا وتسجيلات فيديو، وذكر أنه كان قائ ًدا عسكريا كبيرا في حزب الله. وقد ميز ثمانيةُ شهود السيد بدر الدين على أنه الشخص ًًً
المعروف باسم سامي عيسى. وثمة عددكبير من الأدلة على أن السيد بدر الدينكان سامي عيسى، وكان يستخدم ثلاثة هواتف شخصية خلوية.
31
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
159- وتثبت أدلة المواقع الخلوية أن الهاتفين الخلويين 354 و944 اقترنا مكانيًا، وأن الهاتفين الخلويين 944 و663 اقترنا
ِّ
مكانيًا أي ًضا. وكان لكليهما مستخدم واحد. واستُخدم الهاتف الأخضر 023 طوال 57 يوًما بين 28 أيلول/سبتمبر 2004
و12 شباط/فبراير 2005. وقد تنقل بترادف ثابت مع الهواتف الخلوية الثلاثة الأخرى.
160- وتثبتالأدلةأنالسيدبدرالدينكانيستخدمالهواتفالخلويةالشخصية354و663وفي944الفتراتالمزعومة إما باسمه الحقيقي وإما باسمه المستعار سامي عيسى. وكانت هذه الهواتف الخلوية مقترنة مكانيًا بالهاتف الأخضر 023 – لا سيما في أثناء تنقلاتها بين منطقة جونية وجنوب بيروت – بحيث تكون الخلاصة الوحيدة المعقولة التي يمكن التوصل إليه انطلاقًا من الأدلة
ِّ
هي أن السيد بدر الدينكان يستخدم هذا الهاتف الخلوي أي ًضا وأنهكان مستخدمه الوحيد.
مراقبة رفيق الحريري قبل اغتياله
161- في الأشهر التي سبقت اغتيال السيد الحريري، قام مستخدمو الشبكات الزرقاء والحمراء والصفراء – وتحديًدا الهواتف الحمراء الأساسية الستة، والهواتف الزرقاء الأساسية الستة، والهواتف الصفراء الأساسية الأربعة – برصد ومراقبة السيد الحريري وتحركاته. وفي خلال فترة 39 يوًما امتدت ما بين يوَمي الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 والاثنين 14 شباط/فبراير
2005، شهدت الشبكات نشاطًاكبيرا في جوار مسكنه في قصر قريطم. ً
162- وفيخلالفترةأربعةعشريوًماامتدتمابينيوَميالخميس11تشرينالثاني/نوفمبر2004والاثنين14شباط/فبراير 2005، “تتبع” مستخدمو هواتف الشبكات جهاز أمن السيد الحريري. ونتج عن ذلك نمط لا لبس فيه من تعقب هواتف
ٍ
الشبكات للسيد الحريري. وفي بعض من تلك الأيام، وفي أيام أخرى في الفترة نفسها، شغلت هواتف الشبكات خلايا توفر التغطية
لأماكن ذات صلة بالسيد الحريري مثل قصر قريطم. وكان جزء من عملية المراقبة، وبخاصة في الأسابيع التي سبقت وفاة السيد الحريري، مرتبطًا ارتباطًا واض ًحا بعملية الاغتيال. وشغلت هواتف الشبكات هذه عموًما خلايا قريبة من قصر قريطم عندماكان السيد الحريري موجوًدا هناك.
163- ولادليلمباشرعلىأنمستخدميهواتفالشبكاتقاموابمراقبةالسيدالحريري.إنالأدلةظرفية،وهيتتألففقطمن سجلات لبيانات اتصالات ولمواقع خلوية تبين حالات تشغيل الخلايا – ما يكشف عن أنماط الاتصالات وأنماط تشغيل المواقع
32
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
الخلويةلهواتفالشبكات–وقدقورنتهذهالأدلةبتحركاتالسيدالحريريالمعروفةوالتييمكنإثباتها.وعندتطابقها،ظهرتأنماط يمكن أن يُستخلص منها أن مواقع هواتف الشبكات ومواقع السيد الحريري تزامنت على نحو يدل على أنها كانت إما تتبعه وإما تراقبه هو أو جهازه الأمني.
164- وُشغلتالشبكاتالحمراءوالزرقاءوالخضراءبسريةتامة.ووضعتبطاقاتوحداتتعريفالمشتركالعائدةلبعضهواتف ُ
الشبكة الصفراء في أجهزة مختلفة، منها أجهزة عائدة لثلاثة من مستخدمي الشبكة الزرقاء وللهاتفين الخلويين الشخصيين 165 و170 العائدين للسيد عياش. واستُخدمت الهواتف الزرقاء ضمن شبكة سرية، واستُعملت ستة هواتف أساسية سًّرا من تاري ٍخ ما فيكانون الأول/ديسمبر 2004 حتى يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005. وكادت اتصالاتها تنحصر فيما بينها.
165- وأدتالشبكةالحمراءأيًضا،بالإضافةإلىأعمالالمراقبةالتيقامتبها،دوراحاسمًافيتنفيذاعتداء14شباط/فبراير ً
2005. فقدكانت، بحسب ما زعمه الادعاء، فريق الاغتيال أو شبكة الاغتيال.
166- و ُشغلت الهواتف الحمراء في جوار قصر قريطم صبا ًحا ثم في جوار مجلس النواب ومسرح الجريمة. واستُخدمت هواتف الشبكة الحمراء الستة على نحو لا جدل فيه في اغتيال السيد الحريري. وفي خلال الساعتين الأخيرتين قبل الاعتداء، أُجري 33 اتصالاً بين الهواتف الحمراء الستة. وبين الساعة 12:49 والساعة 12:53، شارك الهاتف الأحمر 741 العائد للسيد عياش وخمسة هواتف خلوية أخرى تابعة للشبكة الحمراء في الاتصالات السبعة الأخيرة لهذه الشبكة. ووقع الانفجار الذي أودى بحياة السيد
الحريري وآخرين عند الساعة 12:55. وبعد الانفجار، لم يُستخدم قط أي من هواتف الشبكة الحمراء.
167- كان عدد اتصالات الشبكة الخضراء غيركا ٍف ليتيح لغرفة الدرجة الأولى ربطها بالأحداث المزعومة، الأمر الذيكان من شأنه أن يوفر السياق الوقائعي اللازم. وكانت الشبكة الخضراء على شكل إطار مثلث يتميز بعدم وجود أي اتصال بين الهاتف الأخضر 071 المنسوب إلى السيد مرعي والهاتف الأخضر 300 العائد إلى السيد عياش في حينكانكلاهما على اتصال فقط
بالهاتف الأخضر 023 العائد إلى السيد بدر الدين.
168- ولا توجد أدلةكافية لاستخلاص أن الشبكة الخضراءكانت مجموعة قيادة المهمة ورأس هرم العملية، ويترأسها السيد بدر الدين متوليًا زمام “قيادة المهمة”.
33
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
169- ورأتغرفةالدرجةالأولىأنالخلاصةالتييُستنتجفيهاأنالشبكةالخضراءكانتمجموعةقيادةللمهمةليستالخلاصة المعقولة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها انطلاقًا من الأدلة. فسلمت غرفة الدرجة الأولى بإمكانية أن يكون للشبكة الخضراء وظيفة أخرى ليست بالضرورة على رأس هرم جميع الشبكات الأخرى. ولذا لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تقتنع على نحو لا يشوبه أي
شك معقول بأن السيد بدر الدينكان العقل المدبر للاعتداء،كما يُزعم.
170- وكان لبعض المستخدمين الأساسيين للشبكات الحمراء والصفراء والخضراء والزرقاء مهمة مشتركة وهي اغتيال السيد الحريري. والأدلة غير كافية لإثبات أن جميع عمليات المراقبة التي قام بها مستخدمو هواتف الشبكات في الأشهر التي سبقت وفاة السيد الحريري كانت أعمالاً تحضيرية للاغتيال وأنها إ ًذا مرتبطة به. فقد كان السيد الحريري تحت مراقبة جهات أخرى، ومنها قوى الأمن الداخلي. ولكن الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها من مجمل الأدلة هي أن هواتف الشبكات استُخدمت لمراقبة السيد
الحريري في الأشهر التي سبقت الاعتداء وأن جزءًا منها كان أعمالاً تحضيرية لاغتياله.
171- وتداخلتالأيامالتياستُخدمتفيهاالشبكاتالخضراءوالزرقاءوالحمراءإلىحدبعيد،وبينيوَميالجمعة14كانون الثاني/يناير والاثنين 14 شباط/فبراير 2005، استُخدمت الهواتف الحمراء مدة 11 يوًما، والهواتف الخضراء مدة 21 يوًما، والهواتف الزرقاء طوال الأيام ال 31 كلها. ويتضح من أنماط تشغيل الخلايا وتسلسل بعض الاتصالات بين مستخدمي الشبكات
أن الشبكات الأربع كانت مترابطة وتنسق فيما بينها.
172- وأثبت الادعاء المراقبة الثابتة والمتحركة للسيد الحريري في عدد من الأيام.
173- وحالاتتشغيلالهواتفالخلويةالتياستخدمهاجهازأمنالحريريلصواريخلويةتثبتهذهالتحركات؛فجهازهالأمني كان يرافقه دائًما. والأدلة الأخرى مثل الصور والتقارير الصحافية تؤكد أي ًضا زيارات الحريري لأماكن مختلفة. وإضافة إلى ذلك، تلقت غرفة الدرجة الأولى أدلةكثيرة من موظفيه، ومستندات خاصة بالقصر مثل سجل زائريه، وبيانات صحافية، تشير إلى وجوده في قصر قريطم أو مغادراته لبيروت ولبنان، لتثبت أماكن وجود الحريري في الأوقات ذات الصلة بالقضية. وأثبتت هذه الأدلة فعلاً
تحركات السيد الحريري بين يوَمي الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 والاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
34
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
174- وقدحللتغرفةالدرجةالأولىأعمالالمراقبةالثابتةوالمتحركةالمزعومة.ونظرتفيالأدلةالمتعلقةبكلعمليةمراقبةمزعومة وعلى ضوء الأدلة المتعلقة بالشبكات واتصالاتها.
175- إنالمسألةالأساسيةهيماإذاكانتمختلفحالاتتشغيلالخلاياوالاتصالاتضمنالشبكات،مقترنةًبتحركاتالسيد الحريري، تؤدي إلى خلاصة واحدة حتمية، وهي أنها استُخدمت لمراقبته أو “رصده”. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة بأن هذا ما حدث.
176- وتُبين الأدلة أنه في خلال فترة 39 يوًما امتدت بين يوَمي الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 والاثنين 14
شباط/فبراير 2005، شهدت الشبكات نشاطًا كبيرا في جوار قصر قريطم. ً
177- وكانهناكنمطلالبسفيهيتعلقبالشبكاتالتيتعقبتالسيدالحريري.ففيعددمنالمراتبينيوَميالخميس11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 والاثنين 14 شباط/فبراير 2005، يتضح من وجود هواتف الشبكات المتصلة بخلايا بالقرب من مكان وجود جهاز أمن السيد الحريري أنها “تبعته” إلى حيثكان. واللافت للانتباه أنه في أثناء وجود السيد الحريري خارج لبنان،
خفت أنشطة الشبكات على نحو ملحوظ، ومعظمها توقف في محيط قصر قريطم.
178- وأنماط الاتصالات بين هواتف الشبكات، ووجودها وتشغيلها للخلايا في محيط قصر قريطم، والمطار، ومنطقة فاريا، وأماكن أخرىكان السيد الحريري موجوًدا فيها في أثناء زياراته الكنائس وحضوره دعوات العشاء والغداء مثلاً هي أكثر من مجرد صدفة. ولا يمكن أن تكون عرضية نظًرا إلى العدد الكبير من الاتصالات ومن الحالات التيكانت فيها هواتف الشبكات موجودة في المحلة ذاتها حيث كان السيد الحريري وذلك على مدى فترة طويلة. وحصل ذلك في كثير من الأحيان وفي عدد كبير من الأماكن المختلفة ولا يمكن أن تكون أحدا ًثا تلقائية. فقد كان مستخدمو الهواتف الخلوية يتواصلون ضمن شبكات مغلقة، واستخدموها في
أماكنكان السيد الحريري موجوًدا فيها خلال أيام مختلفة.
179- وكانتهناكأيًضامراقبةثابتة.وظهرتأنماطواضحةتُبينوجودهواتفالشبكاتبالقربمنقصرقريطموعلىطول الطريق المؤدية إلى فيلا السيد الحريري في فقرا بالقرب من فاريا. والجدير بالاهتمام أن نشاط الشبكاتكان قليًلا جًدا في محيط قصر قريطم عندما لم يكن السيد الحريري موجوًدا هناك.
35
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
180- وقام مستخدمو الشبكات الزرقاء والحمراء والصفراء – وتحدي ًدا الهواتف الخلوية الحمراء الأساسية الستة، والهواتف الخلوية الزرقاء الأساسية الستة، والهواتف الخلوية الصفراء الأساسية الأربعة – برصد أو مراقبة السيد الحريري وتحركاته في أيام مختلفة ما بين يوَمي الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 والاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
181- وبذلك،باتتغرفةالدرجةالأولىمقتنعةبأنالخلاصةالوحيدةالمعقولةالتييمكنالتوصلإليهااستناًداإلىالأدلةهيأن السيد الحريري كان قيد المراقبة في الفترة الممتدة من يوم الأربعاء 20 تشرين الأول/أكتوبر 2004 إلى يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، وأن عمليات المراقبة التي حصلت في تلك الفترة مرتبطة باحتمال اغتياله.
182- ولكنلمتتمكنغرفةالدرجةالأولىمناستنتاجأنهاكانتمرتبطةبمجملهابخطةاغتيالالسيدالحريري.فالأدلةلاتكفي سوى لإثبات أن القرار النهائي باغتيال السيد الحريري قد اُّتخذ على الأرجح في مطلع شهر شباط/فبراير 2005. غير أن غرفة الدرجة الأولى لا يمكنها أن تستخلص على نحو مؤكد أن الغرض الوحيد من عمليات المراقبة التي حصلت في تشرين الأول/أكتوبر
وتشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2004 وكانون الثاني/يناير 2005 كان التخطيط لاغتياله.
183- ولاشكفيأنالهدفمنبعضهذهالعملياتالتيحصلتفيأواخرشهركانونالثاني/يناير2005كانالحصول على معلومات تتعلق بتحركات السيد الحريري والموكب إذا دعت الحاجة إلى المضي بخطة اغتياله التي كانت قد أبصرت النور بحلول ذلك التاريخ. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة بأن بعض مستخدمي الشبكات الحمراء والصفراء والخضراء والزرقاء على الأقلكانت لديهم مهمة مشتركة، وهي اغتيال السيد الحريري. ولكن ترابط هذه الشبكات وتزامن وجودها مع تحركات السيد الحريري واغتياله
في نهاية المطاف لا يعنيان أنكل مستخدم لكل هاتف شبكيكان على علم بمخطط اغتياله، سواء أكان ذلك جزئيًّا أوكليًا.
فان الكانتر
184- قام رجلان بشراء فان الكانتر نقًدا في منتصفكانون الثاني/يناير 2005 في طرابلس. وتعذر تأكيد تاريخ البيع من سجلات بيانات الاتصالات وسجلات معرض السيارات. ويُتج الادعاء بأن الشاحنة بيعت في 25كانون الثاني/يناير 2005 وبأن السيد عياش نسق عملية شرائها. ورجحان الأدلة التي قدمها الشهود يؤيد هذا التاريخ، الذي يؤكده نشاط الشبكات. وتفيد جهة الدفاع عن السيد عياش بأن تاريخ 17 كانون الثاني/يناير 2005 هو الأرجح – فسجلات التغطية الخلوية تثبت أنه لا يمكن
36
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أن يكون ذلك قد حدث في 25كانون الثاني/يناير 2005 – وبأن خلاصة الشهود فيما يتعلق بذلك التاريخ غير مقنعة نظًرا إلى الوسائل التي استُخدمت للتوصل إليها. فضلاً عن ذلك، تفيد جهة الدفاع عن السيد عياش بأن السيد عياش كان في السعودية، لا في لبنان، بين 15 و28 كانون الثاني/يناير 2005.
185- وخلصت غرفة الدرجة الأولى إلى أن 25كانون الثاني/يناير 2005 هو التاريخ الأرجح. ولا توجد أدلةكافية ليُحَّدد، على نحو لا يشوبه أي شك معقول، أي دور معين أداه مستخدمو هواتف الشبكات لشراء فان الكانتر، أو ما قاموا به بعد ذلك للتحضير لاستخدامه في الاعتداء.
إعلان المسؤوليّة زوًرا عن الاعتداء
186- بعد وقوع الانفجار يوم 14 شباط/فبراير 2005 مباشرة،كانت بيروت في حالة فوضى وأزمة. وأشارت الأدلة التي ً
حصلت عليها غرفة الدرجة الأولى إلى جو الاضطراب الذي كان سائ ًدا وأدى في جملة أمور إلى عبء زائد على شبكات الهواتف الخلوية وانقطاع في الاتصالات.
187- وكان الناس يسعون جاهدين للحصول على معلومات عن أسرهم وأصدقائهم. وازدحم مسرح الجريمة برجال الأمن والمسعفين والصحافيين وغيرهم الكثير من الأشخاص الذين لم يكن يُدر بهم الوجود هناك بمَن فيهم أشخاص يبحثون عن أحبائهم. ولم يكن في البداية واض ًحا ما إذاكان السيد الحريري قد نجا من الاعتداء. وعندما أُعلنت وفاته،كان السؤال البديهي هو معرفة “َمن هو المسؤول”. وفي هذه الأجواء، ولكن قبل تأكيد وفاة السيد الحريري رسميًا، تلقى مكتبا وكالة رويترز وقناة الجزيرة في بيروت
اتصالات تُعلَن فيها المسؤولية عن الاعتداء.
188- وبعدمروربضعساعاتعلىالاعتداء،بثتوسائلالإعلامالدوليةشريطإعلانمسؤوليةعنالاعتداء،ظهرفيهالسيد أحمد أبو عدس، وهو فلسطيني في الثانية والعشرين من عمره، معلنًا المسؤولية عن الاعتداء باسم جماعة أصولية غير معروفة تُدعى جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام. وكانت عائلته قد أبلغت أنه مفقود قبل ذلك بشهر.
189- ويُتجالادعاءبأنالإعلانعنالمسؤوليةكانزائًفاوأنالمجموعةالأصوليةوهمية،وبأنالسادةبدرالدينومرعيوعنيسي
وصبرا هم المسؤولون عن تلفيق الإعلان زورا عن المسؤولية لتحويل الانتباه عن المنفذين الحقيقيين للاعتداء. ً
37
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ٍ 190- ويزعمأنالسيدينعنيسيوصبرا،بتنسيقتولاهالسيدمرعي،شاركافينشرتصريُاتتعزوزوراالمسؤوليةعنالاعتداء
إلى آخرين، وفي التأكد من تسليم شريط الفيديو ورسالة إلى مكتب قناة الجزيرة ومن بث الفيديو.
191- ودورالسادةمرعيوعنيسيوصبرافيالإعلانعنالمسؤوليةهوالأساسالوحيدلمسؤوليتهمالجنائيةالمزعومة.وأبرزمحطات مخطط الإعلان الزائف، بحسب زعم المدعي العام، هي التالية:
وجد المتآمرون في مسجد جامعة بيروت العربية شخصا مناسبا لإعلان المسؤولية زورا عن الاعتداء هو السيد أبو عدس ًًً
الذيكان شاًبا منطوًيا على نفسه ذا توجهات دينية شديدة. وقد صادق السيد عنيسي السيد أبو عدس مدعيًا أن اسمه “محمد” وأنه بحاجة إلى المساعدة لتعلمكيفية الصلاة؛
ودبروا عملية إخفاء السيد أبو عدس من منزله يوم الأحد 16كانون الثاني/يناير 2005. وشارك “محمد” أي ًضا في هذه العملية؛ وأعدوا شريط فيديو أعلن فيه السيد أبو عدس زورا المسؤولية عن الاعتداء على الحريري؛
ووزعوا الإعلان الزائف على وسائل الإعلام ونشروه من خلالها مباشرة بعد الاغتيال يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005. ً
192- استمعتغرفةالدرجةالأولىإلىأدلةعلىماحدثفيالمسجدفيكانونالثاني/يناير2005منأسرةالسيدأبوعدس وأصدقائه وشركائه ومن تسلموا الفيديو وبثوه بعد ظهر يوم الاثنين 14 شباط/فبراير.
193- وكماذُكرسابًقا،لمتقتنعغرفةالدرجةالأولىعلىنحولايشوبهأيشكمعقولبأنالسيدمرعيكانيستخدمالهاتف الأخضر 071، ولا بأن السيد صبراكان المستخدم الوحيد للهاتف الأرجواني 018. ولكن لإنصاف قضية المدعي العام، قامت غرفة الدرجة الأولى أي ًضا بتحليل الأدلة انطلاقًا من افتراض أن السيد صبراكان المستخدم الوحيد للهاتف الأرجواني 018. لذا، حتى لوكانت غرفة الدرجة الأولى مخطئة في هذا الشأن، فإنها واصلت على أي حال تحليل ما إذاكان تحُّقق شرط استخدامهم
لتلك الهواتف الخلوية يبقي على إمكانية كونهم مذنبين.
38
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ًُ
ً
194- وأُجريتأربعةاتصالاتبوسيلتيإعلامإخباريتينهمامكتبوكالةرويترزومكتبقناةالجزيرةفيبيروت،بعدظهريوم الاعتداء، من أربعة هواتف عمومية مختلفة وباستخدام بطاقة التلكارت نفسها. واشتملت هذه الاتصالات على اتصال بمكتب وكالة رويترز عند الساعة 14:11، وثلاثة اتصالات بمكتب قناة الجزيرة في الساعة 14:19، والساعة 15:27، والساعة 17:04.
195- وتلقىرئيسمكتبقناةالجزيرةفيبيروت،السيدغسانبنجدو،ثلاثةاتصالاتبهذاالخصوص.فعندقرابةالساعة 14:19، اتصل شخص بمكتب قناة الجزيرة في بيروت. وذكر السيد بن جدو في شهادته أن المتصل قالكلاًما شبيًها جًّدا بالنص المكتوب لإعلان المسؤولية عن الاغتيال الذي تسلمه مكتب قناة الجزيرة في وقت لاحق.
196- وأُجريالاتصالالثانيعندالساعة15:27.وقالالمتصلللسيدبنجدوإنثمةشريطفيديوعلىشجرةبالقربمن مبنى مكتب قناة الجزيرة إلى جانب مبنى زهري اللون. وقال إنه يُب أخذه في غضون خمس عشرة دقيقة وإلا سيتعذر العثور عليه.
197- وتطوعموظفتقنيفيمكتبقناةالجزيرة،للذهابولإحضارالشريط.ودارحولالشجرةمرتينأوثلاثمراتقبل أن يرى علبة بيضاء على أحد أغصان الشجرة. فتسلق الشجرة مسافة متر أو متر ونصف المتر وأخذ العلبة.
198- وتلقى مكتب قناة الجزيرة اتصالاً ثالثًا عند الساعة 17:04. وقال المتصل بنبرة تهديدية حادة إن مكتب قناة الجزيرة سيسمع الكثير في المستقبل عن المجموعة التي أعلنت المسؤولية عن الاعتداء، وإن من صالح الشركة أن تتعاون معها.
199- وبثتقناةالجزيرةالفيديوعندالساعة17:30.وظهرالسيدأبوعدسفيشريطالفيديوجالًساتحترايةيُزعمأنها لجماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام، وكان يقرأ ن ًّصا لإعلان المسؤولية ورد فيه ما يلي:
إنزال القصاص العادل بعميل هذا النظام وأداته الرخيصة في بلاد الشام، قائل الإثم وآكل السحت، رفيق الحريري، عبر تنفيذنا لعملية استشهادية مدوية تؤكد وعدنا بالنصرة والجهاد وتكون مقدمة للعديد من عملياتنا الاستشهادية ضد الكفرة والمرتدين والطواغيت في بلاد الشام.
200- وجاءفيالرسالةالمرفقةبشريطالفيديوأنهتمتنفيذعمليةانتحاريةضدمنُوصفبأنه”عميلالكفرفيبلادالحرمين”، أي رفيق الحريري والسعودية، وأن منفذ العملية الانتحارية هو أحمد أبو عدس. وجاء في الرسالة: “مرفق فيلم للشهيد أحمد أبو عدس منفذ العملية”.
39
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
201- ولاتستطيعغرفةالدرجةالأولىأنتحددَمنأجرىالاتصالاتأوعددالمتصلين.وذكرالسيدبنجدوفيشهادتهأن ثلاثة أشخاص مختلفين اتصلوا بمكتب قناة الجزيرة فيما يتعلق بإعلان المسؤولية. ومن الممكن أي ًضا أن يكون شخص آخر مختلف قد اتصل بمكتب وكالة رويترز. ومع أن الاحتمال الأرجح هو أن يكون الأشخاص أنفسهم أجروا الاتصالات، لا يمكن المقارنة
لمعرفة ما إذا كان المتصل (المتصلون) بمكتب وكالة رويترز ومكتب قناة الجزيرة هو الشخص نفسه (هم الأشخاص أنفسهم).
202- ولا يمكنها أي ًضا أن تحدد متى ُوضعت العلبة على الشجرة؛ فليس هناك دليل يمكن لغرفة الدرجة الأولى الاستناد إليه لتستنتج ما إذا كانت قد ُوضعت هناك قبل الاعتداء أو بعده.
203- وشهدت شبكتا الاتصالات الخلوية اضطراًبا وازدحاًما بعد ظهر يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005 في بيروت بعد الاعتداء على السيد الحريري، ولا سيما في المنطقة القريبة نسبيًا من مسرح الجريمة. ويؤثر ذلك في موثوقية هذه الأدلة.
204- ويعنيازدحامالشبكةبعدظهرذلكاليومأنهربمالميتصلهاتفالسيدصبراالخلويالأرجوانيالمشتركوهاتفالسيد
عنيسي الخلوي الشخصي الأرجواني بخلية الخدمة الفضلى في أ ٍي من الاتصالات التي أجرياها بعد ظهر ذلك اليوم. ونظريا يمكن ً
أن يكونا في المنطقة التي يغطيها أي من الخلايا الست المجاورة – أو الخلايا المحاذية لها – عند إجراء الاتصالات.
205- ويُشتبَه بالطبع بأن مستخدم الهاتف الأرجواني 018، أو السيد عنيسي بصفته مستخدم الهاتف الأرجواني 095، أو كليهماكانا قريبَين نسبيًا من الهواتف العمومية الأربعة أو من الشجرة التي ُوضع عليها شريط الفيديو يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005. وتفسير ذلك بالمعنى الضيق هو أنهماكانا على مسافة بضعةكيلومترات على الأقل من الهواتف العمومية الأربعة أو من الشجرة في الأوقات ذات الصلة بالوقائع، مع الإقرار بالأنماط المحتملة التي تبرز في هذا الإطار؛ وأن ذلك حدث ضمن فترة قصيرة نسبيًا قرابة الوقت الذي أجريت فيه الاتصالات الهاتفية بمكتب وكالة رويترز ومكتب قناة الجزيرة، وأُخذ فيه شريط الفيديو. والدليل الأقوى هو أن مستخدَمي الهاتفين الأرجوانيين اتصلا بخلية تؤمن التغطية عند الشجرة حينكان موظف قناة الجزيرة يقوم بأخذ العلبة، وُيُتمل أن يكون ذلك قد أتاح لهما مراقبة ماكان يُدث. ومع ذلك،كان هناك ازدحام في شبكتي الاتصالات آنذاك. وقد يكون مستخدما الهاتفين الخلويين في مكان قريب، ولا يتصلان بالخلية التي توفر هذه التغطية، وبذلك قد لا يكونان ضمن المسافة
التي تتيح لهما رؤية الشجرة. ومن المستحيل الإدلاء بقول فصل في هذا الشأن.
40
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
206- وأنماطالاتصالاتبينالهاتفالأرجواني018والهاتفالأرجواني095،وبينالهاتفالأرجواني018والهاتفالأرجواني 231، تثير بوضوح الشبهات أي ًضا. فقد تبادلت هذه الهواتف الاتصالات فيما بينها يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005 في أوقات قريبة نسبيًا من الأوقات التي جرى خلالها الاتصال بمكتب وكالة رويترز ومكتب قناة الجزيرة وأخذ شريط الفيديو.
207- ومع ذلك، قال السيد بن جدو جازما إن هناك ثلاثة متصلين مختلفين. ومن المحتمل جًدا أن يكون على خطأ؛ فمن ً
الممكن بالطبع أن يكون شخص واحد قد أجرى الاتصالات الثلاثة مستعينًا بتمويه صوته. ومن الممكن حتى ألا يكون المتصل أو
المتصلون ذكورا، ولكن تلك هي الأدلة. ً
208- وعلى الرغم من الشبهات التي تثيرها تحركات الهواتف الأرجوانية والاتصالات فيما بينها يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005 وفي الأسابيع السابقة، ليس ذلك كافيًا لإثبات ضلوع السيدين عنيسي وصبرا في إعداد إعلان المسؤولية. ويُيط التباس شديد بماكانوا يقومون به من أفعال. ولا تتوافر أدلة على مضمون اتصالاتهم، ولا على رسائلهم النصية، ولا على احتمال أن يكونوا قد التقوا أو على مكان لقاءاتهم وتاريخها والمواضيع التي ناقشوها. ولا تثبت الأدلة أي ًضا أن السيد صبرا كان يستخدم الهاتف
الأرجواني 018 في فترة بعد الظهر من ذلك اليوم.
209- وإن نشاط الهواتف الأرجوانية الذي سلط الادعاء الضوء عليه هو أبعد زمانيًا ومكانيًا من أن يُقدم برهاًنا على وجود المته َمين عند الهواتف العمومية لدى إجراء الاتصالات، أو على ضلوعهما في هذه الاتصالات بطريقة أخرى، أو على وجودهما في موقع أخذ شريط الفيديو.
ِّ 210- وبالعودةإلىالشخصالظاهرفيشريطالفيديو،يتمحورمخططإعلانالمسؤوليةزوراحولالشخصالمعلن،أيالسيد
أحمد أبو عدس. فقدكان في سن الشباب، وربماكان ذا شخصية انطوائية، وأصبح متدينًا على نحو متزايد في المرحلة التي سبقت اختفاءه. وكان يتردد يوميًا إلى المسجد المجاور لمنزله، وقد أبدى اهتماًما بالكتابات الإسلامية. ويبدو أي ًضا أنه لم يكن للسيد أبو عدس اهتمام بالسياسة. وربما ساهمت هذه العوامل، وفًقا لتقييم غرفة الدرجة الأولى، في جعله هدفًا مستسا ًغا لمجموعات تسعى إلى التقرب من الفئات الشبابية الهشة بهدف تجنيدها في قضاياها الدينية. ولم يكن يعرف قيادة السيارات. وهذا أي ًضا ما يُعل من
ً
41
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
المعقول استبعادكونه المنفذ الانتحاري.
211- ويُبالنظرإلىالأدلةالمقدمةفيقضيةالادعاءبشأنتورطالسادةمرعيوعنيسيوصبرافيالأنشطةالمرتبطةبإعلان
المسؤولية زورا مقترنةً بالأدلة على ضلوعهم المزعوم في اختفاء السيد أبو عدس فيكانون الثاني/يناير 2005، بما في ذلك الأدلة على ً
“خطفه” المزعوم. والأدلة في هذا الصدد هي أدلة ظرفية بكاملها.
212- وزعمالمدعيالعامأنهجرىفيالفترةالممتدةمنأواخركانونالأول/ديسمبر2004إلىأوائلكانونالثاني/يناير2005،
تحديد السيد أبو عدس ليكونكبش محرقة محتملاً في تسجيل إعلان المسؤولية زورا. وانتحل السيد عنيسي، وفًقا لزعم المدعي العام، ً
شخصية “محمد” وتقرب من أشخاص، بينهم السيد أبو عدس، في مسجد جامعة بيروت العربية. وبينت أدلة الاتصالات أي ًضا أن السيدين عنيسي وصبرا كانا في محيط مسجد جامعة بيروت العربية في الفترة ذات الصلة بالوقائع.
213- والأدلةعلىلقاءاتقدتكونحصلتبينالسيدأبوعدسوشخصيدعى”محمد”فيالمسجدفيكانونالأول/ديسمبر 2004 وكانون الثاني/يناير 2005 هي في معظمها أدلة منقولة عن الغير، وبعضها مستمد من إفادات قُبلت في عداد الأدلة لشهود لم يُضروا للإدلاء بشهادتهم ولم يخضعوا للاستجواب المضاد. وهذا ما يقلل من موثوقية هذه الأدلة تقليًلا بالغًا. والخيط الذي يُمع بين الرواياتكافةً هو أن السيد أبو عدس قام بتلقين أحدهم أصول الصلاة في المسجد المجاور لمنزله في الأسابيع التي سبقت اختفاءه. وثمة
شاه ٌد واحد فقط قدم أدلة مباشرة على قيام السيد أبو عدس (على ما يبدو) بتلقين أحدهم أصول الصلاة في المسجد.
214- ورأىذلكالشاهدالسيدأبوعدسبرفقةشابفيالمسجدقبلاختفائهبوقتقصير،وقداختفىالسيدأبوعدسيوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005. وكان يلقن الشاب أصول الصلاة.
215- والتقىشاهدآخربشخصيدعى”محمد”فيالمسجدفيبدايةشهركانونالثاني/يناير2005،وقال”محمد”إنهلا يعرف أصول الصلاة وإنه يريد من الشاهد أن يعلمه كيف يصلي. وأشار الشاهد إلى السيد أبو عدس قائلاً إنه، أي أبو عدس، يستطيع ذلك، وإنه أنسب منه لتلقين “محمد”كيفية أداء الصلاة. وبعد مرور أكثر من خمس سنوات، دل الشاهد على صورة السيد
عنيسي على لوحة صور عرضها عليه محققو الادعاء.
216- ومعذلك،فإنالشاهدينلايرتبطانبالضرورةارتباطًاثابتًافيمابينهماولاتعززإفاداتكلمنهماإفاداتالآخر.وليس هناك من يقين بأنهماكانا يشيران إلى الشخص نفسه وأن هذا الشخصكان المدعو “محمد” المذكور.
42
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ٍ 217- لذلكلميثبتالادعاءعلىنحولايشوبهأيشكمعقولأنالسيدأبوعدسقابلشخًصايدعى”محمد”فيالمسجد
في أواخركانون الأول/ديسمبر 2004 أو أوائلكانون الثاني/يناير 2005 ولقنه أصول الصلاة.
218- وفضًلاعنذلك،فإنأدلةتحديدالهويةالتيُزعماستناًداإليهاأن”محمد”هوالسيدعنيسيكانتمشوبةبالعيوبوغير موثوق بها. فقد انقضى أكثر من خمس سنوات بين رؤية الشاهد ل”محمد” في مسجد جامعة بيروت العربية فيكانون الثاني/يناير 2005 والتحديد المزعوم للسيد عنيسي بأنه المدعو “محمد” أمام محققي الادعاء في آذار/مارس 2010. وجرى أي ًضا تحديد الهوية بطريقة مشوبة بالعيوب. وشهد على ذلك خبير دعته جهة الدفاع عن عنيسي إلى الإدلاء بشهادته وقبلت غرفة الدرجة الأولى أدلته.
ولذا، فإن غرفة الدرجة الأولى لم تعتمد على أدلة تحديد الهوية.
219- وتعتمدقضيةالادعاءالتييُزعمفيهاضلوعالسيدينعنيسيوصبرافيرواية”محمد”وفياختفاءالسيدأبوعدسثمظهوره لاحًقا في شريط الفيديو على قيام الادعاء بإثبات وجودهما داخل مسجد جامعة بيروت العربية وعلى مقربة منه في الأوقات ذات الصلة بالوقائع في أواخركانون الأول/ديسمبر 2004 وأوائلكانون الثاني/يناير 2005. وكان الزعم القائل بأن السيد عنيسي أقام صداقة مع السيد أبو عدس، من خلال انتحال شخصية “محمد” وطلب مساعدته في تعلم أصول الصلاة، عنصًرا أساسيًا في هذا الجزء من القضية.
220- واستندتنظريةالادعاءبشأنضلوعالسادةمرعيوعنيسيوصبرافيمخططقتلالسيدالحريرياستناًدابالغًاإلىإثبات أن السيد عنيسي هو “محمد” باعتباره الركيزة الأساسية لإثبات قيامه والسيد صبرا بإجراء الاتصالات الهاتفية بمكتب قناة الجزيرة ومكتب وكالة رويترز يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
221- وربماكانمزيجهذهالأدلة–فضلاًعنحالاتتشغيلالخلايانتيجةلنشاطالهواتفالأرجوانيةبعدظهريومالاثنين 14 شباط/فبراير – ليتيح لغرفة الدرجة الأولى استخلاص الاستدلالات اللازمة التي تشير إلى مسؤوليتهم عن الاتصال بالمؤسستَين الإخباريتين. ولكن نظًرا إلى عدم وجود أدلة على مشاركتهم المزعومة في رواية “محمد” – واستطراًدا في اختفاء السيد أبو عدس – فإن الرابط الوحيد الذي يُمعهم بالمؤامرة هو وجود الهاتف الأرجواني 095 الخاص بالسيد عنيسي والهاتف الأرجواني 018 المنسوب إلى السيد صبرا، في أوقات مختلفة، في أماكن “قريبة” من الهواتف العمومية ومن الشجرة بعد ظهر يوم 14 شباط/فبراير 2005،
وكذلك في أماكن “قريبة” من مسجد جامعة بيروت العربية في كانون الأول/ديسمبر 2004 وكانون الثاني/يناير 2005.
43
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
222- ولدى إسقاط الأدلة الأساسية التي تربط السيد عنيسي بشخصية “محمد” من الاعتبار، تضعف إلى حدكبير قضية الادعاء ضد المتهمين الثلاثة.
223- وكانالهاتفالأرجواني095الخاصبالسيدعنيسي”فيمحيط”المسجدفيخمسةأيام،أيأنهاتصلبخلايامجاورة.وروى
ِّ
أحد الشهود أنه التقى بشخص يدعى “محمد” في المسجد، في أحد يومين من هذه الأيام الخمسة. وكان الهاتف الأرجواني 018،
الذي كان يستخدمه السيد صبرا وزوجته، “على مقربة” أي ًضا من المسجد في ثمانية أيام خلال الفترة نفسها.
224- لكنغرفةالدرجةالأولىلمتتمكنمنالتوصلإلىاستنتاجمفادهأنالسيدأبوعدسالتقىبشخصيدعى”محمد”في المسجد. وقد خلصت فقط إلى أن أحد الشهود التقى بشخص يدعى “محمد” هناك في أوائل كانون الثاني/يناير 2005، وإلى أن هذا الشخص طلب من الشاهد تلقينه أصول الصلاة، فأشار الشاهد إلى السيد أبو عدس الذيكان موجوًدا على مقربة منهما
قائلاً إنه أنسب منه لتلقين المدعو “محمد” أصول الصلاة. ولم تتوافر أدلة موثوق بها على أن السيد أبو عدس قام بذلك فعلاً.
225- ووجودالهاتفالأرجواني095الخاصبالسيدعنيسي”فيمحيط”المسجدفيأحدالتاريخَينالمحتملينلحدوثاللقاءليس
ٍ
كافيًا في حد ذاته ليثبت على نحو لا يشوبه أي شك معقول أن السيد عنيسي هو “محمد”. وليس هذا الدليل كافيًا حتى عند النظر
إليه مقترًنا بمجمل نشاط الهواتف الأرجوانية خلال تلك الفترة.
226- ولاأدلةتربطبيناتصالاتالهواتفالأرجوانيةالثلاثةوأيشيءلهصلةبالسيدأبوعدس،أوبالمسجد،أوبشخص يدعى “محمد”، أو باختفاء السيد أبو عدس، أو بشريط الفيديو أو إعداده أو بثه. والاتصال الأخير بين الهاتف الأخضر 071، المنسوب إلى السيد مرعي، والسيد بدر الدين على الهاتف الأخضر 023 كان يوم الاثنين 7 شباط/فبراير 2005، في ظروف
تبدو مجردة من السياق.
227- وما من دليل موثوق به أي ًضا يربط أًيا من المتهمين الثلاثة باختفاء السيد أبو عدس من منزله صبيحة يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005.
44
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
228- والأدلةعلىمغادرةالسيدأبوعدسمنزلهبرفقة”محمد”ليستعلىقدركاٍفمنالموثوقيةللتوصلإلىاستنتاجمفاده أن ذلك قد حدث. فقد يكون السيد أبو عدس غادر برفقة شخص آخر، أو غادر بمفرده. ولا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تستنتج بقدر كاف من الثقة أن السيد أبو عدس غادر برفقة “محمد” يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005.
229- وفي صباح يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005، اتصل الهاتف الأخضر 071 بالهاتف الأخضر 023 الخاص بالسيد بدر الدين خمس مرات. ومع ذلك، لا تتوافر أدلة موثوق بها تربط بين الاتصالات التي أجراها السيد مرعي من الهاتف الأخضر المنسوب إليه بالسيد بدر الدين في صبيحة ذلك اليوم وبين اختفاء السيد أبو عدس، وذلك على الرغم من حدوثها بالتزامن
ٍ
مع اختفائه في ذلك اليوم. وتبًعا لذلك، فإن الخلاصة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها على نحو معقول انطلاقًا من أدلة المواقع
الخلوية المتعلقة بأنشطة الهواتف هي أن غرفة الدرجة الأولى لا تستطيع أن تتوصل إلى استنتاج مؤكد بشأن ضلوع أي من المتهمين الثلاثة في اختفاء السيد أبو عدس يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005.
230- ولايمكنلغرفةالدرجةالأولىالتوصلإلىأياستنتاجاتبشأنتاريختسجيلشريطالفيديوماخلاالاستنتاجالبديهيبأنه
ِّ ُسجل بعد اختفاء السيد أبو عدس يوم الأحد 16كانون الثاني/يناير، وقبل اغتيال السيد الحريري يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
231- ولاأدلةتربطأًيامنالمتهمينبإعدادشريطالفيديوولابأٍيمنالأعمالالتحضيريةالأخرىلإعلانالمسؤوليةيومالاثنين14 شباط/فبراير 2005. وبناءً على ذلك، لا تستطيع غرفة الدرجة الأولى أن تستنتج أن الاستدلال الوحيد الذي يمكن استخلاصه على نح ٍو معقول من مجمل الأدلة هو ضلوع أ ٍي من المتهمين الثلاثة في إعداد شريط الفيديو المستخ َدم في إعلان المسؤولية عن الاعتداء.
232- وجوهرقضيةالادعاءضدالسادةمرعيوعنيسيوصبراهوأنإعلانالمسؤوليةكانزائًفا.فقرارالاتهامالموحدالمعدل يؤكد أنهم شاركوا في إعداد إعلان مسؤولية يعلمون أنه زائف، وقد مضى الادعاء بقضيته على هذا الأساس. ولكن لم تُقَّدم في المحاكمة أي أدلة مباشرة على أن إعلان المسؤوليةكان زائفًا.
233- ومامندليلمباشرأيًضايربطالسيدأبوعدسبمسرحالجريمة.والدليلالوحيدهوظهورهفيالفيديو.
234- والدليلالوحيدعلىوجودالجماعةالمذكورةأوعدموجودهامصدرهالسيدبنجدوالذيقالفيشهادتهإنهلميُسَمع باسم هذه الجماعة قبل إعلان المسؤولية ولا بعده.
45
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ِّ
235- وقد يكون السيد أبو عدس انضم طوًعا إلى جماعة جهادية وهمية – أو ربما ُخيل إليه أنه انضم إلى جماعة جهادية حقيقية
– وشارك بملء إرادته في تسجيل شريط فيديو لإعلان المسؤولية عن اعتداء قبل وقوعه. ولعله تعرض لخديعة َحملَته على تسجيل شريط الفيديو، وذلك لأسباب مجهولة، أو أُرِّغم على القيام بذلك. وليست الأدلةكافيةكي تتمكن غرفة الدرجة الأولى من التوصل إلى أي خلاصات مؤكدة ترجحكفة هذا الاحتمال أو ذاك.
236- وقداقتنعتغرفةالدرجةالأولىعلىنحٍولايشوبهأيشكمعقولبأنإعلانالمسؤوليةعنالاعتداءكماظهرفيشريط الفيديو والرسالة والاتصالات الهاتفية بمكتب وكالة رويترز ومكتب قناة الجزيرة،كان إعلاًنا زائًفا. والتفسير الأرجح هو أن المسؤولين عن اغتيال السيد الحريري أرادوا تحويل الانتباه عن أنفسهم من خلال توجيه الأنظار نحو شخص يَزعم أنه يكنكرًها للسيد الحريري
بسبب روابطه مع السعودية، والإيُاء ظاهريا بأن الدافع هو الثأر لمصرع أشخاص على أيدي قوى الأمن السعودية. ً
237- ولكنلايمكنلغرفةالدرجةالأولىأنتتوصل،انطلاقًامنمجملالأدلة،إلىاستنتاجمؤكدبشأنماإذاكانالسيدأبو
ِّ
عدس قد أُرغم على المشاركة في تسجيل شريط الفيديو، أو ما إذاكان قد أقدم على ذلك طوًعا. فالاحتمالان ممكنان. وبما أن
السيد أبو عدس لا يزعم أنه الانتحاري، من الممكن أنه تعرض لخديعة حملته على تسجيل شريط الفيديو. ومن جهة أخرى، من الممكن أن يكون قد وافق على القيام بالأمر من دون الحاجة إلى التحايل عليه. ولا يتيح مضمون شريط الفيديو لغرفة الدرجة الأولى التوصل إلى استدلال يرجحكفة هذا الاحتمال أو ذاك.
238- ولايمكنلغرفةالدرجةالأولىأيًضاالتوصلإلىأياستنتاجصريحبشأنمصيرالسيدأبوعدس؛ويُرَّجحأنهتوفي،وأغلب الظن أنه توفي بعد اختفائه بوقت قصير. ولا أدلة في سجل القضية تستطيع غرفة الدرجة الأولى الاستناد إليها للتوصل إلى استنتاج مؤكد بشأن ما حل به، أو تاريخ حدوثه.
239- والسيدأبوعدسليسالانتحاري،واختفاؤهيتوافقمعاحتمالأنيكونمنفذوالاعتداءقداستخدموهلغرضإعداد
إعلان المسؤولية زورا. وتشير الأدلة أي ًضا إلى أن جماعة “النصرة والجهاد في بلاد الشام” جماعة وهمية، مما يعني أن إعلان المسؤولية ً
46
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
زوراكان فعلاً زائًفا بكلا جانبيه. ًَ
240- وحتىلوكانتخلاصةغرفةالدرجةالأولىأنالسيدأبوعدسليسالانتحاريخلاصةًغيرصحيحة،لنيطرأأيتغييرعلى الاستنتاجات بشأن المسؤولية الجنائية لكل من السادة مرعي وعنيسي وصبرا. فسواء أكان السيد أبو عدس هو الانتحاري أم لا، ليست الأدلةكافية للتمكن على نحٍو لا يشوبه أي شك معقول من إثبات مشاركتهم في التهم المنسوبة إليهم في قرار الاتهام الموحد المعدل.
241- ووفًقالمايزعمهالادعاء،استعملالسادةمرعيوعنيسيوصبراهواتفهمالخلويةالشخصيةللاتصالفيمابينهم–باستخدام
الهواتف الخلوية على أقل تقدير – من أجل تنفيذ إعلان المسؤولية زورا. ً
ٍ 242- ولكنجرىالتخلصمنهاكلهابعداغتيالالسيدالحريريبيومواحدأويوَمين.
243- وعاملالتزامنفيتوقفاستخدامالهواتفالأرجوانية،بعدسنواتعدةمنالاستخدامالنشط،ربمايشيرفعلاًإلىأن ذلك القرار اُّتخذ بعد وقوع حدث معين، بدافع الشعور بخو ٍف ما. ولكن يبدو هذا القرار، عند اتخاذه في سياق مؤامرة مزعومة استخدم المشاركون فيها شبكة هواتف سرية في باقي العمليات، قراًرا متناق ًضا يصعب تفسيره.
244- ولكنهليسفينهايةالمطافالاستدلالالمعقولالوحيدالذييمكنالتوصلإليهانطلاقًامنالأدلة.فالاستدلالالآخر هو أنهم لم يشاركوا في النشاط الجرمي المزعوم أو أنهم لم يكونوا على علٍم مسبق بما يُمله نشاط اتصالاتهم من أبعاد ودلالة. وإلا لما كانوا استخدموا هواتفهم الشخصية للقيام بتلك الاتصالات.
ِّ
245- وقداعتمدالادعاءعلىهذاالخيطمنالأدلةلدعمقضيةقائمةعلىأدلةظرفيةفيمايتعلقباستخدامالهواتفالخلوية.واستُخدم
التخلص من الهواتف للمساعدة على إثبات تورط المتهمين الثلاثة في عملية إعلان المسؤولية زورا. وفي المقابل، استُخدمت أنشطة الهواتف ً
الخلوية يوَم الاثنين 14 شباط/فبراير لإثبات أن شيئًا ما حدث واقتضى من الثلاثة التخلص من هواتفهم الخلوية في الأيام القليلة اللاحقة، وتحديًدا أنهكان لديهم سبب جرمي للقيام بذلك. وبتعبير آخر، لا يمكن النظر إلى هذين الخيطَين من الأدلة إلا بالجمع بينهما.
246- وبناءًعلىذلك،حتىلوكانتغرفةالدرجةالأولىمخطئةفيعدماستنتاجهاأنالاستدلالالوحيدالذييمكنالتوصل
ٍ
إليه على نحو معقول انطلاقًا من الأدلة هو أن التخلص من الهواتف الخلوية بعد وقوع الاعتداء بوقت قصير يعني التورط في الاعتداء،
يبقى هذا الاستنتاج من دون سياق إذا لم يُنظَر إليه مقترًنا بجميع الأدلة الأخرى المتعلقة بالمواقع الخلوية. ولكن بما أن غرفة الدرجة الأولى لم تقتنع على نح ٍو لا يشوبه أي شك معقول بأن أنشطة الهواتف الخلوية في فترة بعد الظهر من يوم 14 شباط/فبراير مرتبطة
47
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
حصرا بالمشاركة في إعلان المسؤولية زورا، لا يمكنها أن تقتنع، استناًدا إلى التخلص من الهواتف الخلوية في غضون اليومين التاليين، ًً
بأن الادعاء أثبت أنها استُخدمت في إعلان المسؤولية زورا. ً
ٍ 247- وبناءًعلىذلك،لميثبتالادعاءعلىنحولايشوبهأيشكمعقولقضيتهفيمايتعلقبمشاركةالسادةمرعيوعنيسي
وصبرا في إعلان المسؤولية زورا عن الاعتداء على السيد الحريري. ً
ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة
248- كانالانفجارالذيوقعبتاريخ14شباط/فبراير2005عملاًإرهابيًا،وفًقالتعريفالمادة314منقانونالعقوبات اللبناني، وهو عمل ُمرتكب بوسائل من شأنها أن تحدث خطًرا عاًماكالأدوات المتفجرة. وتفجير مواد شديدة الانفجار تقع زنتها بين 2500 و3000كيلوغرام من مكافئ مادة “تي أن تي”، ُوضعت في الجهة الخلفية من شاحنة خفيفة، هو عمل يندرج تماًما ضمن التعريف الوارد في المادة 314 من قانون العقوبات اللبناني بوصفه أحد الأفعال التي “تُرتكب بوسائل […] من شأنها أن
تحدث خطًرا عاًما”.
249- وكانتالأداةالمتفجرةتحتويعلىمادة”آرديإكس”الشديدةالانفجاروبكميةضخمةإلىحدأنهاكانتستؤدي حت ًما إلى سقوط الكثير من القتلى أو الجرحى ممن كانوا موجودين في الجوار عند تفجيرها. كذلك، فإن تفجير هذه الكمية الضخمة من المواد الشديدة الانفجار كان سيؤدي لا محالة إلى تدمير الأبنية والمركبات المجاورة أو إلحاق الضرر بها، وإلى إشعال حرائق. وقد
عرض الانفجار كل الممتلكات والأشخاص الموجودين في الجوار للخطر.
250- وانفجرتالموادفيشارعمكتظمنشوارعالمدينةفيمنتصفأحدأيامالعمل.وقدفُجرتعلىعلويقعبين50و80سنتيمًترا تقريبًا فوق سطح الأرض في شارع محاط بأبنية متعددة الطوابق. ونتج من ذلك “أثر أخدودي” أدى إلى تفاقم قوتها التدميرية.
251- وكانلابدمنوجودالكثيرمنالناسداخلالأبنيةأوالمارينبالمنطقةفيمركباتهمأوسًيراعلىالأقدام،ضمننطاق الانفجار، بصرف النظر عن أن الشخص المستهَدفكان السيد رفيق الحريري. وكان مئات الأشخاص من خارج موكب السيد الحريري، وهذا ما تؤكده نسبة القتلى والجرحى. فأكثر من نصف عدد قتلى الانفجار البالغ عددهم 22 شخ ًصا، فيما خلا
الانتحاري نفسه، والأكثرية الساحقة من الجرحى البالغ عددهم 226 شخ ًصا، لم تكن لديهم أي صلة بموكب السيد الحريري.
48
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ِّ
252- وكان التفجير عمًلا نُفذ بقصد إيُاد حالة ذعر. وما يثبت ذلك هوكمية المواد المتفجرة المستخدمة وقوتها، وطريقة تنفيذ
التفجير وتوقيته وموقعه، والشخص المقصود اغتياله. فتفجير هذه المواد في الظروف المذكورةكان من شأنه حتًما أن يسبب حالة ذعر وهلع، على الأقل لدى الأشخاص الذينكانوا موجودين في منطقة الانفجار. وأي شخصكان على ِّعلم بطريقة تنفيذ الاعتداء هذه لا بد أن يكون قد توقَّع هذه النتائج.
ِّ 253- وقيامانتحاريباستهدافالسيدالحريرييبينأيًضاأنالقصدمنهذاالتفجيركانإيُادحالةذعر.فقدكانمتوقًعاأن
يعلَم الناس أن انتحاريا نَّفذ الاعتداء، وأن ذلك سيؤدي أي ًضا إلى تخويفهم وترويعهم. والسيد أبو عدس أعلن صراحةً في الفيديو ً
الذي ظهر فيه أن انتحاريا نفذ التفجير. ً
ِّ 254- وكانالسيدالحريريرئيساسابًقاللوزراءفيلبنانورجًلاسياسيابارزاكانيُضر،قبلوفاته،للانتخاباتالنيابيةالمقرر
ِّ
إجراؤها في أيار/مايو 2005. ولذا، فمن المؤكد أن اغتياله، أو محاولة اغتياله، في انفجار ضخمكانا سيحدثان ضجةكبيرة ويبثان
ِّ
الخوف وشعورا بانعدام الأمان والخسارة في نفوس الكثير من اللبنانيين. وتبين الأدلة التي ق َّدمها المتضررون المشاركون في الإجراءات
ِّ
والشهود أن هذا ما حصل فعًلا. وأي شخصكان على علم بأن عملية التفجيركانت ستنَّفذ في الشارع الذي مَّر به موكب السيد
الحريري توقَّع بلا شك أن الانفجار كان سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى أو الجرحى، سواء أنجحت عملية الاغتيال أم لا.
ًًً
ِّ 255- ولميقصدإيُادحالةالذعرفيالمنطقةالمحيطةمباشرةبموقعالاعتداءفحسب،بلقصدتنفيذاعتداءمدوتترددأصداؤه
ٍ
فيكل أنحاء لبنان والمنطقة، ولم يُستهدف بآثاره مناصرو السيد الحريري وحدهم. وقد أظَهرت الأدلة المتعلقة بالخلفية السياسية للاعتداء أن الهدف المنشود منهكان زعزعة الاستقرار في لبنان عموًما.
256- وكانمنالمتوقعأنيؤديتفجيرالموادالمتفجرة،فيحدذاتهاوفيظروفتفجيرها،إلىمقتلعددكبيرمنالناسفيذلكاليوم.
257- ونظًراإلىحجممجموعةالأشخاصالمتأثرينبالانفجار،منالمرجحأنتكونأسبابنجاةالجرحىقداختلفتبينشخص وآخر. فمن المحتمل أن يكون العلاج الطبي الذي تلَّقاه البعض منهم بعد الاعتداء قد أنقذ أرواحهم. ولعل المكان الذيكان البعض الآخر موجوًدا فيه عند وقوع الانفجار جنَّبهم التعرض لإصابات خطيرة في الأساس. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة، استناًدا إلى الأدلة،
بأن هذه الظروف ومجموعة من الظروف الأخرى قد حالت دون وفاة الجرحى البالغ عددهم 226 جريًُا.
49
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ًُ
ُ
ً
المؤامرة الرامية إلى ارتكاب عمل إرهابي
ِّ 258- وجهتإلىالمتهمينالأربعةتهمةالمشاركةفيمؤامرةُزعمأنهمتوَّصلوافيإطارها،ومعهمالسيدمصطفىأمينبدرالدين
“وآخرون لا يزالون مجهولي الهوية، بمن فيهم مجموعة الاغتيال، إلى الاتفاق على ارتكاب عمل إرهابي وسيلته أداة متفجرة” بهدف اغتيال السيد الحريري. ويُزعم أن السادة عياش وبدر الدين ومرعي شاركوا في المؤامرة بين يوم الخميس 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 ويوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، في حين يُزعم أن السيدين عنيسي وصبرا شاركا في المؤامرة بين يوم الأربعاء 22
كانون الأول/ديسمبر 2004 ويوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005.
259- ولا تُثبت الأدلة مشاركة السيد عنيسي أو السيد صبرا في المؤامرة، لذا لا يتعلق ذلك سوى بأدوار السادة عياش وبدر الدين ومرعي.
260- ولا بد أن اغتيال شخصية تتمتع بحراسة وحماية مشددتين مثل السيد الحريري قد استلزم الكثير من التخطيط المحكم والتحضير المتقن في سياق هذه القضية، وقد شمل ذلك ما يلي:
جمع معلومات مف َّصلة عن تحركات السيد الحريري وموكبه، وأفراد هذا الموكب، والموضع الاعتيادي لسيارة السيد الحريري فيه؛
ِّ
إنشاء شبكات مغلقة من الهواتف الخلوية لتأمين التواصل بين كل من أدوا دورا في المخطط، سواء عن علم أم لا؛
تحديد وسيلة لتنفيذ الاغتيال؛ شراء فان الميتسوبيشي كانتر، أي المركبة التي استُخدمت في الاغتيال؛ اختيار موقع ملائم للانفجار؛ اختيار طريقة تنفيذ التفجير، بما يشمل تجنيد الانتحاري؛ تأمين المواد المتفجرة؛ التحضير لعملية إعلان المسؤولية، بما يشمل تحديد دور السيد أبو عدس فيها.
261- ولميكنمنالضروريأنيعلمكلمنأدىدورافيإطارالمخططأنهجزءمنمؤامرةهدفهااغتيالالسيدالحريري.وكان ًَ
لدى البعض على الأقل من مستخدمي شبكات الهواتف الخلوية الخضراء والحمراء والزرقاء والصفراء هدف مشترك هو اغتيال السيد
50
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ًَ
الحريري،ولكنذلكقدلاينطبقعلىجميعمستخدميالهواتف.فيبدوأنعدةأشخاصشاركوافيالأعمالالتحضيريةالأساسية،
ِّ
ولكن يرَّجح أن الأشخاص الذينكانوا بحكم الضرورة على علم بهدف المخطط، أي اغتيال السيد الحريري،كانوا أقل عدًدا.
262- واستنتجت غرفة الدرجة الأولى أن شخصين أو أكثر قد اتفقوا على ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة لاغتيال السيد الحريري. وشارك الكثير من الأشخاص في الأعمال التحضيرية للاعتداء، ومنها مثًلا أعمال المراقبة التي قام بها عددكبير من مستخدمي الهواتف الخلوية.
263- ولاتستطيعغرفةالدرجةالأولىتحديدعددالأشخاصالذينشاركواعنِّعلمفيالمؤامرةككل.وتدبيرهذهالمؤامرةكان يستلزم ِّعلم بعض هؤلاء “الأشخاص”، لا جميعهم بالضرورة، بأن المؤامرة لارتكاب عمل إرهابيكانت تستهدف السيد الحريري. ولا بد أن الأفراد الذين تولوا مراقبة تحركات السيد الحريري فيكانون الأول/ديسمبر 2004 وكانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2005
كانوا يعلَمون أن أعمال المراقبة استهدفت السيد الحريري وموكبه.
264- ولا بد أن مستخدميكل الهواتف الخلوية الحمراء والزرقاء والصفراء الأساسية الذين قاموا بمراقبة السيد الحريري وبرصد
ِّ
تحركاته، ومن ضمنهم السيد عياش،كانوا يعلَمون أن السيد الحريريكان الشخص المراقَب. ومع أنه لم تكن ثمة ضرورة لعلمهم
بالسبب المحدد للمراقبة، لا بد أنهمكانوا شركاء موثوقًا بهم، وذلك ربما بسبب انتسابهم إلى منظمة واحدة.
265- ولاشكفيأنمستخدميالهواتفالخلويةالحمراءالأساسيةالستةكانوايعرفونهويةالشخصالذيكانوايتعَّقبونهيوم وقوع الاعتداء، وذلك من خلال الأعمال التي قاموا بها يومذاك ومن خلال دورهم في عمليات المراقبة التي سبقت ذلك اليوم. أما فيما يتعلق بإعلان المسؤولية عن الاعتداء، فلا بد من أن أي شخصكان على عِّلم بمضمون شريط الفيديو أو الرسالة المرفقة به قبل وقوع الاعتداء كان يدرك أن السيد الحريري هو الضحية المستهدفة بعملية “استشهادية”، وهي العبارة التي استُخدمت في فيديو
ِِّّ
إعلان المسؤولية، أو بعملية انتحارية. ولكن العلم بهذا الواقع وحده لا يعني بالضرورة العلم بأن السيد الحريريكان سيُقتل في اعتداء
إرهابي ينَّفذ باستعمال أداة متفجرة، لا بطريقة أخرى مثل إطلاق النار عليه في مكان عام. فلم يُشر في الفيديو إلى طريقة اغتيال السيد الحريري ولا إلى تاريخ اغتياله.
51
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
266- وبقطعالنظرعمنفَّجرالموادالمتفجرةالتيكانتمخبأةفيفانالكانتر،فإنهذاالشخصكانيعلَمأنهسيفجرهذه المواد في مكان عام بطريقة يُقصد بها نشر الذعر، وأن ذلككان سيؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى. ولا بد أن ذلك الشخصكان يعلَم أي ًضا أنه سيفجر المواد المتفجرة لدى مرور موكب السيد الحريري وأن الاعتداء كان يستهدف هذا الموكب. وكان على سائق فان الكانتر أن يسير باتجاه موكب السيد الحريري لدى مروره بالقرب من فندق السان جورج وأن يفجر المواد المتفجرة. وبعد استبعاد احتمالات أخرى باعتبارها احتمالات غير منطقية على ضوء الأدلة، استنتجت غرفة الدرجة الأولى، على نحو لا يشوبه أي شك معقول، أن الانتحاري قام بتفجير المتفجرات بنفسه. ولذا، فإن هذا الانتحاري كان شري ًكا في المؤامرة، من الناحية القانونية على
الأقل. وبما أنه لم يتم التعرف على جثته، تبقى هويته مجهولة.
267- ولا تثبت الأدلة ِّعلم الرجلين اللذين اشتريا فان الكانتر في طرابلس، في منتصفكانون الثاني/يناير 2005، بأنهكان سيُستخدم في الاعتداء على السيد الحريري، ولا بأنهكان سيحَّمل بمتفجرات من مادة “آر دي إكس” أو من نوع آخر وأنه سيُستخدم في الاعتداء بهذه الطريقة.
268- وليسفيالأدلةالمتعلقةباستخدامالهواتفالخلويةمايتيحإقامةرابطمباشربينالسيدعياشأوأيمتهمآخروعملية
شراء الفان. ومن المحتمل أن يكون مشتريا فان الكانتر – أو أحدهما على الأقل – قد علِّما بوضع متفجرات من مادة “آر دي
ِّ
إكس” في الفان أو أن يكونا قد شاركا في وضعها في هذا الفان. ومن المحتمل أي ًضا ألا يكونا قد علما بذلك ولا شاركا في وضع
هذه المتفجرات في الفان.
269- ولكنفانالكانترلميُبعللشاريينحتىيومالاثنين17أويومالثلاثاء25كانونالثاني/يناير2005.والهاتفالأخضر الخاص بالسيد عياش كان في طرابلس يوم 11 كانون الثاني/يناير. وربما كان السيد عياش موجوًدا هناك بحثًا عن مركبة يمكن استخدامها في الاعتداء. ولعلهكان موجوًدا هناك لسبب آخر.
270- ويبدومنطقيًاأنيكونالأشخاصالمتورطونفيمخططاغتيالالسيدالحريريقدشاركوا،بطريقةأوبأخرى،فيعملية شراء فان الكانتر وأنهم فعلوا ذلك بانضباط. وقد اختاروا هذا المعرض المحدد للشاحنات في طرابلس على الأرجح لأنه كان يتقاضى ثمن شاحناته نقًدا ويطلب القليل من الوثائق من دون التحقق من هوية الشارين. وفضًلا عن ذلك، فإن وجود المعرض في طرابلس
52
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أتاح للشاريَين،كما يزعم الادعاء، الابتعاد عن بيروت حيث تَقَّرر تنفيذ الانفجار. ولكن لم تكن ثمة ضرورة لأن يكون الشخصان
ِّ
اللذان اشتريا فعًلا فان الكانتر على علم بهدف المؤامرة.
271- ولعلالمؤامرةكانتضيقةالنطاقولمتضمسوىبضعةشركاء،أولعلهاكانتأوسعنطاقًاولكنذاتعضويةمحدودة
أي ًضا، ولم تضم ربما سوى نحو عشرة أعضاء، مثلما يزعمه الادعاء. ووفًقا للفرضية الثانية، اضطلع هؤلاء الشركاء بأدوار مختلفة،
ِّ
ولكنكل دوركان مهًما لنجاح المخطط ومتسًما بما يكفي من الأهمية لعلمكل شريك من الشركاء بالعناصر الأساسية للمخطط
قبل تنفيذ اعتداء 14 شباط/فبراير 2005. وبعبارة أخرى، لم يكن هؤلاء الشركاء على ِّعلم بتركيز أفعالهم على السيد الحريري
ِّ
فحسب، بل كانوا أي ًضا على علم بهدف اغتيال السيد الحريري وبطريقة بلوغ هذا الهدف.
272- ومن المرجح أن الشركاء في المؤامرة قد شملوا بع ًضا من الأشخاص الذين نَّفذوا الاعتداء الإرهابي أو جميعهم، بما يشمل مستخدمي الهواتف الخلوية الحمراء الأساسية الستة في 14 شباط/فبراير 2005، والانتحاري الذي يُعد شري ًكا بموجب القانون على الأقل. وُيُتمل أن يكون هؤلاء الشركاء قد شملوا أي ًضا الرجلين اللذين اشتريا فان الكانتر والشخص أو الأشخاص الذين حمَّلوه بالمتفجرات. ومن الممكن أن تكون هذه المؤامرة قد شملتكذلككل َمن أقنع أشخا ًصا آخرين بالاضطلاع بالأعمال اللازمة للتحضير للاعتداء وتنفيذه أو أعطاهم توجيهات للاضطلاع بها، حتى إن لم يشارك مباشرةً في أي من تلك الأعمال بنفسه. وربما
ضمت المؤامرة أي ًضا كل من تولى إعداد إعلان المسؤولية زورا عن الاعتداء. ًَ
273- ومنالواضحأنالقصدمننشرإعلانالمسؤوليةكانتحويلالانتباهعنمنفذيالاعتداءوتجنبكشفأمرهموتوقيفهم، ولكن قد يكون المتآمرون قد قصدوا أي ًضا إيُاد حالة ذعر من خلال بث إعلان تتبنى فيه جماعة جهادية مجهولة وهمية مسؤولية الاعتداء.
274- وانطوىإعدادإعلانالمسؤوليةزوراعلىارتكابأعمالجرميةخطيرة،بمافيهاالخطفوالقتلالمحتملانللسيدأبوعدس ً
الذي اختفى في منتصف كانون الثاني/يناير 2005. وقد استلزم التخطيط لإعلان المسؤولية ونشره، بما يشمل تدريب السيد أبو عدس قبل تسجيل الفيديو ثم تصويره، سرية تامة ومهارات خاصة. ولا شك في أن شخ ًصا واح ًدا على الأقل ممن شاركوا في هذه الأعمال كان على ِّعلم بارتباطها بالاغتيال المزمع للسيد الحريري قبل تنفيذه. لكن لم تح َّدد طريقة اغتيال السيد الحريري في
53
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
الفيديو ولم يُشر فيه إلى أي انفجار.
ِّ 275- ولاشكفيأنَمنأعدالفيديوكانعلىعلمبارتباطهبالاغتيالالمزمعللسيدالحريري.ومنالمنطقأنيكونأكثرمن
ِّ
شخص واحد قد شارك في إعداد الفيديو وفي تدريب السيد أبو عدس على الدور الذي أداه فيه. ولكن لا تو َجد أي أدلة تبين متى
حصل ذلك. والأرجح أن يكون هذا الفيديو قد أُعد ما بين يوم الأحد 16 كانون الثاني/يناير 2005، وهو التاريخ الذي غادر فيه السيد أبو عدس منزله، ويوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، وهو التاريخ الذي وقع فيه الاعتداء. ولكن التاريخ المحدد الذي ُسجل فيه هذا الفيديو يبقى موضع تكهنات لأن لا شيء يربط أًيا من المتهمين بأي أعمال متصلة بإعداد الفيديو، بما في ذلك
التاريخ والمكان اللذان أُعد فيهما وكيفية إعداده.
276- وفضًلا عن مستخدمي الهواتف الخلوية الحمراء الأساسية الستة، والانتحاري، ومن قام بشراء فان الكانتر أو بتحميله َ
بالمتفجرات، وَمن أعد الإعلان الزائف، وَمن أعطى التوجيهات، من المحتمل أن يكون أشخاص آخرون مجهولو الهوية قد ساعدوا على التحضير للاعتداء، وأنهم كانوا، بموجب القانون، شركاء في المؤامرة. ولكن من الممكن أي ًضا التوصل إلى استدلال بديل، استنا ًدا إلى الأدلة، وهو أن مجموعة فرعية أصغر كث ًيرا من حيث العدد كان لدى أعضائها العلم اللازم لإطلاق صفة المتآمرين عليهم. ومن
المعقول القول بأن المؤامرة لم تضم إلا أولئك الذينكان لا بد لهم قطعًا أن يعلموا بهدف عملية الاغتيالكي يؤدوا دورهم فيها.
277- ولذلك،منالمحتملأيًضاأنيكونالمتآمرونقدعمدواإلىإبقاءذلكالهدفسًّرالايعلمهأكبرعددممكنمنالمتورطين، فلجأوا إلى القيام بأنفسهم بمهمات رئيسية مثل تجميع الأداة المتفجرة، أو تقييد تدفق المعلومات بين عناصرهم، أو إلى الاثنين مًعا. وربما سهل ذلك تنظيم الاتصالات في الشبكات تنظي ًما هرميًّا مقس ًما إلى أقسام متخصصة.
278- وإذاكانتالعضويةفيالمؤامرةقدقامتعلىأساس”العلمبمايلزمالعلمبه”،فإنذلكيستبعدعدةمتآمرينمحتملين. أولاً، إن شخ ًصا مكلًفا فقط بالقيام بالمراقبة قبل يوم الاعتداء لا يُتاج إلى العلم بأن هدف الاعتداء هو اغتيال السيد الحريري. بل ربما لم يكن هذا هو الغرض الوحيد لكثير من عمل المراقبة.
279- لذلكلمتستطعغرفةالدرجةالأولىأنتستنتجأنجميعأولئكالذينشاركوافيالمراقبةكانوايعلمونأنهميشاركونفيالمؤامرة المزعومة. بل من المعقول أن يكونوا قد ظنوا أنهمكانوا يقومون بمجرد رصد عادي لتحركات السيد الحريري بالنظر إلى مكانته وإلى المناخ
54
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
السياسي السائد. وهذا الاستدلال الممكن تؤيده أي ًضا الأدلة على أن السيد الحريريكان يعتقد أنه قيد المراقبة. ومن المؤكد أن فريقه الأمنيكان يعتقد ذلك، ولا بد أنهمكانوا قد وضعوا ذلك في الحسبان عندما اتخذوا تدابير حمايته في الأشهر السابقة لوفاته.
280- ومن الطبيعي القول بأنكل الذين اشتركوا في المراقبةكانوا حتًما موضع ثقةكافية لحملهم على عدم الكشف عن أدوارهم في المشروع بعد أن يصبح بينًا عقب الاعتداء. وبعبارة أخرى،كان من شأن أي من الأشخاص الذين اشتركوا في مراقبة السيد الحريري قبل14شباط/فبراير2005مستخدمينهواتفخلويةصدرتلهمتعليماتبالتخلصمنهاأوبإعادتهالاحًقاإلىشخصيُمعها، أن يكون قد أدرك بعد الانفجار على الأقل أن أنشطة المراقبة التي شارك فيها كانت ذات صلة بالاعتداء. فماكان ممكنًا أن يُكلف بمهمةكهذه إلا منكانوا من الشركاء الموثوق بهم. ولكن هذا لا يعني أنه لا بد أي ًضا أن يكونواكلهم قد ائتُمنوا، قبل الاعتداء، على
معلومات بأن الاعتداء سوف يقع، أو معلومات عنكيفية وتاريخ وقوعه، ولا يعني أنهم وافقوا على ارتكاب هذا الاعتداء.
281- وعلى نحو مماثل، فعلى الرغم من أن الأشخاص الذين اقتصر دورهم إما على إعداد إعلان المسؤولية أو تجهيز الأداة المتفجرة ربما كانوا – إن كان لهم وجود – على إدراك كامل لهدف المؤامرة، إلا أن الأدلة لا تثبت أن إدراكهم هذا كان حتميًّا.
282- بلمنالمحتملأيًضاعلىنحومعقولأنيكونشخصمتورطفيالمؤامرةقدالتقىالسيدأبوعدسفيمسجدجامعة بيروت العربية واستدرجه إلى الخروج من منزله، لكنه لم يكن يعلم أن هذه الأفعال كانت مرتبطة بالاغتيال المزمع للسيد الحريري، وأنه كان سيُقتل تحديًدا بأداة متفجرةكبيرة.
283- ولمتتسلمغرفةالدرجةالأولىأيدليليمكنأنتستنتجمنهمتىوأينوكيفأصبحتالمتفجراتفيفانالكانتر.والأدلة لا يمكن أن تثبت إلا أن ذلك قد حصل حتًما بين يوم الاثنين 17كانون الثاني/يناير ويوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005. ولأسباب تتعلق بأمن وسلامة العملية، ربما يمكن القول بقدركا ٍف من الثقة أن المواد المتفجرة لم ُتحمل على متن الشاحنة الخفيفة
إلا بعدما اُّتخذت قرارات جازمة بشأن استخدام الكانتر ووقت استخدامه.
284- وعلاوةعلىذلك،فإنمنوضعالمتفجراتعلىمتنالكانتر،أًياكانواضعها،لميكنعليهأنيعرفالسبب،وهوأن
ِّ مفجًرا انتحارًّيا سيقودها إلى موكب السيد الحريري، ولا أن يعرف حتى أنها سوف تُفجر في مكان عام. ووضع متفجرات على متن
شاحنة وتفجيرها في مكان آخر ليسا بالضرورة نشاطين متصلين، خصو ًصا وأن الوقت الذي ُوضعت فيه المتفجرات على متن
55
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
الكانتر مجهول. ولكن الأرجح بدرجة كبيرة هو أن من فعل ذلك كان متورطًا في المؤامرة. وكان ذلك نشاطًا أساسيًّا في المؤامرة، وكان ينبغي لعملكهذا أن يكون بحكم الضرورة مقتصًرا على الضالعين في المؤامرة.
285- وذلك لسبب واضح هو أنكل من ساعد بغير علمكان سيدرك ما فعله فور وقوع الانفجار، مما قد يخل بسرية العملية.
286- ولكنقديكونعنصرموثوقبهقدُكلفبمهمةوضعالمتفجراتعلىمتنالكانترمندونإعلامهالسببتحديًدا،ومع ذلك يظل موضع ثقةكافية بأنه لن يكشف ذلك لاحًقا. ويرجح أن حجم المتفجرات لا يقل عن 1.3 متر مكعب وأن وزنها ناهز طُنَّين. ومجرد وضع أو تحميل هذه الكمية من مادة “آر دي إكس” على متن الكانتركان بحد ذاته عمًلا من شأنه أن يثير الشك.
287- ويشير ذلك أي ًضا إلى تورط أشخاص في المؤامرة يُمعهم قاسم مشترك مثل العضوية في منظمة، هي منظمة متماسكة ومحكمة يُكلف فيها عناصر موثوق بهم بمهمات حساسة محددة. ولذلك فإن غرفة الدرجة الأولى تعتقد أن الاستدلال المنطقي الأقوى الذي يمكن استخلاصه من الأدلة الموجودة هو أن الذين وضعوا المتفجرات على متن الكانتر، أًّياكانوا، هم إما جزء من المؤامرة أو محل ثقةكافية لضمان ألا يكشفوا عن دورهم فيها. ولكن غرفة الدرجة الأولى ليست مقتنعة بأنها تستطيع أن تحدد أي الحالينكان قائًما في الواقع، هذا إنكان أحدهما قائًما فعًلا. فليس لديها ببساطة أي أدلة مباشرة تثبت أًيا من الاحتمالين. وإضافة إلى ذلك، لا توجد أدلة ظرفية يمكن الاستناد إليها للتوصل إلى استدلال يثبت الطريقة التي ُوضعت بها مادة “آر دي إكس” على
متن الكانتر، أو من وضعها على متنه.
288- وسواءأكانتالمؤامرةمقتصرةعلىشخصينأمأكثر،فمنالممكنأنيكونأعضاؤهاقدقرروامًعااغتيالالسيدالحريري في انفجاركبير في مكان عام قبل بدء المراقبة بواسطة الهواتف الخلوية الحمراء والزرقاء والصفراء أو قبل بدء أي عمل تحضيري آخر.
289- ولكنمنالممكنأيًضاأنيكونالمتآمرونقدتوصلواإلىذلكالقرارفيوقتلاحق،وربمامتأخرحتىمنتصفكانون الثاني/يناير 2005، وهو أبكر تاريخ في الأدلة يمكن أن يكون قد بدأ فيه تجهيز الكانتر للاعتداء. وأما لو كانت المؤامرة مؤامرة أكبر فلكان من الممكن أن ينضم إليها بعض الأعضاء مثل بعض مستخ ِّدمي الهواتف الخلوية الحمراء بعد تشكيلها بوقت طويل، وربما لم يعلموا حتى الهدف الكامل أو الحقيقي إلا في صباح يوم الاعتداء. وجميع هذه السيناريوهات ممكنة على أساس الأدلة،
وينطبق على أ ٍي منها تعريف المؤامرة وهو أنها اتفاق لارتكاب الجريمة المزعومة.
56
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
290- واغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق لم يُدث بمعزل عن أي سياق، ولم ينظمه المستخ ِّدمون الأساسيون الستة للشبكة
الحمراء. فالأدلة السياسية والأدلة المتعلقة بالخلفية تشيران إلىكون هذا الاغتيال عمًلا سياسيًّا أداره أولئك الذين شكل السيد الحريري
ِّ تهديًدالأنشطتهم.ولايوجددليلعلىأنهذهالفئةتشملالسيدعياشأوالمستخدمينالخمسةالآخرينللهواتفالحمراءالأساسية.
والأدلة تدل على تورطهم في المؤامرة على الأقل يوَم 14 شباط/فبراير 2005 والفترة التي سبقته مباشرة، ولكن الأدلة لا تثبت على نحو مؤكد َمن وجههم إلى قتل السيد الحريري ثم تصفيتهكخصم سياسي.
سليم جميل عياش
291- إنالأدلةالتيتربطالسيدعياشبالاعتداءعلىالسيدالحريريناشئةعناستخدامههاتفهالخلويالأحمر071.وبدونه لا يوجد دليل يربطه بالانفجار الذي وقع في 14 شباط/فبراير 2005. وهو لم يفجر المواد المتفجرة بيديه.
292- وقد استُخدمت الشبكة الحمراء في الاغتيال. وعملتكشبكة مغلقة ثم توقفت عن العمل قبل الاعتداء مباشرة، بعد أن استُخدمت في الشهر السابق في مراقبة السيد الحريري وتحركات موكبه.
293- وفييومالاعتداءعملتهذهالشبكةعلىنحومكثف.وكانمستخِّدموالهواتفالخلويةللشبكةالحمراءموجودينقرب قصر قريطم أو في منطقته بَُعيد مغادرة السيد الحريري مباشرة في اتجاه مبنى مجلس النواب، وكانوا يراقبونه في مجلس النواب في أثناء وجوده في منطقة المجلس. ولا بد أنهم ساعدوا أي ًضا في تحضير الكانتر للاعتداء في مسرح الجريمة. وتوافق غرفة الدرجة الأولى على وصف
الادعاء للشبكة الحمراء بأنها “فريق الاغتيال” على النحو الوارد في قرار الاتهام الموحد المعدل وفي مذكرة الادعاء الختامية للمحاكمة.
294- والخلاصة المعقولة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها استناًدا إلى الأدلة هي أنه يوَم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، تعقبت الهواتف الخلوية الحمراء حركة السيد الحريري وموكبه، ونبهت الآخرين إلى موقعه واستعدت للمراقبة وتنفيذ الاعتداء على طول الطريق الذيكان متوقًَّعا أن يسلكه. ولا بد أن الهدف من ذلك أي ًضاكان ضمان إحداث التفجير في وقت مرور الموكب
بالضبط. وكان مستخ ِّدمو الهواتف الخلوية الحمراء قد أعدوا للاعتداء بعمليات مراقبة ورصد متكررة في أيام سابقة.
ِّ 295- والسيدعياشبوصفهمستخدمالهاتفالأحمر741،والهاتفالأزرق233،والهاتفالأخضر300،كانحتًماأحد
المتآمرين الرئيسيين. وكان الشخص S6، مستخدًما الهاتف الأحمر 678 والهاتف الأزرق 610، متآمًرا أي ًضا. وعلى وجه العموم،
57
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ِّ
فإن غرفة الدرجة الأولى مقتنعة أي ًضا بأن مستخدمي الهواتف الخلوية الحمراء الأساسية الستة قد قاموا بالدور الذي يزعم الادعاء
أنهم قاموا به باعتبارهم “فريق اغتيال”، وذلك بسبب أنشطتهم في 14 شباط/فبراير 2005 ومراقبتهم السيد الحريري في الأسابيع السابقة لذلك اليوم. وقد اتفقوا جمي ًعا عن علم على قتل السيد الحريري باستعمال أداة متفجرة؛ إ ًذا هم متآمرون.
296- وحتىلوأبقيتالمؤامرةضمنحلقة”ضيقة”عنقصد،فإنمستخِّدميالهواتفالخلويةالحمراءالأساسيةالستةكانوا مشاركين في المؤامرة. وأُجريت بواسطة بعض تلك الهواتف الخلوية اتصالات أكثر كث ًيرا مما أُجري بواسطة هواتف أخرى في 14 شباط/فبراير 2005. وأدت هذه الهواتف الستة كلُّها دورا حاسمًا في تنفيذ الاعتداء.
ِّ 297- وتشيرالأدلةأيًضاإلىأنمستخدميكلهاتفمنالهواتفالحمراءكانوايعلمونمسبًقاأيًضاأنهدفتعقبهمالسيد
الحريري في ذلك اليوم كان قتله باستعمال أداة متفجرة في مكان عام. وإضافة إلى أوقات وأماكن إجرائهم وتلقيهم اتصالات في ذلك
ِّ
اليوم، فإن الجدير بالاهتمام بوجه خاص هو أن مستخدميكل هاتف من الهواتف الحمراء الأساسية توقفوا نهائيًا عن استخدام هذه
الهواتف قبل الاعتداء بوقت قصير. ومن غير المحتمل أن يفعل جميعهم ذلك إذا لم يكن بعضهم يعلم أن وقوع الاعتداءكان وشي ًكا.
298- فأيمستخِّدملهاتفخلويفيأيشبكةسريةكانلهدورإشرافي،أيشخصلميكنيبلغعنالتطوراتفحسببل كان ينسق بين آخرين ويوجههم و/أو يشرف عليهم، لا بد أنه كان يعلم عن المهمة أكثر من المستخ ِّدمين الذين يتبعون توجيهاته. وكلما تكثفت اتصالات ذلك المستخ ِّدم بمستخ ِّدمي هواتف خلوية آخرين في الشبكة وبشأن الأعمال اللازمة لتحضير ثم تنفيذ
الاعتداء الإرهابي لقتل السيد الحريري،كان من الأرجح أنهمكانوا يعلمون أن الهدف العام للمهمةكان هذا الاعتداء.
299- وهذهالصورةمطابقةلأوصافالسيدعياشباعتبارهمستخِّدمالهاتفالأحمر741.وحركةاتصالاتهذاالهاتفالخلوي في الساعات السابقة لوقوع الاعتداء في 14 شباط/فبراير 2005 هي في حد ذاتها حركة تجعل من المستبعد ألا يكون مستخدم الهاتف على علم بهدف المؤامرة آنذاك.
300- واتصالاتمستخِّدمالهاتف741بثلاثةهواتفخلويةحمراءأساسيةأخرىفيصباحذلكاليومحثتمستخدميها على الانتقال إلى منطقة مجلس النواب، وبذلك انطلقوا في تنفيذ العملية. وغرفة الدرجة الأولى مقتنعة بأن هذا هو الاستدلال المعقول الوحيد الذي يُستخلص من الأدلة.
58
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
ِّ
301- وتؤيد هذه الأدلة أي ًضا الاستدلال بأن مستخدم الهاتف الأحمر 741 نسق على الأقل بعض أعمال تنفيذ الاعتداء.
وكانت أي ًضا اتصالات الهاتف الأحمر 741 داخل الشبكة الحمراء في يوم الاعتداء اتصالاتكثيرة على نحو فريد، فالهاتف الأحمر 741 وحدهكان له اتصالات معكل هاتف آخر من الهواتف الحمراء الأساسية. وعلاوة على ذلك،كان للهاتف الأحمر 741 في أربعة أيام مختلفة قبل 14 شباط/فبراير 2005 اتصالات بعدد من مستخ ِّدمي الهواتف الحمراء الأخرى في الوقت ذاته الذي
أجروا فيه المراقبة المتحركة.
302- ولهذهالأسبابوأسبابأخرى،فإنغرفةالدرجةالأولىمقتنعةعلىنحولايشوبهأيشكمعقولبمشاركةالسيدعياش في المؤامرة المزعومة. وهذا هو الاستدلال المعقول الوحيد الذي يمكن استخلاصه من مجمل الأدلة.
303- وفيمايتعلقبتاريخبدءالمؤامرة،لايمكنالوقوععلىتاريخمحدداتفقفيهالمسؤولونعنتنظيمالمؤامرةعلىاغتيالالسيد الحريري. وربما تكونت لديهم نية قتله بدايةً في أواخر عام 2004، نظًرا إلى ما شهده ذلك الوقت من مناخ سياسي متقلب وأحداث عقب تمديد ولاية الرئيس لحود. ومن التطورات السياسية الأخرى التي وصفتها غرفة الدرجة الأولى أنه بحلول ذلك الوقت الذي عقد فيه لقاء البريستول اجتماعيه الأولين في 22 أيلول/سبتمبر و13 كانون الأول/ديسمبر 2004، كان السيد الحريري يخطط لخوض
الانتخابات مرة أخرى وكان معلوًما أنه يرغب في الحد من الهيمنة السورية على لبنان.
304- ومنحيثالوقائع،يبينالآتيأنالتخطيطلاعتداءمحتملعلىالسيدالحريريكانلابدلهأنيبدأعلىالأقلفيمنتصف كانون الثاني/يناير 2005: اشُتريَت الأجهزة الهاتفية وبطاقات وحدة تعريف المشترك الخاصة بالشبكة الحمراء في طرابلس في أواخر كانون الأول/ديسمبر 2004 – أوائل كانون الثاني/يناير 2005، و ُشغلت في 4 كانون الثاني/يناير 2005. والشبكة الحمراء، أي فريق الاغتيال الذيكان السيد عياش عضًوا فيه، بدأت مراقبة تحركات السيد الحريري في يوم الجمعة 14كانون الثاني/يناير، واستمرت هذه المراقبة حتى وفاته. واختفى السيد أبو عدس يوَم الأحد 16كانون الثاني/يناير، وأُعد شريط الفيديو بين تاريخ اختفائه وتاريخ
الاعتداء. واشُتريَت الكانتر إما في 17 وإما في 25كانون الثاني/يناير، ولكن على الأرجح في 25كانون الثاني/يناير.
305- ومنالمحتملجًداأنيكونالمسؤولونعنتنظيمعمليةاغتيالالسيدالحريريقدقررواقتلهفقطفيحالمواصلةمساره السياسي المتوقع في اتجاه الابتعاد عن سوريا، وقد بدأوا تحضيراتهم لذلك بحلولكانون الثاني/يناير 2005 على أقل تقدير. ولا بد
59
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
أن هؤلاء المسؤولينكانوا يعلمون أن اغتيال رئيس الوزراء السابق الذي ربما يكون المقبل أي ًضا هو عمل قد تكون له عواقبكبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. وما كانوا ليقرروا تنفيذ الاغتيال إلا بعد أن قاموا بتحليل دقيق للمنافع والأضرار وجدوا فيه أن منافع تصفية السيد الحريري تفوق أضرارها بدرجة كبيرة.
306- وعلىالرغممنتنفيذهذهالخطواتالتحضيرية،فهيلمتؤدحتًما،فرادىأومجتمعة،إلىاغتيالالسيدالحريري.وكان من الممكن إعداد شريط الفيديو وعدم استعماله إطلاقًا، إذ كان واض ًحا أن السيد أبو عدس يمكن الاستغناء عنه؛ وكان من الممكن شراء فان الكانتر ثم استعماله لغرض آخر أو بيعه؛ والمعلومات المكتسبة من المراقبةكان يمكن تخزينها لاستخدامها في المستقبل. وكان من الممكن وقف الاعتداء المحتمل المزمع في أي وقت. والأرجح أن المسؤولين عنهكانوا مستعدين لسلوك أي من السبيلين،
أي لمواصلة الاعتداء عند الضرورة أو لإلغائه.
307- وهذاالقراربقتلالسيدالحريري،وفيانفجارهائلفيمكانعام،ماكانليُتخذبخفة.فقدكانللحريريالعديدمن الحلفاء والمعارف النافذين على الصعيدين الإقليمي والدولي، ومنهم حلفاء ومعارف في الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والأمم المتحدة. إذن من المرجح ج ًدا أن قرار السير بالتنفيذ لم يتخذ إلا في شباط/فبراير 2005 بعد الاجتماع الثالث للقاء البريستول الذي عقد يوم الأربعاء 2 شباط/فبراير 2005. وكان السيد الحريري قد أرسل مندوبيه إلى الاجتماع. وفي هذا الاجتماع الثالث اتفق المشاركون على الدعوة إلى الانسحاب الفوري والكامل لجميع القوات السورية من لبنان، وهو موقف كان السيد الحريري قد اتخذه حينذاك، بحسب أصدقائه المؤَتمنين. ودعوا أي ًضا إلى تفكيك الجهاز الأمني السوري في لبنان، مدعومين في
ذلك دع ًما ضمنيًّا من السيد الحريري.
308- واللافت للانتباه أن الاجتماع عُقد في اليوم الذي أعقب اللقاء الأخير بين السيد الحريري ونائب وزير الخارجية السوري السيد وليد المعلم خلال زيارته إلى منزل السيد الحريري يوم الثلاثاء 1 شباط/فبراير 2005. والنص الحرفي للتسجيل الصوتي للقاء يكشف أن السيد الحريري قال للسيد المعلم: “لبنان ما رح ينحكم من سوريا للأبد”، لأن ذلك “ما عاد يصير”، و”ما عاد قادر احتمل
الأمر” من سوريا، و”أنا صار ثلاثة أرباعي بالمعارضة”، و”أنت بتعرف أنه في تدخل بالصغيرة والكبيرة بالبلد”.
60
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
309- وبالرغممنإقدامالسيدالمعلمعلىلقاءالسيدالحريري،فإنلقاءالبريستولصعدموقفهكثًيراإزاءالتدخلالسوريفي لبنان، وذلك في بيانه العلني المنشور يوم الخميس 3 شباط/فبراير 2005 مقارنة ببياناته السابقة. وحينذاك كانت شريُة واسعة من الطبقة السياسية اللبنانية تنادي بالتطبيق الكامل لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية عام 1989 وبانسحاب سوريا من لبنان
سياسيًّا وأمنيًّا وعسكريا. ً
310- لذلكفإنغرفةالدرجةالأولىمقتنعة،استناًداإلىتلاقيهذهالأحداث،بأنالقرارالنهائيلارتكابالعملالإرهابيلم يُتخذ إلا في الأسبوعين السابقين لوفاة السيد الحريري. وهذا هو الاستدلال المعقول الوحيد الذي يمكن استخلاصه من الأدلة.
ِّ 311- ونظًراإلىدورالسيدعياشفيالمؤامرة،باعتبارهمستخدمالهاتفالأحمر741،والهاتفالأزرق233،والهاتفالأخضر
300، فلا بد أنه قد عرف، قبل الاعتداء بمدة ما، هدف هذه المؤامرة، سواء أكانت مشروطة بظرف أم نهائية. وكان ذلك على الأرجح في فترة تقع ما بين منتصف وأواخركانون الثاني/يناير 2005كحد أقصى، نظًرا إلى أن فان الكانتر قد اشُتري في أغلب الظن في 25 كانون الثاني/يناير، وإلى إمكانية أن تكون الأعمال التحضيرية لاستخدامه في الاعتداء قد بدأت في ذلك الوقت. والأدلة المتوافرة لا تمكن غرفة الدرجة الأولى من تحديد ما إذا كان السيد عياش باعتباره مستخ ِّدم الهاتف الأحمر 741، والهاتف الأزرق 233، والهاتف الأخضر 300، قد فعل أي شيء فيما يتعلق إما بإعلان المسؤولية زورا أو بتحضير فان الكانتر والأداة
المتفجرة. وعلى أي حال، فإنها ليست بحاجة إلى القيام بذلككي تحدد مسؤوليته الجنائية.
312- ولأغراضالمسؤوليةالجنائيةللسيدعياش،يكفيمنالناحيةالقانونيةأنتجدغرفةالدرجةالأولىأنالأدلةتثبتعلىنحو لا يشوبه أي شك معقول أنه كان قد وافق، بحلول يوم الاعتداء وهو الاثنين 14 شباط/فبراير 2005، على ارتكاب الجرائم التي اُّتهم بارتكابها. لذلك فإن غرفة الدرجة الأولى تستنتج أن السيد عياشكان عضًوا في المؤامرة من حيث أنه وافق على ارتكاب العمل الإرهابي المتهم بارتكابه، وذلك منذ أوائل شباط/فبراير على الأقل وحتى يوم الاثنين 14 شباط/فبراير 2005 على أبعد تقدير.
والغرفة مقتنعة بأن هذا هو الاستدلال الوحيد الذي يمكن استخلاصه على نحو معقول من مجمل الأدلة.
61
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
313- وعليه،فإنغرفةالدرجةالأولىقداقتنعتعلىنحولايشوبهأيشكمعقولبأنالسيدعياشكانتلديهالمعرفةاللازمة بأن من شأن الأداة المتفجرة أن تحدث خطًرا عاًّما. وهذه هي الخلاصة المعقولة الوحيدة التي يمكن التوصل إليها استناًدا إلى الأدلة المتوافرة. وتثبت الأدلة نفسها على نحو لا يشوبه أي شك معقول أنه تصرف عن سابق علم وبنية قتل السيد الحريري باستعمال مواد متفجرة.
314- لذلك،فإنغرفةالدرجةالأولىتُقررأنالسيدعياشمذنبعلىنحولايشوبهأيشكمعقول،بصفتهشريًكا،بتهمة قتل السيد رفيق الحريري قص ًدا. وتثبت الأدلة نفسها أي ًضا على نحو لا يشوبه أي شك معقول أنه تصرف عن سابق علم، وبنية قتل 21 شخ ًصا آخر قص ًدا، ومحاولة قتل الأشخاص الآخرين البالغ عددهم 226 شخ ًصا قص ًدا. وقد قص َد السيد عياش قتل أفراد موكب السيد الحريري وأفراد الجمهور العام الذين قضوا في الانفجار، أو نتيجةً للانفجار، أو الذين أصيبوا في الاعتداء، أو توق َع على الأقل أن يُسفَر الاعتداء عن سقوط قتلى وقب َل هذه المجازفة. وتستنتج غرفة الدرجة الأولى أي ًضا، فيما يتعلق بالمصابين في
الاعتداء والبالغ عددهم 226 شخ ًصا، أنهم نجوا من الموت فقط بفضل ظروف خارجة عن سيطرة الفاعلين.
315- ومامنخلاصةمعقولةأخرىيمكنالتوصلإليهااستناًداإلىالأدلةالمتوافرة.فتفجيرشاحنةمحملةبالموادالمتفجرةفيشارع مكتظ قرب أبنية مأهولة من شأنه أن يؤدي حت ًما إلى سقوط عدد كبير من القتلى. وقد ينجو البعض من الموت، ولكن لا بد من أن تلحق بهم إصابات. ولا مفر من أن تكون بعض الإصابات بالغة. لكن سواء توفي هؤلاء الأشخاص متأثرين بجروحهم أم لا، فإن فعل الاشتراك في إحداث الانفجار هو فع ٌل من شأنه أن يسفر عن سقوط قتلى. ومن هذا المنطلق، فإن سلوك المتهم يمثل محاولة قتل عم ًدا
باستعمال مواد متفجرة. ومع أن السيد عياش لم يعمل منفردا؛ فقد أدى دورا مهما في العملية التي استهدفت السيد الحريري.
316- وقداقتنعتالغرفةعلىنحولايشوبهأيشكمعقولبأنالادعاءأثبتأنالسيدسليمجميلعياشمذنببكلالتهم المسندة إليه في قرار الاتهام الموحد المعدل.
حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا
317- كان السيد صبرا، مستخدًما الهاتف الخلوي الأرجواني 018 المنسوب إليه، والسيد عنيسي، مستخدًما هاتفه الخلوي
الشخصي الأرجواني 095، على اتصال فيما بينهما، وعلى اتصال بالسيد مرعي على الهاتف الأرجواني 231، في الفترة المشمولة
ِّ
بقرار الاتهام. وكان هاتفاهما الخلويان موجوَدين ضمن نطاق المواقع التي نُفَذت فيها أعمال ذات صلة بإعلان المسؤولية زورا، مثل
62
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
ًً
ً
ِّ
مسجد الجامعة العربية في أواخركانون الأول/ديسمبر 2004 وأوائلكانون الثاني/يناير 2005. واستُخدم الهاتفان الخلويان
ٍِّ
الشخصيان في 14 شباط/فبراير 2005 على مقربة من الهواتف العمومية المذكورة، والشجرة التي أُحضر منها شريط الفيديو.
وتوقف استخدام هاتفيهما الخلويَّين الشخصيَّين بُعيد وقوع الاعتداء.
318- وليسهذاالسلوككافيًالإثباتإقدامهذينالمتهَمينعلىأعمالساعدتالفاعلينفيالتحضيرللاعتداءأوساعدت على إخفاء الفاعلين أو المتدخلين عن وجه العدالة. وعليه، فإن أفعالهما، أي وجود السيد عنيسي في تلك المواقع ووجود الهاتف الخلوي الأرجواني 018 المنسوب إلى السيد صبرا في المواقع نفسها، لا تفي بالعنصر المادي للمسؤولية عن التدخل في الجريمة.
ٍ 319- كذلك،لمينجحالادعاءفيإثباتالعنصرالمعنويلإسنادالمسؤوليةعنالتدخلفيالجريمةإلىأيمنهذينالمتهَمين.
ٍ
ولا يكفي استخدام المتهَمين أو عدم استخدامهما هاتًفا خلوًيا ما، وإجراؤهما اتصالات فيما بينهما، ووجودهما في مكان ما ضمن
ِّ
نطاق المواقع التي نُف َذت فيها أعمال مرتبطة بإعلان المسؤولية زورا، لإثبات على نحو لا يشوبه أي شك معقول أنهما كانا يعلمان
أن الفاعلين سينفذون اعتداءً باستعمال أداة متفجرة من شأنها أن تسفر عن سقوط قتلى وبث الذعر في النفوس، وأنهما قبلا هذا الواقع. وهذا الطرح قائم على افتراض أن السيد صبرا كان يستخدم الهاتف الخلوي المنسوب إليه في جميع التواريخ المزعومة.
320- وحتىلوثبتأنهماشاركافيإجراءالاتصالاتبمكتَبيالجزيرةورويترزبعدوقوعالاعتداءفي14شباط/فبراير2005، لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى أن تستنتج على نحو لا يشوبه أي شك معقول أنهما كانا يعلمان، قبل الاعتداء الذي وقع في حوالى الساعة 12:55، أن الاتصال بمكتب قناة الجزيرة ومكتب وكالة رويترز في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليومكان مرتبطًا
بالاعتداء. وهذا شرط قانوني أساس ٌّي لتترتب عليهما مسؤولية جنائية بصفتهما متدخلَين وفًقا لقانون العقوبات اللبناني. 321- وتُسلمغرفةالدرجةالأولىبأنهماإذاشاركافعًلافيإجراءالاتصالاتبمكتبقناةالجزيرةأومكتبوكالةرويترز-بحكم
ٍ
مضمون الرسالة التي قُرئَت خلال الاتصال – فقدكانا يعلمان عندئذ أن أفعالهما مرتبطة بالاعتداء. إلا أن ذلك في حد ذاته لا يثبت
ِّ
ٍ
أنهماكانا على علم بذلك قبل وقوع الاعتداء، لتترتب عليهما مسؤولية جنائية بصفتهما متدخلَين، وفًقا لقانون العقوبات اللبناني.
322- وبناءعلىذلك،فإناستنتاجغرفةالدرجةالأولىبعدموجودأدلةعلىمشاركةالسيدعنيسيأوالسيدصبرافي”خديعة
محمد”، أو اختطاف السيد أبو عدس، أو نشر إعلان المسؤولية زورا، ينفي مسؤوليتهما بصفتهما متدخلَين. ً
63
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
ً
323- لذاترىغرفةالدرجةالأولىأنمسؤوليةالسيدعنيسيوالسيدصبرابصفتهمامتدخلَينفيالجرائمالمنسوبةإليهمالمتثبت على نحو لا يشوبه أي شك معقول.
324- واستنتاجغرفةالدرجةالأولىأنالادعاءلميثبتأنالمتهمينشاركافيإعلانالمسؤوليةزورايبطلتهمةالمؤامرةالمسندة ًَُُ
إليهما. لذا ترى غرفة الدرجة الأولى أنه لا يمكن استنتاج أن السيد عنيسي والسيد صبرا مسؤولان عن مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي كما ورد في التهمة 1.
حسن حبيب مرعي
325- أدى السيد مرعي دورا وحيًدا مزعوما في المؤامرة بوصفه منسق إعلان المسؤولية زورا. وذلك يعتمد على قيام السيدين ًًً
عنيسي وصبرا بما نُسب إليهما من أفعال.
326- وفيمايتعلقبالمؤامرةوالاتصالاتالمزعومةالواردةإلىالسيدبدرالدينوتلكالصادرةعنهفيالشبكةالخضراء،وبوجه خاص اختفاء السيد أبو عدس، فإن الأدلة الوحيدة الموثوق بها التي تؤيد هذا الزعم هي اتصالات هاتفية خلوية بين الهواتف الخلوية الأرجوانية الثلاثة في فترتين منفصلتين. وهذه الأدلة نوعان، وهما مستمدان فقط من سجلات بيانات الاتصالات لهاتفين خلويين
في عامي 2004 و2005، وهما هاتفه الخلوي الشخصي الأرجواني 231 والهاتف الخلوي الأخضر 071.
327- ولايوجددليلموثوقبهعلىأيشيءذيصلةبالقضيةلجهةعمليةإعلانالمسؤولية،فيهذيناليومين،بمافيذلك ما نُفذ من أنشطة تحضيرية تتعلق بالسيد أبو عدس. ولكن بدون هذه الصلات، لا سياق للاتصالات التي جرت بين الهاتف الأخضر 023 الخاص بالسيد بدر الدين والهاتف الأخضر 071. وتشدد الغرفة على عدم وجود أدلة على ما قيل في تلك المكالمات أو في أي
اجتماعات جرت بين مستخدمي الهواتف الخلوية التابعة للشبكة الخضراء.
328- ومامنسياقتستطيعغرفةالدرجةالأولىأنتحددأسبابإجراءالاتصالاتبناءًعليه.والأدلةالمتوافرةلدىغرفةالدرجة الأولى غيركافية لربط هذه الاتصالات باختفاء السيد أبو عدس.
64
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
329- وعندماتُستبعدمنالمعادلةالأدلةالمتعلقةب”محمد”،لايبقىإلاالاتصالاتبينالسيدينمرعيوعنيسيوالهاتفالمشترك
للسيد صبرا في الأسابيع التي سبقت اختفاء السيد أبو عدس. وهذا في حد ذاته، ومهماكان النظر في الأدلةكليًّا، لا يمثل إثباًتاكافيًا
لتورطهم في اختفاء السيد أبو عدس، ومن المؤكد أنه ليس دليًلا على الغرض المزعوم، أي إيُاد شخص مناسب لإعلان المسؤولية زورا. ً
330- والدورالوحيدللسيدمرعيفيالمؤامرةيتصلبإعلانالمسؤوليةزوراوالتنسيقبينالسيدعنيسيوالسيدصبرا.وبماأنغرفة ً
الدرجة الأولى ليست مقتنعة على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأنهما قاما بأي من الأنشطة المزعومة – أي تلك المتصلة بما يُزعم من تهيئة السيد أبو عدس واستدراجه واختفائه، و”اختطافه” المزعوم، ثم ظهوره في شريط الفيديو- فإن ما يترتب على ذلك هو أن السيد مرعي لا يمكن أن يُعتبر مذنبًا بتهمة تنسيق تلك الأنشطة.
331- ويزعم أن السيد مرعي، نسق مع السيد بدر الدين، عملية التحضير لإعلان المسؤولية زورا. وتولى حسبما يزعم تنسيق ًُُ
أنشطة السيد عنيسي والسيد صبرا قبل الاعتداء وبعده. لكن غرفة الدرجة الأولى لا تستطيع أن تستنتج على نحو لا يشوبه أي شك معقول أن السيد مرعيكان يستخدم الهاتف الأخضر 071، وحتى لوكان يستخدمه، ما من أدلة موثوق بها توفر سياقًا للاتصالات بالهاتف الخلوي 023 الخاص بالسيد بدر الدين.
332- ولاتستطيعغرفةالدرجةالأولىربطالسيدينعنيسيوصبرابإعلانالمسؤوليةزورا.وتبعالذلك،فإنالرابطبينالسيد ًً
مرعي وإعلان المسؤولية زورا مفقود. ويُب تبرئته. ً
مسألة ما إذاكان لمصطفى أمين بدر الدين دور في المؤامرة
333- كيتربطغرفةالدرجةالأولىالسيدبدرالدينبالمؤامرةالراميةإلىارتكابعملإرهابيوقتلالسيدالحريري،يُبأن تكون مقتنعة على نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن الاستنتاج المعقول الوحيد الذي يمكن التوصل إليه استناًدا إلى الأدلة هو أن السيد بدر الدينكانت لديه النية وقام بالأفعال اللازمة لارتكاب الجرائم المزعومة. وهذا ليس استنتا ًجا بأن السيد بدر الدين مذنب
ع ل ى نح و لا ي ش و ب ه أ ي ش ك م ع ق و ل لأ ن ه لم ي ع د ش خ ًص ا م ت ه ً م ا .
334- ولاتستطيعغرفةالدرجةالأولىأنتستنتجأنالشبكةالخضراءكانتمجموعة”قيادةالمهمة”وعلىرأسهاالسيدبدرالدين؛ أو بعبارة أخرى، أنه المتآمر الرئيسي. ونظرت غرفة الدرجة الأولى بدقة فيكل اتصال جرى ضمن الشبكة الخضراء، ولكنكي تقتنع على
65
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
نحو لا يشوبه أي شك معقول بأن ذلك هو ما حصل فعلاً – وبأنه لا يمكن التوصل إلى أي استنتاج معقول آخر استنا ًدا إلى الأدلة – ينبغي أن يرتبطكل اتصال بأدلة تتعلق بماكان يُدث عندما أجريت الاتصالات.
335- وعلىالرغممنالاتصالاتالوجيزةالبالغعددهاثمانيناتصالاًالتيأجريتعلىمدىأربعةأشهر،يصعبعلىغرفة الدرجة الأولى التوفيق بين توقيتها وأمكنة وجود المتصلين وبين زعم الادعاء أن السيد بدر الدينكان على رأس مؤامرة لارتكاب عمل إرهابي، هو قتل السيد الحريري. ففي غياب محتوى الاتصالات، من الصعب ج ًدا إيُاد السياق استنا ًدا إلى توقيتها ومواقعها.
ولا توجد أدلة أي ًضا بشأن ما قيل في خلال الاتصالات أو أي اجتماعات بين السيدين بدر الدين وعياش.
336- ويبدو أن اتصالاً جرى في 14 شباط/فبراير 2005 مرتب ٌط بالاعتداء على السيد الحريري. لكن لا يمكن ربط باقي الاتصالات بأي شيء يتصل مباشرة بالسيد الحريري أو تحركاته أو أي أدلة أخرى تتعلق بالمؤامرة المزعومة.
337- لذلك،فإنالخلاصةبأنالشبكةالخضراءكانتمجموعةقيادةالمهمةالتيتنسقعمليةاغتيالالسيدالحريريليستالخلاصة الوحيدة المعقولة التي يمكن التوصل إليها انطلاقًا من الأدلة.
338- ولكنهذالايغيرالخلاصةالتيتوصلتإليهاغرفةالدرجةالأولىفيمايتعلقبالسيدعياش.ولاضرورةلأنتستنتجغرفةالدرجة الأولى أن السيد بدر الدينكان يتولى الدور الذي يزعمه له الادعاءكي تستخلص أن السيد عياش قد شارك في المؤامرة.
339- وغرفةالدرجةالأولىغيرمقتنعةأيًضابأنالسيدبدرالدينقدتولىالدورالمزعوملهفيقرارالاتهامالموحدالمعدل،علًما أن القاضية بريدي خالفت الغرفةَ رأيَها في ما إذا كان عليها البحث في الاستنتاجات القانونية المتعلقة بهذه المسألة على الإطلاق.
الفقرة الحكمية قررت غرفة الدرجة الأولى أن سليم جميل عياش مذنب بصفته شري ًكا في: التهمة 1 – مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي والتهمة 2 – ارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة
66
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
والتهمة 3 – قتل رفيق الحريري عم ًدا باستعمال مواد متفجرة
والتهمة 4 – قتل 21 شخ ًصا إضافةً إلى قتل رفيق الحريري عم ًدا باستعمال مواد متفجرة
والتهمة 5 – محاولة قتل 226 شخ ًصا إضافةً إلى قتل رفيق الحريري عم ًدا باستعمال مواد متفجرة.
وقررت غرفة الدرجة الأولى أن حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا غير مذنبين فيما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم في قرار الاتهام الموحد المعدل، أي التهم 1 و6 و7 و8 و9.
67
ترجمة رسمية – المحكمة الخاصة بلبنان
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More